هل اقتربت إيران من القنبلة النووية؟

هل اقتربت إيران من القنبلة النووية؟


18/04/2021

زاد الحديث، في الآونة الأخيرة، عن إمكانية امتلاك النظام الإيراني قنبلة نووية، في أعقاب ما يعتبره مراقبون انهياراً في المفاوضات حول برنامج طهران النووي. وهناك من يعتقد أنّ الرد الإيراني على كل محاولات الإنهاك والقصف وتصفية العلماء، لن يكون مباشراً، بل عبر عمل "ممنهج" يفضي إلى إنتاج قنبلة نووية أو رؤوس نووية.

وزاد من "العزم" الإيراني على امتلاك الأسلحة النووية، ما أعلنته طهران من بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%؛ أي اقترابها من إمكانية إنتاج السلاح النووي. وثمة من يرى في ذلك "مجرد ورقة ضغط" في حلبة المنافسة على الانتخابات الرئاسة الإيرانية المقبلة، وعلى مائدة مفاوضات فيينا.

اقرأ أيضاً: بايدن يحذر من إخفاق مفاوضات فيينا بعد هذا القرار الإيراني

وتقول الأنباء إنه رغم حادث تفجير منشأة "نطنز" النووية في صحراء أصفهان منتصف الأسبوع الماضي؛ بما ترتب عليه من خسائر في الأجهزة اللازمة للتخصيب، إلَّا أنّ مساعد وزير الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، بعث برسالة إلى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، يعلن بها شروع بلاده في "البدء بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%"، دونما تحديد لموعد تنفيذ هذا النشاط الجديد والمتطور، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا".

وقابلت القوى الأوروبية والولايات المتحدة هذه الرسالة التصعيدية من إيران بتحذيرات من أنّ رفع مستوى التخصيب عند هذه الدرجة يسمح بالانتقال بسرعة إلى نسبة 90% وأكثر، وهي المعدلات المطلوبة لاستخدام هذا المعدن الخام لأغراض عسكرية.

وتتفاوض إيران مع الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الصين) على إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي تجمد بانسحاب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بشكل أحادي منه عام 2018، وعلى رفع العقوبات المفروضة عليها.

استهداف منشأة "نطنز" النووية أحرج طهران

وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، يقول مسؤول العلاقات الخارجية لدى جبهة الشعوب غير الفارسية في إيران، صلاح أبو شريف، إنّ إعلان استهداف منشأة "نطنز" النووية أحرج الحكومة الإيرانية محلياً، وتحديداً أمام الجناح المتشدد الذي سيستثمر الحادث للضغط من أجل إفشال جهود الطرف الإيراني المفاوض، وتوظيف الحادث لحساباته في انتخابات الرئاسة المقبلة.

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يخشى الإصلاحيون أن يهيمن المتشددون عليها. إذ يمكن لمثل هذه النتيجة أن تحد من مجال التفاوض بشأن الاتفاق النووي

ويوضح بأنّ الجناح المفاوض يعلق آمالاً لتنتهي إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران؛ لأنّ الاقتصاد في حالة تداعٍ مستمر بسببها؛ وهو ما يفاقم أعباء هائلة على المواطن الذي يقع تحت وطأة "براغماتية المرشد والحرس الثوري ومصالحهما الفئوية المحدودة".

في غضون ذلك، كان الرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل، أكد قبل عشرة أيام، أنّ "أمن الخليج قضية دولية وليست إقليمية، لاسيما أنّ خطر إيران ماثل للعيان، عبر تدخلاتها وسعيها لامتلاك السلاح النووي".

وقال، كما نقل موقع "روسيا اليوم": "لنا عبرة في ما حدث في العراق، وكيف تم تسليمه بأبخس الأثمان إلى إيران، وكذلك ما نشهده من تدخل خارجي في سوريا".

وأضاف: "أمن منطقة الخليج قضية دولية وليست إقليمية فقط، لما تحمله المنطقة من أهمية إستراتيجية ومالية، وقد سلمت من تداعيات حروب عدة، لكن لا يمكنها الركون إلى ذلك مستقبلاً، بل عليها معالجة كل أوجه القصور والاستعداد لجميع السيناريوات، لا سيما أنّ خطر إيران ماثل للعيان، عبر تدخلاتها ونشر أفكارها الطائفية وسعيها لامتلاك السلاح النووي".

اقرأ أيضاً: إيران... لا مفاوضات من أجل المفاوضات

وتابع: "قيادة إيران الآن هي خطر حقيقي، فكل المحاولات طيلة نحو 40 عاماً لترشيد سياستها فشلت، ونحن لا نكنّ عداء لإيران ولا نريد لشعبها الضرر، لكن يجب تحقيق التوازن معها، فأي خلل في التوازن ستستغله إيران".

ضرورة استعادة العراق

وشدد الأمير تركي، على "ضرورة استعادة العراق ليكون عاملاً للأمن والاستقرار في الخليج، ويجب دعم القوى العراقية التي تسعى إلى ذلك وتخليص البلاد من هيمنة إيران التي تقوم بالدور التخريبي ذاته في سوريا ولبنان واليمن، وهذا يهدد أمن الخليج".

وعن الاتفاق النووي في فيينا وضرورة إشراك السعودية ودول خليجية وعربية أخرى، قال: "محادثات فيينا لن تزيل مخاوفنا من خطر برنامج إيران النووي، ويجب أن تكون دول الخليج في صلب المفاوضات حول الاتفاق النووي، وأن يتم نقاش كل الهواجس بشأن الصواريخ البالستية لإيران وتدخلاتها الإقليمية".

وأضاف: "الاتفاق النووي لم يأخذ في الحسبان جيران إيران بسبب سذاجة تفكير باراك أوباما، وترحيب دول الخليج بالاتفاق كان على أساس أنه سيوقف سلوك إيران العدواني في المنطقة، لكن ما حدث هو العكس، فتدخلاتها زادت، وهيمنت إقليميا".

اقرأ أيضاً: مَن يوقظ إيران مِن أوهامها؟

وتابع: "قرار دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي كان بهدف الضغط على إيران للجم تدخلاتها في المنطقة ومعالجة هواجس دول المنطقة، لكن جو بايدن يعود إلى الاتفاق اليوم. وبقاء الاتفاق على حاله سيؤجج النزاعات، ويدفع دول المنطقة إلى البحث عن بدائل، بما في ذلك الاستعداد لليوم الذي تمتلك فيه إيران القنبلة النووية".

إذاً، أضحى امتلاك إيران للقنبلة النووية احتمالاً قريباً، بعدما كان مجرد تهديدات لفظية لنظام الملالي. وقد حاولت الخارجية الأمريكية، قبل هذه التداعيات بأشهر، خفض المخاوف لدى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج والدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي من عودة تلقائية وسريعة للاتفاق النووي، من دون مناقشة الملفين المهمين للأطراف الإقليمية والأوروبية "برنامج الصواريخ البالستية وسياسات إيران الإقليمية"، وذلك بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي قال فيها إنّ إيران على بُعد أسابيع من امتلاك مواد لازمة لصنع سلاح نووي، وبالتالي يجب التحرك سريعاً، ملمحاً في الوقت ذاته إلى استعداد الولايات المتحدة الأمريكية للعودة للاتفاق النووي إذا عادت إيران للوفاء بالتزاماتها ومن ثم العمل على اتفاق أشمل وأوسع يشمل القضايا الخلافية الثانية.

الموقف الرخو المتردد لإدارة بايدن

ما طمح إليه وزير الخارجية الأمريكي عطلته التطورات الأخيرة التي يتحمل جزءاً كبيراً منها الموقف الرخو المتردد لإدارة بايدن تجاه إيران والموقف من الملف النووي عموماً، لاسيما أنّ آراء المحللين تتفق على أنّ "المحادثات النووية الإيرانية تزيد من حدة الصراع الداخلي على السلطة"، وهذا عنوان مقال نشرته صحيفة "الفاينانشيال تايمز" كتبته نجمة بوزورغمهر.

تقول الكاتبة إنّ آية الله علي خامنئي اعتاد ارتداء وشاح أبيض عليه خطوط سوداء فقط في المناسبات الخاصة، العسكرية بشكل أساسي، مثل زيارات جبهات الحرب مع العراق في الثمانينيات، لكن منذ عام 2000، أصبح من النادر مشاهدة المرشد الأعلى، أعلى سلطة في البلاد لأكثر من 30 عاماً، في العلن دون أن يكون مرتدياً الوشاح على كتفيه.

اقرأ أيضاً: مشكلة إيران… في إيران

ومنذ فوز الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي بالرئاسة عام 1997، ووعوده بالتطور السياسي في الداخل والانفتاح على الغرب، أصبح الوشاح رمزاً خارجياً للمقاومة في عقول الإيرانيين.

وتشير الكاتبة إلى أنّ العقوبات التي فرضت على إيران كلفت الاقتصاد 200 مليار دولار على الأقل، وفقاً للمسؤولين، وألحقت الأذى بالإيرانيين العاديين، لكن النظام، على الأقل عناصره المتشددة، أسهم من نواح كثيرة في البقاء تحت سياسة "الضغط الأقصى" لإدارة دونالد ترامب دون انهيار النظام على الرغم من تدفق ملايين المتظاهرين إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة.

الكاتب عبد الباري عطوان: هل اقتربت إيران من القنبلة النوويّة أم أنّها صنّعتها سراً. وماذا يعني إنتاج معدن اليورانيوم في تطوير دباباتها وصواريخها؟

وبعد سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، الذي كبح طموحات طهران النووية، ترى الكاتبة أنّ إيران امتثلت للاتفاق، لكنّ واشنطن اتهمتها بانتهاك "روح" الاتفاق من خلال سياساتها الإقليمية والعسكرية، ما أدى إلى فرض مزيد من العقوبات أثارت شكوك إيران بأنّ الولايات المتحدة تريد تغيير النظام في طهران.

تبع ذلك، بحسب الكاتبة، سلسلة من الهجمات العسكرية المتبادلة. فقد أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار بزعم أنها عبرت مجالها الجوي، ووجهت ضربة صاروخية لقاعدة عسكرية أمريكية في العراق العام الماضي رداً على اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، القائد البارز في الحرس الثوري الإيراني.

سيظل خامنئي يرتدي الوشاح

وتنقل الكاتبة عن أحد أقرباء آية الله خامنئي قوله "سيظل يرتدي الوشاح طالما أنه يعتقد أنّ الجمهورية الإسلامية مهددة من خلال إصلاحات جذرية، لإظهار أنه لن يتنازل عن المبادئ....ولن يسمح للولايات المتحدة وإسرائيل والإصلاحيين بدفع إيران إلى الوراء في المنطقة مرة أخرى، أو تقويض برنامج الصواريخ الباليستية أو التشكيك في سلطته المطلقة".

وترى الكاتبة أنّ دخول بايدن البيت الأبيض أدى إلى تعقيد الأمور. وتقول "يريد الرئيس الأمريكي استئناف الاتفاق النووي بشرط كبح برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وسياسات إيران الإقليمية التوسعية. لكن طهران تريد رفع العقوبات أولاً".

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 حزيران (يونيو)، يخشى الإصلاحيون أن يهيمن المتشددون عليها. إذ يمكن لمثل هذه النتيجة أن تحد من مجال التفاوض بشأن الاتفاق النووي بعد الانتخابات.

اقرأ أيضاً: ما علاقة واشنطن بالهجوم على منشأة نطنز الإيرانية؟

ويخشى المعسكر الإصلاحي، كما يوضح المقال، من أن تغذي حكومة متشددة في طهران وجهات نظر متشددة في واشنطن، وكذلك قوى إقليمية مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ما قد يعني المزيد من الضغط الاقتصادي على إيران.

وتشير الكاتبة إلى أنّ المتشددين يقولون إنّ بإمكانهم مواصلة المحادثات ولكن كيف ذلك وهم يرفضون الجلوس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، يتساءل الإصلاحيون.

تقول نجمة بوزورغمهر: إنّ المحللين يعتقدون أنّ آية الله خامنئي خلص إلى أنّ المشاركة المنخفضة بشكل محرج في التصويت، أي أقل من 50 بالمئة، ستضر بمصداقية نظامه في الداخل والمفاوضين الإيرانيين في أي محادثات مع الولايات المتحدة. فقد وصف في خطاب عام في آذار (مارس)، الانتخابات بأنها "استثمار" للمستقبل. وأضاف أنه "كلما زاد الإقبال، زادت الفوائد" التي ستعود على الدولة ككل في جهودها لـ "إبعاد العدو".

غالبية المعطيات توحي بأنّ تطوراً بنيوياً جرى في الآونة الأخيرة، وهو ما جعل رئيس تحرير موقع "رأي اليوم" عبد الباري عطوان، المقرب من إيران يتساءل في تسجيل على قناته على اليوتيوب: "هل اقتربت إيران من القنبلة النوويّة أم أنّها صنّعتها سراً بعد رفع نسبة التّخصيب إلى 60 بالمئة؟ وماذا يعني إنتاج معدن اليورانيوم في تطوير دباباتها وصواريخها؟ وكيف سيكون الرّد الإسرائيلي الأمريكي على هذا التحدّي؟".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية