هل تُضحّي تركيا بإسلاميي الجزائر، كما تفعل مع إخوان مصر؟

هل تُضحّي تركيا بإسلاميي الجزائر، كما تفعل مع إخوان مصر؟


18/04/2021

مع بوادر ظهور أزمة سياسية بين أنقرة والجزائر بسبب ما تردّد عن وجود تنسيق بين السلطات التركية وقيادات في حركة رشاد، التي تعتبر الجزائر أنها ”مقربة من الإرهابيين”. سارع الإعلام التركي إلى الحديث عن التعاون الاقتصادي بين البلدين، مُحاولاً في ذات الوقت تحويل الأنظار إلى العلاقات المتوترة أصلا بين الجزائر وفرنسا، على غرار اتخاذ أزمة الرسوم الكاريكاتورية العام الماضي ذريعة لإحداث مُقاطعة إسلامية للبضائع الفرنسية بهدف صرف الأنظار عن المُقاطعة الخليجية والعربية التي أثرت بقوة على الاقتصاد التركي.
وحول ذلك، رأت صحيفة "العرب" اللندنية واسعة الانتشار في تقرير لها اليوم، أنّ تركيا غير مستعدة، للتفريط في الجزائر من أجل تنظيم لا يملك في أجندته إلا خطابا سياسيًّا وأيديولوجيًّا ولا حظ له في الوصول إلى مصادر القرار على المدى القريب أو المتوسط، وذلك بينما تُراهن أنقرة على رفع سقف مبادلاتها التجارية والاقتصادية مع الجزائر إلى عشرة مليارات دولار.
وحاورت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، السفير الجزائري في أنقرة مراد عجابي لنفي التقارير التي تحدثت عن بوادر أزمة دبلوماسية وشيكة بين البلدين.
وقال السفير الجزائري في أنقرة إن “بلاده تأمل في زيادة حضور رجال الأعمال الأتراك المستثمرين إلى أراضيها، والجزائر هي الشريك التجاري الثاني لتركيا في أفريقيا، والأخيرة تحتل المرتبة الأولى بين الدول الأكثر استثمارا في الأراضي الجزائرية”.
ووصف عجابي العلاقات القائمة بين تركيا والجزائر حاليا بـ”الرائعة “، في ردّ مبطن على جهات توقعت دخول تلك العلاقات في مأزق بعد لقاء جمع الأتراك وقيادات من حركة رشاد.
ولفت إلى أن بلاده “يمكن أن تكون بوابة تركيا سواء إلى البلدان الأفريقية أو الأوروبية أو العربية لأنها فتحت صفحة جديدة سياسيا واقتصاديًا ودوليا”، وهي إشارة واضحة الى استعداد الجزائر لاعتبار تركيا شريكا استراتيجيا خاصة في ظل تذبذب علاقاتها مع الشريك التاريخي فرنسا، كما أن مفردات السفير حملت رسائل غزل بإمكانها تجاوز مختلف المطبات المحتملة.
كانت صحيفة "الخبر" الجزائرية قد تحدثت الخميس نقلا عن مصادر مطلعة، عن لقاءات رسمية تمت في إسطنبول وأنطاليا، بين ممثلين عن السلطات التركية وممثلين عن تنظيم حركة رشاد الذي تسعى السلطات الجزائرية لتصنيفه ضمن الحركات الإرهابية، وذلك لتوفير الدعم اللوجيستي والسياسي بهدف “تقوية التنظيم وتمكينه من الشارع الجزائري”.
وفي حين أنّ المعلومات وصلت إلى علم السلطات الجزائرية، إلا أنّ حركة رشاد لم تُعلّق على خبر اللقاء مع الأتراك.
وترى "العرب" أنّه، ورغم ما للمسألة من ثقل إستراتيجي في أمن وسلامة البلدين، خاصة بالنسبة إلى الجزائر التي تتخوف من اختراق تيارات إسلامية لاحتجاجات الحراك الشعبي، إلا أن كليهما تجاوز المسألة بشكل يوحي بأن تركيا لم تعد بلدا يضحي بعلاقاته الإستراتيجية مع دول المنطقة، لأجل تنظيمات تروّج خطابا أيديولوجيًّا يدخل في صميم مواقفها السياسية سابقا، وهو ما وقع في المراجعات التي تمت مع مصر ودول الخليج العربي.
ويبدو أن تركيا، التي دخلت في مرحلة التخلص من تركة جيوب التنظيم الإخواني العالمي، لا يمكن أن تضحي بعلاقاتها الإستراتيجية مع الجزائر، خاصة أنها تعتبرها درعها الأمامي في قارة أفريقيا، لأجل تنظيم أيديولوجي معارض يملك موالين له، لكن ليس بالوزن الذي يقلق السلطة أو شركاءها الكبار في المنطقة.
ومع ذلك لا يمكن إخفاء الانزعاج الذي سببه تمدد النفوذ التركي خلال الأزمة الليبية للجزائر، خاصة عندما اقترب المرتزقة السوريون الذين أرسلتهم أنقرة من الحدود البرية الجزائرية.
وتحولت الجزائر إلى محل صراع بين فرنسا التي تعتبرها منطقة نفوذ تاريخية لها وتركيا التي تحاول بشتى الطرق مزاحمتها، وهذا ما يفسر أيضا الهجوم الإعلامي التركي على فرنسا وانحيازها إلى الجزائر عقب التوتر الذي ظهر إلى العلن مؤخرا بعد تأجيل رئيس الوزراء الفرنسي زيارته إلى الجزائر.
ويبدو أنه كما للنفوذ الفرنسي أياد تسهر على رعايته وحمايته من المنافسة المحتملة من طرف شركاء آخرين، هناك أيضا نفوذ تركي آخذ في التمدد داخل الجزائر عبر استمالة مشاعر عامة الجزائريين بخطاب الدين الإسلامي والتاريخ المشترك والتقارب الحضاري والديني، وحتى تكوين لوبيات موالية لأنقرة وتعمل على خدمة مصالحها.

عن "أحوال" تركية

الصفحة الرئيسية