الإخوان في أمريكا... علاقات تاريخية ومستقبل مجهول

الإخوان في أمريكا... علاقات تاريخية ومستقبل مجهول


02/11/2020

أعادت الانتخابات الأمريكية تنظيم الإخوان المسلمين الدولي إلى الواجهة بعد التقارير التي تحدثت عن محاولة الجماعة قيادة مسلمي أمريكا لصالح المرشح جو بايدن، بوساطة المؤسسات التابعة أو الموالية لها، والتي تروّج بشكل ملحوظ وغير مسبوق للمرشح الديمقراطي، بعد الوعود الواضحة التي تلقوها منه ومن شخصيات ديمقراطية محيطة به بأنه سيوفر لهم الغطاء الدولي، وسيقدم لهم مكافآت كثيرة لقاء دعمهم له في الانتخابات، هذا بالإضافة إلى محاولة حماية أنفسهم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كشف مرات متعددة أنه يدرس إمكانية إدراج جماعة الإخوان "كتنظيم إرهابي" بعد أن تأكد خروج كل الحركات والتنظيمات الإرهابية من عباءتهم.

 

الانتخابات الأمريكية تعيد تنظيم الإخوان إلى الواجهة بعد التقارير التي تحدثت عن محاولة الجماعة قيادة مسلمي أمريكا لصالح بايدن

 

ولفهم الوضع الحالي للإخوان المسلمين في أمريكا وتأثيرهم الحقيقي على الشارع الإسلامي، تناولت وسائل الإعلام في مراجعة لها كيف بدأت ، المصنفة في الكثير من الدول تنظيماً إرهابياً، نشاطاتها على الأراضي الأمريكية.

بدأت العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية وتنظيم الإخوان في عهد الرئيس الأمريكي أيزنهاور، الذي التقى في واشنطن عام 1953 سعيد رمضان زوج الابنة الصغرى لحسن البنا مؤسس تنظيم جماعة الإخوان، وفق ما أظهرت وثائق خاصة بالاجتماع موجودة في مكتبة الرئيس أيزنهاور في منطقة أبيلين بولاية كنساس.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون.. توظيف الدين سياسياً وتحايل على الديمقراطية تمسكاً بالسلطة

ولعبت المخابرات المركزية الأمريكية وفق الوثائق الدور الكبير في تجنيد سعيد رمضان، الذي وصف آنذاك بـ "وزير خارجية تنظيم الإخوان".  

وتأسس بعد ذلك  ما سُمي "بالتنظيم الدولي للإخوان"، الذي اتخذ في البداية من "مسجد ميونخ" مقراً له، ومن يقرأ وثيقة "THE APPOINTMERNT BOOK" التي تتكون من 1380 صفحة، فسوف يكتشف أنّ جماعة الإخوان منذ عام 1953 كانت "جماعة وظيفية" لتحقيق كل الأهداف الأمريكية في المنطقة العربية والدول الإسلامية، بل في أوروبا وروسيا، والآن في الصين أيضاً.

 

العلاقات بين أمريكا وتنظيم الإخوان بدأت في عهد الرئيس أيزنهاور واستمرت في عهد ريجان وبلغت أوجها في عهد أوباما

 

وكشفت الوثائق، التي نشر جزءاً منها كتاب "روبرت دريفوس"، كيف ساعدت أمريكا تنظيم الإخوان على الانتشار وكسب الأعضاء والتمويل بغرض الوقوف في وجه الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت.

لكنّ أغرب ما في هذه الوثائق أنّ الذي نصح إدارة الرئيس أيزنهاور بالانفتاح على تنظيم الإخوان هو المؤرخ اليهودي المتخصص في شؤون المشرق العربي "برنارد لويس" صاحب "خرائط تقسيم وتفتيت المنطقة والمشرق العربي" على أسس طائفية وعرقية، ولويس هو الذي طلب من المخابرات الأمريكية وضع خطط طويلة المدى لدعم تنظيم الإخوان في المنطقة، وقد عمل مع برنارد لويس كل من جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكي، وشقيقه ألان دالاس مدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك، وقد أعدّ دالاس بالاتفاق مع الرئيس أيزنهاور مؤتمراً بجامعة برينستون حضره أعضاء من تنظيم الإخوان برئاسة سعيد رمضان.

وهناك نقطة ثانية، وهي استفادة الولايات المتحدة من تنظيم الإخوان عندما دخل الاتحاد السوفييتي إلى أفغانستان عام 1979، ولعبت إدارة الرئيس رونالد ريجان الدور المحوري في توسيع نشاط التنظيم على المستوى العالمي، خاصة في آسيا عندما قام الإخوان بتجنيد الشباب العربي لصالح المشروع الأمريكي لإسقاط الاتحاد السوفييتي من أفغانستان، وهو ما تحقق لواشنطن عام 1989.

اقرأ أيضاً: استطلاع: دعم المسلمين الأمريكيين للرئيس ترامب ارتفع

أمّا النقطة الثالثة، فقد شكلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أبرز الحلقات في "دعم وتمكين" التنظيم في المؤسسات الأمريكية، خاصة في عهد وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، التي تركت كل شيء في الخارجية الأمريكية إلى "هوما عابدين"، وهي ابنة صالحة عابدين العضو التنظيمي في الإخوان، وهو ما تأكد عندما سعى أوباما لتنفيذ خطط برنارد لويس لتقسيم الشرق الأوسط من خلال تمكين الإخوان من حكم الدول العربية والإسلامية.

اقرأ أيضاً: كيف يتلاعب الإخوان بمسلمي أمريكا من أجل التصويت لبايدن؟

أمّا في وقتنا الحاضر، فقد تأكدت الولايات المتحدة أنّ هناك خطراً كبيراً على الأمن القومي الأمريكي، فالنقاشات التي أجراها الكونغرس منذ 2015، بالإضافة إلى المشروع الذي قدّمه السيناتور تيد كروز، أكدت أنّ تنظيم الإخوان خطر داهم على الأمن القومي الأمريكي وعلى أمن أكثر من 200 ألف جندي أمريكي حول العالم، وعلى أمن حلفاء واشنطن، وقد جاء الموقف الأمريكي من الإخوان بعد تأكيدات أوروبية بضلوعهم في كلّ عمليات القتل والإرهاب، ونشر خطاب الكراهية في العالم.

اقرأ أيضاً: لماذا يريد قادة الإخوان في أمريكا تقويض الحضارة الغربية؟

ومن المتوقع أن يشمل القرار الأمريكي قريباً، في حال خسر بايدن أمام ترامب، تجميد أصول وشركات الإخوان، ومعاقبة من يتعاون معهم لوجستياً أو مالياً بـالسجن 20 عاماً، كما هو الحال مع داعمي الحرس الثوري الإيراني.

لن تكون هناك صعوبة كبيرة في تطبيق العقوبات على التنظيم الذي يشارك في بعض الحكومات، فالولايات المتحدة لديها "خريطة طريق" في كيفية تطبيق العقوبات الأمريكية على الجماعات والأحزاب الإرهابية التي تشارك في الحكم، والعقوبات على حزب الله اللبناني، المصنف على اللائحة الأمريكية حزباً إرهابياً وإجرامياً، خير دليل على ذلك.

الصفحة الرئيسية