مركز "شرفات" يتوقع مواجهة أمريكية مع روسيا والصين

مركز "شرفات" يتوقع مواجهة أمريكية مع روسيا والصين


04/01/2018

لن نكون دقيقين إذا تناولنا مستقبل العالم 2018، دون أن نمرّ على الأحداث العالمية المهمة التي شكلت العام 2017.
هل زاد عالمنا اليوم عولمّـــةً، انفتاحاً، وأمناً، أم تحوّل إلى ساحة من الصراع العنيف والخوف وعدم اليقين؟
في هذا التقرير، المختصر والمكثَّف، لمركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب، نتناول أهم الأحداث والاتجاهات العالمية، التي أثّرت في عالمنا المعاصر، من وجهة نظر العولمــة، وتلك التي يمكن أن تؤثّر فينا عام 2018، مرتبةً حسب أهميتها من وجهة نظر مركز شُرُفات.

أولاً: الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:
- استمرار الصراع العربي – الإسرائيلي، وفشل كلّ محاولات التطبيع، السياسي والشعبي، مع إسرائيل، لكن مع استمرارٍ ضعف الموقف الفلسطيني بين حماس والسلطة، والموقف العربي، وتشرذمهما.
- حققت إسرائيل، مع نهاية عام 2017، نجاحاً كبيراً في صراعها مع العرب، بعد قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ولا نتوقع أيّة انتفاضات كبرى ومؤثرة للفلسطينيين، أو العرب، أو تحسّنٍ في الموقف العربي، أو تقدم على الملف عام 2018، حيث سيبقى مكانه.
- كان الشرق الأوسط، والدول العربية تحديداً، ساحة للصراعات العسكرية والحرب الأهلية الدينية، والقومية، والإثنية، في العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، والصومال، ومالي.
- انفلاش موجات من التطرف الديني والإرهاب المتوحش، على يد تنظيم داعش الذي سيطر على أراضٍ في العراق وسوريا، قبل القضاء عليه عسكرياً في الموصل والرقة، واستمرار تواجده في ليبيا، وفي سيناء مصر.
- تحوّل دول مثل: الصومال، وليبيا، واليمن، إلى دولٍ هشّةٍ أو فاشلةٍ.
- زادت شقة الخلافات بين الدول العربية، بفعل الخلاف حول: الموقف من قضية القدس، وإعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، والخلاف السعودي القطري، وبروز سياسة الأحلاف، والمحاور التي شلّت وعطلت العمل العربي والتعاون المشترك.
- زادت الصعوبات والمشكلات، الاقتصادية والاجتماعية، وفشلت مشروعات التنمية الشاملة والتحديث، وتعزيز المواطنة والمشاركة السياسية، لدول مثل: الأردن، ولبنان، وتونس، والجزائر، والمغرب.
- استغلت دول، مثل إيران وتركيا، حالة الضعف العربي الشامل، فقامت بملء الفراغ والتنافس على الساحة العربية.
ثانياً: آسيا.
- برزت الصين الشعبية كقوة عظمى هائلة اقتصادياً، ونافست أمريكا بقوةٍ وشراسةٍ؛ فمن نسبة نمو اقتصادي مستمرة بالارتفاع منذ أكثر من عقدٍ، إلى تجارة وأسواق عالمية متنوعة، إلى نظام هجين (اشتراكي/ رأسمالي متوحش)، فرضت الصين بالفعل نفسها على صورة الأحداث العالمية لعام 2017م. فيما تراجعت أهمية اليابان، والنمور الآسيوية الأخرى، ونتوقّع أن تستمر بهذه الوتيرة في الأعوام القادمة، رغم محاولات أمريكا الضغط عليها للحدّ من نشاطها.
- ليس هناك صوت يزعج هدوء الساحة الآسيوية الآن، سوى كوريا الشمالية، وبرنامجها النووي، واستمرار تهديد الجماعات الإرهابية الإسلاموية في أندونيسيا والفلبين. وهناك شكوك حول تطور مشكلة التطهير العرقي لجماعة الروهينجا المسلمة في ميانمار، التي قد تتحول إلى بؤرة للإرهاب عام 2018.
- هناك هدوء بين الباكستان والهند، التي تعدّ من أكبر الديمقراطيات في العالم، رغم وجود حكومة متطرفة، قومياً ودينياً، بوجود رئيس الوزراء ناريندار مودي، من حزب الشعب الهندي .
- استمرار خطر الجماعات الإسلامية الإرهابية في الباكستان، مثل طالبان، وعلاقاتها بأفغانستان؛ التي شهدت نشاطاً ملحوظاً لتنظيم داعش مع نهاية عام 2017. ونتوقع زيادة نشاط التنظيم في أفغانستان، تعويضاً عن انهزامه في سوريا والعراق.

ثالثاً: أوروبـا.
- أهم ما في المشهد الجيوبولتكي لأوروبا المعاصرة؛ هو الصعود الصاروخي لقوة روسيا في عهد فلاديمير بوتين، حيث استطاعت خلال عقد من الزمن العودة من تحت الثلوج القطبية، إلى المياه الدافئة في تركيا وسوريا والعراق. فروسيا اليوم تعدّ ثاني مصدّرٍ للسلاح في العالم، بعد أمريكا، وهي المنافس الأول سياسياً لأمريكا، لذلك وضعها ترامب على رأس التهديدات لأمريكا في إستراتيجية الأمن القومي الجديدة للرئيس ترامب عام 2017.
- لم تتأثر أوروبا والاتحاد الأوروبي كثيراً بخروج بريطانيا من البريكس، ولديها منظمات بديلة كثيرة ومهمة، للتعاون والتشبيك الاقتصادي والعسكري، مثل حلف الناتو، لكنّ هذه الدول لا تريد منافسة أمريكا، أو الصين، للتأثير في العالم.
- شكلت موجة الهجمات الإرهابية، وعمليات الذئاب المنفردة، وهجرة الشباب الأوروبيين، والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا، مشكلةً أمنيةً ساعدت في إدراك هذه الدول أهمية التعاون ومشاركة المعلومات. ونتوقع أن تشهد أوروبا فترة من الهدوء النسبي عام 2018، لكن يمكن للذين عادوا من ساحات القتال، على قلّتهم، أن يشكّلوا قنبلةً موقوتةً في قلب أوروبا.
- انتشرت ظاهرة الشعبّوية والقومية المتطرفة، والإسلام فوبيا في الكثير من أوروبا الغربية في النمسا، ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وتكمن المشكلة في أنّ لهذه الجماعات ارتباطات عالمية مع مثيلاتها في أمريكا، وهذه ظاهرة نتوقّع أن تزيد أكثر عام 2018م.
رابعاً: أمريكا (الشمالية والجنوبية).
- تشهد أمريكا تحولات واسعة وعميقة جداً في بنيتها وسلوكها السياسي، وهي تراوح منذ العقد الماضي بين: سياسة الهيمنة، والتمدّد، أو الانكماش، والاهتمام بالداخل، وكلّها مقاربات سياسية ومحاولات أعقبت نهاية الحرب الباردة، ثم فترة ما بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.
- كانت فترة بارك أوباما، دون لونٍ، أو طعمٍ، أو رائحةٍ، وترك الكثير من القضايا العالقة مع الصين وروسيا، ونصراً مشكوكاً فيه مع إيران في الملف النووي، ودعماً كبيراً لإسرائيل.
- شهدت أمريكا، مع قدوم دونالد ترامب، سيطرة لمقاربة الانسحاب المبرمج من سيرورة العولمة، والاهتمام بالدخل، والانكماش كالقنفذ، وسيطرة روح داروينّية (صراع البقاء) على السياسة الأمريكية. وقد أعلن الرئيس عن هذه المقاربة من خلال "إستراتيجية الأمن القومي"، التي ستكون خطة الطريق لأمريكا خلال الأعوام الأربعة القادمة في ظلّ ترامب. وبناءً عليه؛ فإنّ أيّة محاولة تحليل لمستقبل أمريكا، ستكون محكومة بهذه الإستراتيجية، والتطورات التي ستحدث عليها بناءً على تطور الأوضاع على الأرض.
- من المؤكّد أنّ ترامب سيركّز على أولويات مواجهة الصين ثم روسيا، فيما ستبقى بقية المشكلات، مثل القضية الفلسطينية، في نهاية الاهتمامات الأمريكية.
إلّا إذا حدثت تغيرات "خارقة"، غير متوقعة، وهي كثيرة، ولا نستبعدها إطلاقاً في العلوم الإنسانية، والعلم، فكلّ شيء نسبي، وقابل للتغير.
- تعاني معظم دول أمريكا الجنوبية، أو اللاتينية، من مشكلات سياسية وبنيوية خانقة، تحول دون مساهمتها بشكل مؤثّر في سيرورة العولمة، فباستثناء البرازيل والمكسيك، تبقى بقية الدول غارقة بالفقر والبطالة والتهميش.

مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية