"أبجدية تمويل الإرهاب".. السيناتور ناتالي جولية تفضح الإرهابيين

"أبجدية تمويل الإرهاب".. السيناتور ناتالي جولية تفضح الإرهابيين


28/03/2022

احتفت الساحة الثقافية والفكرية الفرنسية، هذا الأسبوع، بإصدار مولود جديد فريد من نوعه، حيث إنّ كاتبته من عالم السياسة، أمّا موضوعه؛ فيتناول أهمّ حلقة في الإرهاب، وهي حلقة التمويل.

أصدرت السيناتور، ناتالي جولية، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عن منطقة أورني منذ العام 2007، ونائبة رئيس لجنة القوانين في المجلس منذ العام 2020، كتاباً جديداً يحمل عنوان: "أبجدية تمويل الإرهاب"، يحتوي على448 صفحة، وذلك يوم 24 آذار (مارس) الجاري.

في هذا الاستطلاع في شكل كتاب تمهيدي للأبجدية، تناولت المؤلفة مسألة تمويل الإرهاب، من خلال تفصيل الأساليب الرئيسية المستخدمة، والتي يشارك فيها بعض الأشخاص دون معرفة ذلك؛ عبر وسائط الفن، وعملة البيتكوين، والربح عبر الإنترنت، والتزييف، والائتمان الاستهلاكي، والمنظمات غير الحكومية، والتحويلات، من بين أمور أخرى.

غلاف الكتاب

وكانت ناتالي جولية، قد طلبت من مجلس الشيوخ قبل ستة أشهر من الإعتداءات الإرهابية ضد مجلة شارلي إبدو، تشكيل لجنة تحقيق شاركت في رئاستها، حول الشبكات الجهادية في العام التالي، كما قدمت تقريراً عن تمويل الإرهاب إلى الجمعية البرلمانية لحلف الناتو. وفي العام 2019، عهد إليها رئيس الوزراء إدوارد فيليب، بمهمّة تقييم وبلورة الاحتيال الاجتماعي.

الهجمات الإرهابية اليوم ليست كهجمات الأمس، وباتت لوجستياتها أبسط وأقل تكلفة، ولا يحتاج أساليب تمويلها إلى التعقيد المعتاد

ترى السنياتور ناتالي جولية، أنّ فهم مصادر تمويل الإرهاب؛ أمر أساسي لمكافحته، وتعتبر النظرة الشاملة التي قدمتها أداة فريدة من نوعها، فهي ثمرة تجربتها في البرلمان، والتي تثريها بالعديد من الأمثلة، ما ساهم في فهم مصادر تمويل الإرهاب المعقدة، من نفط الدولة الإسلامية، إلى العملات المشفرة، بما في ذلك الاحتيال الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: دليل روتليدج للإرهاب.. محاولة أخرى لفهم الظاهرة

ترك الإرهابيون ببساطة النظام المصرفي التقليدي للاستمرار، وقاموا بتنويع مصادرهم وطرق تمويلهم، وجعلوها أكثر تعقيداً؛ للتكيف مع تدابير اليقظة التي تم تطبيقيها منذ 11 أيلول (سبتمبر) وتم تعزيزها بانتظام منذ ذلك الحين، مع الكفاءة المتزايدة لأنظمة رقابة الاستخبارات المالية، لا سيما من خلال تفضيل الأشكال اللامركزية للتمويل الذاتي، والمصادر البديلة، والتحويلات غير المادية، أو مجهولة المصدر.

من كان يظن أنّ السلع الاستهلاكية في يوم من الأيام، ستشكل أدوات لتمويل الإرهاب؟

ومع ذلك، فهذا شكل من الأشكال، التي تبدو عليها الأساليب الجديدة لتمويل هذا الإرهاب المنخفض التكلفة، والانتهازي، والمتطور، والمتعدد الاستخدامات، ولكنه المدمر دائمًا.

 

اقرأ أيضاً: لغة الإرهاب: كيف يؤثر علم الأعصاب على الخطاب السياسي

تقول السيناتور في كتابها، إنّ الهجمات الإرهابية اليوم ليست كهجمات الأمس، وباتت لوجستياتها أبسط وأقل تكلفة، ولا يحتاج أساليب تمويلها إلى التعقيد المعتاد، وتتنوع ما بين المنظمات غير الحكومية، التزييف، الفن، الاحتيال الاجتماعي، الائتمان الاستهلاكي، التحويلات، الذهب، الحوالة، البيتكوين، الشوكولاتة، الضرائب، النفط، الربح عبر الإنترنت، والكثير من الكلمات التي لا يبدو أنّها مترابطة، ومع ذلك، فقد تم تجميعها جميعاً في أبجدية مكرسة لمكافحة تمويل الإرهاب.

وهذا ما سهّل إنشاء الدولة الإسلاميّة، في المناطق العراقية والسورية، منذ العام 2014، والتي اعتمدت أساساً أساليب التمويل الجديدة هذه، ما أثار قلق الدول بالنسبة للمؤسسات الدولية، التي لم تكن مستعدة لا للهجمات، ولا لردودها.

 السيناتور ناتالي جولية

في الواقع، يستخدم الإرهابيون نفس طرق الجرائم المنظمة، والجريمة المالية؛ لذلك ليس من المستغرب أن نجد في وسائل التمويل ترسانة من الجرائم الخطيرة مثل: غسيل الأموال، والفساد، والاتجار بالمخدرات أو بالبشر، والاتجار في الأعمال الفنية، وتهريب الأسلحة، والخطف ... كل شيء جيد ومتاح في الأموال القذرة؛ لتمويل الأعمال الإرهابية.

قد تبدو هذه المهمة صعبة، وحتى شاقة، وأحياناً تكون تقنية إلى حد ما، هذا هو السبب في أنّ  نتالي جولية، اختارت الشكل الأصلي، أي القاموس، حيث يمكن للجميع العثور على ما يبحثون عنه؛ بفضل وجود فهرس موضوعي. إذا كان عليكم  معرفة  شيئاً واحداً فقط، فهو: أنّهم يقومون بتنفيذ الهجوم، بتكلفة أقل.

يتزايد انخفاض التكلفة للهجمات الإرهابية، بالأموال سهلة التداول، وهي المعادلة التي تواجه حالياً المجتمع الدولي. إنّ تجفيف دوائر التمويل، هو المركز العصبي لمحاربة شبكات تمويل الإرهاب

لقد بلغت تكلفة هجمات 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001، حوالي 500 ألف دولار فقط (بحسب كارتر وكوكس). في الوقت الذي تتشابك فيه المجتمعات المتقدمة، بشبكات متكاملة للغاية، فإنّ ضعفها واضح. حيث تتزايد قدرة الأفراد على إحداث الفوضى بشكل كبير، بسبب الترابط المتزايد لشبكات المعلومات والبنى التحتية.

وغني عن البيان، أنّ تكلفة عدد معين من العمليات الإرهابية واسعة النطاق اليوم، أصبحت أقل بكثير من تكلفة هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وهكذا، على سبيل المثال، فإنّ التفجيرات التي ضربت وسائل النقل العام بلندن، في تمّوز (يوليو) العام 2005، ربما لم تكلف أكثر من 8000 جنيه إسترليني، فيما يقدر الخبراء تكلفة الهجمات في محطة قطار مدريد، في العام 2008، بحوالي 10000 دولار.

 

اقرأ أيضاً: سوسيولوجيا العنف والإرهاب.. مواجهة لا تحتاج حرباً

ويتزايد انخفاض التكلفة للهجمات الإرهابية، بالأموال سهلة التداول، وهي المعادلة التي تواجه حالياً المجتمع الدولي. إنّ تجفيف دوائر التمويل، هو المركز العصبي لمحاربة شبكات تمويل الإرهاب، كما أنّه يعني محاربة الفساد والاحتيال، والتهرب الضريبي على السواء.

في رأي المتخصصين، فإنّ محاربة تمويل الإرهاب، كما تم تنفيذها لنحو عشر سنوات، يجب أن تجعل تكرار هجوم مثل هجوم 11 أيلول (سبتمبر) مستحيلاً من الناحية العملية.

 إنّ التقدم في التعاون الدولي، والإشراف على الأنظمة المصرفية، من شأنه أن يجعل من الممكن تجنب هجمات من هذا النوع؛ حيث تضمن هذه المعركة ضد تمويل الإرهاب، أيضاً، حماية النظام المصرفي والمالي، لمنع استخدامه لأغراض المافيا والانفصاليين، وتحويل مجراه عن مهمته الأساسية. لذلك فإنّ مكافحة تمويل الإرهاب ضرورية، ليست فقط للسكان، ولكن أيضاً للاقتصاد بأكمله؛ من أجل حمايته من تغذيته الضارة للفساد والجرائم المالية الكبرى، وجميع أنواع الاتجار الغير مشروع، والتي بطبيعة الحال لا يمكنها، حتى اليوم، الاستغناء عن النظام المصرفي. لهذا السبب، حتى لو كانت هذه الحرب ضد تمويل الإرهاب غير متكافئة، وحتى لو كانت صعبة، أو كانت متعددة الأشكال، فلا بد من خوضها وكسبها.

 

اقرأ أيضاً: كيف استغل الإرهاب وسائل الإعلام المعاصرة؟

تقول الكاتبة ناتالي جولية: "هذا الكتاب عن تمويل الإرهاب، هو نوع من تتويج للعمل الذي قمت به لأكثر من عشر سنوات، فالصلة واضحة بين الجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب، وهذا ما أكده عملي داخل الجمعية البرلمانية لحلف الناتو. في 30 تشرين الأول (أكتوبر) العام 2015، حيث قدمت بصفتي نائب رئيس اللجنة الاقتصادية لهذه الجمعية، تقريراً عن تمويل الإرهاب.

بعد ست سنوات من هذا التقرير، وبعد عشرين عاماً من الهجمات على مركز التجارة العالمي، والتي غيرت العالم، اعتقدت أنّه سيكون من المثير للاهتمام تقييم الحرب ضد تمويل الإرهاب".

وبالتالي، يشهد هذا الكتاب التمهيدي، على حقيقة هي أنّ الإبداع والانتهازية، وتعدد استخدامات الإرهابيين، والطبيعة المتعددة الأوجه للتهديد، من المرجح أن تزعزع مجتمعاً دولياً عاجزاً في كثير من الأحيان، على الرغم من التقدم المذهل.

ويبقى الهدف من هذا العمل أن يكون تعليمياً ومرجعياً، دون أن يدّعي الشمولية. وبالتالي، فإنّه لا يأخذ في الاعتبار تمويل الدولة، والذي يمكن اعتباره "ضياع الزخم"، والذي يشير إلى العديد من البيانات الدبلوماسية والجيوسياسية. الكتاب غني بالعديد من رموز ( QR )؛ التي ستتيح لك العثور على مقاطع فيديو وشهادات من مصادرها، للذهاب إلى أبعد من ذلك.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية