أردوغان وصهره إذ يقامران باقتصاد تركيا

أردوغان وصهره إذ يقامران باقتصاد تركيا


01/09/2020

ترجمة: محمد الدخاخني

في مثل هذا الوقت من كلّ عام، اعتاد مراد توغاي، الذي يدير فندق "آكوا"، المكوَّن من 240 غرفة في منتجع مارماريس المتوسطي، التعامل مع سجلّ مكتظّ من الزوّار، وما إلى ذلك من كافة تحديات ذروة الموسم السياحي.

الآن، عوضاً عن ذلك، الفندق مغلق، وينتظر توغاي أواخر الصيف لحدوث انتعاشة، يقول: "ما يزال لدينا آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر)".

الواقع على الأرض، بالنسبة إلى قطاع السياحة التركي، وآثاره على الصحة المالية الأوسع للبلاد، يتناقض مع الرسائل التفاؤلية الآتية من أنقرة.

البنوك ستواجه ارتفاعاً جديداً في سداد الديون الخارجية، في تشرين الأول (أكتوبر)، وهو ارتفاع يتزامن مع العدّ التنازلي للانتخابات الرئاسية الأمريكية التي قد تثير تقلبات جديدة في السوق

وكان الرئيس رجب طيب أردوغان، في حديث له الشهر الماضي، قد أشاد بالانخفاض الحاد في أسعار الفائدة ومدح التدابير المتخذة لمنع الهجمات "الخبيثة" على الليرة التركية، وقال إنّ مثل هذه الخطوات "تقوّي جهاز المناعة لاقتصادنا ضدّ الاضطراب العالمي".

هذا أبعد ما يكون عن نظرة معظم الاقتصاديين للصورة التركية؛ لقد ترك الانهيار في السياحة، والذي وقع نتيجة جائحة فيروس كورونا، فجوة كبيرة في الشؤون المالية للبلاد؛ فرّ المستثمرون الأجانب وسحبوا ما يقرب من 13 مليار دولار من سندات وأسهم بالعملة المحلية للبلاد، خلال الأشهر الـ 12 الماضية.

وفي مواجهة تدفق المال إلى الخارج، أنفقت البلاد عشرات مليارات الدولارات من الاحتياطيات هذا العام، في محاولة للحفاظ على تثبيت غير رسمي للعملة، وهي خطوة تشير إلى قطع مع سياسة عقدين من السماح بالتعويم الحرّ للعملة، لكن، في إشارة إلى أنّ تعثّر هذه الجهود، اتجهت الليرة، الأسبوع الماضي، نحو مستوى انخفاض قياسي مقابل الدولار، رغم إنفاق السلطات المليارات في محاولة للدفاع عنها.

وقال صهر أردوغان، وزير المالية، بيرات البيرق، غير مرّة: إنّ "الأمة تتمتع بـفصل إيجابي عن الاتجاهات التي تشهدها الأسواق الناشئة الأخرى، لكنّ بعض المحللين يخشون أن تزرع إستراتيجيته بذور أزمة في العملة".

اقرأ أيضاً: محللون: قمة عمّان محور سياسي اقتصادي لمواجهة الأطماع التركية والإيرانية

يقول روبين بروكس، كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، إنّ تركيا "ناشزة بالكامل"، لكن للعديد من الأسباب الخاطئة؛ إنّها تعاني عجزاً كبيراً في الحساب الجاري، وتنفق المليارات في محاولة للحفاظ على ثبات عملتها، وتغذّي الاقتصاد بائتمان رخيص، وهو التكتيك نفسه الذي أثار أزمة ضخمة قبل عامين فقط؛ عندما فقدت الليرة ما يقرب من 30% من قيمتها أمام الدولار، وتسبّب السقوط السريع في الضغط على قطاع الشركات المثقلة بالديون في تركيا، ما تسبّب في تضخم مرتفع وأدّى إلى ركود.

يقول بروكس؛ إنّ الخطر يتمثل في أنّ تركيا تواجه "انخفاضاً آخر غير منظم في قيمة العملة"، من شأنه أن يعقد جهود البلاد للتعافي من فيروس كورونا، ويضيف: "ما لم تخفض دفعة الائتمان، فإنّني أعتقد أنّ المخاطر ستتراكم".

ويبدو أنّ نهج تركيا عالي المخاطر يعكس مقامرة على انتعاشة سريعة وقوية من الجائحة في الداخل، وأيضاً في أسواق التصدير الرئيسة.

من جانبها، تقول فوينكس كالين، مديرة الأسواق الناشئة في البنك الفرنسي، سوسيتيه جنرال: "إذا كنت تعتقد أنّ تأثير فيروس كورونا سيختفي بشكل سريع نسبياً؛ فإنّ هذه الإستراتيجية مناسبة، إنّها مكلفة على المدى القصير، لكنّها تمنحك الوقت الكافي لتجاوز هذه الفترة الصعبة للغاية".

ومع ذلك، إذا لم يفلح ذلك السيناريو، ولم تتعافَ عائدات السياحة والصادرات الأخرى بسرعة كافية، فإنّ كالين تحذّر من أنّ تركيا ستكون معرّضة، وبشدّة، للصدمات الاقتصادية العالمية في المستقبل، وتتابع: "إذا استمر الوضع الحالي لـ 12 شهراً آخر، فلن يكون ذلك النهج مستداماً، إنّ السلطات التركية توازن أمورها ضمن هذا الاستقرار الهشّ، وتحاول تجنّب وقوع الضرر".

خطّة إضفاء التوازن

في فندق مارماريس، يحاول توغاي البقاء متفائلاً، لكن، حتى لو فتح الفندق في الأسابيع المقبلة، فإنّ أفضل ما يأمله هو مستويات إشغال من 30 إلى 40%.

 إنّ عملاء الفندق المعتادين هم بريطانيون وأوروبيون آخرون، في عمر الـ 50 عاماً فأكثر، وكثيرون منهم متردّدون في استئناف السفر الدولي مع تزايد المخاوف من عودة فيروس كورونا عبر أوروبا، ومن الجدير بالذكر؛ أنّ تركيا نفسها، التي سجلت حوالي 230,000 حالة إصابة بفيروس "كوفيد-19"، و5,600 حالة وفاة، تتعامل مع حوالي 900 حالة جديدة في اليوم.

يشعر محللون أنّ أردوغان وصهره، يراهنان على أنّ سياساتهما الاقتصادية غير التقليدية ستنجح، ويرى أحد الخبراء أنّ تركيا تقترب من "أزمة مالية كلاسيكية لسوق ناشئ من الجيل الأول"

يقول توغاي: "بالنسبة إلى فندقنا؛ الأمر كلّه يتعلّق بما إذا كان الناس سيخاطرون بالسفر وهم في هذه المرحلة العمرية، وبما إذا كانت أسواقنا ستأخذ المخاطرة".

يعدّ ضرب قطاعه جزءاً حيوياً من قصة المشكلات التي تواجهها تركيا؛ فعائدات السياحة تعدّ، بدورها، مصدراً مهمّاً للعملات الأجنبية للبلاد، والتي تعتمد على كميات كبيرة من التمويل الأجنبي لتمويل النمو وسدّ العجز التجاري المزمن، وقد ساعد نحو 45 مليون زائر أجنبي في توليد دخل سياحي، بلغ 34.5 مليار دولار، العام الماضي، لكنّ الوافدين انخفضوا بنسبة 75%، في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، وفي حزيران (يونيو)؛ وصل الانخفاض إلى 96%.

ماذا يقول صاحب متجر يبيع ملابس الشاطئ؟

يقول صاحب متجر يبيع ملابس وأزياء الشاطئ للسائحين في مدينة لارا السياحية التركية، والذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه: "في الأوقات العادية، كنا نكسب ألف يورو في اليوم. الآن، 10 أو 20 يورو".

وكان الوزراء يأملون في أن يوازن انهيار أسعار الطاقة، أحد أغلى واردات تركيا، الانخفاض الحاد في عائدات السياحة وهبوط الصادرات الأخرى، مثل: المنسوجات، والأجهزة الكهربائية الرئيسة، والسيارات.

لكنّ الأمور لم تمضِ على هذا النحو؛ ففي الأشهر الأخيرة، عانت تركيا عجزاً كبيراً في الحساب الجاري، الذي قارب الـ 17 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام. وتتباين التوقعات للعام بأكمله على نطاق واسع، لكنّ باركليز يتوقع ما مجموعه 30 مليار دولار، أي حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتفاقمت المشكلات الناجمة عن انخفاض الصادرات، بسبب طفرة ائتمانية هائلة بدأت قبل أن يجتاح فيروس كورونا العالم، والتي هي الآن الأداة الأساسية لإخراج تركيا من هذه الجائحة.

وفي حين يتوقّع خبراء دوليون أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي التركي بنسبة 4.3% هذا العام، وفق مسح أجرته شركة "كونسكونسيز إيكونوميكس"؛ فإنّ السلطات في البلاد تصرّ على أنّها ستستعيد انتعاشاً حادّاً سيؤدي إلى نموّ إيجابي للعام بأكمله.

اقرأ أيضاً: بيانات رسمية تدحض تصريحات أردوغان حول الاقتصاد التركي... كم بلغ عجز الموازنة؟

وفي محاولة لتحقيق هذا الهدف؛ لجأت السلطات مجدداً إلى الائتمان؛ فقد خفّض البنك المركزي سعر الفائدة القياسي بمقدار 15.75 نقطة مئوية خلال 12 شهراً الأخيرة، وحفزت البنوك على الشروع في موجة إقراض واسعة النطاق لكلّ من الشركات والمستهلكين.

وارتفع نموّ القروض بنسبة 24% على أساس سنوي، وفق باركليز، وهو أعلى مستوى منذ عام 2013، ويقول بروكس: "ذلك يفوق أيّة مخططات"، ويضيف: "إنّها نسبة ضخمة حقاً، وأقرب إلى سابقة تاريخية".

ويتابع بروكس؛ بأنّ دفعة الائتمان "تعزّز الطلب المحلي، الذي يعزّز بدوره الواردات، ويحافظ على عجز الحساب الجاري على نطاق واسع، وفي النهاية الضحية لكلّ هذا هي الليرة".

وفي مثل هذا السيناريو، يتمثّل أحد الحلول في أن تترك الدولة عملتها تفقد قيمتها، فخفض القيمة يمتصّ الصدمات، ويكون بمثابة فرملة طبيعية لعجز الحساب الجاري بجعل الواردات أكثر تكلفة والصادرات أكثر تنافسية.

لكن، ربما بسبب ندبات أوقعتها الأحداث الدرامية لعام 2018، عندما كان قد أمضى أسابيع فقط في منصبه الجديد وزيراً للمالية، يقاوم البيرق هذا النهج.

 لقد سجلت الليرة، لفترة وجيزة، أدنى مستوى قياسي لها مقابل الدولار في أوائل أيار (مايو)، لكن من خلال فرض قيود على تداول العملات الأجنبية وبيع عشرات المليارات من الدولارات في السوق المفتوحة عن طريق بنوك الدولة، ساعدت السلطات في سحب الليرة مجدداً إلى أعلى، ثمّ حافظت على استقرارها تقريباً لأسابيع، قبل تذبذبها الأخير.

ومن جانبه، نفى البنك المركزي دائماً أنّه يستهدف وضع الليرة عند مستوى معين، لكنّ الغالبية العظمى من الاقتصاديين والمحللين يعتقدون أنّه يسعى بشكل فعّال للدفاع عن ثبات العملة.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد التركي في أزمة.. متى يقر أردوغان وحزبه بالخسارة؟

وهناك طريقة أخرى للتعامل مع عجز الحساب الجاري، وهي جذب الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك تريليونات الدولارات من "الأموال الساخنة" التي يسيطر عليها مديرو المحافِظ الاستثمارية في شركات إدارة الأصول العالمية.

لكن، خلال العام الماضي، أثارت إجراءات كثيرة كانت تهدف منع "التلاعب" قلق المستثمرين الأجانب، بل ودفعت مزود المؤشرات "إم إس سي آي" إلى التحذير من أنّ تركيا يمكن أن تنزل إلى وضع "السوق الحدودي"؛ أي ما هو أقل من السوق الناشئ، إلى جانب أسعار الفائدة الحقيقية السلبية، وأدّت هذه العوامل إلى إبعاد رأس المال الدولي، وانخفضت المشاركة الأجنبية في سوق السندات المحلية التركية إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 4% فقط، في منتصف تموز (يوليو)، بانخفاض عن ذروة عام 2013، التي وصلت عند 28%.

عملية مكلفة

لقد نجحت إجراءات السيطرة على الليرة على المدى القصير؛ فانخفاض قيمة العملة بنسبة 15% مقابل الدولار هذا العام يعني أنّ حالتها أفضل من العملات المماثلة، مثل: الراند الجنوب أفريقي، والريل البرازيلي، ومع ذلك، جاءت محاولة تحقيق الاستقرار بتكلفة باهظة، ويقدّر بنك غولدمان ساكس أنّ البنك المركزي أنفق 65 مليار دولار على دعم العملة هذا العام وحده.

لقد استنزفت هذه التدخلات بشدة احتياطيات تركيا المنخفضة بالفعل، وانخفض إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي بمقدار 13 مليار دولار، حتى الآن، ووصلت إلى 93 مليار دولار، ويغطي ذلك الرقم، الذي يشمل حوالي 50 مليار دولار من النقد المقترض، ما يزيد قليلاً عن نصف التزامات الديون الخارجية للدولة، التي ستجدَّد في الأشهر الـ 12 المقبلة.

اقرأ أيضاً: "فايننشال تايمز": أردوغان يقامر باقتصاد تركيا

ومن أجل دعم العملة، اعتمد البنك المركزي آلية معقدة تقترض من كومة الـ 230 مليار دولار من مدخرات العملات الأجنبية، التي يحتفظ بها المواطنون الأتراك في بنوك البلاد.

ونتيجة لذلك؛ فإنّ صافي الاحتياطيات، وهو الرقم الذي يظهر مقدار النقد الذي اقترضه البنك المركزي سابقاً من أموال وتمويلات تخص مؤسسات أخرى، أصبح الآن في منطقة سلبية للغاية، وقد بلغ صافي الأصول الأجنبية، وهو مقياس معيار صافي الاحتياطيات، 41 مليار دولار بالسالب، في نهاية حزيران (يونيو)، وفق "غولدمان ساكس".

يعتقد بعض المحللين أنّ هذا النظام يمكن أن يستمرّ طالما أنّ المدّخرين الأتراك لا يشغلون البنوك، ويقول أحد المصرفيين الأتراك: "من الناحية النظرية، ليس هناك حدّ طالما أنّ البنك المركزي يقبل بأن يكون له موقف سلبي للغاية".

لكنّ التآكل جعل العديد من المراقبين في حالة توتر، تقول مايا سينوسي، الخبيرة الاقتصادية في شركة "أكسفورد إيكونوميكس" الاستشارية: "إننا في وضع لا توجد فيه احتياطيات، والبنك المركزي ينفق احتياطيات اقترضها من البنوك"، وتضيف: "النظام المصرفي يفتقر إلى الدولار، لا أقول إنّ الأزمة ستحدث قريباً، لكنّ تجربة البلدان الأخرى، انظر إلى لبنان على سبيل المثال، أظهرت أنّ النقص يصبح إشكالياً إذا طلبت البنوك دولاراتها للوفاء بالتزاماتها".

اقرأ أيضاً: أزمة تركيا الاقتصادية تتفاقم... معلومات مهمة تكشفها المعارضة

لطالما أصرّ البنك المركزي نفسه على أنّ المستثمرين يجب أن ينظروا إلى الأرقام الإجمالية عوضاً عن الصافي، وأنّ هناك ما يكفي من الأموال لتغطية التزامات الديون الخارجية للدولة.

وفي مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي، اعترف المحافظ مراد أويسال بأنّه كانت هناك بعض "التقلبات" في الاحتياطيات، لكنّه قال إنّه يتوقّع استردادها في النصف الثاني من هذا العام، مع انتعاش السياحة والصادرات، وقال إنّ البنك المركزي يعمل على أساس الافتراض أنّه لن تكون هناك موجة ثانية من فيروس كورونا.

هذا وتحدت البنوك والشركات التركية، حتى الآن، تحذيرات من أنّها قد تقاسي لتدوير كومة ديونها البالغة 170 مليار دولار، والمستحقة في الأشهر الـ 12 المقبلة.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد التركي على بعد خطوة واحدة فقط من الكارثة

لكنّ البنوك ستواجه ارتفاعاً جديداً في سداد الديون الخارجية، في تشرين الأول (أكتوبر)، وهو ارتفاع يتزامن مع العدّ التنازلي للانتخابات الرئاسية الأمريكية التي قد تثير تقلبات جديدة في السوق، ومن جانبه؛ يقول براد سيتسر، وهو كبير زملاء في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، إنّه حتى الانخفاض البسيط في معدل إعادة التمويل في البلاد يمكن أن يؤدي إلى انخفاض إجمالي الاحتياطيات إلى "مستويات حرجة حقاً".

ويضيف: "من الناحية المفاهيمية؛ هناك نقطة يصبح فيها انخفاض مستوى الاحتياطيات نفسها مصدر الصدمة"، ويتابع: "إنّها نقطة يبدأ عندها الناس في الخوف".

مسار الخروج

قد تكون تركيا قادرة، حتى الآن، على إيجاد مسار خلال الفترة الصعبة القادمة، دون أزمة ميزان مدفوعات كاملة، وهناك بعض الأخبار الجيدة بشأن وضع السياحة في الأسابيع الأخيرة؛ حيث منحت المملكة المتحدة الضوء الأخضر لسفر البريطانيين إلى تركيا، ومن المقرَّر أن تستأنف روسيا، وهي مصدر رئيس آخر للزوار، رحلاتها، في الأول من آب (أغسطس).

يتوقّع بعض المحللين، مثل وكالة التصنيف "ستاندرد آند بورز"، تضاؤل الائتمان في تركيا، وما يعقب ذلك من مخاطر، ويعتقد آخرون أنّ المخاوف من أن تحدث زيادة في الإقراض تغذّي عجزاً كبيراً في الحساب الجاري مبالغ فيها؛ لأنّ جزءاً كبيراً من الأموال يوجَّه لإبقاء الشركات، والأسر عائمة، عوضاً عن تأجيج الطلب على المواد والسلع المستوردة.

اقرأ أيضاً: آيا صوفيا.. أردوغان يحشد لإعادة شعبيته التي بدّدتها مُقامرات السياسة والاقتصاد

على نطاق أوسع؛ كان أردوغان محظوظاً غالباً، على مدار فترة خدمته، التي دامت 18 عاماً، في قيادة تركيا، ويمكن أن يساعد تعافي عالمي أسرع من المتوقع من "كوفيد-19"، مع انتعاش حادّ في التجارة والسياحة، في تجديد الاحتياطيات المتضائلة قبل أن تصل إلى مستويات حرجة.

لكنّ بعض المحللين يشعرون بأنّ الرئيس التركي، وصهره، يراهنان على أنّ سياساتهما الاقتصادية غير التقليدية ستنجح، يقول سيتسر، وهو خبير في أزمات ميزان المدفوعات: "تركيا تقترب، على أكبر نحو ممكن، من "أزمة مالية كلاسيكية لسوق ناشئ من الجيل الأول""، ويضيف: "أعتقد أنّه إذا استمرت تركيا في مسارها الحالي، فسيأتي وقت تضطر فيه الحكومة إلى ترك سعر الصرف ينخفض".

ويشعر بعض المستثمرين الأجانب بالقلق من أنّه إذا حدث انخفاض حادّ في العملة، فقد تلجأ السلطات إلى ضوابط صارمة على رأس المال، وهو احتمال استبعده البيرق غير مرة.

سيتمثّل الحلّ الأرثوذكسي في رفع أسعار الفائدة، لكنّ أردوغان، الذي وصف ذات مرة أسعار الفائدة المرتفعة بأنّها "أمّ وأب كلّ شرّ"، قد يكون متردّداً في السير في هذا الطريق، كما كان حاله في الماضي.

يقول سيتسر: "ينبغي أن تأخذ مرحلة الحلّ النهائية، إذا أرادت تركيا الحفاظ على سعر الصرف، شكل تعديل في السياسات المحلية: تخفيض الائتمان، ورفع سعر الفائدة بشكل يثبت الطلب على الليرة، ويعيد الحساب الجاري إلى التوازن".

ويضيف: "لا يعرف ما إذا كانت تركيا قادرة على إنجاز هذا التعديل، مع تعارضه مع تفضيلات الرئيس، ومع وجود مستوى احتياطيات أقل من الماضي، فهو سؤال مفتوح".

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

لورا بيتل، "الفاينانشيال تايمز"، 3 آب (أغسطس) 2020



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية