أردوغان وفن صناعة الأعداء.. كيف خسر التركي رهانه الأخير فى ليبيا؟

أردوغان وفن صناعة الأعداء.. كيف خسر التركي رهانه الأخير فى ليبيا؟


12/01/2020

أكرم القصاص

في عالم السياسة يكون الخطاب العلني مختلفاً عن الخطاب الخفي، الذى يدور وراء الكواليس، الخطاب المعلن يكون موجهاً لجمهور محلي أو مؤيدين إقليميين، بينما الخطاب الواقعي يدور وراء الجدران، ومن خلال رسائل سرية أو تصريحات مبطنة، ويبدو هذا واضحاً في حالة الدول التي تتبنى خطاباً صارخاً حول النفوذ، بينما تواجه مشكلات بسبب هذه المساعي، ويظهر هذا المثال في حالة تركيا بشكل واضح. ومن يتابع خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أسبوعين فقط، يكتشف الفرق بينه وبين خطابه وحكومته ووزرائه خلال الأيام الأخيرة.

في البداية، كان الخطاب التركي يتحدث عن التدخل في ليبيا ومساندة الميليشيات المسلحة، وتم توقيع اتفاق مع السراج حول ليبيا، وصور أردوغان الأمر على أنه انتصار، بالرغم من علمه أنه عقد اتفاقاً هشاً مع سلطة منقوصة، في ليبيا التي تعاني من التنظيمات الإرهابية. وأجبر أردوغان البرلمان التركي على تدعيم خطوة إرسال قوات إلى ليبيا، وخرج في جولات لترويج مطالبه لدى دول المغرب العربي، وبعد أن واجه الرفض أولا من البرلمان والشعب الليبي، ثم من أوروبا والمغرب العربي، عاد ليعلن أنه لم يرسل جنوداً، وإنما خبراء عسكريين، وانطلق وزير خارجية تركيا في تصريحات وتدوينات يؤكد فيها أن بلاده لا تريد الصدام، بل إن أوغلو أطلق تدوينات عن أهمية وفوائد التعاون حول غاز المتوسط، مع رسائل لمصر، وتزامن هذا مع انطلاق لجان تركيا وقطر لترديد تدوينات أوغلو وزير خارجية أردوغان.

على الأرض كان الجيش الوطني الليبي يواصل تقدمه لاستكمال طرد الإرهابيين والميليشيات التركية وغيرها من سرت، ويستعد لمصراته وطرابلس، وهو ما جعل أردوغان في موقف صعب أمام جمهوره، حيث خسر رهانه الجديد على ميليشيات الإرهاب في ليبيا بعد أن خسر الرهان في سوريا، وبالطبع فإن كل هذه التحركات تحتاج إلى إنفاق مع توقف إمدادات النفط المسروق الذى حصل عليها أردوغان طوال 7 سنوات من الأراضى السورية والعراقية تحت سيطرة تنظيم داعش.

ولاتزال القوات التركية تواجه مقاومة في سوريا وتخسر القوات التركية، يومياً، جراء العمليات ضدها، وآخرها كان مقتل 3 عسكريين أتراك بانفجار سيارة مفخخة في ريف رأس العين شمال سوريا.

تركيا التي شهدت انتعاشاً اقتصادياً خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، بدأت في منحنى هبوط خلال العقد الثاني، بسبب مغامرات البحث عن نفوذ إقليمى، والرهان على التنظيمات الإرهابية. وعندما شعر أردوغان بمأزق غزو ليبيا، بدأ تحركاته نحو روسيا في محاولة لإنقاذ حلفائه، مع تقدم الجيش الوطني الليبي، حيث سعى لإطلاق مبادرة مع الرئيس الروسي بوتين لوقف إطلاق النار في ليبيا، وكان رد الجيش الوطني الليبي حاسماً برفض هذه المبادرة واستمرار تطهير ليبيا من الميليشيات الأجنبية المسلحة.

كما جاءت الردود المغاربية تتجه نحو رفض التدخل الخارجي، وأيضاً مواجهة تمرير الأسلحة إلى الميليشيات في ليبيا، وكل هذا يخرج التنظيمات الإرهابية من المشاركة في أي حل سياسي قادم، ويجعل القرار لليبيين أنفسهم وهو ما يضيع رهان الرئيس التركي على تحصيل أي مساحة للنفوذ في ليبيا.
ومن صفر مشاكل، إلى ازدحام الخصومات شرقاً وغرباً، وحتى حلفاء وجيران تركيا أنفسهم أصبحوا خصوماً، وتصاعدت الأزمات بين أردوغان وألمانيا وأخيراً مع فرنسا، عندما أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون خلال اجتماع حلف الناتو أن أردوغان يحارب مع داعش والتنظيمات الإرهابية في سوريا، وحتى العلاقة مع روسيا تقوم على الشك منذ الصدام على الأراضي السورية، واليوم يخسر رهاناته على ليبيا، ليدخل عاماً جديداً محملاً بعلاقات عداء مع أغلب دول العالم مع مساحات كبيرة من الشك في نواياه داخلياً حيث يخسر الاقتصاد بسبب استنزاف المغامرات، وإقليمياً بعد خسارة رهانه على الإرهاب والحرب بالوكالة.

عن "اليوم السابع"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية