أردوغان يخفي قتلاه في ليبيا!

أردوغان يخفي قتلاه في ليبيا!


29/02/2020

محمد نورالدين

فجّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أسبوع قنبلة من العيار الثقيل عندما كشف أنه سقط لتركيا في ليبيا «بضعة جنود شهداء». ومع ارتفاع النقاش والاستغراب حول هذه الجملة، أعلن أردوغان الثلاثاء الماضي أن اثنين من الجنود الأتراك قد قتلوا في ليبيا، لكن في المقابل «قتلنا أكثر من مئة من المرتزقة الليبيين»!
ولم يكتفِ بذلك، بل قال: إن الجنود الأتراك موجودون هناك سوية مع «الجيش الوطني السوري»، وهو التشكيل الذي أنشأه أردوغان من جماعات الجيش السوري الحر وتنظيمات مسلحة مختلفة معارضة للنظام السوري. وقال: إن هذا «شرف لهم ولنا».
مباشرة بعد تصريحات أردوغان قال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوغوز صاليجي: «إن كلام أردوغان لا يليق بالشهداء. وهذا مؤسف جداً. ولماذا أخفى أردوغان الكلام عن الشهداء؟ وكم عددهم؟ ولماذا ماتوا هناك؟ ولماذا يخفي المعلومات عما يحدث في ليبيا منذ فترة؟».
أولاً بخلاف ما قاله أردوغان، فإن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر كان قد أشار سابقاً إلى أن عدد الجنود الأتراك الذين قتلوا بلغ 16 جندياً، ومن المرتزقة السوريين وغير السوريين الذين أرسلهم أكثر من مئة قتيل.
السؤالان اللذان يختصران الموقف التركي من ليبيا هو: ماذا تفعل تركيا في ليبيا؟ ولماذا يخفي أردوغان مقتل الجنود الأتراك بمعزل عن عددهم، ويكشف عن ذلك لاحقاً تدريجياً؟
لا شك في أن أردوغان يخفي مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية وراء تدخله في ليبيا:
1- هو يريد أن يكون جزءاً من القوى التي تريد نهب الثروات الليبية من خلال دعم حكومة فايز السراج الموالية، عله يخرج من الكعكة الليبية ببعض ما يخسره من حروبه ومغامراته الخارجية، سواء في سوريا والعراق، أو في شرق المتوسط ومنطقة الخليج العربي.
2- يريد أن يواجه القوى السياسية، ولا سيما العربية التي وقفت بوجه المشروع العثماني والإخواني لأردوغان. وإذا كانت سوريا وقفت سداً منيعاً أمام طموحات أردوغان في بلاد الشام، فإن في طليعة القوى المناهضة للمشروع العثماني والإخواني في ليبيا وفي مصر وفي منطقة الخليج العربي، كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
ومن هنا نلاحظ كيف أن أردوغان يحاول الاحتفاظ بمنطقة إدلب في سوريا، ولو كلفه ذلك، وفق ما قال في ال 15 من فبراير / شباط الجاري، أن يضحي بنفسه. إذ إن نهج أردوغان في التعامل مع التنظيمات المتطرفة والمسلحة التي تضم عناصر من كل أنحاء العالم، تحول منذ سنوات إلى استراتيجية لتركيا منذ عدة سنوات. لكنها تفاقمت وتوسعت في الأشهر الأخيرة. وهؤلاء المسلحون المرتزقة في إدلب تحولوا إلى خزان للتصدير في الوجهات التي يحتاج أردوغان إليهم فيها، وآخرها في ليبيا.
فمع كل عملية عسكرية كانت تنفذها تركيا، كان مسلحو هذه التنظيمات يتقدمون مع الجيش التركي في جبهة القتال، وذلك لتخفيف الخسائر المباشرة عن الجنود الأتراك. علماً بأن العديد من المسلحين ينتمون إلى تنظيمات مصنفة إرهابياً، حتى وفقاً للقوانين التركية.
وعلى هذا لم يكتفِ أردوغان بإرسال جنوده وخبرائه لمساعدة حكومة السراج، بل أرفقهم بآلاف المسلحين إلى ليبيا لمقاتلة الجيش الوطني الليبي. وفي ذلك أكبر إساءة لصورة بلد إقليمي كبير مثل تركيا يسير جنوده النظاميون جنباً إلى جنب مع مرتزقة، ولا يخجلون من الاعتراف بذلك.
وبذلك يتبع أردوغان مقولة مكيافيللي بأن الغاية تبرر الوسيلة. وكما أسهم في تدمير سوريا، هو الآن يعمل على المزيد من تدمير ليبيا بإغراقها في حروب جديدة. وهو الأمر الذي تحاول بعض الدول العربية منعه وعدم السماح لأردوغان بنشر مشروعه العثماني الذي في النهاية ليس سوى عودة للمستعمر العثماني إلى أرجاء الوطن العربي.
أما عن أسباب إخفاء معلومات مقتل الجنود الأتراك عن الرأي العام التركي، فليس سوى إدراكه أن معركته كما في سوريا، وكذلك في ليبيا، هي معركة غير شرعية وغير قانونية وغير أخلاقية. والرأي العام التركي في استطلاعات الرأي يعارض حروب أردوغان ومغامراته في المنطقة العربية كلها التي لا تنعكس إلا في ازدياد الدين الخارجي ونسبة البطالة والتضخم وتدهور القيمة الشرائية لليرة التركية.
لذلك نجد أردوغان يهرّب الجنازات تهريباً منعاً لتزايد نقمة الرأي العام على حروب تقف وراءها العصبية الأيديولوجية العمياء التي لا ترى في سوريا والعراق سوى كسباً لأراضٍ «كانت ضمن حدود الميثاق الملّي لعام 1920» وفي ليبيا بقعة جغرافية «كانت لأجدادنا».

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية