أزمة قطر في 2020: فرص ضائعة وسيناريوهات محتملة

بانوراما 2019

أزمة قطر في 2020: فرص ضائعة وسيناريوهات محتملة


19/12/2019

في مقابلة مع وكالة "بلومبيرغ"، قال وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إنّه لا يرى في الوقت الحالي إمكانية وضع موعد محدد للتوصل إلى اتفاق مع السعودية، مستبعداً قيام خط تواصل مع دولة الإمارات.

اقرأ أيضاً: تغريدة صحافي تستنفر لوبي قطر في فرنسا

وفي منتدى الدوحة وكذلك في مقابلته مع "سي إن إن" أوضح وزير الخارجية القطري أنّ بلاده لن تتخلى عن تركيا وإيران، وأنّها حققت تقدماً طفيفاً في المحادثات مع السعودية، لكنّها في مرحلة مبكرة للغاية، وأنّ إعادة بناء الثقة تتطلب المزيد من الوقت.


فحوى مقابلات الوزير القطري المتكررة هي أنّ المحادثات ليست بين قطر والدول الأربع المقاطعة، بل بين قطر والسعودية. هذه الرسالة التي تبعث بها الدوحة علّق عليها وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، بقوله إنّ "التسريبات القطرية الأخيرة بشأن حلّ أزمة الدوحة مع السعودية الشقيقة دون الدول الثلاث تكرار لسعي الدوحة إلى شق الصف والتهرب من الالتزامات". وأضاف قرقاش "الرياض تقود جبهة عريضة من أشقائها في هذا الملف والملفات الإقليمية الأخرى، والتزامها بالمطالب والحلفاء أساسي وصلب".

مصالحة قطر مع السعودية فقط، سيناريو محتمل لكنه ضعيف؛ في ظل قيادة الرياض لمطالب الدول المقاطعة

وفي تقدير الدول الأربع المقاطعة لقطر أنّ الأخيرة أضاعت فرصتين ثمينتين للتخفيف من الأزمة. الفرصة الأولى المتاحة كانت قمة الرياض التي انعقدت في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) الجاري. اعتُبِر إرسال الدوحة رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني بدلاً من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مؤشراً إلى عدم تشجّع قطر لحلّ الأزمة وتصفية الخلافات مع جيرانها في "مجلس التعاون" إضافة إلى مصر. أما الفرصة الثانية فتمثلت في قبول السعودية والإمارات والبحرين المشاركة في دورة الخليج الرابعة والعشرين لكرة القدم، التي انعقدت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، واستضافتها قطر، غير أنّ الأخيرة رفضت أن تستجيب لهذه الإشارة الودية من قبل أشقائها، وكأنّ شيئاً لم يكن، واستمرت في منطق الابتزاز، ما حال دون حدوث انفراج في العلاقات الدبلوماسية.

"فقدان الجدية"
وقد تمسكت الدول المقاطعة لقطر بمبادئ "إعلان القاهرة" لحل الأزمة المستمرة منذ أكثر من عامين، وعبر وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، عن أسفه لـ "عدم جدية" قطر في إنهاء أزمتها مع الدول الأربع: السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر. ونقلت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية عن الوزير قوله: "فقدان الجدية واضح جداً في الطريقة التي تعاملت بها قطر مع دورة قمة مجلس التعاون الخليجي الـ40 التي عقدت في الرياض.. وسلبيتها الشديدة والمتكررة بإرسالها من ينوب عن الأمير دون أي تفويض يمكن أن يسهم في حل أزمتها".

الراجح أنّ دول المقاطعة لن تذهب لمصالحة مجانية مع قطر ما لم تغير الدوحة سياستها ما يعني استمرار الأزمة في 2020

وقد أكد الوزير تمسك بلاده بمطالب الدول الأربع المبنية على المبادئ الستة الصادرة عن "إعلان القاهرة"، وذلك في إشارة إلى القمة التي عقدتها دول المقاطعة في العاصمة المصرية في الخامس من شهر تموز (يوليو) من العام 2017. وتدور المبادئ الستة حول ضرورة الالتزام بمحاربة التطرف والإرهاب، وعدم دعم الكيانات الخارجة عن القانون، أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية في السعودية، عادل الجبير، قد أشار في وقت سابق إلى ضرورة تغيير النظام القطري لسياساته واتخاذ المزيد من الخطوات، خاصة فيما يتعلق بوقف دعم الإرهاب، وفقاً لما نقلت شبكة "بي بي سي".
وقال الجبير خلال مشاركته في منتدى الحوار المتوسطي في روما بداية الشهر الجاري، بحسب ما ذكرت "بي بي سي"، إنّ النظام القطري يعرف ما عليه فعله، وأين تكمن المشكلة، وعليه اتخاذ الخطوات اللازمة لتخطي أزمته.

سيناريوهات محتملة
من خلال هذا العرض يمكن القول إنّ ثمة سيناريوهات محتملة لأزمة قطر تتراوح في الآتي:
السيناريو الأول،
بقاء الأزمة من دون حدوث انفراجة في العام 2020، وذلك لسببين: أولهما؛ أنّ الدول الأربع المقاطعة لقطر ترى أنّ الدوحة لم تستجب لمطالبها، ولم تفِ بالتزاماتها التي وقّعت عليها في الرياض (اتفاق الرياض لعام 2013، والاتفاق التكميلي لعام 2014)، ولم تغيّر من سياستها التي تستهدف الإضرار بمصالح هذه الدول، بحسب رأي الأخيرة. وثانيهما؛ أنّ محللين قطريين، مثال ذلك تصريحات الدكتورعلي الهيل لـ "بي بي سي عربي" قبيل قمة الرياض الأربعين لقمة "التعاون"، يرون أنّ ما دفع السعودية للسعي لإجراء تفاهم مع قطر هو محاولة الرياض تحسين صورتها بعد حادثة خاشقجي وحرب اليمن، وأنّ مقاطعة هذه الدول لقطر فشلت في تحقيق أهدافها، برأي هؤلاء المحللين القطريين. غير أنّ الراجح أنّ دول المقاطعة لن تذهب إلى مصالحة مجانية مع قطر ما لم تغير الدوحة سياستها ضد تلك الدول، ما يعني أن تستمر أزمة قطر في العام 2020 من دون حل، وستعتبر الدول الأربع ذلك جزءاً من واقع جيوسياسي ليس له الأولوية على أجندتها، في ظل الانشغال بمشاريع وفعاليات كبرى مثل؛ اكتتاب أرامكو وقمة العشرين في الرياض ومعرض إكسبو 2012 في دبي، واستعداد الإمارات للاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس اتحادها.

اقرأ أيضاً: قطر تناور لاسترضاء السعودية بالكلام بدل الأفعال

وترى الدول الأربع المقاطعة لقطر أنّ الأخيرة بدخولها المعلن على خط الملف الليبي وعرضها المساعدة الأمنية والاقتصادية على حكومة فايز السراج، إضافة إلى افتتاح المقر المشترك لقيادة القوات المسلحة المشتركة بين قطر وتركيا في قطر إنما هي رسالة قطرية بأنّ الدوحة ليست في وارد الاستجابة لمطالب الدول الأربع، وهذا يدفع للتساؤل عن أي انفراجة نتحدث؟ 


السيناريو الثاني؛ مصالحة قطر مع السعودية فقط، وهو سيناريو محتمل لكنه ضعيف؛ في ظل قيادة الرياض لمطالب الدول الأربع المقاطعة، وإعلان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، أنّ انفراج الأزمة منوط بتنفيذ الدوحة تعهداتها والتزاماتها، وهو ما لم يتمّ حتى الآن. ولا شك في أنّ موقف الجبير إلى جانب موقف وزير الخارجية البحريني المشار إليه سابقاً وكذلك الموقف المصري المتشدد مع قطر وحليفتها تركيا (بشأن ليبيا وغاز شرق المتوسط) إنما يُضعف حجة الدوحة القائلة إنّ الإمارات وحدها التي تعترض على عدم تنفيذ قطر لتعهداتها والتزاماتها.

اقرأ أيضاً: المصالحة مع قطر لم تنضج بعد
السيناريو الثالث؛
أن تضغط الولايات المتحدة على الدوحة لتقديم التنازلات المطلوبة والإيفاء بالتزاماتها تجاه الدول الأربع المقاطعة؛ وذلك من أجل توحيد جهود مجلس التعاون في سياق أولويات أخرى، كما قال وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، وفي سياق الترتيبات الجارية لشؤون المنطقة، وإعادة بناء توازناتها، وإرساء التسويات في سوريا واليمن وليبيا، ومعالجة ملف إيران ... وسوى ذلك من ملفات وأزمات لن تبقى مفتوحة من دون إدارة أو حلول. هذا السيناريو يفترض أنّ محاولة قطر شراء الصمت الأمريكي ربما لن تجدي.

اقرأ أيضاً: كيف نقرأ المصالحة الخليجية مع قطر؟
وكانت قطر تعهدت، كما أفادت وكالة "رويترز" للأنباء، بإنفاق نحو ملياري دولار لتوسعة قاعدة العديد، أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة. واستهدفت قطر للبترول استثمار 20 مليار دولار في الولايات المتحدة، بينما اتجه جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي، لتوسعة محفظته هناك إلى 45 مليار دولار من 30 مليار دولار.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية