أسرار الاجتماع السري بين الإخوان وحزب السعادة التركي.. ما موقف أردوغان؟‎

أسرار الاجتماع السري بين الإخوان وحزب السعادة التركي.. ما موقف أردوغان؟‎


03/05/2021

تسبب إعلان كرم الله أوجلو، رئيس حزب السعادة المعارض التركي، عن لقائه مع قيادات جماعة الإخوان المصريين الهاربين بتركيا، بحرج شديد للجماعة نظراً لتفسير قيادات في حزب العدالة والتنمية أنّ هذا اللقاء هو انقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان، وخيانة للدولة التركية التي ساندتهم، مما دفع نائب المرشد إبراهيم منير إلى إصدار بيان تعهد فيه بعدم المساس بأمن واستقرار تركيا، واحترام الدستور والقانون وتقدير للرئيس التركي، والحرص على استقرار الوضع السياسي داخل البلاد.

منير أديب: الإخوان أدركوا أنّ دورهم قد انتهى وقد يتم التضحية بهم فأرادوا أن يفتحوا باباً خلفياً في السياسة

أكد مراقبون أنّ خطوة لقاء الإخوان بحزب معارض هي خطوة هوجاء غير مدروسة تعكس عشوائية في القرار السياسي للجماعة، ويقول مقربون للجماعة إنّ اللقاء جاء كرد فعل لرفض ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي ومسؤول ملف الإخوان، لقاء عدد من قيادات التنظيم مرات عدة.

فلم يكن مقبولاً أن تعلن الدولة التركية أنها لن تصنف الإخوان كجماعة إرهابية، ثم يصدم الإخوان حلفاءهم بعقد لقاء مع أحد الأحزاب المعارضة بغرض تكوين تحالف إسلامي مناهض لاردوغان، بهدف تكوين ظهير سياسي أو لوبي ضاغط يعمل ضد التقارب مع مصر، ورافض لشروط القاهرة بإغلاق الإعلام الإخواني وتسليم المطلوبين لدى جهات القضاء من المقيمين على أراضيها.

يذكر أنّ حزب السعادة المعارض يقف ضد أردوغان ويعد امتداداً فكرياً وسياسياً لحزب الرفاة المنحل الذي أسسه القيادي التاريخي نجم الدين أربكان، ويلتقي فكرياً مع الإخوان، وفي تصريح شهير لأمين تنظيم جماعة الإخوان محمود حسين في لقاء بقناة الجزيرة القطرية أشار فيه إلى أنّ حزب السعادة هو الأقرب إلى الإخوان، والحزب.

اقرأ أيضاً: تقارب الإخوان وحزب السعادة محاولة للإيهام بوجود أزمة مع أردوغان

وحول دوافع الإخوان تكوين تحالف مع حزب تركي معارض، يرى الكاتب والباحث في شؤون الإسلام السياسي، منير أديب، أنّ "الجماعة فقدت البوصلة ووقعت أسيرة التخبط نظراً لتوالي الفشل والهزائم عليها، إضافة لتجذر سلوك الغدر والخيانة عند تعرضهم لأي أزمة"، مضيفاً في تصريح لـ"حفريات" أنّ "الملاحظ أنّ الانتهازية المتبادلة تحكم علاقة الإخوان مع النظام التركي، فكلاهما استخدم الآخر لمصلحته، فقد استخدمت تركيا جماعة الإخوان لتحقيق أغراضها في المنطقة، ورفع راية تركيا، في المقابل استغلت الجماعة تركيا لتكون دار إيواء وحماية للإخوان الفارين من الأحكام القضائية بمصر".

تصرفات الإخوان غير المسؤولة منحت حزب العدالة والتنمية مبرراً لتسريع إجراءات التقارب مع القاهرة واتخاذ إجراءات وقائية ضدهم

يستكمل أديب: "ومع فشل الجماعة في مهمتها سواء في أسقاط الدولة المصرية أو في التمهيد للسيطرة التركية، أدركت السلطات التركية أنّ الارتباط بالإخوان والعداء للدولة المصرية لم يعد مجدياً، وأنّ عليها فتح حوار مع القاهرة"، موضحاً: "الإخوان أدركوا كذلك أنّ دورهم قد انتهى وقد يتم التضحية بهم، فأرادوا أن يفتحوا باباً خلفياً في السياسة لعلهم ينفذون منه أو يجدن فيه ملاذاً، فاختاروا حزباً قريباً منهم فكرياً، وعقدوا اجتماعاً بحضور قيادات الإخوان الحاصلين على الجنسية التركية مثل مدحت الحداد ومختار عشري وهمام علي يوسف".

أشار أديب إلى أنّ هذا اللقاء كان مفترضاً أن يكون سرياً غير معلن، وكان على جدول أعماله مناقشة طرق مساندة الحزب للإخوان إذا أصرت الحكومة التركية تسليمهم أو ترحيلهم، وتمويل حملة شعبية لجذب تعاطف النخب التركية لمظلومية الإخوان، مع التلميح أنّ خروج الإخوان من تركيا سيتم معه سحب استثمارات ضخمة ربما تؤثر على اقتصاد تركيا.

ويؤكد أديب أنّ "حزب السعادة هو من قام بكشف اللقاء، ربما لأنّ الاجتماع قد انكشف من جهة مخابراتية ليست تركية؛ فسارع بإعلان اللقاء ليحقق هدفين: الأول إبلاغ الإخوان رفض طلباتهم بشكل علني وعملي، الثاني إثبات احترامهم للقوانين واللوائح التركية التي تمنع اللقاء بجماعات سياسية غير تركية".

ويتوقع أديب أن تصرفات الإخوان غير المسؤولة منحت "العدالة والتنمية" مبرراً لتسريع إجراءات التقارب مع القاهرة، واتخاذ إجراءات وقائية ضد الإخوان ثمناً لخيانتهم.

من جانبه، يؤكد الكاتب والخبير في الجماعات المتطرفة هشام النجار: أنّ أزمة الإخوان الحقيقية وجود مخاوف متبادلة بينهم وبين أردوغان، وهناك محاولات من كل طرف حالياً لتأمين نفسه ضد الآخر للخروج من ارتباطات ومسارات المرحلة السابقة بأقل الخسائر الممكنة.

اقرأ أيضاً: بعد محاولة الابتزاز.. كيف سيرد أردوغان على الإخوان؟

ويضيف النجار: "النظام التركي يحاول خفض دعمه، وفي نفس الوقت لا يقطع العلاقة بالجماعة بشكل جذري نظراً لتشارك المصالح السياسية، أما الجماعة فهي تبحث عن فرصة لإنقاذ نفسها من مصير مجهول، حتى لو كانت أحزاباً أيديولوجية ضعيفة مثل حزب السعادة دون أي مكسب سياسي يذكر؛ فقط لكي تخفف من تأثير سقوطها وانهيار علاقاتها بحزب العدالة والتنمية.

يضيف النجار: لجوء الإخوان للبحث عن ظهير في المجتمع التركي دلالة على سقوط مشروعهم الأيديولوجي، سواء مشروع الخلافة أو البقاء كفاعل سياسي، مشيراً إلى أنّ بيان نائب المرشد يحمل كمّاً من التذلل المهين الذي لم يقبله عناصر الجماعة، والمدهش أنّ البيان حمل تعهد الإخوان بحماية أمن واستقرار تركيا، ونسوا أن يتعهدوا بحماية وطنهم مصر!

بدوره، يرى الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، الدكتور عمرو عبد المنعم، أنّ "الإخوان يتخبطون وفقدوا رشدهم السياسي"، موضحاً في تصريح لـ"حفريات" أنّ "خطوة الإخوان للبحث عن حليف تركي بديل للعدالة والتنمية تنم عن ضعف في القدرات السياسية، وجهل في قراءة المشهد السياسي والتموضع الإخواني في السياسة الإقليمية، فاختيارهم لحزب السعادة ليكون ظهيراً سياسياً أو بداية لتحالف نخب المجتمع التركي غير موفق بتاتاً، فهم بهذا التصرف خسروا اي تعاطف بين قيادات العادلة والتنمية، فالسعادة هو العدو اللدود لأردوغان، وهو حزب ليس له ثقل سياسي كبير، والتحالف معه يعني إعلان حرب على أدروغان بشكل واضح".

بيان إبراهيم منير لإصلاح العلاقة مع السلطات التركية رفضه الكثير من رموز الإخوان واعتبروه إهانة للجماعة وتاريخها

ويتابع: هذا من جهة، أما من جهة أخرى أساساً قيادات حزب السعادة لا ترى الإخوان رهاناً مناسباً، فقد سبق لهذه القيادات أن التقت بقيادات الإخوان في عامي 1997 و1998، وقت أن كانوا في حزب الرفاة المنحل، وخرجوا بانطباع أنّ الجماعة تفتقد الحكمة والحيوية، وأنّهم ليسوا كما يروّجون لأنفسهم، وغير جديرين بالدعم وبالتحالف معهم، لهذا عندما عقدوا الاحتماع مع قيادات الإخوان حرصوا على وضع الأعلام التركية لإطفاء طابع الرسمية على المقابلة، وحضر اللقاء القادة التاريخيون للحزب الذين سبق لهم محاولة التقارب مع الإخوان، ولم يحضر أي من قياداته الشابة".

ويتوقع عبدالمنعم أنّ "ثمة إجراء قوياً سيتخذه رجب طيب أردوغان والحكومة التركية تجاه الإخوان بعد رمضان، فقد تبين له وللجميع غدر وخيانة الإخوان، وأنّهم ليسوا أهلاً للحماية والرعاية".

يذكر أنّ قيادات أمنية تركية استدعت كثيراً من قادة الإخوان، وأجبرتهم على كتابة تعهد بحفظ الأمن والاستقرار في تركيا، وعدم المشاركة في أي فاعلية تخص المجتمع التركي، وألا يلتقوا بأي من القيادات الحزبية والسياسية.

بدورها، أدركت قيادات الجماعة حجم ما ارتكبته، فسارع نائب المرشد الدكتور إبراهيم منير إلى محاولة إصلاح العلاقة مع السلطات التركية، فأصدر بياناً رفضه الكثير من رموز الجماعة معتبرينه إهانة للجماعة ولتاريخها، ولأول مرة يتم الاعتراض على بيان لنائب المرشد بالتهكم عليه، فقد علق عضو مكتب الإرشاد يحيى موسى قائلاً: "هذا بيان تقدّمونه لجمعية إغاثية للحصول على سلات غذائية وكسوة الصيف، أمّا أن تتحدثوا باسم الإخوان، فضلاً عن باقي القوى السياسية، فأنتم كاذبون مدّعون"، وكتب القيادي السلفي المتحالف مع الإخوان أشرف عبدالغفار عبر حسابه على فيسبوك: "إبراهيم منير ومحمود حسين لا يمثلان إلا نفسيهما، أنتما لا تمثلان الإخوان، والجماعة التي أسسها البنا التي ننتمي إليها لا تمتّ لكما بصلة".

وتوالت تعليقات شباب الإخوان، عبر حساباتهم الرسمية، ففريق تعامل مع البيان بعبارات غاضبة، وفريق آخر فضّل السخرية من البيان الذي عكس كيف تتعامل معهم القيادات، على أنّهم قربان يخدم مصالحهم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية