أضافوها أو أزالوها: عبثية رفع الجماعة الإسلامية المصرية من قوائم الإرهاب

أضافوها أو أزالوها: عبثية رفع الجماعة الإسلامية المصرية من قوائم الإرهاب


21/05/2022

"سواء أضافوها أو أزالوها لن يفرق ذلك كثيراً"، هكذا علق خبير في شؤون الجماعات الإسلامية على قرار رفع "الجماعة الإسلامية" في مصر من قائمة المنظمات الإرهابية، لافتاً إلى أنّ الجماعة الإسلامية، "منذ أن أطلقت مبادرة وقف العنف، سنة 1997، ثم تمّ تفعيلها من الدولة سنة 2001، وتم عملياً على الأرض البدء في إخراج الناس عام 2006 لم تمارس أيّة عمليات العنف".

وتستعدّ إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لرفع 5 جماعات من قائمتها السوداء للجماعات الإرهابية الأجنبية، طبقاً لما ذكرته شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية نقلاً عن وثيقة حصلت عليها، أنّه "سيتمّ حذف الجماعات الخمس من القائمة السوداء، بعد أن أخطر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الكونغرس برفعها".

والجماعات هي: حركة "أرض الباسك والحرية" الإسبانية، والمعروفة أيضاً باسم حركة "إيتا"، وطائفة "أوم شينريكيو" اليابانية، وحركة "كاخ" اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة، إضافة إلى "مجلس شورى المجاهدين في محيط القدس"، و"الجماعة الإسلامية" في مصر.

ولا يمثل رفع مجلس شورى المجاهدين من القائمة أيّ ضرر، على اعتبار أنّ المجلس انتهى وجوده الفعلي قبل سنوات، وتفرق المنتمون له بين جماعات أخرى بايع بعضهم داعش في شبه جزيرة سيناء وبايع البقية تنظيم القاعدة، غير أنّ علامات استفهام وضعت أمام إزالة الجماعة الإسلامية في مصر من قوائم الإرهاب، في محاولة لمعرفة آثار القرار وتبعاته.

مسألة اعتيادية

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، ذكر أنّ قرارات وقوائم الجماعات الإرهابية الصادرة عن الإدارة الأمريكية دائماً ما تحدث لها مراجعات كلّ فترة زمنية محددة، لافتاً إلى أنّها مسألة اعتيادية؛ فإما تثبّت تلك الجماعات في القوائم، أو تتركها كما هي، أو تخرجها من القوائم وتضيف أخرى.

ماهر فرغلي: قرارات وقوائم الجماعات الإرهابية الصادرة عن الإدارة الأمريكية دائماً ما تحدث لها مراجعات كلّ فترة زمنية محددة

ويضيف ماهر فرغلي، في تصريح لـ "حفريات": "الفارق هنا، وهو محور السؤال الفعلي، هو نوعية الجماعات نفسها؛ وهنا نتحدث عن مجلس شورى المجاهدين والجماعة الإسلامية، الأول يقصد به أكناف بيت المقدس، وكان المسؤول عنه ممتاز دغمش، الذي اختفى لاحقاً، وهو تنظيم غير موجود بشكل فعلي حالياً. أما الجماعة الإسلامية؛ فهنا نطرح سؤالاً منطقياً، سواء انضمت الجماعة الإسلامية للقائمة أو أزيلت منها؛ هل أثّر ذلك على الجماعة الإسلامية؟ الحقيقة أنّه لم يؤثر، هل هناك تمويل يأتي مثلاً باسم الجماعة الإسلامية؟ حتى إنّ أيّ فرد داخل الجماعة الإسلامية لا يحدّث أنّه عضو بالجماعة، بالتالي، لا تأثير للقرار أصلاً، فهو تأثير، من وجهة نظري، دعائي يريد أن يبيّن أنّ أمريكا تحارب الإرهاب".

الجماعة والعمل السياسي

يشير فرغلي إلى أنّ العمل الذي مارسته الجماعة الإسلامية في مصر بشكل فعلي بعد المراجعات أنّها أسست حزب البناء والتنمية، بعد عام 2011، وبدأت ممارسة دورها السياسي ثم تحالفت مع الإخوان في تحالف دعم الشرعية.

يستدرك فرغلي: "كلّ ما حدث أنّهم تحالفوا مع الإخوان في تحالف دعم الشرعية ثم انفصلوا عنه مؤخراً، ويصدرون بيانات، منذ عام، للمطالبة بالحوار مع الدولة، وقد صرّح القيادي بالجماعة الإسلامية، صفوت عبد الغني، بأنّهم لم يعودوا في تحالف مع الإخوان، بالتالي، الجماعة لا تستحقّ أن توضَع على قوائم الإرهاب؛ فهي الآن مجرد تيار سلفي موجود".

من الجماعات المتوقع رفعها عن قوائم الإرهاب: حركة "إيتا" الإسبانية، وطائفة "أوم شينريكيو" اليابانية، وحركة "كاخ" اليهودية المتطرفة، و"مجلس شورى المجاهدين في محيط القدس"، و"الجماعة الإسلامية" في مصر

يرى فرغلي؛ أنّ الخطأ الإستراتيجي الذي أحدثته الجماعة الإسلامية هو تحالفها مع الإخوان بعد سقوطهم ضمن تحالف دعم الشرعية: "أطلقوا قناة فضائية في تركيا وبعض القياديين سافروا إلى تركيا، ورغم ذلك حدث قبل سنتين فقط غلق حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة في مصر، بحكم قضائي، غير أنّ مقراته ما تزال كما هي، وقيادات الجماعة داخل مصر قدّموا بالفعل مشروع حزب جديداً، وبالبحث سنجد أنّ قادة الجماعة، مثل أسامة حافظ وصلاح هاشم وعلي الديناري، خارج السجن، بل كلّ القيادات خارج السجون".

ويرفض فرغلي احتمالية أنّ هناك أيّة ضغوط جراء القرار على مصر: "في الحقيقة الجماعة الإسلامية جماعة منتهية، والموجودون منهم لا يعدّون على أصابع اليد الواحدة؛ فهم على مستوى الجمهورية في حدود 400 عضو إلى جانب بعض الهاربين خارج مصر".

التوظيف الأمريكي لجماعات العنف

الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، منير أديب، لفت إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع ما تسمى تنظيمات العنف والتطرف والتمرد؛ موضحاً أنّ جماعات العنف هنا تُقصد بها الجماعات الإسلامية، أما التمرد فأنموذج لها منظمات حقوق الإنسان الموجودة في العالم العربي، التي يتم استخدامها بشكل سياسي وتوظيفها من الناحية السياسية.

يوضح منير أديب، في تصريح لـ "حفريات": "نفاجأ أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تضع ما تسمى سواعد مصر (حسم) على قوائم الإرهاب، عام 2021، رغم أنّ هذه الميليشيا مارست العنف في مصر بداية من العام 2014، معنى ذلك؛ أنّ أمريكا وضعتها على قوائم الإرهاب بعد 7 سنوات من الإرهاب".

الباحث ماهر فرغلي لـ"حفريات": الجماعة الإسلامية منتهية، فهم على مستوى مصر في حدود 400 عضو إلى جانب بعض الهاربين، لذا لا تستحق الجماعة أن توضَع على قوائم الإرهاب

يستكمل أديب: "ما حدث مع سواعد مصر (حسم) هو نفسه ما حدث مع الجماعة الإسلامية المسلحة التي مارست العنف في مصر على مدار سنوات طويلة جداً، وفوجئنا بأنّ الولايات المتحدة تضعها على قوائم الإرهاب في وقت مبكر؛ الجماعة الإسلامية أنشأت جناحها العسكري سنة 1987، وهو المسؤول عن اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عام 1981، لكن عندما نسأل متى وضعت الولايات المتحدة الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب؟ أعتقد في التسعينيات، وذلك يؤكّد أنّ الولايات المتحدة توظف هذه الجماعات لصالحها، سواء جماعات العنف والتطرف التي لها أيديولوجية، أو حتى جماعات التمرد، مثل منظمات حقوق الإنسان، والتي من المفترض أنّها حقوق إنسان لا علاقة لها بالسياسة".

منير أديب: الجماعة الإسلامية أنشأت جناحها العسكري سنة 1987، وهو المسؤول عن اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات

يحلّل أديب ذلك الموقف: "المفترض أنّك عندما تدافع عن حقّ الشخص في ألا يتمّ تعذيبه، أو الإضرار به، ألّا ننظر إلى الشكل أو الديانة، لكن فقط أتناول فكرة حقّ الشخص في الحياة، لكن ما يحدث مع منظمات حقوق الإنسان أنّه يتمّ توظيفها سياسياً".

أدوات الضغط السياسي

يشير أديب إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لا تتعامل مع الجماعات الإسلامية المسلحة أو منظمات حقوق الإنسان إلا من خلفية سياسية، وتلك الخلفية قد تفرض عليها غضّ البصر عن وجود هذه التنظيمات أو تلك الجماعات.

ويعتقد أديب؛ أنّ الولايات المتحدة الأمريكية في المرحلة المقبلة في حاجة إلى أدوات ضغط في المنطقة العربية: "ربما تكون تلك الأدوات متضمنة حركة الإخوان المسلمين، وقد استخدمتها أمريكا على مدار سنوات طويلة، وأبرزها حدث خلال العقد الأخير، بعد العام 2011، وهو ما ظهر من رغبة الولايات المتحدة الأمريكية أن تصل جماعة الإخوان إلى حكم مصر؛ لأنّهم قدموا لها ما كانت تريده في منطقة الشرق الأوسط".

وينوّه أديب إلى أنّ واشنطن ترجع إلى الجماعات الأيديولوجية الصغيرة التي لن تستطيع أن تصل إلى الحكم إلا من خلالها فتبدأ بدعمها:" هذه الجماعات تفهم وتدرك أنّ أمريكا لديها مصالح، وذلك ما دفع خيرت الشاطر، عام 2011، بعد إقرار مكتب الإرشاد بعدم الترشح للرئاسة للدعوة إلى عقد مكتب الإرشاد مرة أخرى، وطلب التصويت مرة ثانية وقام بتوجيه الأصوات بضرورة أن يتم الترشح على مقعد رئيس الجمهورية، وتحدّث إلى أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان على أنّ تلك فرصة يجب أن ينتهزها الإخوان، والنقطة الأهم التي طرحها؛ أنّهم نسّقوا مع الولايات الأمريكية التي عبّرت للجماعة عن رغبتها في وصول الإخوان للحكم".

وبحسب تقدير أديب، تستخدم كلّ جماعات العنف والتطرف والتمرد حتى الآن: "والإخوان ليسوا بعيدين عن هذا الاستخدام، إلى جانب وجود تحوّلات في العالم، فهناك صراع أصبح أكثر قوة ووضوحاً بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، كان الصراع سياسياً خافتاً، لكنّه أصبح الآن أكثر وضوحاً".

مواضيع ذات صلة:

رفع 5 جماعات من قوائم الإرهاب الأمريكية... هل تعد واشنطن سيناريو جديداً للمنطقة؟

ماذا يعني وضع الإخوان مجدداً على قوائم الإرهاب؟

مطالبات أوروبية بإدراج الحوثيين على قوائم الإرهاب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية