أفغانستان.. ملامح مرحلة جديدة

أفغانستان.. ملامح مرحلة جديدة


06/09/2021

عبدالله محمد الشيبة

لا يزال العالم يترقب ما ستقوم به حركة «طالبان» التي سيطرت على العاصمة الأفغانية كابول، في الظهور الثاني لها على الساحة السياسية بعد أن قامت الولايات المتحدة الأميركية بإزاحتها عن سدة الحكم هناك في المرة الأولى قبل عشرين عاماً، وتحديداً عام 2001. وقد يظن البعض أن الأوضاع قد تبدلت خلال العقدين الماضيين، وأن أفغانستان حالياً تختلف عما كانت عليه حينذاك. ففي عام 1996، استطاعت «طالبان» أن تسيطر على أفغانستان، مقسمة ومدمرة اقتصادياً، ويعاني شعبها الأمرين نتيجة الغزو «السوفييتي» والحرب الأهلية، وذلك بعد مقاومة لا تذكر من الجيش الحكومي، وتعلن قيام «إمارة أفغانستان الإسلامية». 
ومؤخراً، وبعد عقدين من إنهاء الولايات المتحدة الأميركية حكم «طالبان» لأفغانستان، أعلنت واشنطن بدء سحب قواتها من هناك منذ مايو الماضي، على أن ينتهي كامل التواجد الأميركي هناك بحلول الحادي عشر من شهر سبتمبر الجاري، ولكن الأمور تطورت بشكل متسارع لتُحكم «طالبان» قبضتها على كامل الأراضي الأفغانية وتدخل «كابول» بعد خروج الجيش الحكومي دون أي مقاومة أيضاً، وتسيطر الأمور، ليبدأ «سيناريو» مرحلة جديدة في أفغانستان لم أتوقعها عندما استعرضت قبل فترة سيناريوهات الوضع الأفغاني بعد الانسحاب الأميركي. فقد استعرضت وقتها خمسة سيناريوهات، الأول: استمرار الحوار الوطني الداخلي بين الحكومة الشرعية في كابول وبين حركة «طالبان» على مستقبل الحكم هناك، وإمكانية تقاسم السلطة بينهما، والثاني: استمرار الشقاق السياسي بين الحكومة الشرعية وحركة «طالبان» مما يعني استمرار الهجمات العسكرية للحركة على القوات الحكومية الأفغانية في الأقاليم التي ما زالت تحت سيطرة كابول.
والثالث: إعلان «طالبان» انفصال الأقاليم التي تسيطر عليها وإعلان الحكم الذاتي فيها، والرابع: استغلال تنظيم «القاعدة» حالة الفراغ التي ستحدث في أفغانستان نتيجة الانسحاب العسكري الأميركي ومحاولته السيطرة على أجزاء من البلاد، والخامس: استغلال روسيا للأوضاع الفوضوية في أفغانستان ونشر نفوذها هناك.
ولكن ما حدث يخالف كل ما سبق، إذ استطاعت الحركة السيطرة على الحكم في زمن قياسي، إذ كانت هناك توقعات أميركية بحدوث ذلك بعد عام من الانسحاب الأميركي وليس بعد 11 يوماً، في وقت أعلن فيه قادتها أنهم لن يسمحوا بأن تكون أفغانستان ملاذاً آمناً للإرهاب، ووعدوا باحترام حقوق المرأة وفق الشريعة الإسلامية، وبأنه لن يتم التعامل مع أحد بالانتقام، بل ستعفو الحركة عن الجميع لصالح الاستقرار والسلام في أفغانستان، كما تعهدت الحركة باحترام دور الصحافة وباستمرار الإعلام الحر المستقل.
وهنا يتضح الفارق بين المرحلتين من حكم «طالبان» لأفغانستان بتغير فكر قادتها ونظرتهم البراجماتية للعالم الخارجي في ظل حاجتهم للاعتراف الدولي وتهدئة الأوضاع الداخلية. ولكن ما زال الوقت مبكراً على القول بأن الأمور تتجه نحو استقرار دائم، إذ ينتظر المجتمع الدولي أفعالاً تطمئنه على استقرار الساحة الأفغانية، والأهم من ذلك أن الشعب الأفغاني يتطلع إلى الأمن والأمان والاستقرار بعد عقود من الحروب الأهلية والتدخل العسكري الأجنبي استمرت منذ 1979 حتى الآن. 

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية