أفغان يبيعون فتياتهم بعد توقف المساعدات الدولية... تفاصيل

أفغان يبيعون فتياتهم بعد توقف المساعدات الدولية... تفاصيل


02/11/2021

تتزايد قتامة الأوضاع في أفغانستان، وتدفع الثمن الأسر الفقيرة، وخصوصاً الفتيات اللاتي يتعرّضن للبيع تحت مُسمى الزواج لرجال يكبروهن بعقود.

وقد سيطرت حركة طالبان على أفغانستان في آب (أغسطس) الماضي، ومن وقتها قطعت الدول مساعداتها إلى أفغانستان.

ونشرت شبكة "سي إن إن" شهادات مؤلمة لعائلات أفغانية اضطرت لبيع فتياتها الصغيرات لرجال طاعنين في السن، مقابل الحصول على أموال قليلة تكفي لسد رمق بقية الأطفال، بحسب ما نقله موقع الحرة.

ومن ضمن ضحايا هذه الظاهرة، الطفلة باروانا عبد الملك، 9 أعوام، التي كانت تقضي أوقاتها في لعب القفز بالحبال مع صديقتها، بالقرب من منزل أهلها الطيني المتواضع.

واختفت الابتسامة من على وجهها عندما علمت أنّ والدها سوف يبيعها لرجل غريب يزيد عمره عن 55 عاماً، وتقول عنه: "هو عجوز بحاجبين أبيضين، ولحية كثيفة طغى عليها الشيب"، مضيفة: "أخشى أن يضربني وأن يجبرني على تحمل الأعباء المنزلية".

 أب يزعم أنه اضطر لبيع طفلتين 4 و9 أعوام، يقول: أنا ليس لديّ عمل مثل معظم سكان مخيم النازحين الذي أقطن فيه

وفي المقابل، يؤكد والداها أنّه لا خيار آخر أمامهما، فعلى مدار 4 أعوام قطنت الأسرة في مخيم للنازحين في مقاطعة بادغيس الشمالية الغربية، حيث تعيش الأسرة على المساعدات الإنسانية وأداء بعض الأعمال التي تدرّ على أفرادها مبالغ زهيدة.

ويقول الأب عبد الملك: إنّ الأمور زادت سوءاً، وأضحت تكاليف الحياة غالية جداً عقب سيطرة حركة طالبان على السلطة في 14 آب (أغسطس) الماضي، وتوقف المساعدات الدولية وانهيار الاقتصاد في البلاد.

ولفت الأب اليائس إلى أنه لم يعد قادراً على تأمين أدنى احتياجات عائلته من الغذاء، مشيراً إلى أنه سبق أن باع ابنة له تبلغ من العمر 12 عاماً قبل بضعة أشهر.

وباروانا هي واحدة من العديد من الفتيات الأفغانيات اللواتي يتم بيعهن تحت مُسمى الزواج، وذلك مع تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، واقتراب قدوم فصل الشتاء المعروف بقساوته في أفغانستان.

وقبل بيع ابنته في 24 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، كان عبد الملك، كما يقول، لا يستطيع النوم ليلاً، وهو يشعر بالذنب والألم والعار لأنه مضطر لإعطاء فلذة كبده إلى رجل غريب بلغ من العمر عتياً، وأردف: "سافرت إلى عاصمة المقاطعة بحثاً عن عمل دون جدوى، ولجأت إلى الاقتراض من الأقارب والمعارف، ولجأت زوجتي إلى تسول الطعام من سكان المخيم، ولكن في النهاية لم يكن أمامنا سوى هذا الحل المر، حتى أتمكن من إطعام بقية أفراد أسرتي، فأنا لديّ 8 أطفال".

واعترف بأنّ ما سوف يحصل عليه من أموال ستكفيه لبضعة أشهر فقط، قبل أن يبحث عن حل آخر.

مسؤولة أممية حذرت من أنه كلما طالت مدة بقاء أفغانستان دون مساعدات إنسانية وغذائية، زاد احتمال تعرّض الفتيات الصغيرات للبيع

وكانت باروانا تأمل حتى آخر لحظة في أن تثني والدها عن عزمه بشأن بيعها، لافتة في حديثها إلى شبكة "سي إن إن" أنها كانت تحلم بأن تواصل دراستها لتصبح معلمة، إلّا أنّ توسلاتها وبكاءها لم يجديا نفعاً.

وعندما وصل المشتري الذي يُدعى قربان، قال إنه اشترى تلك الطفلة مقابل 200 ألف أفغاني (حوالي 2200 دولار)، رافضاً أن يُسمي ما حدث بأنه زواج، مؤكداً أنّ لديه زوجة سوف تعتني بباروانا وتعاملها كأنها واحدة من أطفالهما.

وزاد: "والدها فقير للغاية ويحتاج إلى نقود، وأنا اشتريتها بثمن بخس... سوف تعمل في منزلي، ولكني لن أضربها أو أسيء معاملتها، سأكون رقيقاً وطيباً معها كأنها أحد أطفالي". 

وخلال سحب الطفلة من يدها، بينما قدماها تتشبثان بأرض المنزل الترابية، قال عبد الملك لقربان وعيناه تجهشان بالدموع: "أرجوك، إنها زوجتك الآن، وهي تحت جناحك... اعتنِ بها، ولا تضربها". 

وعقب ذلك المشهد المحزن سارع قربان إلى دفع "عروسه" داخل سيارته لينطلق بها مسرعاً مخلفاً وراءه عاصفة من الغبار، وبكاء أسرة فقيرة لا حول لها ولا قوة.

وفي قصة مشابهة أخرى، في إقليم غور، يزعم أب آخر أنه اضطر لبيع طفلتين تبلغان من العمر 4 و9 أعوام، ويقول: "أنا ليس لديّ عمل مثل معظم سكان مخيم النازحين الذي أقطن فيه، ولكنّ وضعي أصعب، لأنني أعاني من إعاقة جسدية".

وأوضح الأب أنه سوف يبيع كل طفلة مقابل 100 ألف أفغاني (حوالي 1100 دولار) لكل منهما، وقالت الصغيرة التي تبلغ 4 أعوام إنها تعلم سبب إقدام والدها على فعلته، "فنحن أسرة فقيرة، وليس لدينا طعام نأكله".

من جهتها، قالت الأخت الأخرى، ذات الـ9 أعوام، وتدعى ماغول، إنها تفكر في قتل نفسها إذا تمّ إجبارها على الارتباط برجل أكبر منها، وتزيد بحسرة: "لا أريد مفارقة أبي... أتمنى أن أبقى في أحضان أسرتي".

وأمّا جدتهما رخشانة، فقد قالت وهي تجهش في نوبة بكاء حار: لو كان لدينا ما يسد رمقنا، أو وجدنا من يساعدنا، ما كنا لنبيع بناتنا، ولكن ما باليد حيلة".

وفي السياق نفسه، عبّر العديد من العائلات والخبراء عن إحباطهم من نقص المساعدات خلال أسوأ الأوقات في البلاد.

وأكدت إيزابيل موسارد كارلسن، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أنّ "عمال الإغاثة الإنسانية ما زالوا على رأس عملهم، ويقدّمون الإغاثة والدعم للمستشفيات، لكنّ هذا ليس كافياً".

وأقرّت كارلسن بضرورة إقدام قادة العالم على محاسبة طالبان بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، ولكنها حذّرت من أنه كلما طالت مدة بقاء أفغانستان دون مساعدات إنسانية وغذائية، زاد عدد الأسر التي تواجه الموت جوعاً، وزاد احتمال تعرّض الفتيات الصغيرات للبيع.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية