أوروبا تعزز استراتيجياتها الشاملة لمكافحة الإرهاب.. ما علاقة الإخوان؟

أوروبا تعزز استراتيجياتها الشاملة لمكافحة الإرهاب.. ما علاقة الإخوان؟


26/05/2021

عززت الدول الأوروبية منذ منتصف العام ٢٠٢٠ استراتيجياتها لمكافحة الإرهاب والتطرف بمزيد من الإجراءات والتشريعات، التي استهدفت الجماعات المتطرفة والتنظيمات المؤدلجة على أراضيها، وذلك في أعقاب موجة عنيفة من العمليات الإرهابية شهدتها عدة عواصم أوروبية، كان أبرزها حوادث باريس وفيينا.

ويرى مراقبون أنّ الدول الأوروبية ستشهد مزيداً من الإجراءات لمواجهة الإرهاب خلال الشهور المقبلة، بعد فرض قيود على المؤسسات الإسلامية والدعوية "المتطرفة"، وكذلك المساجد ووضع النشاطات المشبوهة للدعاة المنتمين لتيارات الإرهاب تحت مراقبة صارمة فضلاً عن مصادرة التمويلات الواردة إلى تلك المؤسسات من الخارج، والتي طالما استخدمت في دعم وتمويل نشاط متطرف باستغلال غطاء العمل الخيري والدعوي.

يرى مراقبون أن الدول الأوروبية ستشهد مزيداً من الإجراءات لمواجهة الإرهاب خلال الشهور المقبلة

وفي 30 نيسان (أبريل) الماضي، صنفت ألمانيا حزب الله اللبناني بجناحيه؛ السياسي والعسكري، "منظمة إرهابية" وحظرت أنشطته، وشنت حملة أمنية في عدد من المدن ضد أنشطة الحزب ومنظمات ومساجد يعتقد أنّ لها صلات بالحزب، في خطوة وصفها مراقبون بأنّها بداية لسلسلة إجراءات أوروبية تستهدف منظمات وجماعات أخرى. 

خطوات أكثر صرامة

يقول مدير تحرير مؤسسة ليفانت اللندنية، شيار خليل إنّ "التنظيمات المتطرفة استغلت مساحة الحرية في الدول الأوروبية لتكوين خلايا ومؤسسات وتحقيق انتشار واسع خاصة بين أبناء الجاليات العربية والإسلامية، كما اعتمدت على الشعارات الدينية والمظلومية، واللعب على مشاعر الاغتراب والعزلة لدى البعض لنشر أفكار متطرفة، ما جعلها تنمو وتنتشر في تلك المجتمعات مثل السرطان الخبيث".

وأوضح خليل في تصريحه لـ"حفريات" أنّ "الدول الأوروبية تنبهت مؤخراً لخطر تلك التنظيمات خاصة بعد الهجمات التي شهدتها بعض الدول خلال الأعوام الماضية، وثبوت تورط عناصر متطرفة بها، ولذلك شرعت في اتخاذ إجراءات صارمة وتعدل قوانينها للتعامل مع الفكر المتطرف وملاحقته، خاصة أنّ معظم التنظيمات تعمل في داخل أوروبا تحت ستار العمل الخيري والإنساني وتتخفى في مؤسسات يصعب فصلها عنها أو تصنيفها بسهولة، أو اتخاذ أي إجراءات معها، وهو ما دفع الدول الأوروبية لتعديل بعض القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: ملاذ جديد في البلقان وتجنيد في اليمن واستغلال للنفوذ في ماليزيا

ويشير خليل إلى الهجوم الإرهابي الذي شهدته فيينا أواخر العام الماضي، "باعتباره نقطة تحول مركزية في التعاطي الأوروبي مع ظاهرة الإسلام السياسي، وإلى أنّه أسهم بشكل كبير في تسريع الخطوات الأوروبية بعد أن أكدت نتائج التحقيقات تورط عناصر منتمية لتنظيم الإخوان الإرهابي وجماعات أخرى في تنفيذ الحادث الدموي".

ويتوقع خليل أن تعلن الدول الأوروبية خلال الأيام المقبلة عدة إجراءات جديدة في مكافحة الإرهاب والتطرف وقد تفرض قيوداً على نشاط بعض المؤسسات، وكذلك ربما تضع أشخاصاً جدداً قيد المراقبة الأمنية.

تعاون أوروبي في استراتيجة موحدة

وفي أعقاب الهجمات التي وقعت في باريس ودرسدن وكونفلانس سانت أونوريين ونيس وفيينا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، اتفق وزراء داخلية الاتحاد على مواصلة تعزيز جهودهم المشتركة لمكافحة الإرهاب.

اقرأ أيضاً: "الإخوان" بين مظلوميّة الدّماء والمتاجرة بها

ووفقاً لدراسة أعدها مركز سما للدراسات، أسفرت الإرادة السياسية المشتركة عن توصل المجلس الأوروبي إلى لائحةٍ جديدة بعد شهرٍ واحد. وأوضحت الدراسة أنّه في السنواتِ الأخيرة، ركَّزت استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، على تعزيز تبادل المعلومات، وعمليات التفتيش على الحدود الخارجية، منع التطرف عبر الإنترنت، تجريم تمويل الإرهاب، وتعزيز التعاون مع الدول غير الأعضاء.

وفقاً لتقرير الاتحاد الأوروبي بشأن حالة واتجاهات الإرهاب للعام 2020، لعبت شبكات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، دوراً محورياً في التخطيط والتنفيذ للهجمات الإرهابية التي وقعت في السنوات القليلة الماضية.

الإخوان قلب التطرف

تقول دراسة للمركز الأوروبي للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، إنّ "الأجهزة الأمنية الألمانية عملت على  تكثيف عملياتها خلال الفترة الماضية لتتبع عناصر تنظيم الإخوان ومراقبة نشاطهم ومداهمتهم في أماكن تجمعهم، وكذلك حظر أي نشاط لهم"، لافتاً إلى أنّ التعديلات التي جرت على قانون الشرطة الألمانية مؤخراً سمحت للأجهزة الأمنية بمساحة أكبر للتحرك وملاحقة هذه العناصر، كما وضعت جميع المشتبه بهم تحت رقابة مشددة لتتبع مصادر تمويلهم ومنع وصولها للبلاد.

شيار خليل: التنظيمات المتطرفة استغلت مساحة الحرية في الدول الأوروبية لتكوين خلايا ومؤسسات وتحقيق انتشار واسع

وتؤكد الدراسة المنشورة تحت عنوان: "الاستخبارات الألمانية.. تعزيز القدرات لمكافحة الإرهاب والتطرف"، أنّ ذلك يتزامن ذلك مع حملات سياسية وقانونية لوضع الإخوان في قائمة التنظيمات المتطرفة، حيث تدرس عدة أحزاب سياسية آليات المساءلة القانونية لإيقاف التمويلات الواردة للجمعيات والمؤسسات التي تعمل الجماعة من خلالها.  

ويضيف معد الدراسة الباحث في الإرهاب والأمن في الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية ألكسندر ريتزمان: "ناقش قادة الاتحاد الأوروبي، في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، أفكاراً وآراء حول كيفية محاربة الإرهاب، وتطوير مستوى التعاون بينهم، على اعتبار أنّ مكافحة الإرهاب عملية صعبة في أوروبا مع غياب الثقة والتعاون الوثيق بين الأجهزة.

ويرى الباحث أنّه من الممكن للدول الأوروبية اعتماد النظام المعتمد بين الأجهزة في ألمانيا نموذجاً، حيث الولايات بمثابة اتحاد أوروبي مصغر بحكم الهيكل الفيدرالي الموجود. ولفت إلى أنّ لدى الولايات والحكومة الاتحادية مكاتب تحقيق جنائية وهيئات استخباراتية خاصة بها، وهي تعمل بشكل مشترك ضد الإرهاب، وفق مبدأ بسيط، في قاعدة بيانات مشتركة لمكافحة الإرهاب، ويمكن للسلطات أن تبحث ما إذا كانت المعلومات ذات الصلة متوفرة في مكان آخر، أي لدى وكالة أمنية أخرى".

كيف يمكن مواجهة التمويل في استراتيجية الحرب؟

ووفق دراسة أخرى، للمركز نفسه، تحت عنوان: "مكافحة الإرهاب.. كيف تمول الجماعات المتطرفة أنشطتها من داخل أوروبا؟، "تمتلك التنظيمات والجماعات المتطرفة العديد من الخلايا والشبكات السرية  داخل دول  أوروبا لتمويل العمليات والمخططات الإرهابية. وتعتمد تلك التنظيمات على عدة وسائل للإفلات من مراقبة الأجهزة الأمنية الأوروبية. وتتنوع تلك الوسائل من شركات وهمية ومصرفية وتحويلات المالية سرية وجمع تبرعات مالية وغيرها".

ركَّزت استراتيجية الاتحاد الأوروبي على تعزيز تبادل المعلومات وعمليات التفتيش على الحدود الخارجية ومنع التطرف عبر الإنترنت

وتتابع: "يمثل تمويل الإرهاب تحدياً متزايداً للدول الأوروبية حيث تتفنن التنظيمات والجماعات الإرهابية في توفير الموارد المالية لها لتمويل أنشطتها. إما من خلال غسيل الأموال أو استخدام المنظمات غير الربحية والتحويلات المصرفية والاتجار بالمواد المخدرة وغيرها. وتعكس التحذيرات المستمرة من الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء الاهتمام المتزايد من الاتحاد بمكافحة تمويل الإرهاب".

اقرأ أيضاً: "الإخوان" المهزومة... أوهام الفترة الذهبية

وتلفت الدراسة إلى أنّه: "بدأت تعتمد استراتيجيات الدول الأوروبية في مكافحة تمويل الإرهاب والتطرف على آليات شمولية وحازمة وانتزعت عنصر المبادرة من الجماعات والتنظيمات المتطرفة، من خلال تعقب وتفكيك الشبكات والخلايا السرية التي توفر الموارد المالية وتمثل حلقة وصل مع التنظيمات الإرهابية داخل وخارج أوروبا، وساهمت الاستراتيجيات التي اعتمدتها الدول الأوروبية في تكوين فهم عن تمويل اعتداءات سابقة، ساهمت في منع وقوع اعتداءات إرهابية أخرى مستقبلية. وأصبحت دول أوروبا ساحة نظيفة نسبياً من العمليات الإرهابية. بالرغم أن مستوى التهديدات الإرهابية مازال مرتفعاً وقائماً في العديد من الدول الأوروبية كفرنسا".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية