أول صدام بين الرئيس التونسي و"النهضة" بعد عودته من القاهرة... ما القصة؟

أول صدام بين الرئيس التونسي و"النهضة" بعد عودته من القاهرة... ما القصة؟


14/04/2021

غداة عودة الرئيس التونسي قيس سعيد من زيارة استمرت لمدة 3 أيام إلى القاهرة، وجّه رسالة تهنئة للتونسيين بحلول شهر رمضان، وهاجم تيار الإسلام السياسي، معتبراً أنه يُعدّ نقيض ما أراده الله من الدين والإسلام، وأنه يسعى إلى التفرقة.

وعلى الرغم من أنّ الخلاف بين سعيد والنهضة قديم وممتد بحلقات عدة منذ وصوله إلى الرئاسة، غير أنّ تصريحه الأخير اكتسب بُعداً خاصاً في ظل التجربة المصرية التي استطاعت تقويض جماعة الإخوان المسلمين بعد عام واحد من وصولهم إلى الحكم.

اقرأ أيضاً: أزمة المحكمة الدستورية في تونس.. ومحاولات حركة النهضة إخراج الرئيس من الحلبة

واستغلت حركة النهضة الزيارة للهجوم على سعيد، واتهامه بالرغبة في "عسكرة تونس"، أو الانقضاض على الثورة وأهدافها، وقد ردّ الرئيس التونسي على ذلك الهجوم عملياً، مستخدماً الأسلوب الدعوي ذاته الذي تستند إليه الجماعة عادة في محاولة التأثير والتعاطف.

من مسجد الزيتونة في العاصمة، وقف الرئيس التونسي متوسطاً شيخين، وملقياً خطبة قصيرة عن مقاصد شهر رمضان وحكمته في جهاد النفس، ثم خلال جولة داخل المسجد، تطرّق الرئيس إلى التفرقة بين "الإسلام" و"الإسلاميين".

قال سعيد، بحسب مقطع فيديو بثته الصفحة الرئيسية للرئاسة التونسية على فيسبوك: إنّ الله توجّه إلى المسلمين والمؤمنين وليس إلى الإسلاميين، والنبي إبراهيم كان مسلماً، ولم يكن إسلامياً.

تعكس الكلمة استمرار الرئيس التونسي في مواجهته مع حركة النهضة، كما أنها تسلب الحركة إحدى أوراقها في التشكيك في إيمان معارضيها أو نقل المعركة من السياسة إلى الدين

وتابع:  نحن مسلمون، والحمد لله على نعمة الإسلام، ولسنا إسلاميين، مضيفاً: هذا الفرق وهذه المناورة الكبرى التي يقصد منها تفريق المجتمع، لم تكن القضية قضية إسلام وغير إسلام.

وانتقد الرئيس التونسي أيضاً استغلال بعض القوى السياسية لشهر رمضان من أجل تحقيق مكاسب، قائلاً: "حفظنا الله من كورونا، ومن الأوبئة السياسية".

وتعكس تلك الكلمة استمرار الرئيس التونسي في مواجهته مع حركة النهضة، وهي تسلب الحركة إحدى أوراقها في التشكيك في إيمان معارضيها، أو نقل المعركة من السياسة إلى الدين، للتأثير على البسطاء.

فمظهر الرئيس المفوّه الذي طالما كان يستند إلى الشعبوية، من داخل أحد أكبر المساجد في تونس، متحدثاً عن أمنيته في أن يلفظ الشهادة قبل الوفاة، ومرحباً بشهر رمضان ومتحدثاً كإمام عن حكمة الصيام، وإن كان قد يزعج العلمانيين والقوى المدنية التي تؤكد على ضرورة فصل الديني عن السياسي، غير أنه يمثل نهجاً ناجعاً في التأثير على الجماهير، خصوصاً حين تكون المواجهة مع الإسلاميين، كما سبق أن حدث في التجربة المصرية.

اقرأ أيضاً: قيس سعيد يعمق العلاقات مع مصر بزيارة لمدة 3 أيام... ما علاقة النهضة؟

وكان الرئيسان، المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي قيس سعيد، قد أكدا على التعاون من أجل مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة كافة، وقرّرا تكثيف التعاون الثقافي بين البلدين، كوسيلة لتجفيف منابع التطرف، وقد غرّد منتمون إلى حركة النهضة قلقين من أن يكون سعيد قد أحضر من مصر خطة أو وصفة أمنية واستخباراتية لتقويض الإسلاميين.   

قيادي في النهضة مهاجماً سعيد: رئيسنا المغوار يصرّ على إشاعة أجواء الكراهية والحقد، ومحاولة السطو على الدين بعد السطو على الدستور

وكان سعيّد قد وجّه انتقادات قوية ومعلنة للغنوشي الأسبوع الماضي، خلال مشاركته في موكب إحياء الذكرى الـ83 لعيد الشهداء بالعاصمة تونس، بحسب ما أورده "مرصد مينا".

وقال سعيد: تونس على فراش المرض والطبيب يتوجه للصيدلية ليحضر لها الدواء، أمّا الدواء، فهو برلمان وطني محترم ووزارة كاملة مسؤولة.

ورفض المصادقة على قانون المحكمة الدستورية، بعد أيام من تعديلات أجراها البرلمان على القانون، تشمل تخفيض الغالبية المطلوبة لانتخاب أعضائها من 145 إلى 131 نائباً، وهو تعديل فرضته الأغلبية بقيادة حركة النهضة.

في غضون ذلك، هاجم القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام، في تدوينة على صفحته الرسمية على فيسبوك، خطاب سعيد.

وقال عبد السلام، بحسب ما أورده موقع نسمة: كلّ رؤساء الدول الإسلامية بادروا بتهنئة شعوبهم بدخول شهر رمضان المعظم، وبثوا رسائل البهجة والتفاؤل والدعوة للتحابب وصفاء القلوب، إلا رئيسنا المغوار، يصرّ على إشاعة أجواء الكراهية والحقد، ومحاولة السطو على الدين بعد السطو على الدستور.

اقرأ أيضاً: الرئيس التونسي يخوض حرباً جديدة مع حركة النهضة

وأضاف عبد السلام:  إنّ ''الرئيس الزاهد المتعفف المتعبد في محراب الغرف المظلمة والدهاليز الموحشة يعود مجدداً لمعزوفة بن علي المشروخة التي أوردته موارد الهلاك".

واعتبر عبد السلام أنّ السلطة ابتلاء، والثرثرة والسبّ والشتيمة في فاتحة شهر الصيام وفِي جامع الزيتونة المعمور، هي أكثر ابتلاء، وفقدان الرشد والصواب هما الابتلاء الأعظم والأشد الذي لا يعوّض بمال ولا سلطة ولا جاه.

وكان عبد السلام سبق أن هاجم الرئيس التونسي عقب زيارته إلى القاهرة، وقال في تدوينة عبر فيسبوك: "مشكلة قيس سعيد أنه يتحين الفرص لنقل صراعات الحكم التي يخوضها من الداخل إلى الخارج، مثلما فعل مع السفراء الذين جلس معهم في قصر قرطاج ليقحمهم في صراعاته السياسية العبثية".

وأضاف: "وهو يبحث اليوم عن الاندراج في مظلة إقليمية معادية للديمقراطية ولثورات الشعوب ولروح التحرر في المنطقة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية