أياد تركية وراء الارتباك العسكري والسياسي للحكومة اليمنية

أياد تركية وراء الارتباك العسكري والسياسي للحكومة اليمنية


10/03/2020

اعتبرت مصادر سياسية يمنية أن حالة الارتباك في صفوف “الشرعية” اليمنية، والاختلال في إدارة الملف السياسي والعسكري إحدى نتائج الدور التركي المتصاعد في الملف اليمني، والتأثير السلبي لأنقرة على تيار تركيا في جماعة إخوان اليمن.

وقالت المصادر إن التيار الموالي لأنقرة أسهم في تشتيت قائمة الأولويات لدى الحكومة الشرعية وتسبب في تأجيج الخلافات الداخلية في معسكر المناوئين للانقلاب الحوثي.

وحصلت “العرب” على معلومات مؤكدة عن صدور توجيهات لعدد من القيادات السياسية اليمنية المحسوبة على جماعة الإخوان بإشهار ورقة التقارب مع الحوثيين، بهدف ابتزاز التحالف العربي، ومحاصرة أي محاولات للضغط باتجاه معالجة الاختلالات في مؤسسات الشرعية التي تعاني من تغول جماعة الإخوان وسيطرة تيار تركيا – قطر.

ورصدت “العرب” في تقارير سابقة مؤشرات تزايد النشاط التركي في اليمن من خلال تدفق عملاء الاستخبارات التركية، عبر منافذ محافظة المهرة (أقصى شرق اليمن) تحت غطاء هيئة الإغاثة الإنسانية، إلى بعض المحافظات اليمنية المحررة، وتأجيج الخطاب السياسي والإعلامي المعادي للتحالف العربي بقيادة السعودية من خلال قنوات إعلامية تبث من مدينة إسطنبول التركية التي تحولت إلى وجهة مفضلة لدى الكثير من القيادات السياسية والإعلامية اليمنية المنتمية إلى حزب الإصلاح.

ويشير العديد من المراقبين إلى أن التقارب التركي – الإيراني انعكس بشكل ملفت على مجريات الأحداث في الملف اليمني، حيث تصاعد الخطاب المعادي للتحالف العربي من داخل “الشرعية” في الآونة الأخيرة.

وبرزت العديد من الدعوات إلى تشكيل تحالف جديد في اليمن لمواجهة دول التحالف العربي، ومكونات يمنية أخرى لا تدين بالولاء لجماعة الإخوان، مثل المجلس الانتقالي والمقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح، والتيارات السياسية الأخرى مثل حزب المؤتمر المناهض للحوثي والناصريين.

ووفرت أنقرة ملاذا آمنا للكثير من رموز التشدد من إخوان اليمن والمطلوبين أمنيا على خلفية قضايا سياسية، مثل منفذي تفجير مسجد دار الرئاسة الذي استهدف الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأركان حكمه في عام 2011، إضافة إلى استقبال شخصيات مدرجة على قوائم الإرهاب الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية، وبعض القيادات اليمنية المثيرة للجدل على خلفية علاقتها بجبهة النصرة والجماعات المسلحة في سوريا.

وتحولت تركيا إلى وجهة مفضلة للقنوات الإعلامية الممولة من قطر لإرباك المشهد اليمني واستهداف دول التحالف العربي؛ إذ تبث عدّة قنوات إخوانية، ممولة من الدوحة، من مدينة إسطنبول مثل بلقيس ويمن شباب والمهرية.

ويرى الصحافي والباحث السياسي اليمني سياف الغرباني أن التطورات التي شهدها اليمن في الفترة الأخيرة كشفت بجلاء حقيقة الارتباط الوثيق لحزب الإصلاح، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، بالأجندة التركية المنفتحة على طموحات توسعية من حقبة الاحتلال العثماني للبلاد.

واعتبر الغرباني في تصريح لـ”لعرب” أن حزب الإصلاح الإسلامي ظل يناور خلال السنوات الماضية لإخفاء تحركات الأزقة الخلفية، على جبهة المشروع التركي، مضيفا “لكن أنقرة تبدو الآن أكثر من أي وقت مضى تتدحرج في اليمن على حبل الإخوان”.

وأشار إلى أن تركيا باتت تعتمد على حزب الإصلاح، وبموازاة ذلك تستقطب شخصيات سياسية موجودة في الحكومة اليمنية الشرعية، كي توفر منصة “شرعية” لحضورها في مضمار اليمن كندّ لدول التحالف العربي، وخاصة السعودية والإمارات.

وأضاف “تركيا تبحث جاهدة عن نفوذ أو موطئ قدم، على الضفة الشرقية للبحر الأحمر وباب المندب على المدى البعيد، حتى وإن كان ذلك بالوكالة، وبالتالي تراهن على جواد ‘الإخوان’ وتمولهم لتحقيق هذه الرغبة تدريجيّا”.

وسبق أن كشفت “العرب” عن استقبال أنقرة لقيادات حوثية في أعقاب التقارب مع طهران، كما سمحت السلطات التركية لأول مرة قبل عام تقريبا بتنظيم مظاهرات مؤيدة للحوثيين في عدد من المدن التركية، في مؤشر على التحول الهائل في مواقف أنقرة التي كانت تعلن رسميا عن دعمها للحكومة اليمنية.

وشهدت مدينة إسطنبول خلال الأيام الماضية ندوة سياسية نظمتها الناشطة اليمنية الموالية لقطر توكل كرمان، تحت عنوان “يمن ما بعد الحرب”؛ وهي فعالية، وفقا لمراقبين، تعزز الفكرة التي يروج لها الإعلام القطري والتركي حول انتهاء الحرب في اليمن لصالح الميليشيات الحوثية وضرورة التوصل إلى اتفاق سياسي على قاعدة العداء للتحالف العربي بقيادة السعودية.

وأثارت زيارة قام بها وزير النقل اليمني صالح الجبواني لتركيا وإعلانه عن توقيع اتفاق ثنائي مع ممثلين عن الحكومة التركية لإدارة الموانئ والمطارات اليمنية موجة من ردود الفعل الغاضبة دفعت الحكومة اليمنية إلى التنصل من الاتفاق الذي قالت إنه لا يعبر عن وجهة نظر الحكومة ولا يمثلها، غير أن خبراء سياسيين اعتبروا الخطوة مؤشرا على عمق الاختراق القطري لمؤسسات الحكومة الشرعية.

وتعود مؤشرات التدخل التركي في اليمن لصالح جماعة الإخوان إلى فترة مبكرة، حيث اتهم سياسيون يمنيون أنقرة بتهريب كميات كبيرة من السلاح ومسدسات كاتمة للصوت في عام 2011 يُعتقد أنها استخدمت على نطاق واسع في اغتيال شخصيات سياسية وأمنية.

كما استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الناشطة توكل كرمان في أعقاب الأحداث التي أجبرت الرئيس السابق علي عبدالله صالح على التنحي عن السلطة ومَنَحَها الجنسية التركية.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية