أية عدالة يبشّر بها أردوغان الأجيال القادمة؟

أية عدالة يبشّر بها أردوغان الأجيال القادمة؟


08/09/2021

 أشار الكاتب التركي محمد أوجاكتان في مقال له في صحيفة قرار التركية، يوم الاثنين، إلى أنّه في حديثه في افتتاح المبنى الجديد لمحكمة النقض، شدد الرئيس رجب طيب أردوغان على ضرورة أن يكون القضاء مستقلاً وحيادياً، وقال إن الاستقلال أمر لا بد منه لإظهار العدالة.

اقتبس الكاتب كلمات أردوغان، التي وصفها بأنّها تكاد تكون بمثابة بيان قانون، والتي قال فيها: ضمان إقامة العدل هو موقف القضاء بفهم مستقل وحيادي، وتمثيله، والقرارات العادلة التي سيتخذها نتيجة لذلك. وللتلخيص بكلمة نسبها البعض إلى عمر بن الخطاب، والبعض الآخر إلى علي بن أبي طالب، "العدل أساس الحكم... نعم العدل سبب وجود الدولة. سيكون هذا الفهم أعظم إرث نتركه للأجيال القادمة.

ذكر الكاتب أوجاكتان أنّه يجب أن أعترف أن لديه بعض التردد بشأن هذه التصريحات، حتى لفترة قصيرة. وقال: لو قيلت هذه الكلمات من قبل رئيس الدستور أو المحكمة العليا، أو حتى من قبل زعيم حزب معارض، لقلت، "نعم، لقد وضعوا أصابعهم على المشاكل القانونية العميقة التي لا تزال تركيا تعاني منها، نحن يجب أن نحييها وأن نستمر في التفاؤل بمستقبلنا.

لكن هذه الكلمات قالها الرئيس، الذي له الكلمة الوحيدة في إدارة تركيا، حيث ترتبط به السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية. وتساءل الكاتب: ألا يستطيع الرئيس أن يقول إن القضاء يجب أن يكون مستقلاً وحيادياً؟ بالطبع هو لا يقول ذلك فحسب، بل إنه لا يفكر حتى في تقديم أدنى إشارة إلى استقلالية القضاء كرئيس للسلطة التنفيذية.

ولفت أوجاكتان إلى أنّه إذا كان في بلد يضعف فيه فهم سيادة القانون وتكون الثقة في القضاء في الحضيض، إذا قال الرئيس، "إذا ضاعت العدالة في دولة، يسود الظلم هناك"، فهناك خطأ في هذا. ومع ذلك، فإن الهيئة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية تخضع للرئيس، أي أنه القاضي الوحيد في ذلك البلد.

ثم تساءل الكاتب بعد ذلك وقال: إذن من يضر باستقلال هذا القضاء؟ وعبّر عن اعتقاده أنّه في هذه المرحلة أنه سيكون من المفيد النظر إلى خطابات أولئك في المكتب التنفيذي، من الرئيس إلى الوزراء، الذين "يعايرون" القضاء.

قال الرئيس رجب طيب أردوغان، بخصوص قرار المحكمة الدستورية بالإفراج عن الصحفيين المسجونين: "لست في وضع يسمح لي بقبول قرار المحكمة الدستورية. وأضاف "انا لا أحترم القرار ولن أحترمه". (28 فبراير 2016)

وبنفس الطريقة، قال أردوغان فيما يتعلق بقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن صلاح الدين دميرطاش، "إنهم يحمون رجالهم. وقال "هذا القرار لا يلزمنا". (23.12.2020)

وأشار الرئيس في كلمة له، إلى عثمان كافالا، واستخدم العبارات التالية: "الشخص الذي موّل الإرهابيين في أحداث غيزي موجود بالداخل الآن. وخلفه يقف اليهودي المجري الشهير سوروس. ممثله في تركيا هو أيضا أغنى من والده، فهو الشخص الذي يقدم كل أنواع الدعم ضد الأعمال الإرهابية التي تمزق وتقسّم هذا البلد، الآن في الداخل. "(21 نوفمبر2018).

وقال أوجاكتان إنّه بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للمحكمة الدستورية، التي لم تعجبه قراراتها، لا ينبغي أن ننسى أن لدينا وزير داخلية يقول ويهدد رئيس المحكمة الدستورية، زوهتو أرسلان بالقول: "هل محكمتنا الدستورية فرع من فروع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟".

وتساءل الكاتب أيضاً: هل من الممكن أن يكون القضاء مستقلاً في بيئة تقدم فيها السلطة التنفيذية اقتراحات حول من يجب محاكمته أو المدة التي يجب أن يُحتجز فيها؟

وشدّد الكاتب على أنّه إذا حُرم الناس بشكل تعسفي وظالم من حريتهم لسنوات على الرغم من القرارات الملزمة الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن إطلاق سراحهم، وإذا استمروا في معاقبتهم لمجرد أنهم يستخدمون حقوقهم الناشئة عن حرية التعبير، فمن غير الممكن للأسف التحدث عن سيادة القانون وإحلال العدالة في ذلك البلد.

قال الرئيس أردوغان، إن الإرث الأهم الذي سنتركه للأجيال القادمة هو "العدالة". وعلٌّ أوجاكتان على ذلك بالقول: إليكم صورة تلك العدالة التي سنرثها: سُجن الكتاب والسياسيون وأفراد المجتمع المدني ظلماً لسنوات دون إعداد لائحة اتهام. ولم يصدر بعد حكم يطرح أسئلة على الأقل للسياسي الذي يتلقى 10 آلاف دولار شهرياً من زعيم المافيا. وما زلنا نبحث عن قضاء مستقل يحاسب المؤيدين الذين يضربون الصحفيين والسياسيين في وسط الشارع.

وأضاف إنّنا نتساءل عن سبب استمرار القضية المتعلقة بـ "لص البقرة"، الذي تم اعتباره بطلاً لمهاجمته زعيم حزب الشعب الجمهوري كليجدار أوغلو في جنازة أحد الشهداء، منذ سنوات. ثمّ أردف: إذا أردنا أن نترك مثل هذه الصورة للعدالة التي تضر بضمير الأجيال القادمة، فعلينا أن نعلم أن الشباب لن يغفروا لنا أبدًا.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية