إثيوبيا وإريتريا تواجهان كورونا بالكوميديا السوداء والأغاني

كورونا

إثيوبيا وإريتريا تواجهان كورونا بالكوميديا السوداء والأغاني


24/03/2020

ظلّت القارة الأفريقية، جنوب الصحراء، إلى وقت قريب، في منأى عن تسجيل إصابات بالجائحة الوبائية "كورونا"، التي أضحت تهدّد سكان الأرض، بانتشارها الكبير، إلا أنّ الأمر لم يستمر طويلاً، أمام حقيقة تحول العالم بالفعل إلى "قرية صغيرة"؛ حيث بدت القارة السمراء هدفاً محتملاً وحقيقياً للمدّ الفيروسي الداهم. وإذ ذاك ابتكر بعض النشطاء والفنانين الإثيوبيين والإريتريين الكوميديا السوداء والأغاني، للسخرية من هذا الوباء.

اقرأ أيضاً: مستقبل الاقتصاد العالمي بعد كورونا: هل فقد الخبراء الأمل؟
ولأنّ القرن الأفريقي يعدّ البوابة المتقدمة لمنطقة الشرق الأوسط ودول حوض البحر الأحمر، فإنّ الأنظار تتجه لهذه الدول، لمعرفة مدى تأثرها بالحالة الوبائية المتمددة.

رئيس الوزراء الأثيوبي آبي احمد أثناء حملة توعية حول وباء الكورونا

إثيوبيا... الهدف الأول في القرن الأفريقي
تعدّ إثيوبيا من أهم محطات الترانزيت في أفريقيا الشرقية، نظراً لتوفرها على أسطول جوي يعدّ الأول على مستوى أفريقيا؛ حيث يباشر عمله لأكثر من 70 وجهة، في أفريقيا وآسيا وأوروبا.
وبالتالي فإنّ السلطات الإثيوبية ظلت تعلن اتخاذها تدابير صارمة بشأن متابعة حالات الركاب العابرين عبر مطارها الدولي، أو الزائرين للبلاد، دون أن تعلن أية إجراءات تتعلق بتعليق رحلاتها إلى الجهات الموبوءة أو المحتملة لذلك.

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا والمصريون: حذر وخوف و"خفة" في مواجهة الوباء
وظلّ عدد كبير من الناشطين يطالبون إدارة رئيس الوزراء، آبي أحمد، بتعليق الرحلات كإجراء احترازي، وهو الأمر الذي رضخت له الحكومة بشكل جزئي، عندما أعلنت اتخاذ قرار بتعليق الرحلات الجوية لـ 30 دولة، من بينها الصين وإيطاليا، ابتداء من 20 آذار (مارس)، فيما ظلت الوجهات الأخرى تعمل وسط مخاوف كبيرة من تكبّد الشركة الإثيوبي لأكبر خسارة في تاريخها.

نشر عدد من الناشطين الإثيوبيين على اليوتيوب، فيديوهات طريفة أعدت كنوع من التجارب الاجتماعية، لقياس تعاطي الناس مع الوباء

الإجراء الاحترازي تمّ اللجوء إليه بعد تسجيل أول حالة إصابة بفيروس "كورونا المستجد"، لمواطن ياباني (48 عاماً)، وصل البلاد قبل 10 أيام من اكتشاف إصابته، وقد تمّ عزل المريض في مركز صحي، برفقة ٢٥ شخصاً كانوا على صلة بالمريض منذ وصوله البلاد، من بينهم الدكتور تولا باريسو، مسؤول التعليم في حكومة أوروميا، الذي يعد أول مسؤول إثيوبي يخضع للعزل الصحي، وبالتوازي تمّ غلق المدارس وحظر الأنشطة الرياضية والتجمعات في البلاد.
ويؤكد الباحث الإثيوبي، المختص في شؤون القرن الأفريقي، عبد الشكور عبد الصمد، لـ "حفريات"؛ أنّ المواطن الياباني كان على صلة بعدد من الإثيوبيين داخل وخارج العاصمة، لأغراض تتعلق بالعمل، ويضيف عبد الشكور: "لقد بلغت حالات الإصابة، حتى الآن، 9 حالات معلنة، منهم إثيوبيَّان، والبقية من اليابان وبريطانيا، فيما خضع 335 شخصاً للحجر الصحي للاشتباه بإصابتهم، وتم الإفراج عن قرابة الـ 70 منهم.

تدابير سياسية وأخرى صحية
وحول التدابير الإضافية التي اتخذتها الدولة للحيلولة دون انتشار الفيروس يقول عبد الشكور: "هناك عدة إجراءات، منها؛ إخضاع القادمين من الخارج لحجر صحي لمدة 14 يوماً، في مواقع تمّ تخصيصها لذلك، كما تمّ إطلاق سراح عدد مُقدر من السجناء، لا سيما من قضوا معظم فترات محكومياتهم، أو السجينات ممن يقضين فترة العقاب مع أطفالهن".

اقرأ أيضاً: التطرف في زمن كورونا: هل حرّض إسلاميون مغاربة ضدّ الحجر الصحي؟
ويضيف عبد الشكور: "هناك حملات توعية وتحسيس واسعة عن الوباء، تقوم بها الدولة بالتعاون مع بعض مؤسسات المجتمع المدني، عبر مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وتم إلغاء التجمعات والفعاليات والمهرجانات الثقافية والرياضية والسياسية، في حين قامت الهيئات الدينية بتوجيه أتباعها بتطبيق التعليمات والتوجيهات الصادرة من القطاع الصحي للحماية من الوباء".

تجاوب محتشم وتوقعات مخيفة

بالرغم من الحملات الواسعة التي باشرتها السلطات الرسمية، وعلى رأسها الوزير الأول، آبي أحمد، الذي ظهر في إعلان تحسيسي لكيفية غسل الأيدي، واتباع الإرشادات الطبية اللازمة للوقاية من "كوفيد ١٩"؛ فإنّ تجاوب الشارع ما يزال محتشماً، ويؤكد عبد الشكور لـ "حفريات"؛ أنّ "هناك انخفاضاً ملحوظاً في حركة ازدحام الشوارع بأديس أبابا؛ حيث أضحى عدد مقدر يفضّل البقاء في البيت، لكن لا نلاحظ استعمال الكمامات الطبية مثلاً"، ويضيف عبد الشكور: "من المفترض أن يكون الحذر بشكل أكبر مما هو عليه الآن، ويبدو لي أنّ المشكلة الأعظم تتمثل في ظروف المواصلات العامة، التي تشهد ازدحاماً كبيراً في غالب الوقت".
إريتريا حالة مؤكدة وإجراءات صارمة
كانت إريتريا من أولى دول القرن الأفريقي التي أعلنت إخضاعها لمشتبهين بإصابتهم بفيروس "كوفيد ١٩" للحجر الصحي؛ حيث كشفت السلطات الصحية في أسمرا، في التاسع والعشرين من شباط (فبراير) الماضي؛ أنّ ستّ حالات اشتباه بالإصابة بفيروس كورونا تمّ اكتشافها في مطار أسمرا الدولي، وجميع المشتبه بإصابتهم هم من المعلمين الإيطاليين العاملين في المدرسة الإيطالية في أسمرا، كانوا في طريقة عودتهم بعد قضاء إجازة في بلادهم، وقد اشتبهت السلطات الصحية في المطار بإصابتهم بالفيروس، مما استدعى نقلهم إلى عيادة خارج العاصمة لإجراء الفحوصات وإخضاعهم للعزل الصحي، ولم توضح السلطات الصحية لاحقاً فيما إذا كان الرعايا الإيطاليون مصابين بالفعل بفايروس كورونا أم لا".


وظلّت أسمرا تؤكد أنّها تتبع إجراءات صارمة، على مستوى المطار الدولي والموانئ، التي ما تزال تعمل، لمنع تسرب وانتشار المرض إلى أراضيها.
وأعلن وزير الإعلام الإريتري، يماني قبري مسقل، السبت ٢١ آذار (مارس)؛ أنّ "بلاده رصدت أول حالة إصابة بفيروس كورونا لمسافر وصل إلى مطار أسمرا الدولي، كان قادماً من النرويج".

اقرأ أيضاً: نعومي كلاين: كيف نهزم "رأسمالية الكورونا"؟
وأكّد الوزير أنّ هذه هي أول حالة مؤكدة في البلاد، وتتعلق بـ "شاب أرتيري يحمل إقامة دائمة فى النرويج ويبلغ من العمر 39 عاماً وهو يتلقى العلاج حالياً".
ووصل المصاب الأول، أسمرا، على متن طائرة "فلاي دبي"، بتاريخ 20 آذار (مارس)، وأكدت عدة مصادر أنّ السلطات اتخذت قراراً بتحويل جميع ركاب الرحلة إلى الحجر الصحي، كإجراء احترازي، بعد الاشتباه في حالة الشاب.
ولم توقف إريتريا، حتى الآن، الرحلات الجوية والبحرية مع العالم الخارجي، بالرغم من التهديد الذي أضحى فيروس كورونا يمثله.
السخرية إحدى وسائل المواجهة
بالتوازي مع الإجراءات المتعلقة بالوقاية من المرض، في ظلّ السياسات الحكومية الإريترية التي لا تتيح مساحة كبيرة، للرأي الآخر، تحرك عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بتقديم محتوى ساخر من طريقة تعاطي حكومتهم مع الوباء الذي أضحى يشغل العالم ككل.
كما سابق بعض الفنانين الإريتريين، لا سيما المقيمين بالدول الغربية، الزمن، لتجهيز أغنيات حول المرض، تتضمن نوعاً من التوعية، بجانب حسّها التضامني والإنساني، فضلاً عن بعض الأغنيات الساخرة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تسخر من حالة الملل الذي يستدعيه قرار البقاء في البيت.

اقرأ أيضاً: كيف جاءت استجابة دول الخليج في مواجهة كورونا؟
في غضون ذلك، نشر عدد من الناشطين الإثيوبيين على موقع اليوتيوب، فيديوهات طريفة أعدت كنوع من التجارب الاجتماعية، لقياس تعاطي الرأي العام الإثيوبي مع هذا الوباء.
وقد حظيت مقاطع الفيديو بمشاهدات عالية، نظراً لتضمنها نسباً عالية من الكوميديا السوداء، وردود الفعل التلقائية، التي تعكس نظرة الشارع وقلقه من هذا الوباء المتفشي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية