إحراق صورة بشار الأسد في "كناكر" بعد اعتقال 3 نساء

إحراق صورة بشار الأسد في "كناكر" بعد اعتقال 3 نساء


01/10/2020

فرضت قوات النظام السوري، مدعومة بمسلحين موالين لها، طوقاً أمنياً كاملاً على بلدة كناكر في الغوطة الغربية، بريف العاصمة دمشق، حيث منعت الخروج والدخول من البلدة منذ ساعات الصباح الأولى من اليوم، بعد أن كانت تسمح لفئة من المواطنين بالدخول والخروج، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير نشره أول من أمس (الثلاثاء)، جاء فيه أنّ أجهزة النظام "استنفرت قواتها بشكل كامل مهدّدة باجتياح البلدة خلال الساعات القادمة، في حال لم يتم تسليم المطلوبين لإجراء تسوية جديدة، وسط مخاوف لدى الأهالي من ارتكاب مجازر وحدوث اعتقالات تعسفية بحقّهم في حال اجتياح البلدة".

وكانت بلدة "كناكر" في ريف دمشق الغربي، شهدت احتجاجات وخروج مظاهرات وقطع الطرقات بإشعال إطارات السيارات، وإحراق صورة كبيرة لرأس بشار الأسد،  احتجاجاً على اعتقال ثلاث نساء من أهالي البلدة، في 12 أيلول (سبتمبر) الماضي.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان؛ فقد سُمع دوي انفجار متوسّط الشدة في بلدة زاكية بريف دمشق الغربي، صباح الإثنين 14 أيلول (سبتمبر)؛ "تبيّن أنّه ناجم عن عبوة ناسفة مركونة أسفل سيارة أحد أبرز عرابي المصالحات في المنطقة، انفجرت به أثناء صعوده عليها، ما تسبب بإصابته بجروح خطيرة جرى نقله إلى مشافي العاصمة دمشق".

شهدت بلدة "كناكر" في ريف دمشق الغربي، احتجاجات وخروج مظاهرات وقطع الطرقات بإشعال إطارات السيارات، وذلك احتجاجاً على اعتقال ثلاث نساء من أهالي البلدة

وكان ردّ النظام السوري على الاحتجاجات المطالبة للإفراج عن النساء المعتقلات، بأن فرض طوقاً أمنياً على البلدة بأكملها، مع تهديدات باقتحام البلدة عسكرياً، لكنّ الاحتجاجات والمظاهرات توسّعت لتشمل بعض الأحياء في درعا، مثل: حي الحراك وبلدة اليادودة بريف درعا، تضامناً مع بلدة "كناكر".

كما أشار المرصد السوري، في 26 أيلول (سبتمبر)، إلى أنّ قوات النظام واصلت فرض الطوق الأمني على كناكر "تزامناً مع تسيير دوريات عسكرية بشكل يومي، ما تسبّب بشلّ حركة المدنيين داخل البلدة، وسط تهديدات أطلقها ضباط النظام عبر أعيان ووجهاء البلدة بمداهمة جميع منازل البلدة، في حال لم يتم تسليم قرابة الـ 150 مطلوب بتهم "حمل السلاح ضدّ الدولة" على حدّ وصفهم، بالإضافة إلى مطلوبين بتهم الخروج بمظاهرات وحرق صورة رأس النظام السوري "بشار الأسد" قبل أيام، ويتزامن ذلك مع منع دخول وخروج المدنيين من البلدة نحو العاصمة دمشق، باستثناء الموظفين الحكوميين وطلاب المدارس والجامعات".

وحول ما يحدث في بلدة كناكر؛ قال الصحفي السوري، مالك الحافظ: "هناك إنهاك أمني كبير لدى النظام السوري فيما تسمى بمناطق المصالحات أو التسويات في أغلب الجنوب السوري، فما يحصل في كناكر يحصل أيضاً في درعا بشكل واضح؛ الإنهاك الأمني لا يعني الروس بشيء، وهم الذين مهّدوا لهذه التسويات ورعوها بقصد تهدئة هذه المنطقة وإخراجها من حسابات المعارك الروسية على امتداد مناطق خفض التصعيد".

اقرأ أيضاً: الهجمات الكيميائية بسوريا.. أمريكا تواصل اتهام روسيا بتضليل العالم

وأضاف: "عدم وجود سيطرة أمنية ومجتمعية، وحتى عسكرية، لدى النظام السوري، تدفعه لما يقوم به حالياً في الجنوب؛ فبعد هدوء الجبهات بشكل كبير في الشمال، واللجوء لقوات محلية رديفة، تسمى بالدفاع الوطني، لشنّ مخططات السيطرة الفعلية على مناطق خارجة عن سيطرة دمشق منذ أعوام، ولم تمهّد اتفاقات التسوية لأن تعود لسيطرتها من جديد".

الصحفي السوري مالك الحافظ لـ"حفريات": الروس حريصون على عدم تنفيذ المخطط الذي تسعى له أذرع إيران في الجنوب؛ هناك تنافس يتزايد بين الطرفين

ويرى الحافظ؛ أنّ "النظام اعتاد تهجير الرافضين للانصياع له في الجنوب صوب الشمال، قاصداً بذلك نزع فتيل التصعيد والتحشيد ضدّه، فهو يحاول أن يبقي هذه المناطق آمنة، وأن يسيطر عليها بشكل كلّي مع مرور الوقت، كما يحصل في بعض بلدات ريف درعا، رغم أنّ معظم بلدات هذه المحافظة تحمي نفسها برجالها ولديها قواتها المحلية التي يمكن أن تنقلب على النظام في أية لحظة".

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب يتجه حزب الله للخروج من سوريا

وتابع الحافظ: "هذا شهدناه خلال الفترة الماضية، سواء في مدينة بصرى الشام بدرعا، أو في مدن أخرى في الريف الغربي للمحافظة الجنوبية، فهناك مسلحون محليون ليسوا على وفاق تامّ مع النظام، وكذلك مع قوات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا، فضلاً عن أنّ قوات الفيلق أيضاً تعمل لصالح الروس، وليس لصالح النظام، وهذا ما كان بادياً في مناسبات عديدة، وهو يوحي بأنّ مشهد الجنوب السوري يشي بغياب سلطة دمشق بشكل ملموس، مقابل ادّعاء النظام فرض هيبته بمساعدة الروس وبقبضتهم".

اقرأ أيضاً: 65% من أطفال سوريا لم يتذوقوا الفاكهة منذ 3 شهور.. من المتهم كورونا أم الحرب؟

وبسؤال الحافظ؛ عن إمكانية أن يحاول النظام تهجير الناس من المنطقة لإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة؟ أجاب: "لا أعتقد أنّ ذلك ممكن، فالروس حريصون على عدم تنفيذ المخطط الذي تسعى له أذرع إيران في الجنوب؛ هناك تنافس يتزايد بين الروس والإيرانيين في عموم الجنوب السوري، فالمخططات الإيرانية تجهد لتغليب نفوذ طهران هناك، وتجابه من خلال ذلك القبضة المحلية المدعومة من قبل روسيا، والتي ترفض أيّ تغيير ديمغرافي، حتى إنّها لا تريد إعادة فرض سيطرة كاملة للنظام على المنطقة، سعياً منها لإرساء نموذج حكم لا إداري فيدرالي على شاكلة سلطة الأمر الواقع في الشمال الشرقي من سوريا".

ما يمكن قوله، وفق الحافظ، إنّ "تهجير بعض المقاتلين السابقين من مناطق في الجنوب السوري يأتي كردٍّ من قبل النفوذ الإيراني الذي يتخوف من تأثيرهم على ازدياد حالات الاغتيال الأخيرة التي استهدفت رجالاً مقرّبين من النفوذ الإيراني، أو تابعين لحزب الله اللبناني ومحسوبين عليه، سواء في ريف دمشق أو درعا".

اقرأ أيضاً: سوريا.. هل ينهي التصعيد الروسي الأخير "هدنة إدلب" الحساسة؟

أما وليد نوفل، الصحفي في موقع "سوريا على طول"، فقال لـ "حفريات": "في اليوم الثاني من اعتقال النساء في بلدة "كناكر"، حاول فرع "سعسع"  الأمني، التابع للنظام، اعتقال ثلاثة شباب من أبناء البلدة، وكان أحد هؤلاء الشباب من أقرباء إحدى النساء المعتقلات، واستطاعوا اعتقال شخص واحد من بينهم، أما الشخص الثاني فاستطاع الهرب من الكمين الذي كان قد نصب له، وكانت هناك اشتباكات بين الشخص الذي هرب وعناصر من فرع "سعسع"، ونتج عن ذلك عدة جرحى من عناصر الفرع، من بينهم نائب قائد الفرع العميد علي (على ما أعتقد)، والعميد محمد عساف، وأربعة عناصر من صفّ الضباط، أصيبوا أيضاً خلال الاشتباك".

اقرأ أيضاً: هل تستغل روسيا الانتخابات الأمريكية وتفرض حلولها في سوريا؟

وأضاف نوفل: "بعد هذه الحركة التي أقدم عليها النظام، حوّل القضية من المطالبة بالنساء المعتقلات إلى قضية الضغط باتجاه تسليم الشاب الذين اشتبك مع عناصر فرع "سعسع"، إضافة لباقي الشباب المشتركين معه، وإثر هذه العملية، فرض النظام حصاره على بلدة كناكر، وما يزال الحصار مستمراً، وأغلق منافذ البلدة بشكل كامل، كما استخدم النظام تعزيزات عسكرية ونشرها بمحيط البلدة، وحالياً هناك مفاوضات بين النظام ووجهاء البلدة، ولم يصل طرفا المفاوضات إلى اتفاق نهائي بعد".

وأفاد نوفل، قبل فرض قوات النظام السوري طوقاً أمنياً كاملاً على بلدة كناكر: "تواصلت مع بعض الأشخاص في لجنة التفاوض داخل بلدة  كناكر، وأخبروني بأنّ النظام أرسل تهديداً مفاده أنّه "خلال 24 ساعة؛ إما أن يتم تسليم المطلوبين أو ستكون هناك حملة عسكرية لاقتحام البلدة".

اقرأ أيضاً: هل تتمخض الفوضى في سوريا عن نظام جديد؟

وأعرب نوفل عن اعتقاده بألا تكون هناك حملة عسكرية، فـ"الأمور ستحلّ مثلما حدث سابقاً في بلدة الصنمين، وستكون هناك عمليات تسوية جديدة وتسليم أسلحة، وهناك احتمالية أن تكون هناك عمليات تهجير، لكن بشكل محدود باتجاه الشمال السوري، أو من الممكن أن يحدث سيناريو آخر؛ وهو تسليم الأسلحة للنظام وعملية تسوية من غير عمليات التهجير، وأعتقد أنّ هذا سيحدث بناءً على تدخّل روسي، باعتبار بلدة كناكر من ضمن مناطق التسوية في جنوب سوريا".

اقرأ أيضاً: لماذا يفرض نظام الأسد 100 دولار على العائدين إلى سوريا؟

وعن موقف وجهاء البلدة وأعيانها وعرّابي المصالحات والتسويات، قالت مصادر للمرصد السوري إنّهم "يسعون لاحتواء التوتر، إلا أنّ مسلحي البلدة، والذين يقدَّر عددهم بنحو 200 مقاتل ممن خضعوا للتسويات، رافضين حتى اللحظة إجراء تسويات جديدة قبل أن يتم تحقيق مطالبهم بإطلاق سراح السيدات وسراح جميع المعتقلين من أبناء البلدة، ممن اعتقلوا على مدار الأعوام السابقة، وسط حالة من الترقّب والتوتّر تسود البلدة حتى اللحظة، مع إصرار أجهزة النظام الأمنية على اعتقال السيدات، وإرسال تهديدات لمسلحي البلدة باجتياحها عسكرياً، واعتقال جميع المطلوبين والرافضين لإجراء تسويات جديدة".

وحول موضوع التسويات، قال وليد نوفل لـ "حفريات": "بحسب اتفاق التسوية في جنوب سوريا؛ يمكن تقسيمها لعدة مناطق؛ مناطق سيطر النظام عليها عن طريق المصالحة، وعاد ليحكم قبضته الأمنية عليها، ومناطق أخرى حدثت فيها بالأساس تسويات أمنية، وعاد النظام إليها بداوئره الحكومية – الخدمية حصراً مع قبضة أمنية بسيطة، وهناك مناطق تعدّ خارج سيطرة النظام، مثل درعا البلد وبصرى الشام وطفس، هذه المناطق عادت إليها الدوائر الحكومية فقط، نتحدث هنا عن بلديات ومخفر شرطة، لكن لا توجد فيها قبضة أمنية أو سيطرة حقيقة للنظام، ومن يسيطر على هذه المناطق هم أبناؤها، وفي بلدة كناكر الشيء نفسه؛ إذ لا توجد سيطرة حقيقة للنظام داخل البلدة، رغم  عودة البلدية والدوائر الخدمية".

اقرأ أيضاً: ما الإستراتيجيات العربية لتجفيف الوجود الإيراني في سوريا؟

وأضاف: "بشكل عام بات النظام يحقد على المناطق التي تمت فيها المصالحة والتسويات الأمنية، وإلى الآن هناك مناطق خارجة عن سيطرته، كما أنّ طبيعة اتفاق التسوية أعطت للفصائل الموجودة داخلها هامشاً من الحرية من خلال إدارتها لهذه المناطق؛ لذلك اعتمد النظام منذ اليوم الأول للاتفاق سياسية استفزاز هذه المناطق، فأحياناً تكون هناك عمليات تصفية واغتيالات لبعض قادة الفصائل المعارضة، المدنية أو العسكرية، وقد رأينا هذه العمليات حقيقة في درعا أكثر من كناكر، وكانت عمليات الاعتقال والاغتيال واضحة جداً في محافظة درعا".

الصفحة الرئيسية