إخوان تونس وصناعة الاستقطاب السياسي.. هل تنجح آخر أدوات التنظيم؟

إخوان تونس وصناعة الاستقطاب السياسي.. هل تنجح آخر أدوات التنظيم؟


17/05/2022

منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية في البلاد في 25 تموز (يوليو) الماضي، وما تبعها من قرارات، أبرزها حلّ البرلمان وتجميد عمل بعض الهيئات وإطلاق حوار شامل للقوى السياسية والمدنية، لم تنجح أي محاولة من جانب تنظيم الإخوان في اختراق المشهد السياسي في تونس، رغم الدعوات المتكررة والمكثفة من جانب قياداته للتظاهر أو الاعتصام أو إثارة الفوضى بهدف تعميق حالة الاستقطاب السياسي في البلاد، بما يخدم مصالح التنظيم. 

وبالتزامن مع انطلاق الحوار الوطني تحت إشراف "لجنة إدارية"، أعلن عنها الرئيس التونسي، مؤخراً، كثفت حركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تونس، دعواتها للتظاهر والاحتشاد، فيما وصفت الحوار بأنه "صوري وانتقائي"، رافضة نتائجه بشكل مسبق. 

ومن جانبه عاد الرئيس التونسي الأسبق، والمقرب من الإخوان، المنصف المرزوقي، للتحريض ضد قيس سعيد، ودعا خلال عدة تدوينات له عبر "فيسبوك"، مؤسسات الأمن التونسية برفع الحماية عن سعيّد والانقلاب عليه، كما دعا المواطنين للاحتشاد بالشوارع خلال الشهرين المقبلين، بهدف الضغط على المؤسسات، وتنفيذ خطة الإطاحة بسعيّد من الحكم، وهى دعوة تتسق مع التحركات الإخوانية الأخيرة وتعكس مخططات التنظيم خلال الفترة الراهنة، على حد وصف المراقبين.

وفي السياق، أعلن مجموعة من المنشقين عن الحركة، مؤخراً، عن تأسيس حزب جديد يحمل ذات المرجعية والأفكار، ما وصفه مراقبون بأنه محاولة "ملتوية" من جانب الإخوان لحجز مكان في المشهد السياسي في البلاد، ومواجهة حالة الرفض الشعبي والسياسي لهم على كافة المستويات.

الجليدي: كافة الأحداث في تونس متصلة ببعضها وتتعلق بشكل كبير بمحاولات التنظيم الإخواني للعب أي دور له خلال الفترة الراهنة

ونشر القيادي السابق بحركة النهضة عبد اللطيف المكي، مطلع أيار (مايو) الجاري، تدوينة على صفحته الرسمية عبر "فسبوك"، أعلن خلالها عن تأسيس الحزب الجديد، وقال إنه "خلال الأيام القليلة القادمة ستنعقد جلسة تأسيسية لحزب سياسي جديد، يتم إثرها إيداع الملف القانوني لدى الجهات المعنية قصد الحصول على التأشيرة".

ويصف مراقبون التحركات الأخيرة من جانب حركة النهضة بأنها محاولة جديدة للإفلات من "أزمة طاحنة"، تعصف بالتنظيم وقياداته وتضعهم أمام المحاسبة الشعبية والقانونية. 

الفوضى.. ورقة التنظيم "المحروقة"

ويرى المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، أنّ الحركة الإخوانية قد استنفدت كافة مخططاتها للإضرار بمصالح البلاد بهدف تعطيل مشروع الإصلاح السياسي والاجتماعي، مشيراً إلى أنها باتت تدرك أنه لا مكان لها في قلب المشهد التونسي لذلك تحاول جاهدة تشويه جهود الإصلاح ووضع نفسها في قلب الحدث عن طريق دعوات التظاهر أو التعليق مسبقاً على نتائج الحوار الذي لم يتم دعوتها إليه.

نزار الجليدي: حركة النهضة استنفذت كافة مخطاطتها للإضرار بمصالح البلاد بهدف تعطيل مشروع الإصلاح السياسي والاجتماعي

 

وفي تصريح لـ"حفريات" يوضح الجليدي أنّ كافة الأحداث في تونس متصلة ببعضها وتتعلق بشكل كبير بمحاولات التنظيم الإخواني للعب أي دور له خلال الفترة الراهنة، بالاعتماد على أجندته التقليدية سواء بإثارة الفوضى عن طريق الشائعات أو دعوات التظاهر أو إشعال الحرائق في البلاد، أو من خلال "تبادل الأدوار"، والمراوغة السياسية عن طريق كيانات بديلة تحمل نفس الأيديولوجيا الإخوانية، لكنها تتمتع بمساحة أكبر للتحرك لتحررها من الانتماء للتنظيم. 

ويشدد الجليدي على أهمية انطلاق الحوار المجتمعي في تونس بالتزامن مع خريطة إصلاح شاملة لمختلف المؤسسات في البلاد، لتجاوز تداعيات "العشرية السوداء" التي حكم خلالها الإخوان في تونس وما نتج عنها من آثار اقتصادية وسياسية واجتماعية خطيرة، مشيراً إلى أهمية تنقية كافة مؤسسات الدولة من العناصر الإخوانية والخلايا النائمة التي تعمل بشكل أساسي لخدمة مصالح التنظيم ولا تؤمن بأي قيم وطنية. 

التحركات الأخيرة من جانب حركة النهضة هي محاولة جديدة للإفلات من "أزمة طاحنة"، تعصف بالتنظيم وقياداته وتضعهم أمام المحاسبة الشعبية والقانونية

 

ويؤكد المحلل التونسي أنّ الجماعة لا ترغب في إتمام هذا الحوار، كما ستعمل على تشويهه خلال الفترة المقبلة بالاعتماد على كافة الوسائل المتاحة لديها سواء الإعلام التابع لها أو كتائبها الإلكترونية، مشيراً إلى أنّ الحوار يفضح ادعاءات التنظيم بشأن مناخ الحريات في البلاد، وخاصة روايته أمام الغرب، التي تستهدف بالأساس كسب التأييد والضغط على الدولة التونسية للسماح للإخوان بالعودة إلى المشهد السياسي، بعد سقوطهم المدوي، وحالة الغضب والتذمر الشعبي ضدهم. 

نيران الإخوان تشعل البلاد

وإلى جانب التحركات السياسية المريبة، احتد الهجوم ضد "النهضة" خلال الأسابيع الماضية لاتهامها بافتعال أزمة الحرائق التي اجتاحت البلاد بالتزامن مع عيد الفطر، واعتبرها المراقبون محاولة للضغط على السلطات الأمنية في البلاد وإرهاق أجهزة الدولة التنفيذية، في مشهد أعاد للأذهان سيناريو تعاطي الإخوان مع الدولة المصرية في أعقاب عام 2013، والنهج العنيف من جانب التنظيم ضد المؤسسات الوطنية. 

وفي مقاله المنشور تحت عنوان "نيران إخوان تونس"، بموقع "البيان"، أشار الكاتب محمد يوسف إلى تورط الإخوان بإشعال الحرائق في البلاد بهدف إثارة الفوضى.

وقال يوسف "عندما تشتعل الحرائق المتزامنة في مناطق متفرقة من تونس، لا يمكن أن تكون صدفة، فالصدفة لا تشعل 60 حريقاً في نفس الوقت، وهي ليست بريئة، والأيادي الخبيثة ليست بعيدة عنها".

وتابع: "قد تكون 3 أو 10 حرائق في ثاني أيام عيد الفطر شيئاً عادياً في دولة مثل تونس، بحجمها وتعدد مدنها، ولكن 60 حريقاً، وخروج أشخاص تدلّ عليهم ملامحهم ونداءاتهم في مسيرات احتجاج، وصدور بيان وحيد من "حركة النهضة"، وهي حزب الغنوشي الإخواني، يتهم وزارة الداخلية والأجهزة التابعة لها بالتقصير، هنا لا بدّ أن نتوقف، فمثل هذه الأفعال اعتادت عليها تلك الجماعة الإرهابية منذ انطلاقتها في مصر عام 1928، فالحرائق والاغتيالات وإطلاق الاحتجاجات التخريبية والتحريضية قواعد تربّوا عليها، بواسطة "الحرس الحديدي"، وهو الذراع العسكرية لجماعة حسن البنا، وتمويله استعماري".

مواضيع ذات صلة:

هل تلجأ "النهضة" لجهازها الأمني في صراعها مع الرئيس التونسي؟

الاتحاد التونسي للشغل في مواجهة حركة النهضة الإخوانية

راشد الغنوشي تحت مقصلة الشعب التونسي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية