"إرث بن لادن" لديفيد غارتنستين: لماذا نستمرّ بخسارة الحرب على الإرهاب؟

"إرث بن لادن" لديفيد غارتنستين: لماذا نستمرّ بخسارة الحرب على الإرهاب؟


26/11/2018

بعض الأفكار تسافر في العالم كالرؤى، وتظلّ تسبح في الفضاء بلا نهاية، وبعضها تتعتّق وتصبح أكثر روعة وسلاسة، وهذا هو حال كتاب ديفيد غارتنستين- روس "إرث بن لادن"؛ فمن السطر الأول في الكتاب (الصادر باللغة الإنجليزية العام 2011)، وباستشراف عميق؛ يختصر غارتنستين مسيرة إرهاب تنظيم القاعدة، الذي ما يزال حيّاً، رغم أنّ زعيمه بن لادن قتل وانتهى.

اقرأ أيضاً: المفاهيم المختلطة: كيف نفصل بين الإرهاب وجرائم الكراهية؟

فمن الخطأ الادّعاء بنهاية تنظيم القاعدة، الذي أنشئ في آب (أغسطس) 1988، تماماً كما أنّه من الخطأ الاعتقاد بنهاية تنظيم داعش اليوم، وهو ما أكّده غارتنستين في "المؤتمر الدولي حول ما بعد داعش"، الذي نُظّم في مراكش خلال الفترة بين 5 إلى 7 نيسان (أبريل) الماضي.

اختصر سطر واحد من الكتاب كلّ المناظرات السائدة بين خبراء ومنظري الإرهاب العالمي المعاصر، ولم يبقِ لسدنة المعبد كلمة واحدة زيادة، أو إضافة معرفية واحدة على هذه الحقيقة المرّة، ونحن نشاهد بتسارع كبير كيف مزّق "فرانكشتاين الإرهاب" قيوده، وانطلق بمنتهى الرعب والتوحّش، ساعياً إلى الانتقام.

من الخطأ الادّعاء بنهاية تنظيم القاعدة، الذي أنشئ في آب (أغسطس) 1988

بعد مرور 17 عاماً على هجمات 11 سبتمبر الإرهابية؛ فازت القاعدة في الحرب على الإرهاب، وبعقول الأمريكيين؛ كان هذا عنوان مقال نشره الكاتب ستيفن مارش، في "الفورين بوليسي"، بتاريخ 10 أيلول (سبتمبر) 2018، في ذكرى الهجمات.

إنّ قتل بن لادن هو إنجاز تاريخي، لا يمكن إنكاره للأجهزة الاستخبارية الأمريكية، والمخططين الأمريكيين، الذين تحلّوا بالصبر والمثابرة والتحليل الدقيق للمعلومات، الأمر الذي يعدّ درساً لكافة الأجهزة الاستخبارية في العالم، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، لكنّ الحقيقة الأخرى، التي لا يمكن إنكارها أيضاً؛ أنّ إستراتيجيته، أو إرثه الإستراتيجي، ما تزال باقية.

قتل بن لادن هو إنجاز تاريخي لا يمكن إنكاره للأجهزة الاستخبارية الأمريكية لكنّ إرثه الإستراتيجي ما يزال باقياً

ويعتقد غارتنستين، بشكل مباشر وصريح، بأنّ هذا -ربما - يقف وراء عدم حماس المسؤولين الأمريكيين لتأكيد مقولة: إنّ القاعدة انتهت بموت قائدها بن لادن، وإنّهم لا يريدون الإسراف بالوعود.

كما يؤكّد الكاتب أيضاً؛ أنّ هناك قصوراً في المقاربة الأمريكية لتحديد الأخطار المحدقة بأمريكا؛ بمعنى التخطيط الإستراتيجي الموجّه لمكافحة الإرهاب، رغم التاريخ الطويل لتجربة التخطيط الإستراتيجي للمخططين والمنظّرين الأمريكيين، منذ "جورج كينان"؛ الذي وضع أول الخطط الإستراتيجية الأمريكية للحرب الباردة، ويتمثل هذا القصور في مقاربتها "الواقعية" للأخطار، واقتصارها على "الأطراف الفاعلة من الدول" فقط، غير مدركة للأخطار التي يمكن أن تسببها الأطراف الفاعلة من غير الدول؛ مثل الجماعات الإرهابية، ومنها القاعدة، لذلك لم يكن هناك اهتمام كبير ومحترف في المجمع الاستخباري الأمريكي، تقريباً، بتنظيم القاعدة وزعيمه بن لادن، قبل هجمات 11 سبتمبر، ليس في أمريكا فقط؛ بل في كلّ الدول العربية والإسلامية أيضاً.

اقرأ أيضاً: الإرهابيون الخارجون.. إلى أين سيذهبُ هؤلاء؟!

وتقتضي الأمانة العلمّية والتقدير لغارنتستين؛ الإشارة إلى أنّه من خلال مراسلاتنا ومناقشتنا لمسوّدة هذا العرض، عبّر عن أنّه يعتقد بأنّ هناك مبالغة، بعض الشيء، في التقييم السابق؛ فقد أكّد أنّ "هناك محطة متابعة استخبارية من قبل المخابرات الأمريكية المركزية، معروفة بالاسم الرمزي (Alec Station)، كانت تتابع الجهاديين، وأسامة بن لادن تحديداً، قبل الهجمات، وأنّ بعض المحللين كانوا مهتمّين جداً، حدّ الهوس، بأسامة بن لادن، وأنّ إحدى المشكلات لدى المخابرات المركزية الأمريكية؛ أنّ مسألة  "مكافحة الإرهاب" لم تكن تحظى بتقديرٍ واهتمام كبير، كما لم يعطِ الساسة الأمريكيون عظيم اهتمام لهذا النوع من التحليل، قبل هجمات 11سبتمبر".

لم يعطِ الساسة الأمريكيون عظيم اهتمام لهذا النوع من التحليل، قبل هجمات 11سبتمبر

ويستند غارتنستين إلى التراث الإسلامي، بنوع من التحليل الاستطرادي (Discursive Analysis)، ليدعم مقولته حول عدم محورية دور بن لادن، منذ بدايات صعوده في السعودية، مروراً بالسودان، وحتى أفغانستان، كقائد لتنظيم القاعدة؛ حيث إنّ القادة العسكريين، تحديداً، لا يمثّلون أهمية محورية في صيرورة الحروب في التاريخ الإسلامي.

حرب المجاهدين الأفغان كلّفت الاقتصاد الأمريكي تريليون دولار أمريكي، بينما كلفت القاعدة 500 ألف دولار فقط

وأعتقد أنّ هناك وجاهة كبيرة في هذا التحليل؛ نظراً إلى بعض الأمثلة من التاريخ الإسلامي، مثل معركة مؤتة، وفتوحات الشام والعراق، رغم أنّه لا يقلل من هذه الأهمية على مستوى التخطيط خلال حياة بن لادن؛ حيث ثبت للمحققين بعد تفريغ محتويات أجهزة الكمبيوتر الخاصة به، بعد مقتله في مقرّه في آبوت آباد باكستان، أنّه كان وراء التخطيط للعمليات الإرهابية في الصومال واليمن.

وباستخدام التحليل الاستطرادي، وفنّ التلاعب بالمفاهيم والشعارات، يجادل الكاتب مستخدماً التحليل الاستطرادي؛ فهو يقلب شعار تنظيم داعش المعروف "باقية وتتمدّد"، إلى المجال الأمريكي، ويقول: إنّ "إستراتيجية تنظيم القاعدة باستمرار؛ هي استهداف أمريكا، وإنّ المصالح الأمريكية "باقية وتتمدّد"".

لذلك؛ حذّر بوضوح من أنّ أيّ خطأ في فهم معنى مقتل بن لادن وإستراتيجيته، سيعني المزيد من النجاحات لإرث بن لادن ونجاح إستراتيجيته مستقبلاً، في موته أكثر ممّا كانت في حياته، خاصة أنّ استمرار محاولة تنظيم القاعدة للساحة الأمريكية أو مصالحها في الخارج، لم تنته، سواء قبل أو بعد مقتل بن لادن، وهناك الكثير من الأمثلة، بعضها نجح، وبعضها فشل، أو أحبِط.

اقرأ أيضاً: قراءة في كتاب "التطرف" لإبراهيم غرايبة

وكانت كلّها تشير، في نهاية الأمر، إلى استمرار خطورة التنظيم، الآن وفي المستقبل، ولعلّ هذا ما أشار إليه منظّر الإرهاب المعروف في مؤسسة "رند"، بريان مايكل جنكينز، عندما أكّد في مقدّمة الكتاب أنّه "ليس هناك اتفاق كامل بين المحللين حول التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة اليوم، في المقابل؛ إنّ الكلّ متفقون في أنّ القضاء على بن لادن لم ينهِ البتّة إرهاب القاعدة". 

ومن العمليات التي نفذها التنظيم، قبل مقتل بن لادن (في 2 أيار (مايو) 2011)؛ العملية الإرهابية الصاعقة، التي نفّذها، في30 كانون الأول (ديسمبر) 2009، الطبيب الأردني همام خليل البلوي، الملقب "أبو دجانة الخرساني"، والذي كان يكتب في المنتديات الجهادية، ويدافع عن القاعدة في العراق؛ حيث فجّر نفسه بفريق عمليات استخبارية أمريكي-أردني مشترك، كان ينوي لقاء البلوي للإدلاء بمعلومات استخبارية حول قادة القاعدة، وقتل فيها سبعة من الفريق الأمريكي، والنقيب في المخابرات الأردنية – الشريف علي بن زيد (من العائلة الهاشمية الحاكمة في الأردن)، وجرح ستة آخرين في قاعدة خوست –أفغانستان، وقد وصف الصحفي الأمريكي المشهور، ديفيد أغناتيوس، العملية بقوله: "إنّها أكثر الأخطاء تكلفة في تاريخ وكالة  المخابرات الأمريكية (CIA)".

اقرأ أيضاً: بيرغر: هل استطعنا فهم أسباب التطرف فعلاً؟

كما يشير غارتنستين في كتابه، بكثير من التفاصيل الدقيقة والموثقة، إلى التكاليف المالية والبشرية الباهظة التي أنفقتها أمريكا على إجراءات الأمن، خاصّة في الحدود والمطارات وسلامة الطيران، والتشديد العشوائي، المبالغ فيه أحياناً، في عمليات التفتيش في المطارات، وعدم فعالية نظام "البروفايل"، واستهداف العرقيات والأقليات، مثل: العرب، والسود، والآسيويين.

ومن المثير للسخرية؛ أنّ الأمر وصل حدّ تفتيش شخصيات سياسية مشهورة جداً في أمريكا، مثل: آل غور، وهو نائب الرئيس بيل كلنتون، ومرشّح الرئاسة ضدّ جورج بوش الابن في انتخابات عامَي 2000، و2002.

اقرأ أيضاً: كيف ينتهي الإرهاب؟

ولعلّ هذا ما دفع غارتنستين ليتساءل بمرارة: هل زادت هذه الإجراءات "الخرقاء" حماية أمن الأمريكيين أم زادت هشاشة البنية الأمنية؟ وهنا يسأل: هل ما تراه الدول فشلاً للجماعات الإرهابية تراه الجماعات كذلك؟

وفي إشارة إلى مسألة تحليل المخاطر وحساب التكاليف، و"تكلفة الفرصة البديلة"، يعرض غارتنستين، باستبصار عميق، مسألة استنزاف الاقتصاد الأمريكي، مقارنة بالعمليات الإرهابية غير المكلفة للقاعدة، رغم أنّها عظيمة الأثر والتكلفة المادية والنفسية في الاقتصاد والمجتمع الأمريكي؛ وذلك بتطبيق إستراتيجية منظّر الحرب الصيني المشهور، صن تزو؛ "المئة جرح في جسم العدو القوي والضخم"، دون أن ننسى أنّ الإرهاب كان، وما يزال، "تكتيكاً" وسلاح الضعيف في وجه جبروت القوي وقوته الغاشمة.

اقرأ أيضاً: قراءة في كتاب "تشريح الإرهاب.. من مقتل بن لادن إلى ظهور داعش"

ويضرب أمثلة على ذلك؛ من تجارب حرب المجاهدين الأفغان ضدّ السوفييت، وهجمات 11 سبتمبر؛ التي كلّفت الاقتصاد الأمريكي خسائر تقرب تريليون دولار أمريكي، بينما كلفت تنظيم القاعدة، بحسب ادّعاءات بن لادن للصحفي تيسير علوني، عام 2004، 500 ألف دولار فقط.

وفي الوقت الذي كانت فيه أمريكا تغذ الخطى، وتنفق ملايين الدولارات، في سبيل تأمين حدودها الطبيعية الفيزيائية؛ لأنّها لم تعرف عدوّها (بن لادن) وفشلت في فهمه، كان تنظيم القاعدة يخترق الفضاء، ويطلق آليات العولمة التكنولوجية في عملية الاتصال، ويجري تحوّلاً في تنفيذ الإستراتيجية نحو الفضاء الافتراضي، مستخدماً الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، بدرجة تتفوق على الدول، وقد أكّد زعيم التنظيم الحالي، أيمن الظواهري؛ أنّ "الإعلام هو نصف الحرب".

اقرأ أيضاً: علي محافظة يحفر في الجغرافيا الفكرية للحركات الإسلامية المتطرفة

لم تأخذ أمريكا الوقت الكافي لفهم التاريخ الشخصي وأفكار بن لادن التي طبقها في إستراتيجية تنظيم القاعدة وأهدافه وأساليبه؛ بل إنّ المخططين الأمريكيّين فشلوا، حتّى الآن، في استيعاب هدفين رئيسين للقاعدة، كان يخطط لهما بن لادن، هما: الأول: أنّ تنظيم القاعدة يسعى إلى استنزاف أمريكا اقتصادياً، من خلال التركيز على العمليات التي تستهدف الاقتصاد الأمريكي، داخلياً وخارجياً، وأخطر مثال على ذلك؛ هجمات 11سبتمبر، التي كلّفت الاقتصاد الأمريكي خسائر إجمالية في البنى التحتيّة وأسواق الأسهم، قرابة ترليون دولار.

والثاني: تكريس الصراع معها عالمياً، ومحاولة استدراجها إلى ساحات خارجية.

العراق كان محفّزاً لبروز أبشع الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش

الآن؛ إذا نظرنا إلى تمدّد الإمبراطورية الأمريكية، من خلال غزو العراق؛ الذي كلّف أمريكا 3 ترليون دولار، عام 2008، وكان خطأ كارثياً، وأثبت فشل نظرية "مصيدة الذباب"؛ التي طوّرها الجنرال ريكاردو سانشيز، بهدف جذب المقاتلين الإرهابيين إلى العراق، ثم قتلهم بعيداً عن الأراضي الأمريكية، وأفغانستان، والتدخّل في الصومال، واليوم في سوريا، ودول الساحل والصحراء، بهدف مطاردة فلول القاعدة؛ فإنه يمكن القول: إنّ هدف القاعدة باستدراج أمريكا بعيداً عن عرينها إلى الخارج قد تحقّق.

يشكّل الكتاب إضافة معرفّية، وعملاً مرجعيّاً أصيلاً لا غنى عنه لكلّ من يريد أن يفهم سيرورة ظاهرة الإرهاب العالمي

كما نشهد، اليوم، شبه إجماع من منظري وخبراء الإرهاب؛ على أنّ العراق كان محفّزاً لبروز أبشع الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها داعش.

إذاً، نجح غارتنستين باستشراف ٍعميقٍ، في الحفر في مسألة يمكن وصفها بأنها "تغيّر سلوك الدولة"، من حيث ثلاثة مظاهر، تعدّ مهمة جداً، وهي: النموّ الهائل في البنية التحتية للبيروقراطية الأمنية، ومثال ذلك: موازنة وكالة المخابرات المركزية، التي وصلت إلى 75 بليون دولار (عام 2009)، فضلاً عن "خصخصة الحرب على الإرهاب"، وانتشار المتعاقدين الخاصّين، بعد هجمات 11سبتمبر واحتلال العراق.

إلى جانب "تسييس" الحرب على الإرهاب من قبل النخب السياسية والأحزاب، وما رافقها من انتشار الفساد السياسي والمالي والرشوة، وهي ظاهرة انتشرت من الفضاء الأمريكي؛ حيث غيّرت هجمات 11 سبتمبر المشهد السياسي، وأصبح خطر الإرهاب هو الملف الأهم للأحزاب السياسية وجماعات الضغط، ودول الاتحاد الأوروبي، في العقد الأخير، خاصة في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في ظلّ ترافقه (الإرهاب) مع ظواهر أخرى مساعدة؛ مثل انتشار جماعات اليمين المتطرف، والأحزاب الشعبوية، وزيادة مشكلات اللاجئين والمهاجرين، وانتشار الإسلاموفوبيا؛ حيث أصبحت شعارات مكافحة الإرهاب عناوين يافطات وبرامج انتخابية لمختلف ألوان الطيف السياسي المتصارعة، وتوسيع دائرة الحرب على الإرهاب، بدلاً من تضييقها، وتحديد المستهدفين بدقة، مثلما فعل الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الابن، من خلال شعار "من ليس معنا فهو ضدّنا" ، و"ضرورة ملاحقة الإرهابيين أينما كانوا". وذلك ما نتجت عنه الحرب ضدّ طالبان أفغانستان، ومنطقة القبائل في باكستان والحرب الطويلة هناك، وغزو العراق، دون أن يكون له علاقة بالقاعدة، ولن يُنسى أنّ الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، حاول، من خلال "الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب" (2011)؛ أن يركّز على هدف محدّد: هو إرهاب القاعدة.

اقرأ أيضاً: الإرهاب.. أول الدم من الزرقاوي إلى البغدادي

جاء الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، بإستراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب

جاء الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، بإستراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب، والتي نشرت في 5 تشرين الأول (أكتوبر) العام 2018، وقد شطب فيها، تقريباً، الهدف المحدّد من مقاربة سلفه أوباما؛ حيث ركّز على طيف أيديولوجي واسع من إرهاب "الأطراف الفاعلة من الدول" وعلى رأسها إيران، و"الأطراف الفاعلة من غير الدول" وعلى رأسها التنظيمات الراديكالية الإسلاموية الإرهابية، في مقدّمتها تنظيما داعش والقاعدة، والإرهاب الذي تمارسه بعض جماعات اليمين المتطرف في أوروبا، ويعتقَد بأنّ هذه خلطة عجيبة، وغير متجانسة، من الأعداء، فكأنّه يضع أفعى كوبرا وكلباً وقطّاً في كيسٍ واحد، ويريد السيطرة على ما فيه!

اقرأ أيضاً: "الإرهاب الأبيض": إلى متى تتجاهل أمريكا الخطر الأكبر على أمنها؟

وفي النهاية؛ نعلم أنّ كتباً كثيرة ألِّفت حول أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، باللغتين؛ العربية والإنجليزية، خلال العقدين الماضيين، لكنّ كتاب ، يبقى غارتنستين، من أهمّ ما كتب؛ وذلك لما يشكّله من إضافة معرفّية، وعمل مرجعيّ أصيل، مليء بالاستشرافات المستقبلية، و"كتالوج" لا غنى عنه لكلّ من يريد أن يفهم سيرورة ظاهرة الإرهاب العالمي، والسياسة الدولية، وليس مجرد سيرة ذاتية للرجال. الأمر الذي يجب أن يتنبّه له الباحثون والمترجمون العرب هو أهمية هذا الكتاب القيّم وترجمته إلى اللغة العربية قريباً.

الصفحة الرئيسية