إسرائيل تحصّن سجونها.. ومحللون لـ "حفريات": الأسرى سينالون الحرية

إسرائيل تحصّن سجونها.. ومحللون لـ "حفريات": الأسرى سينالون الحرية


08/11/2021

بعد قرار وزارة الدفاع الإسرائيلية بتحصين سجن جلبوع بالتنسيق مع دائرة السجون، على خلفة هروب الأسرى الفلسطينيين الستة من السجن ذاته في السادس من أيلول (سبتمبر)2021، والذي أثار هروبهم ضجة واسعة في داخل الكيان، قبل أن يتم إعادة اعتقالهم من جديد، شكك محللون فلسطينيون أن تشكل تلك التحصينات المزمع إجراؤها، عائقاً أمام الحركة الأسيرة في داخل المعتقلات الصهيونية من البحث عن الوسائل المختلفة لنيل حريتهم.

اقرأ أيضاً: محللون يكشفون لـ "حفريات" سياسة الابتزاز الإسرائيلية ضد الأسرى

وبحسب صحيفة "ذا ماركر" الإسرائيلية، فإنّ مصلحة السجون وبناءً على خطة قانون التسويات (قانون السياسة الاقتصادية) الإسرائيلي، ستحصل على 10 ملايين شيكل (نحو 3 ملايين دولار) في عام 2022، بهدف إغلاق خمسة إلى ثمانية سجون إسرائيلية تعتبر قديمة (مثل نفحة)، في المقابل، تقوم مصلحة السجون ببيع الأراضي المقامة عليها هذه السجون للقطاع الخاص، لتحصل على تمويل ضخم يُمكّنها من بناء سجن واحد جديد وعصري، يستوعب نحو 2800 أسير كحد أقصى.

استبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني نهاد أبو غوش أن تشكل تلك التحصينات أي عائق أمام الحركة الأسيرة في داخل السجون الصهيونية لنيل حريتهم

واستبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني نهاد أبو غوش خلال حديثه لـ "حفريات" أن "تشكل تلك التحصينات أي عائق أمام الحركة الأسيرة في داخل السجون الصهيونية لنيل حريتهم، على الرغم من القدرات الكبيرة للسجان التي تتطور وتتحسن باستمرار، إلا أنّ ذلك يواجهه وعي السجين وذكاؤه وقدرته على اختراق التحصينات الأمنية بشكل متطور ومستمر"، موضحاً أنّ "هذه التحصينات هي الجانب المادي الصمّ من المعادلة، في ظل وجود سجان يتعامل بمنطق الوظيفة والرغبة في الانتقام والتنكيل، وعلى الجانب الآخر سجين يناضل من أجل نيل حريته، حيث إنّ هناك كثيراً من القصص التي استطاع فيها الأسرى التأثير على السجان والعكس".

شعبة الهندسة والبناء في وزارة الدفاع الإسرائيلية ستقوم بالتنسيق مع دائرة السجون بمشروع حماية وتحصين سجن جلبوع، على خلفية واقعة هروب الأسرى الفلسطينيين الستة

وأكد أبو غوش أنّ "التحصينات الذي يسعى الاحتلال الإسرائيلي للقيام بها في داخل السجون، هي جزء يسير من حالة المواجهة المستمرة، وحكومة الاحتلال ومصلحة السجون لا ينظرون للأسرى باعتبارهم مجرد سجناء يفكرون بالهرب، بل هم جزء من قيادة الشعب الفلسطيني المتقدمة، ولذلك فإنّ دولة الكيان معنية بكسر إرادة هؤلاء الأسرى، ومنع التواصل بينهم وبين شعبهم، وإخضاع كل مراسلاتهم واتصالاتهم للمراقبة".

ثغرات في داخل السجون

ولفت إلى أنّ "الأغلبية الساحقة من قيادات الشعب الفلسطيني تخرجت من السجون، والتي تعتبر محطة لصقل تجربة المناضل وتطوير وعيه وثقافته السياسية، لذلك فانّ أهداف حكومة الاحتلال وإدارات السجون ليس منع الهرب فقط، بل الحد من الدور القيادي والطليعي الذي تلعبه الحركة الأسيرة في إطار الحركة الوطنية، حيث دأبت أعلى المستويات الحكومية للاحتلال في محطات تاريخية عديدة على إجراء مفاوضات مع قادة الأسرى، وذلك إبان حكم رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين، والذي قام بزيارة الأسرى في أواخر الثمانينات، محاولاً التفاوض معهم لإيجاد بدائل لمنظمة التحرير، وغيرهم من قيادات الحركة الأسيرة للفصائل الفلسطينية، حتى تحولت السجون إلى معاهد وجامعات لتخريج الكوادر والقادة".

 

اقرأ أيضاً: مهرجان الجونة السينمائي.. قضية الأسرى الفلسطينيين إلى الواجهة عبر فيلم "أميرة"

وتابع المحلل الفلسطيني أنّ "عملية الهروب الأخيرة من سجن جلبوع، أكدت على وجود ثغرات في داخل السجون الإسرائيلية وفي الأنظمة الالكترونية والإدارية للحراسة، وفي العلاقة بين الأذرع الأمنية المختلفة، والتي شكلت فشلاً استخبارياً في توقع ومعرفة ما الذي يخطط له الأسرى، فضلاً عما كشفته من فساد في تعيينات الوظائف العامة، وخضوع ذلك لاعتبارات سياسية ومحسوبية وليس لاعتبارات الجدارة ومعايير الكفاءة، حيث جرى تشخيص هذه الثغرات أيضاً في سجون أخرى، وفي أذرع وأجهزة أخرى للأمن الإسرائيلي".

الأسرى ورقة ابتزاز اسرائيلية

وأوضح أبو غوش أنّ "الاحتلال سعى دوماً إلى استغلال قضية الأسرى كورقة ابتزاز، وما يدلل على ذلك الاعتقالات الجماعية التي تنفذها غالباً على خلفيات سياسية، كاعتقال جميع نواب حركة حماس في الضفة، أو إعادة اعتقال الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار، أو اعتقال قيادات وكوادر الجبهة الشعبية، والاعتقالات الإدارية، وفي كل هذه الحالات، تسعى إسرائيل إلى تكريس أنّ موضوع الأسرى هو موضوع أمني إسرائيلي داخلي، وأي عملية إفراج جماعية تكون في سياق إجراءات بناء الثقة، وبالتالي يجب أن يقابلها شيء من الفلسطينيين مثل العودة للمفاوضات، أو استئناف التنسيق الأمني، او ضمانات لاستمرار الهدوء".

رى الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور أنّ لجوء مصلحة السجون الإسرائيلية لتحصين المعتقلات لن يشكل عائقاً أمام محاولات الحركة الأسيرة بتكرار محاولات الهروب

وأشار الكاتب والمحلل السياسي إلى أنّ "التصعيد الحاصل في السجون الإسرائيلية، مع استمرار عمليات التنكيل بأسرى حركة الجهاد، والتنقلات التعسفية، وتشديد العقوبات، واستمرار الاعتقالات الإدارية، يجعل الأمر مرشحاً للتصعيد، وخاصة إذا تدهورت أحوال بعض الأسرى المضربين، حيث تخشى الحكومة الصهيونية الحالية الظهور بمظهر الضعيف أو من يتنازل أمام الأسرى، لذلك ربما تنجح بعض التسويات المؤقتة، ومن بينها صدور أحكام قضائية لكي تلزمها بتخفيف إجراءاتها".

لن يكون عائقاً

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور خلال حديثه لـ "حفريات" أنّ "لجوء مصلحة السجون الإسرائيلية لتحصين المعتقلات لن يشكل عائقاً أمام محاولات الحركة الأسيرة بتكرار محاولات الهروب، وما تقوم به السلطات الصهيونية يأتي كرد فعل طبيعي لمعالجة نقاط الضعف وسد الثغرات بداخل تلك السجون في محاولة لمعالجتها، لمنع تكرار مثل تلك المحاولات من وجهة نظرها، بيد أنّ ذلك لن يضمن لها منع محاولات الهروب للأسرى الفلسطينيين".

 

اقرأ أيضاً: محللون لـ "حفريات": لهذا ظهر الأسرى مبتسمين

ويضيف منصور، الذي أمضى 20 عاماً في داخل السجون الإسرائيلية، خلال حديثه لـ "حفريات" أنّ "التحصينات الجديدة قد تصعب على الأسرى الفلسطينيين وتعقد من محاولة بعضهم للهروب، ومن شأنها أن تقلل من فرص نجاحها، لكنّ ذلك لن يمنع الحافز والرغبة وهما العنصران الأساسيان التي يتمتع بها الأسير الفلسطيني والذي يقضى سنوات طويلة في داخل السجون، من استغلال أي فرصه أو ثغرة لديه، لكي يتحرر من المعتقل عبر محاولة الهروب منه".

ضربة قاسية لمصلحة السجون

ولفت إلى أنّ محاولة هروب ستة أسرى من معتقل جلبوع قبل عدة أشهر، "أثبتت للجميع أنه مهما وصلت المنظومة الإسرائيلية داخل المعتقلات إلى درجة عالية من التطور والتحصين فإنه بالإمكان اختراقها، بعد أن تسببت تلك الحادثة، والتي تفوق فيها الأسير الفلسطيني، بضربة قاسية لمصلحة السجون، وكان لها تداعيات معنوية ولوجستية على المنظومة الصهيونية بشكل عام"، مبيناً أنّ "حادثة الهروب ربما شكلت أحد أكبر الاختراقات التي شهدتها السجون في إسرائيل على مر التاريخ، في ظل وجود حرب عقول وإرادات بين الأسرى وسجانيهم على مدار الساعة".

وتابع منصور بأنّ "الأمن يأتي في الدرجة الأولى قبل أي شي بداخل دولة الكيان، لتيقنها بأنها دولة محاطة بأعداء، ولا يوجد لها جذور قوية في المنطقة، كما أنها دولة عنصرية قائمة على الظلم، وكل تلك المعطيات هي عوامل تجعل إسرائيل تعتمد على مبدأ القوة لبقائها، والذي لا يأتي سوى بالحفاظ على أمن قوي".

المحلل السياسي نهاد أبو غوش لـ"حفريات": حكومة الاحتلال ومصلحة السجون لا ينظرون للأسرى باعتبارهم مجرد سجناء يفكرون بالهرب، بل هم جزء من قيادة الشعب الفلسطيني

منصور أكد أنّ إجراءات مصلحة السجون لتحصين المعتقلات تحت شعار استخلاص العبر وسد الثغرات "من شأنه ترك تداعياته الخطيرة على الأسرى الفلسطينيون، والذين استخدمتهم دولة الكيان كورقة ابتزاز سياسي في مناسبات عديدة من بنيها المفاوضات مع الفلسطينيين والتي استمرت على مدار 25 عاماً، ناهيك عن عمليات القمع والتنكيل التي ترتكبها بحقهم، وهو ما سيدفع ثمنه الأسرى، الأمر الذي قد يدفعهم للقيام بالمزيد من النضالات للضغط على الاحتلال للاستجابة لمطالبهم، وعودة الأمور كما كانت عليه سابقاً".

وتوقع الكاتب والمحلل السياسي أن "تشهد المرحلة المقبلة موجة من التصعيد التدريجي، في ظل تفاقم الأوضاع السيئة بداخل السجون الصهيونية، واستمرار السلطات الإسرائيلية في معاقبة الأسرى والتنكيل بهم".

تحصين سجن جلبوع

وكانت وزارة الدفاع الإسرائيلية، أكدت في تغريدة، على حسابها الرسمي على "تويتر" في 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أنّ شعبة الهندسة والبناء بالوزارة بالتنسيق مع دائرة السجون ستقوم بمشروع حماية وتحصين سجن جلبوع، على خلفية واقعة هروب الأسرى الفلسطينيين الستة من السجن نفسه، في السادس من الشهر الماضي.

وأفادت الوزارة بأنّ المشروع الذي تبلغ قيمته حوالي 8 ملايين شيكل، يقوم على تقوية وتدعيم البنية التحتية للسجن الإسرائيلي، فضلاً عن وضع أو صبَّ الخرسانة في الزنازين، وتحسين حمايتها.

وذكرت رئيسة مصلحة السجون، كيتي بيري، في بيان "أنّ إدارتها باشرت العمل في إعادة تحصين سجن جلبوع بموجب خطة وضعها خبراء الهندسة والبناء في الجيش الإسرائيلي"، حيث يشمل المشروع ملء كل التجاويف تحت أجنحة السجن التي استخدمها الأسرى للهرب، واستخدام "طريقة حقن" التي كان قد طورها الجيش خلال محاولته التغلب على أنفاق حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، كما قررت بناء جدار تحت الأرض حول السجن، وتثبيت وسائل تكنولوجية وأنظمة إنذار وكشف متقدمة، تعتمد على تحليلات الذكاء الصناعي".

 

اقرأ أيضاً: وفد من حماس إلى القاهرة لبحث ملف تبادل الأسرى... تفاصيل

وقالت بيري للجنة الأمن الداخلي في جلسة سابقة للكنيست (البرلمان)، إنّ "تهديد الهروب هو على رأس جدول أعمال كل ضابط إسرائيلي، حيث تم إحباط نحو 300 محاولة ومخطط هروب خلال العقد الماضي، وبالتعاون مع الجيش ومسؤولين آخرين سيعمل الفريق الذي يتنقل بين زنزانة وزنزانة وبين جناح وجناح في كل سجن، من أجل التحقق من هندسة المباني، ورؤية المخططات، والتحقق مما هو تحت الأرض".

ووفق إحصائية صادرة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نحو 4650، بينهم 40 أسيرة، ونحو 200 قاصر، إضافة إلى 520 أسيراً ادارياً (دون تهمة أو محاكمة).




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية