إسلاميو الجزائر يغازلون السلطة الجديدة

إسلاميو الجزائر يغازلون السلطة الجديدة


31/12/2019

صابر بليدي

أطلقت أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر، إشارات غزل تجاه السلطة الجديدة، بالتعبير عن رغبتها في المشاركة في الحوار المنتظر فتحه قريبا، واعترافها بتزكية الرئيس الجديد للبلاد عبدالمجيد تبون بجزء من الشعب الجزائري، مما يكرس توجهات تقليدية لدى الإسلاميين في عدم تضييع فرص التحالف مع السلط القائمة.

ورافع رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية عبدالرزاق مقري، لصالح المقاربة القاضية بإتاحة الفرصة اللازمة للرئيس الجديد عبدالمجيد تبون، من أجل تجسيد التعهدات التي أطلقها خلال حملته الدعائية، والالتزامات التي أطلقها في خطابه الرسمي الأول أثناء تنصيبه الرسمي رئيسا للبلاد.

ودعا رئيس حركة مجتمع السلم إلى “إعطاء رئيس الجمهورية فرصته كاملة من أجل تحقيق الإصلاحات المنشودة، وإلى ضرورة خروج الحراك الشعبي من فخ السقوط في السلبية والصراعات الأيديولوجية، ومساعدة تبون على تحقيق الإصلاحات”.

وهو التصريح الذي يتنافى مع مواقف سابقة للحركة المذكورة، لما أكدت على عدم اهتمامها بالاستحقاق الرئاسي الأخير بسبب رفضه من طرف الشعب، رغم تركها الباب مفتوحا أمام إمكانية دعم أي مرشح يتوافق مع أفكارها، وهو ما لم يحدث، الأمر الذي يكرس عدم اقتناعها بالبرامج التي طرحت للشعب الجزائري، رغم أنه كان من بين المتنافسين على كرسي الرئاسة، أحد المحسوبين على التيار الإسلامي، وهو المرشح عبدالقادر بن قرينة، الذي يعدّ أحد مؤسسي الحركة نفسها.

وانتخب تبون في الجولة الأولى من اقتراع 12 ديسمبر الجاري، لكن حركة مجتمع السلم أعلنت عدم المشاركة في السباق بمرشح أو دعم أي من المتنافسين دون الدعوة إلى المقاطعة. ويكشف الموقف الأخير لحمس، قدرتها على التلوّن السياسي مع الوضع الجديد، رغم مزاعمها سابقا بالتخندق مع مطالب الشعب والحراك الشعبي، واحترام إرادة الشارع في تحقيق التغيير المنشود والانتقال الديمقراطي في البلاد.

وصرح مقري في ندوة صحافية أعقبت اجتماعا رسميا للهيئة القيادية، بأنه “من واجبنا إعطاء الرئيس الفرصة كاملة للإصلاح وندعوه للحذر من الفاسدين والانتهازيين وبخصوص تعاملنا معه فسيكون مثلما تعاملنا مع الرؤساء السابقين تماما”.

ولفت إلى أن “حركة مجتمع السلم، مستعدة للمشاركة في الحوار مع السلطة، لأننا من دعاة التوافق وتمنينا أن يكون التوافق خلال الانتخابات لكن من بيدهم الحكم يتحملون مسؤوليتهم، الرئيس إذا أحسن سندعمه وإذا أخطأ سنقومه، وإذا ما دعينا للحوار فسنشارك فيه”. مضيفا “الموانع المعلنة لرفض الحوار مع النظام التي وضعها الحراك مثل رحيل رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة قد زالت”.

وفور إعلان فوزه بالسباق قبل أيام، أعلن تبون أنه يمد يده للجميع للحوار من أجل تجسيد مطالب الشارع عبر إصلاحات متدرجة تبدأ من ورشة تعديل الدستور.

وأضاف مقري “الحراك يجب أن يكون إيجابيا وأن يرفع سقف مطالبه ليضغط من أجل الإصلاحات، وأن يعطي رسالة بأن وجوده قائم لتحقيق ذلك الهدف ومن أجل التغيير السلس، ونشدد على أنه يجب أن يخرج من الاستقطاب السياسي والعرقي والشتائم ويتحضر أكثر”.

وأبدى إسلاميّو الجزائر ليونة في التعامل مع السلطة الجديدة، منذ تنصيب الرئيس الجديد، فزيادة على موقف حمس الجديد، كان رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، الذي ترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، قد أعرب عن عدم ممانعته المشاركة في الحكومة الجديدة، إذا توفرت جملة من الشروط.

وفي هذا الشأن أكد الرجل الثاني في الحركة أحمد الدان، عن “استعداد حركة البناء للمشاركة في الحكومة المنتظرة”، وهو ما يعكس توجهات الحزب الإسلامي المنبثق عن حركة حمس، في التوجه لبناء تحالف مع السلطة أو قطع الطريق على منافسيه من نفس التيار.

وذهب النائب البرلماني عن تحالف النهضة والعدالة والبناء مسعود عمراوي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إلى ضرورة “مراجعة الحراك الشعبي لخياراته الراديكالية”، وأبدى استعداد أحزاب التحالف المذكور إلى فتح صفحة جديدة مع السلطة، مما يؤكد نوايا الإسلاميين في التخندق من جديد في واجهة المشهد السياسي، رغم التحديات المطروحة أمام السلطة، بسبب استمرار الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات الأسبوعية المعارضة لها.

وتظاهر جزائريون، الجمعة الماضي، في شوارع العاصمة في التجمع الأسبوعي الأخير لهذا العام، مواصلين المطالبة برحيل كل رموز النظام، بعد أيام من تسلم الرئيس الجديد عبدالمجيد تبون مسؤولياته.

وكان عدد المتظاهرين أقل من الأسابيع الفائتة، لكن هؤلاء أصروا على أن حراكهم مستمر في زخمه، بحسب ما أفادت به تقارير إعلامية.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية