إكسبو دبي: فضاء لأكبر تجمع إنساني للخبرات والأفكار والثقافات

"بعد أسابيع قليلة سنستقبل العالم في أكبر حدث عالمي تشهده الإمارات والمنطقة، وسيكون تنظيمه الناجح تتويجاً لتضافر جهود كافة المؤسسات والهيئات وتعاونها وتنسيقها لاستضافة إكسبو دولي استثنائي يليق بمكانة دولة الإمارات وطموحات قيادتها".

بهذه الكلمات أعربت، أمس الأربعاء، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، المدير العام لمكتب إكسبو 2020 دبي، عن أملها بأن يكون الحدث العالمي، منصة أخرى للإعلان عن ريادة دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمعها العالم في مكان واحد، وتحت مظلة واحدة، ونحن هدف واحد.

إثنان وأربعون يوماً متبقية على انعقاد الملتقى العالمي، الذي تشارك فيه أكثر من 190 دولة لعرض الابتكارات حول موضوعات الاستدامة والتنقل والفرص.

ويتزامن انطلاق إكسبو 2020 دبي، مع احتفال دولة الإمارات بيوبيلها الذهبي، وهو ما يشكل فرصة لاستعراض التجربة الإماراتية المدهشة بكل المقاييس ومشاركة قصتها الملهمة العالم، بحيث سيكون المعرض الدولي فرصة لبناء شراكات جديدة مع مختلف المؤسسات والشركات في الإمارات، محلياً وإقليمياً ودولياً، تشكل رافعة ضمن روافع مسيرة الإمارات التنموية للخمسين سنة المقبلة.

وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي:  "إكسبو دبي سيكون فضاء لأكبر تجمع إنساني للخبرات والأفكار والثقافات والإنجازات في العالم.. كما سيرسم خارطة طريق لأهم التوجهات الاقتصادية والتنموية والثقافية لمرحلة ما بعد كوفيد-19".

الإنسانية انتصرت

وأضاف سموه: "نجاحنا في استضافة أكبر تظاهرة حضارية ثقافية عالمية يؤكد أنّ الإنسانية بتضامنها انتصرت على جائحة فيروس كورونا المستجد"، موضحاً في تغريدات نشرها على حسابه في "تويتر" في الثالث والعشرين من حزيران (يونيو) الماضي: "من خلال تسخير العلم والمعرفة للتصدي لجائحة كوفيد-19 تؤسس المنظومة الدولية لمرحلة جديدة من التعاون المستقبلي.. وإكسبو دبي سيكون منصة لاستكشاف آفاق هذا التعاون".

ولفت سموه إلى أنّ الإمارات تمدّ من خلال إكسبو دبي "جسراً لكل شعوب العالم لتوحيد الجهود والتطلعات والعمل من أجل صنع مستقبل أفضل للبشرية".

الشيخ محمد بن راشد: نجاحنا في استضافة أكبر تظاهرة حضارية ثقافية عالمية يؤكد أنّ الإنسانية بتضامنها انتصرت على جائحة فيروس كورونا.. موعدنا إكسبو دبي

الكل، كما قال الشيخ بن بن راشد، مدعو "من كل أنحاء العالم كي يكونوا جزءاً من عيش تجربة غير مسبوقة في تاريخ الإبداع الإنساني.. موعدنا إكسبو دبي".

ويحظى انعقاد الحدث باهتمام استثنائي، لما لدبي من مكانة دولية مميزة وريادة في عقد الملتقيات العالمية الكبيرة، وتعزز التكنولوجيا المتقدمة وتعدد منصات التواصل، وكذلك الاستثمار الأمثل لهذه الأدوات المعرفية والتقنية في دبي، من إيصال رسائل "إكسبو 2020 دبي" إلى أوسع نطاق في العالم مقارنة مع المعارض السابقة، حيث أصبح الواقع الرقمي واقعاً حقيقياً بعد جائحة كورونا، لذا تُلاحظ وجوه التقدم الكبيرة التي قطعها في فترة قياسية بحيث أصبح حديث العالم.

دورة كل خمس سنوات

ويقام المعرض، كل خمس سنوات، ويشهد مئات الدول التي تستخدم الأجنحة لعرض أحدث ما في الهندسة المعمارية والتكنولوجيا.

وقبل أن يجبر الوباء دبي على تأجيل الحدث، توقع المنظمون 25 مليون زيارة خلال المعرض الدولي الذي يستمر ستة أشهر. وسينظم الآن من 1 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 31 آذار (مارس) 2022.

زوار "إكسبو 2020 دبي" سيكون مغايراً لمعارض إكسبو الأخرى، وفق صحيفة "البيان"؛ لأنّ جميع فئات المجتمع يمكنها حضوره ومن جميع الجنسيات وأنحاء العالم. في معارض إكسبو الماضية كان الاهتمام يأتي من النخبة على سبيل المثال ولا يقتصر جمهور الرياضيين كما في الإكسبو الأول والثاني. أما إكسبو دبي فسيكون أكثر تفاعلاً واندماجاً في مجتمع المعرفة الذي يشكل صرح العالم في الوقت الحالي.

ويعتبر معرض دبي إكسبو أكبر حدث يقام في العالم العربي. ويأتي في وقت تحاول فيه الإمارات التعافي من واحدة من أسوأ حالات الركود لديها منذ خمسة عقود، إذ انكمش الاقتصاد، في العام الماضي، بنسبة 6.6٪ حتى مع إعلان الحكومة سلسلة من الإصلاحات لجذب الاستثمارات ومساعدة الشركات. وقد بدأت بعض هذه الخطوات تثمر مع قيام صندوق النقد الدولي برفع توقعات النمو لدولة الإمارات إلى 3.1٪ لعام 2021، وفق "بي بي سي".

يعود تاريخ القطعة الأثرية، الذي أستوحى منها شعار إكسبو دبي 2020 إلى أكثر من 4000 سنة، مما يؤكد موقع دبي كملتقى حضاري قديم

من المتوقع أن يعزز "معرض إكسبو" اقتصاد دبي بمقدار 33 مليار دولار، ويوفر ما يصل إلى 300 ألف فرصة عمل. ويغطي الموقع 4.3 كيلومتر مربع، أو 613 ملعب كرة قدم، وسيكون للمعرض محطة مترو خاصة به. وستختبر أوبر السيارات الطائرة خلال الحدث، كما ستستخدم حوالي 90٪ من مواد البناء لإنشاء مبانٍ دائمة بعد ذلك. وسيطرح إكسبو 2020 ثلاثة أنواع من التذاكر، إذ تتكلف تذكرة اليوم الواحد 26 دولاراً، وتذكرة الشهر 53 دولاراً، والستة أشهر 135 دولاراً.

الإمارات ستحصد مكاسب اقتصادية

ويؤكد رجال أعمال وخبراء اقتصاديون، أن الإمارات ستحصد مكاسب اقتصادية عدة عندما تستضيف العالم خلال "إكسبو 2020 دبي"، حيث أشار آندرو سكوت، البروفيسور في الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، إلى أنّ دبي ستجني الكثير من القيمة الرمزية لاستضافة المعرض، أهمها نقل صورة نجاح الاقتصاد الإماراتي إلى العالم، لاسيما مع وقوع منطقة الشرق الأوسط في مكان مثالي بين الشرق والغرب، وتركيز دبي على روابطها العالمية والميزة التي تتمتع بها للقيام بالأعمال التجارية، منوهاً في تصريح لصحيفة "الاتحاد" بأنّ "إكسبو 2020 دبي" سيجذب شريحة جديدة من المسافرين غير المتكررين، حيث سيتسنى لهم اكتشاف جاذبية الدولة ومقوماتها، وسيتحدثون عنها بعد عودتهم إلى بلدانهم.

سيكون للمعرض محطة مترو خاصة به، وستختبر أوبر السيارات الطائرة خلال الحدث، كما ستستخدم حوالي 90٪ من مواد البناء لإنشاء مبانٍ دائمة بعد ذلك

وفي السياق ذاته، يرى راشد الأنصاري، الرئيس التنفيذي في شركة الأنصاري للصرافة، أنّ انطلاقة أكبر حدث دولي بعد جائحة "كوفيد- 19" في دبي سيحقق منافع جمة ستنعكس على القطاعات الاقتصادية كافة.

وتوقع الأنصاري أن يكون تعافي قطاع الصرافة والتحويلات المالية في الإمارات، بمعدل يفوق ضعف معدل النمو العالمي للتحويلات في العام 2021، بسبب عوامل عدة يأتي في مقدمتها استضافة هذا الحدث العالمي.

وأوضح أنّ استضافة إكسبو دبي سيساعد على تنشيط حركة السياحة الوافدة، وسيزيد من حجم الاستثمارات المباشرة في الدولة، ما يرجح معه زيادة معدلات التوظيف في ظل تلك الاستثمارات الجديدة وينعكس على زيادة عمليات صرف العملات والتحويلات المالية،

شعار معرض "إكسبو 2020"

ويعتمد شعار معرض "إكسبو 2020"، "تواصل العقول وصنع المستقبل"، على موضوعات فرعية وهي التنقل، والفرص، والاستدامة. ولكل موضوع جناحه الخاص الذي صمم من قبل شركات الهندسة المعمارية وهي "فوستر آند بارتنرز"، و"Grimshaw Architects"، و "AGi Architects" على التوالي.

ووقعت مهمة تصميم الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة على عاتق المهندس الإسباني سانتياغو كالاترافا.

واستلهم تصميم شعار المعرض من قطعة أثرية عُثر عليها أثناء واحدة من عمليات التنقيب في موقع صاروج الحديد الأثري، أو كما يعرف باسم ساروق الحديد، حيث تتميز هذه القطعة بقيمة خاصة، وهي عبارة عن حلقة ذهبية تمتد جذورها إلى مئات السنين.

ويعود تاريخ القطعة الأثرية، الذي أستوحى منها شعار إكسبو دبي 2020 إلى أكثر من 4000 سنة، مما يؤكد أنّ موقع دبي هو ملتقى حضاري قديم حتى زمننا هذا، كما تم الكشف عن العديد من التحف الأثرية والقطع الثمينة منذ انطلاق أعمال التنقيب في الموقع.

وصرح الشيخ محمد بن راشد في عام 2016: "اعتمدنا شعاراً إماراتياً لإكسبو عمره 4000 عام.. لدينا عمق تاريخي إماراتي من بينونة بأبوظبي إلى صاروج الحديد بدبي إلى وادي المليحة بالشارقة، وانتهاء بجبال رأس الخيمة والفجيرة، عمق تاريخي عمره أكثر من 4000 عام، كنا حلقة تواصل مع حضارات قديمة، وسنبقى نقطة التقاء وتواصل حضاري عبر إكسبو وبعد إكسبو بإذن الله".

ويعد موقع ساروق/ صاروج الحديد الأثري من المواقع الأثرية الفريدة والمهمة التي تم الكشف عنها في السنوات القليلة الماضية في دولة الإمارات، باعتباره أحد المراكز الرئيسية لصهر النحاس وتصنيع الأدوات والأواني المتنوعة في المنطقة منذ بداية العصر الحديدي، حيث تقوم بلدية دبي بإدارته والإشراف عليه.

ويشتمل الموقع على منطقة أثرية واسعة تحوي كميات كبيرة من خامات المعادن. ومن خلال أعمال التنقيب بالموقع، كما ذكرت "ويكيبيديا"، تم الكشف عن آلاف القطع الأثرية النادرة كالسيوف والخناجر التي ارتبطت بالأهمية الاقتصادية والدينية السائدة آنذاك.