إيران تحذّر أمريكا: لا تجعلونا نتصرف مثل "قط محاصر"

إيران تحذّر أمريكا: لا تجعلونا نتصرف مثل "قط محاصر"


14/02/2021

تتعدّد السيناريوهات وتتباين الاتجاهات بخصوص مصير الاتفاق النوويّ بين الولايات المتّحدة وإيران؛ حيث إنّ ثمّة عوائق كثيرة ما تزال تقف في مسار المفاوضات بين الطرفَين، لا سيما في ظلّ العقوبات المفروضة من واشنطن بحقّ طهران، من جهة، والمواقف المتشددة التي صدرت عن البرلمان الإيراني، ومن بينها منع مفتشي هيئة الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى المنشآت النووية للمراقبة عليها، من جهة أخرى، ويضاف إلى ذلك رفع نسبة تخصيب اليورانيوم لنحو 20 بالمئة، والخرق المتواصل لبنود الاتفاق، الأمر الذي يباعد فرص الوصول لتفاهمات مرنة.

مسارات المواجهة

وإثر حالة التعبئة والضغط المتواصلين من الطرفين؛ تزداد التعقيدات على خلفية الإشراطات العديدة التي يفرضها الطرفان، لجهة تحسين عملية التفاوض السياسي؛ حيث ذكرت الناطقة الرسمية بلسان البيت الأبيض، جين ساكي، أنّ إيران قدمت نحو سبعة مطالب للولايات المتحدة مقابل عودتها للاتفاق النووي، وقد تمّ رفض الاستجابة لأيّ منهم، وقالت ساكي: "إذا دخلت إيران في الامتثال الكامل للصفقة النووية، فستفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه".

كما أنّ إيران، من جانبها، رفضت الامتثال للمقترحات الأمريكية بأن تعود إلى التزاماتها ببنود الاتفاق النووي، وطالبت، في المقابل، برفع العقوبات عنها؛ حيث تضغط طهران باتجاه "الإلغاء الفوري لجميع العقوبات، وعدم إدراج البرنامج الباليستي في المفاوضات، واقتصار النقاش على البرنامج النووي، كما رفضت إيران إشراك أيّة أطراف أخرى إقليميّة في مفاوضات إحياء الاتفاق".

الأطراف الراديكالية المهيمنة على السياسة الإيرانية، ترفض مناقشة البرنامج المتعلق بالصواريخ الباليستية، وتطالب برفع كلّ العقوبات المفروضة على طهران

وتقع إدارة الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، أمام ضغوطات عديد من الكونغرس بصدد "التأكد من تقييد برنامج إيران للصواريخ الباليستية؛ لأنّه لا غرض من هذه الصواريخ سوى حمل أسلحة دمار شاملة، وضمان وصول المفتشين الدوليين دون قيد إلى المواقع النووية الإيرانية، إضافة إلى إزالة أيّة بنود حول فترة زمنية محددة لانتهاء الاتفاق، مثل بند "غروب الشمس"، والذي خفّف القيود المفروضة على قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، ما بين 10 إلى 15 عاماً".

أيّة عودة للاتفاق تنتظر طهران؟

ولذلك؛ يرى الباحث في المركز الفرنسي للدراسات الأفريقية والسياسية، فاروق حسين أبوضيف؛ أنّه "مع تولّي الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، مقاليد الحكم بأمريكا، والعالم يتوقّع مقاربة، ربما، تعمل على إحياء الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، في ظلّ تأكيد الإدارة الأمريكية على إمكانية العودة، مرة أخرى، للاتفاق مع طهران؛ إذ يعدّ الملف النووي الإيراني من بين الملفات المهمة والحيوية التي تنتظر الحسم من الإدارة الأمريكية الجديدة، خصوصاً بعد التهديدات الإقليمية التي رافقت فصول الأزمة".

الباحث في المركز الفرنسي للدراسات الإفريقية والسياسية، فاروق حسين أبوضيف

ويضيف حسين أبو ضيف، لـ "حفريات": "شهد العالم، قبل أيام من تولي بايدن الحكم، حالة من التوتر في العلاقات الأمريكية الإيرانية، خاصة في ظلّ التهديدات الإعلامية المتبادلة بينهما، والتلويح الأمريكي بإمكانية القيام بتوجيه ضربة عسكرية لطهران في المستقبل القريب، كذلك ارتفعت، مؤخراً، حدّة الملاسنات بين الجانبين؛ وبالتالي، يرجح أن تكون فرص التقدم في الملف النووي الإيراني قائمة على تعديله أو توسيعه، كما أعلنت واشنطن؛ ليشمل حلفاءها بالمنطقة، وبالتبعية، مناقشة ملف الصواريخ الباليستية".

اقرأ أيضاً: إيران: قتيلان وجرحى في انفجار بمدينة أردبيل

ومن جهته، هاجم وزير الأمن الإيراني، محمود علوي، التحركات الأمريكية المتواصلة ضدّ طهران، والتي قال إنّها تدفعهم إلى "إنتاج أسلحة نووية"، وتجعل إيران تتصرف مثل "قط محاصر"، بحسب تعبيره، وتابع: "قال المرشد الأعلى بوضوح، في فتواه، إنّ الأسلحة النووية تناقض الشريعة، وإنّ الجمهورية الإسلامية تعدّها محرمة دينياً، ولا تسعى لحيازتها، لكنّ قطّاً محاصراً يمكن أن يتصرّف بشكل مخالف لما يفعله عندما يكون طليقاً، وإذا دفعت الدول الغربية إيران في ذلك الاتجاه، فلن يكون الذنب ذنب إيران".

ما هي شروط إيران؟

وفي أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي، قبل أيام، عدم رفع العقوبات الأمريكية عن طهران، قبل امتثالها إلى "الشروط الأمريكية" والعودة إلى التزاماتها، قال الناطق الرسمي بلسان الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده: "لا نهتم بالكلمات، فأساس أحكامنا تستند إلى الأفعال، وقد تمّ تحديد إطار العمل بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231".

اقرأ أيضاً: آلات الموت الإيرانية تشعل اليمن وتهدد دول الجوار... ما الجديد؟

وأردف الناطق الرسمي بلسان الخارجية الإيرانية، في مؤتمر صحفيّ: "يجب أن تعود أمريكا، بشكل كامل وسريع، إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، وتلتزم بالقرار 2231. وعندما تعود إلى التزاماتها، يمكنها الجلوس على هذه الطاولة، مرة أخرى. ثم يجب علينا بالتأكيد التحدث عن أمور أخرى داخل إطار خطة العمل الشاملة المشتركة".

كما شدّد المرشد الإيراني، علي خامنئي، على الرأي ذاته، وطالب بضرورة رفع جميع العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة على طهران؛ إذ غرّد خامنئي على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "إيران أوفت بجميع التزاماتها بموجب الاتفاق النووي, لعام 2015، وليس الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث. إذا كانوا يريدون من إيران العودة لالتزاماتها، فيجب على الولايات المتحدة أن ترفع جميع العقوبات أولاً".

الباحث فاروق حسين أبو ضيف لـ "حفريات": "كلّ طرف، سواء في إيران أو الولايات المتحدة، يقف عند حدود من يبدأ بتنفيذ الخطوة الأولى

وفي غضون ذلك، أبلغ الباحث في المركز الفرنسي للدراسات الأفريقية والسياسية، "حفريات": "كلّ طرف، سواء في إيران أو الولايات المتحدة، يقف عند حدود من يبدأ بتنفيذ الخطوة الأولى، الأمر الذي لا يمكن وصفه بأنّه مجرد خلاف إجرائي، إنّما يتعلق بترتيبات سياسية وإقليمية وأمنية، سوف تفرض مآلاتها على الأمن الإقليمي والمحلي الإيراني".

اقرأ أيضاً: هل يمنح “حزب الله” إيران ورقة تفاوضية بافتعال حرب محدودة مع إسرائيل؟

وبغضّ النظر عن السيناريوهات المحتملة، فإنّ الشروط الإيرانية والأمريكية للعودة للاتفاق، تفرض تعقيدات جمّة؛ إذ يشدّد الطرف الأمريكي على ضرورة عودة طهران للالتزام باتفاقها النووي مع القوى العالمية، ومناقشة التفاصيل المتعلقة بالبرنامج الصاروخي الباليستي، وضمّ أطراف إقليمية للاتفاق، من بينها السعودية والعراق واليمن، بيد أنّ الأطراف الراديكالية المهيمنة على السياسة الإيرانية، ترفض مناقشة البرنامج المتعلق بالصواريخ الباليستية، وتطالب برفع كلّ العقوبات المفروضة على طهران".

وعليه، فإنّ من بين السيناريوهات المحتملة، في ظلّ تعيين روبرت مالي مبعوثاً أمريكياً للشؤون الإيرانية، وهو الذي يشتهر بتعاطفه مع إيران منذ أن كان عضواً في المجلس الأعلى للأمن القوميّ، بحسب حسين أبو ضيف، عودة الطرفين، مجدداً، لمائدة المفاوضات، ومن ثم، عقد اتفاق تكميلي للاتفاق النووي السابق، وهو الذي قد يسوق على أنّه انتصار للطرفين.

ويلفت المصدر ذاته إلى أنّ "الطرفين يسعيان للعمل سوياً، لكن بشكل حذر وبخطوات بطيئة، وتقديم كلّ طرف تنازلات مرحلية؛ فأمريكا تعود للاتفاق، ولو بشكل صوري، على أن تتوقف إيران عن التخصيب، والالتزام بالنسبة المحددة، وقد يتبع ذلك إلغاء العقوبات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية