إيران تهدد وترامب يتوعد: ماذا تحمل الأيام الثلاثون المقبلة؟

إيران تهدد وترامب يتوعد: ماذا تحمل الأيام الثلاثون المقبلة؟


22/12/2020

زهاء أحد عشر شهراً فصلت بين اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس في بغداد، وبين اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في طهران.

وما بين الحدثين، ظلت طهران تهدّد وتتوعد بالرد القاسي الذي يزلزل الأرض تحت أقدام خصومها. لكنّ الأرض تحت الآن ما زالت في مدارها تدور وتُجدّد الأيام، وتذكّر بالوعود، في حين يوشك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مغادرة البيت الأبيض، تاركاً الحكم للرئيس المنتخب جو بايدن في العشرين من الشهر المقبل.

فهل يحمل الشهر المتبقي من حكم ترامب مفاجآت، وهو الذي ما انفك، طيلة أربعة أعوام من حكمه، يقذف في وجه العالم المفاجأة تلو الأخرى؟

على مستوى التحرشات الإيرانية، ما زالت طهران تعمل على غير صعيد من أجل إقناع مواطنيها وأنصارها بأنها لم تنس "الرد القاسي". ولعلها تعتقد أنّ بعض الأخبار التي يتم تداولها هنا وهناك، قد تمثل رداً، في "منتهى الإيلام" بحسب تعبير المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده.

اقرأ أيضاً: هل يكون علماء إسرائيل هدف إيران الانتقامي؟

وفي سياق الأخبار هذه، أعلن قراصنة إيرانيون، أول من أمس، الأحد، أنهم تمكنوا من اختراق شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية  (IAI)، في وقت وصفت فيه وسائل إعلام إسرائيلية الهجوم بأنه الأخطر على مؤسسات عسكرية في تل أبيب، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات الإسرائيلية.

ماذا قال القراصنة الإيرانيون؟

وقالت مجموعة القراصنة التي تحمل اسم "Pay2Key"، حسبما نقل موقع "الشرق/ بلومبيرغ" عن صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، إنها انتهكت خوادم شركة "إلتا سيستم"، التابعة لمؤسسة الدفاع الحكومية.

أعلن قراصنة إيرانيون أنهم تمكنوا من اختراق شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية  (IAI) في وقت وصفت فيه وسائل إعلام إسرائيلية الهجوم بأنه الأخطر على مؤسسات عسكرية

ونشر المخترقون عبر موقعهم في الشبكة المظلمة "دارك ويب"، معلومات شخصية تتضمن قائمة بأسماء عدد من مستخدمي النظام، من بينهم رئيسة تطوير المشاريع السيبرانية في الشركة.

وذكرت قناة "كان" الإسرائيلية، أنّ القراصنة الإيرانيين اخترقوا أجهزة الكمبيوتر الخاصة بشركة "إلتا".

وعلق القراصنة على عملية الاختراق عبر بيان جاء فيه: "ربما يعتقدون (إسرائيل)، أنّ لديهم أكثر الشبكات حماية، لكن يجب إثبات عكس ذلك".

وأضاف البيان بأنّ "الجزء الأكثر إثارة للاهتمام من خوادم (إلتا) سيكون الوصول إلى ملفات الشركة، والتي تتضمن العديد من الوثائق ومقاطع الفيديو والأبحاث".

وتابع القراصنة في أسلوب يغلب عليه السخرية: "هل تصبح الملفات بين يدينا.. من يدري؟".

مستوى الأمن السيبراني الإسرائيلي

وأشارت "يديعوت أحرنوت" إلى أنّ مجموعة القراصنة الإيرانيين، نشرت خلال عطلة نهاية الأسبوع، استبياناً على موقعها الإلكتروني يُصنف مستوى الأمن السيبراني في مجموعة الصناعات الجوية الإسرائيلية، وكذلك في وزارتي النقل والصحة.

وأوضحت شركة مجموعة الدفاع الإسرائيلية، بحسب الصحيفة، أنه لم تحدث أي خروقات في خوادمها، لافتةً إلى أنها تراقب الوضع حالياً، في حين لم ترد الشركة بعد على منشور القراصنة.

قبيل الذكرى الأولى لاغتيال سليماني والمهندس، يجري قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكينزي جولة في المنطقة تشمل العراق وسوريا

وفي الثامن عشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، كشفت شركتان إسرائيليتان في مجال الأمن السيبراني، هما "بروفيرو" و"كلاريكسي" عن محاولات اختراق لشركات إسرائيلية يقف وراءها الحرس الثوري الإيراني، وجاء في التقرير أنّ العملية استهدفت إلحاق أضرار بشركات إسرائيلية عبر اختراق أنظمة حواسيبها.

اقرأ أيضاً: التنافس الصامت بين إيران وتركيا على العالم العربي

ويعتقد مراقبون أنّ القرصنة الإيرانية جزء من الرد على مقتل فخري زاده. وتساءلت الصحفية سوسن مهنا في "إندبندنت عربية": لماذا تحتاج إيران إلى الانتقام؟ وهل ستردعها عملية الاغتيال تلك عن الاستمرار في مشروعها النووي، أم أنّ الاغتيال أعطاها ذريعة للتملّص من الاتفاق النووي؟ ومن أين ستردّ إيران ومتى وكيف؟ علماً أنّ الردّ السريع وغير المحسوب قد لا يكون مفيداً لها، في فترة انتقالية بين عهدين لرئيسين أمريكيين جمهوري وديمقراطي."

 ورأت مهنا أنّ اغتيال زاده سيكون ذريعة إيرانية لاتفاق نووي جديد، مستندة إلى ما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير نشرته بتاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أنّ "اغتيال فخري زاده قد لا يكون له تأثير كبير في البرنامج النووي الإيراني الذي شارك في إنشائه، ولكنه سيجعل من الصعوبة بمكان إنقاذ الاتفاق النووي الذي يهدف إلى تقييد هذا البرنامج، وهو الدافع الأكثر منطقية وراء عملية الاغتيال".

اقرأ أيضاً: 1979- 2020.. التسلسل التاريخي لجرائم الاغتيالات الإيرانية

ويتوافق كلام "الغارديان" تماماً مع ما جاء على لسان رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، بأنّ "دماء العالم النووي فخري زاده ستزيل القيود عن البرنامج النووي، وستمهّد الطريق لرفع العقوبات عن البلاد".

عمليات سرية ضد إيران

وفي رصده للتهديدات الإيرانية، نقل موقع "تايمز أوف إسرائيل" عن حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة "كيهان" المحافظة، قوله إنّ "واشنطن وتل أبيب نظمتا سلسلة من العمليات السرية ضد إيران خلال الأسابيع المتبقية لإدارة ترمب في منصبه، بناءً على فرضية أنّ إيران لن تردّ على مثل هذه العمليات".

اقرأ أيضاً: الحشد الشعبي نسخة من الحرس الثوري الإيراني

وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في هذا المجال أنّ لإسرائيل تاريخاً في استهداف البرامج النووية للمنافسين، بما في ذلك إيران، حيث اغتالت علماء، وشنّت هجمات سيبرانية لكبح التقدم النووي لطهران على مدى العقد الماضي. وفي عام 2011، أدى انفجار إلى مقتل مهندس الركيزة الرئيسية الثالثة للدفاع الوطني الإيراني، حسن طهراني مقدم، وهو عضو آخر في الحرس الثوري، ساعد في تطوير برنامج الصواريخ في البلاد.

وإضافة إلى اغتيال اثنتين من الشخصيات الإيرانية البارزة هذا العام وانفجار نطنز، يبدو أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل قتلتا الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أبو محمد المصري، في طهران في أغسطس (آب) الماضي، وتواصل إدارة ترمب توسيع قائمة الأفراد والكيانات الإيرانية الخاضعة للعقوبات لممارسة الضغط على النظام، بغية تعقيد عودة إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن إلى الاتفاق النووي.

قبيل الذكرى الأولى

وقبيل الذكرى الأولى لاغتيال سليماني والمهندس، في غارة أمريكية بطائرة مسيّرة في الثالث من كانون الثاني (يناير) الماضي، يجري قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكينزي، جولة في المنطقة تشمل العراق وسوريا على وقع عودة استهداف المنطقة الخضراء، حيث يعتقد أنّ ميليشيات إيران هي من تقف خلفها.

اقرأ أيضاً: من الديني إلى العسكري.. قانون مثير للجدل يجيز للضباط الإيرانيين الترشح للرئاسة

وقال ماكينزي أول من أمس، الأحد، إنّ بلاده "مستعدة للرد" في حال هاجمتها إيران في ذكرى مقتل سليماني. وأضاف "نحن مستعدون للدفاع عن أنفسنا والدفاع عن أصدقائنا وحلفائنا في المنطقة، ونحن مستعدون للرد إن اقتضى الأمر"، حسبما نقلت صحيفة "العرب" اللندنية.

وتابع في اتصال هاتفي من مكان غير محدد في المنطقة "أرى أننا في وضع جيد جداً وأننا سنكون مستعدين، مهما قرر الإيرانيون وحلفاؤهم أن يفعلوا".

وتحولت الساحة العراقية إلى ساحة حرب بالوكالة؛ حيث تتهم واشنطن ميليشيات عراقية موالية لإيران بشن هجمات على قواتها ومصالحها في العراق.

اقرأ أيضاً: كيف سيتعامل بايدن مع تركيا وإيران والإخوان؟.. قيادي ديمقراطي يجيب

وكان الجيش العراقي والسفارة الأمريكية في بغداد أعلنا مساء الأحد أنّ ما لا يقل عن ثمانية صواريخ كاتيوشا سقطت في المنطقة الخضراء شديدة التحصين بالعاصمة العراقية في هجوم استهدف السفارة الأمريكية، ما أسفر عن إلحاق أضرار طفيفة بالمجمع.

وقال الجيش إنّ جماعة "خارجة عن القانون أطلقت ثمانية صواريخ". وأضاف في بيان أنّ "معظم الصواريخ ضربت مجمعاً سكنياً ونقطة تفتيش أمنية داخل المنطقة، مما أسفر عن أضرار بأبنية وسيارات وإصابة جندي عراقي".

واتهم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الميليشيات المدعومة من إيران بتنفيذ الهجمات الصاروخية التي استهدفت السفارة الأمريكية في بغداد، مؤكداً أنها أكبر عائق أمام السلام والازدهار في العراق.

اقرأ أيضاً: تحليل: إيران من دون العراق ستكون معزولة

وقال بومبيو في بيان "مرة جديدة تهاجم الميليشيات المدعومة من إيران بشكل صارخ ومتهور مناطق في بغداد، ما أدى إلى إصابة مدنيين عراقيين".

وأكد أنّ "نفس الميليشيات التي تستهدف المنشآت الدبلوماسية تسرق موارد الدولة العراقية على نطاق واسع، وتهاجم المتظاهرين والنشطاء السلميين، وتنخرط في أعمال عنف طائفي".

وهذا الهجوم هو الأحدث في سلسلة هجمات قرب مجمع السفارة الأمريكية. ويأتي في خضم توتر متصاعد بين إيران والولايات المتحدة قبل أقل من شهر على مغادرة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب البيت الأبيض، وأيضاً مع اقتراب إحياء ذكرى اغتيال قاسم سليماني وأبومهدي المهندس.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية