إيران تهدي الموت لحلفائها

إيران تهدي الموت لحلفائها


12/01/2020

باهرة الشيخلي

كل الدول القوية، تقدم لحلفائها ما يدفع بهم إلى التقدم، من مقومات اقتصادية وعلمية وفنية، بل حتى الدول الاستعمارية كانت تعمل على ما ينشّط الاقتصاد ويبني المدن ويطور التعليم، لتسويغ استعمارها. ويمكن أن نقول، حتى الإمبراطوريات القديمة كانت تبني وتعمل على تطوير المناطق التي تتوسع فيها.

لكن النظام الإيراني، كما يقول مثقف عراقي كبير، لا يقدم لحلفائه سوى القتل وأدواته، فيؤسس الميليشيات ويسلحها ويدربها. وتكون عناصر هذه الميليشيات من غير الإيرانيين وتخوض معارك النظام الإيراني بالنيابة عنه خارج الأراضي الإيرانية.

ومن ينخرط في هذه الميليشيات إما أن يقتل وإما أن يُقتل. وفي الحالتين لا يشكل خسارة للإيرانيين المعروفين بعنصريتهم. وتمارس هذه الميليشيات عدوانيتها بالتفجيرات والاغتيالات، كما شهد العراق ذلك.

وتصديق لما قاله هذا المثقف العراقي ما أعلنه قائد فيلق القدس الإيراني، خليفة قاسم سليماني، إسماعيل قاآني، في حوار متلفز وعبر المواقع الإيرانية، متوعدا أميركا بأن “الحركات المقاومة” ستتكفل بالرد على أميركا وحلفائها. ونشرت إيران، منذ اللحظات الأولى لمقتل قاسم سليماني مباشرة، مصطلح “المقاومة الدولية” وذلك لاستثارة وكلائها وتحريكهم في المنطقة، وهي إشارة من إيران إلى هذه الميليشيات وأذرعها الممتدة في العالم لتوحيد صفوفها وحثها على استهداف الولايات المتحدة ومصالحها وشركائها في الشرق الأوسط.

وضع إسماعيل قاآني أعلام هذه الميليشيات خلفه، وهي إشارة واضحة من الحرس الثوري يتوعد من خلالها باستخدام هذه الميليشيات الموجودة في أكثر من مكان، والتي تسميها إيران “حركات المقاومة”، وهي أيضا اعتراف إيراني صريح بأنها راعية الإرهاب في المنطقة، ولم يعد سرا أن ولاء هذه الحركات والميليشيات للحرس الثوري والولي الفقيه الإيراني علي خامنئي.

إن الموت والتخريب والدمار هي ما قدمه النظام الإيراني للعراقيين عبر وسيط منبوذ، متمثلا بهذه العصابات والحركات والميليشيات، التي أثارت الصراع بين أبناء الوطن ودمرت مدنهم وقتلت خيرة أبنائهم.

ولم تعد كلمة تدخّل كافية للدلالة على النفوذ الإيراني. فقد ثبت أن لطهران داخل العراق وجودا ماديا، ممثلوها قائمون في البرلمان، مبثوثون في صنوف القوات المسلحة وتمتلك أكثر من 60 ممثلية (عسكرية قتالية) سواء تحت اسم الحشد الشعبي أم ميليشيا منفردة.

وصل حزب ولاية الفقيه إلى الرئاسات الثلاث في العراق، والوطنية العراقية بقيادة الشباب، وحدها القادرة على تطهير البلاد من القوى الأجنبية: أميركية أم إيرانية، فالشباب هم معقد الأمل في تحرير بلادهم، وقد بلغ منهم الوعي أن جعلهم يدركون ذلك، ولذلك كان تحرير البلاد من الاحتلال الإيراني على رأس غايات حراكهم ومن أولويات مقاصدهم وأهدافهم. وكان اليوم الأول من أكتوبر الماضي وسقوط مئات الشهداء تأكيدا على استمرار الثورة.

إن فكرة أن إيران لا تقدم لحلفائها سوى الموت يؤيدها تقرير أصدرته وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية الـ”دي.آي.أي”، الذي نصّ على أن “إستراتيجية إيران العسكرية لا تقتصر فقط على برامج التسلح، بل تهدف أيضا إلى خلق كيانات مسلحة غير نظامية، مثل: بعض مجموعات الحشد الشعبي في العراق أو حزب الله في لبنان أو حركة الحوثيين في اليمن”، و”اعتماد إيران على العمليات غير التقليدية، عبر تنظيمات إرهابية، وخصوصا من خلال الحرس الثوري الإيراني وتحديدا فيلق القدس، هو الذي يشكل الخطر الأكبر في المدى القريب وخصوصا بالنسبة إلى دول الجوار في الخليج”.

أكد ذلك، أيضا، خبراء، منهم الباحث في مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، فتحي السيد، والمتخصص في شؤون التمويل العائدة للحرس الثوري الإيراني شيار تركو والصحافي السوري محمد العبدالله وغيرهم، الذين قالوا إن إيران دأبت، منذ اندلاع الحرب السورية، على نقل مساعدات فتاكة إلى الميليشيات التابعة لها بهدف دعم النظام السوري وتوسيع نفوذها في البلاد والمنطقة، وأن الحرس الثوري الإيراني يعمل عبر وكلائه على زعزعة أمن دول المنطقة لتسهيل بسط نفوذه، في إشارة إلى رعاية إيران خلايا في دول أخرى كالبحرين والسعودية والكويت وأن هذه الجماعات تلقت مساعدات من الحرس الثوري الإيراني لشراء الأسلحة أو تصنيعها، فاكتسبت قوة كبيرة على الأرض حولتها إلى أداة صلبة بين يديه.

إن أمام العالم، لكي يحمي نفسه من الإرهاب، أن يُحمّل إيران المسؤولية الكاملة عن أي جرائم قد تقع في الأيام المقبلة بحق الأبرياء والعزل في العالم العربي قاطبة، وأن يسعى إلى إيقاف إيران وميليشياتها عند حدها، ثم العمل على تجميد أعمال جميع الميليشيات المسلحة الإرهابية الإجرامية التابعة لإيران داخل العراق ومحاكمتها دوليا، والعمل، إلى جانب ذلك، على توكيل أبناء العراق الحقيقيين لإدارة الحكم في بلدهم وحصر السلاح بيد الجيش والدولة فقط، كما عليه أن يفكر بدعم المعارضة الإيرانية بأطيافها جميعا.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية