إيران مُحرجة عسكرياً وسياسياً بعد اغتيال فخري زاده.. ما علاقة بايدن؟

إيران مُحرجة عسكرياً وسياسياً بعد اغتيال فخري زاده.. ما علاقة بايدن؟


29/11/2020

حين قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي عام 2018 حول البرنامج النووي الإيراني: "تذكروا هذا الاسم، فخري زاده"، كان رئيس برنامج الأسلحة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية غير معروف حتى بالنسبة لمعظم الإيرانيين. مع اغتياله خارج طهران أول من أمس الجمعة، أصبح محسن فخري زاده اسماً مألوفاً، كما أوردت شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية.

 

يوصف فخري زاده أحياناً بأنه روبرت أوبنهايمر الإيراني، العالم في مركز مشروع الأسلحة النووية الرائد في أمريكا في الأربعينيات من القرن الماضي

 

تفاصيل القتل غامضة حتى الآن. وقال التلفزيون الرسمي إن سيارة العالم تعرضت لهجوم من قبل "عناصر إرهابية مسلحة"، وأنه تم نقله إلى المستشفى حيث لم يتمكن الأطباء من إنقاذه. وأشارت بعض التقارير إلى أنّ السيارة تعرضت في البداية لضرب عبوة ناسفة محمولة على سيارة نيسان سوداء، ثم أطلق مسلحون النار عليها بعد ذلك، ليتأكدوا من مقتل من فيها.

 فخري زاده

لا محالة أنّ النظام الإيراني يلوم إسرائيل. وزعم وزير الخارجية محمد جواد ظريف أنّ هناك "مؤشرات جدية على الدور الإسرائيلي".

من المؤكد، وفقاً لشبكة "بلومبيرغ" أنّ عملية القتل تحمل بعض السمات المميزة لحملة اغتيالات لعلماء نوويين إيرانيين، نُسبت إلى إسرائيل: قُتل أربعة بين عامي 2010 و 2012. ولم تتحمل إسرائيل، مطلقاً، أي مسؤولية عن عمليات القتل، لكنها أنهت الحملة على ما يبدو بعد ضغوط من الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، الذي كان، في ذلك الوقت، يتفاوض سرّاً مع طهران بشأن ما سيصبح الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.

اقرأ أيضاً: ما قصة اغتيال العالم الإيراني محسن زاده؟ وكيف ردت إيران على الحادث؟

لطالما عارض نتنياهو الصفقة النووية تلك، ولا يزال مقتنعاً بأنّ إيران تسعى سراً إلى برنامج أسلحة نووية. وقاد فخري زاده هذا البرنامج حتى عام 2003 على الأقل، عندما خلص تقرير استخباراتي أمريكي إلى تعليقه. ولكن بعد الصمت لبضع سنوات، بدأت منشأة بحثية في طهران في العمل مجدداً على البرنامج، مع العديد من العلماء الذين كانوا جزءاً من برنامج الأسلحة، بحسب "بلومبيرغ".

 

توقيت اغتيال فخري زاده محرج بشكل خاص للقيادة الإيرانية، سياسياً وعسكرياً. ستتزامن نهاية فترة الحداد مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال سليماني

يوصف فخري زاده أحياناً بأنه روبرت أوبنهايمر الإيراني، العالم في مركز مشروع الأسلحة النووية الرائد في أمريكا في الأربعينيات من القرن الماضي. لكن من غير المرجح أن يحدث اغتياله فرقاً مادياً في البرنامج النووي الإيراني، الذي يعتقد أنه يضم مئات العلماء والمعرفة المؤسسية الكافية للاستمرار من دون فخري زاده، كما تقول الشبكة الأمريكية.

اقرأ أيضاً: ضرورات مواجهة إيران وما فات الأوان!

الخوف الرئيسي هو أن يؤدي القتل إلى سلسلة من ردود الفعل داخل النظام، مما يزيد الضغط للانتقام، سواء ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة. حسين دهقان، القائد السابق للحرس الثوري الإسلامي والمرشح البارز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراؤها في الصيف المقبل، تعهد بالفعل بالانتقام.

في وقت سابق من الأسبوع الماضي، جاء تذكير بالمخاطر، عندما استبدلت إيران باحثاً أسترالياً كانت تحتجزه رهينة مقابل ثلاثة رجال سُجنوا في تايلاند بعد محاولة إيرانية للانتقام من اغتيالات 2010-2012. لقد أرسلوا إلى بانكوك لقتل دبلوماسيين إسرائيليين، قاموا بتفجير متفجرات بطريق الخطأ في الفيلا الخاصة بهم، كما تذكر "بلومبيرغ".

التوقيت

توقيت اغتيال فخري زاده محرج بشكل خاص للقيادة الإيرانية، سياسياً وعسكرياً. ستتزامن نهاية فترة الحداد- عادة 40 يوماً- مع الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني في غارة أمريكية بطائرة مسيرة في العراق.

اقرأ أيضاً: إيران ما بين اغتيال محسن فخري زاده وأيمن الظواهري

بالنسبة إلى المتشددين في أروقة النظام الإيراني، سيكون بمثابة تذكير محرج بأنهم فشلوا في الانتقام الذي أقسموا قبل عام أنه سيقع. ربما من الخطأ المقارنة بين أهمية فخري زادة للبرنامج النووي بالفعل بتأثير سليماني على شبكة إيران الدولية من الميليشيات التي تعمل بالوكالة. إن عجز النظام الإيراني عن حماية كبار علمائه، على أرض الوطن، سيكون أمراً مروعاً للغاية، تقول "بلومبيرغ".

الارتباك من تداعيات أي رد

في الوقت نفسه، يدرك الإيرانيون تماماً أنه إذا تمكنوا من الحفاظ على هدوئهم خلال الأسابيع الأخيرة من إدارة ترامب، فقد يحصلون على رد أفضل من الرئيس الجديد المنتخب جو بايدن. إن الرد العنيف على مقتل فخري زادة سيجعل من الصعب على الرئيس الجديد تقديم التنازلات التي تأمل طهران في الحصول عليها، بخصوص استئناف المفاوضات النووية.

سياسياً، إذن، قد يناسب النظام الإيراني أن يفعل الجميع عكس ما اقترحه نتنياهو؛ أي أن يتم نسيان اسم العالم المقتول، وبالتالي تجاهل أي تصعيد عملي حقيقي. لكن حملة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي من المتوقع أن يهيمن عليها المتشددون، تجعل ذلك شبه مستحيل. فخري زادة، كما تقول شبكة "بلومبيرغ"، مثل المارد الذي يضرب به المثل، لن يعود إلى الغموض.

في تموز (يوليو) 2020، انفجر مصنع تجميع أجهزة الطرد المركزي في نطنز، الموقع النووي الرئيسي في إيران. في ذلك الوقت، قال بعض المسؤولين الإيرانيين إنه "تخريب صناعي" من دون تحديد من فعل ذلك. كانت هناك تكهنات واسعة النطاق بأنّ هذا الهجوم نفذته إسرائيل، كما أوردت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير نشرته يوم أمس. وعادة لا تؤكد إسرائيل ولا تنفي تورطها في مثل هذه الحوادث.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية