اشتباك بين حزب الله وإسرائيل: تصعيد عسكري أم ردٌّ لحفظ ماء الوجه؟

حزب الله

اشتباك بين حزب الله وإسرائيل: تصعيد عسكري أم ردٌّ لحفظ ماء الوجه؟


02/09/2019

إذا صحَّ بالفعل، كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنّه "لا وجود لإصابات" في صفوف الجنود الإسرائيليين جرّاء استهداف حزب الله، أمس، آلية عسكرية إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية، فإنّ هذا يؤشر إلى أنّ ما تحدث عنه حزب الله قبل أيام ووصفه بـ "الردّ المدروس" قد تمّ بالفعل بحسب ما هدد به الحزب، ردّاً على هجوم الطائرتين الإسرائيليتين المسيّرتين فوق الضاحية الجنوبية وهجوم الغارة الإسرائيلية التي أوقعت قتيلين من حزب الله في دمشق أواخر الشهر الماضي.

محلل عسكري: حزب الله وإسرائيل ومن خلال سياسة "الرد المحدود والمدروس" التي تبنّياها أمس إنّما يريدان حفظ ماء الوجه

"حزب الله" على لسان أمينه العام، حسن نصر الله، كان قد تحدث عن "ردّ من لبنان" وليس عن مواجهة أو حرب شاملة، وهي احتمال ما يزال مستبعداً من الحزب ومن إسرائيل أيضاً، ولذلك جاء "الردّ" الإسرائيلي على هجوم حزب الله، أمس، "محدوداً" و"مدروساً"؛ فإسرائيل لم تدخل أي بلدات لبنانية حدودية مأهولة، ولم يتم اجتياح أو استهداف للمدنيين، والحزب ردّ من بلدة مارون الراس الحدودية مع إسرائيل؛ (أي من داخل لبنان بالفعل، كما ألمح إلى ذلك المحلل العسكري اللبناني هشام جابر في حديث لـ "بي بي سي")، الأمر الذي يعني أنّ الطرفين "الحزب وإسرائيل" ومن خلال سياسة "الرد المحدود والمدروس" التي تبنّياها أمس، إنّما يريدان حفظ ماء الوجه، وعدم التورط بما هو أكبر من تصعيد عسكري قد يخرج عن السيطرة، وهو ما لا يريده جميع الأطراف الفاعلين في هذه المسألة، محلياً وإقليمياً ودولياً.

استهداف حزب الله آلية عسكرية إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية
وأمس، حرصَ نتنياهو، الذي كان من شأن اندلاع حرب في شمال بلاده أن يعقّد حملته الانتخابية التي يسعى فيها للفوز بولاية جديدة قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الاقتراع، على أن يسير كل شيء كالمعتاد بعد اندلاع الاشتباكات على الحدود مع لبنان، وواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي جدول أعماله العادي وعلق فحسب على الوضع الأمني، بالعبرية فقط، في بداية اجتماع مع رئيس هندوراس الذي يزور بلاده، كما أحجم عن تلقي أسئلة من الصحفيين،  كما أوردت وكالة "رويترز" للأنباء.
سيناريو آخر متشائم
ويبدو أنّ ما تقدّم هو السيناريو الأكثر ترجيحاً، ولكن السيناريو الأكثر تشاؤماً في وارد الاحتمالات، ومن يميل إليه من المحللين يرى أن نتنياهو يحاول إيجاد حالة من التوتر الأمني والعسكري من أجل إزاحة الأنظار عن ملفات الفساد المحيطة به، خصوصاً مع إعلان القناة العاشرة الإسرائيلية أنّها ستكشف قريباً عنها، كما أفادت مراسلة "بي بي سي" نوال أسعد. هذا السيناريو يربط التصعيد الأكبر على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، في حال تمّ، بالعملية الانتخابية الإسرائيلية المقبلة، ومحاولة ظهور نتنياهو بمظهر القائد العسكري الحازم، كما لفتت إلى ذلك قناة "فرانس 24".

اقرأ أيضاً: تفاصيل ما حدث أمس بين حزب الله وإسرائيل
وما يدعم سيناريو أنّ "الرد المحدود والمدروس" قد يغلب حتى اللحظة - ما لم تحدث مفاجآت- وأنّ "العمليات على الحدود بين البلدين انتهت" كما قال نتنياهو أمس، أنّ رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، طلب أمس، من واشنطن وباريس التدخل إزاء التصعيد الأخير بعد استهداف ميليشيات حزب الله المدعومة من إيران آلية عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي قرب الحدود الجنوبية، وردّت إسرائيل بقصف جوي وإطلاق النار، وفق "وكالة الأنباء الفرنسية".
وأجرى الحريري، وفق بيان صادر عنه، "اتصالين هاتفيين بكل من وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، ومستشار الرئيس الفرنسي، إيمانويل بون، طالباً تدخل الولايات المتحدة وفرنسا والمجتمع الدولي في مواجهة تطور الأوضاع على الحدود الجنوبية".

عدم تغيير قواعد الاشتباك سيعني أنّ كلاً من الجانبين سيزعم إنّه انتصر في هذه المواجهة
وأعلن الجيش اللبناني أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي أطلق أكثر من "40 قذيفة صاروخية" على جنوب البلاد رداً على استهداف ميليشيات حزب الله لآلية عسكرية إسرائيلية.
وقال الجيش في بيان "استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي خراج بلدات مارون الراس، عيترون ويارون بأكثر من 40 قذيفة صاروخية عنقودية وحارقة، ما أدى إلى اندلاع حرائق"، بحسب "الفرنسية".
الجيش الإسرائيلي: الأعمال القتالية الحالية مع حزب الله انتهت فيما يبدو

محللون: نتنياهو يحاول إيجاد حالة من التوتر الأمني والعسكري من أجل إزاحة الأنظار عن ملفات الفساد المحيطة به

وبينما قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء: "نفذ حزب الله الهجوم... لكنه أخفق في إسقاط ضحايا... يبدو أنّ الاشتباك على الأرض... قد انتهى، لكن الموقف الإستراتيجي لا يزال قائماً، وقوات الدفاع الإسرائيلية لا تزال في حالة تأهب قصوى"، فإن الهدف الإستراتيجي لحزب الله هو مجرد الردّ، والسعي المستميت لعدم تغيير قواعد الاشتباك بين الطرفين، وبقاء "حالة الأمر الواقع" أيْ "status quo" على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية كما هي، كما يقضي القرار 1701، منذ العام 2006.

اقرأ أيضاً: انفجارات تهزّ معقل حزب الله.. ما حقيقتها؟
وبرأي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن، الدكتور فواز جرجس، في مداخلة لـ "بي بي سي"، فإنّ عدم تغيير قواعد الاشتباك ستعني أنّ الحزب وإسرائيل سيقولان، كلّ من جهته، إنّه انتصر في هذه المواجهة؛ فالحزب ردّ بالفعل كما هدد، ورسّخ حتى الآن قواعد الاشتباك كما هي، وإسرائيل ستقول إنّه لم يسقط لها قتلى في هذه المواجهة، وهي بالتالي في موقع قوة، ورئيس وزرائها أعلن قائلاً: "أصدرت توجيهات بالاستعداد لأي احتمال.. سنحدد التحرك المقبل بناء على تطور الأحداث"، وهي "تصريحات أدلى بها ببساطة مفرطة في مخالفة للغته الحادة المعتادة بشأن أعداء إسرائيل"، كما علّق تقرير لوكالة "رويترز".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية