الأردن: قيادي إخواني سابق يدعو أستاذ فلسفة إلى إعلان إسلامه

الإخوان المسلمون

الأردن: قيادي إخواني سابق يدعو أستاذ فلسفة إلى إعلان إسلامه


05/09/2018

في ظاهرة لم تألفها الساحة الثقافية الأردنية، وتحيل إلى قضايا "الحسبة" الشائعة في مصر، دعا أحد القيادات السابقة في حركة الإخوان المسلمين في الأردن، مفكراً وأستاذاً جامعياً إلى إعلان أنه مسلم، كما دعاه إلى أن "يتخلى عن كل مذهب يخالف دين الله"، متهماً إياه بالإلحاد وتبني الاتجاه العقلي العاجز "عن أن يصل الى كل شيء".

دعا أحد القيادات السابقة في حركة الإخوان المسلمين في الأردن أستاذاً جامعياً إلى إعلان أنه مسلم فيما يشبه "الحسبة"

وكان أستاذ الشريعة الدكتور بسام العموش وجه رسالة، أواخر الشهر الماضي، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى أستاذ الفلسفة الدكتور أحمد ماضي، دعاه فيها إلى أن يعلن "على الناس أنك أحمد ماضي المسلم الذي يتخلى عن كل مذهب يخالف دين الله، وأنك يا دكتور تفتح صفحة جديدة مع رب العالمين الذي تحس به في داخلك في خلاياك في نفسك، تراه في دقة صنع الكون في الخلق اليومي للمواليد والنباتات، وفي عجز الإنسان عن أن يصل الى كل شيء رغم اعتزازنا بالعقل وتقديره".

العموش لماضي: لا يليق بمثلك وأنت صاحب العقل الراجح أن تكون في خانة الضياع

تعديل ميزان الحسنات

وفي رده على العموش، تساءل ماضي: "هل من أحد أو جهة كلفتك بتقديم الإرشاد والنصح لي، أم أنّ القضية بالنسبة لك هي (وحي)، وعند مغادرة الوحي سارعت بتوجيه رسالتك التي تضمنت أوصافاً ونعوتاً واتهامات، وأنّ ما قصدته من وراء هذه الدعوة هو الأجر والثواب، وتعديل ميزان حسناتك، الذي ربما اعتقدت أنه قد اختلّ لأسباب أنت أدرى بها".

العموش لماضي: ما الذي يقدمه الإلحاد سوى الضياع ولا يليق بمثلك وأنت أن تكون في خانة الضياع

العموش، الذي جرى فصله من قيادة الإخوان المسلمين لمعارضته قرارها المشاركة في الانتخابات البرلمانية عام 1997، ليتم تعيينه بعد ذلك وزيراً في الحكومة الأردنية مرتين، ثم تعيينه في مجلس الأعيان، قال في رسالته إلى ماضي: "إنّ الصداقة التي بيننا تفرض عليّ أن أصارحك وأبوح لك، فأنت تعلم انتمائي وإيماني بالإسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة. وإنني آخذ ديني عن علم وأدلة وقناعة عقلية ونفسية وعلمية. وهذا الدين يفرض علينا أن نصدّر هذا الخير لكل الناس ونبشرهم به وندعوهم اليه، لا لأننا كهنوت بل لاننا دعاة".

وتابعت الرسالة: "من هذا المنطلق ولأنني أحب لك الخير، ولأن أعمارنا قد دخلت الشيخوخة، فإنني أوجه لك الدعوة أن تمارس الشجاعة التي تتحلى بها، كما عرفتك منذ عشرات السنين، لتعلن على الناس أنك أحمد ماضي المسلم الذي يتخلى عن كل مذهب يخالف دين الله. وشدد العموش على أن يعلن ماضي ذلك "فالرفاق المصرّون على الموت على إلحادهم لن ينفعوا الإنسان، ورغم انني لست مع الشك، لكنني استشهد بقول المعري لملحدَيْن حاوراه فقال :

إن صح قولكما فلست بخاسر

وإن صح قولي فالخسار عليكما".

العموش: ما الذي يقدمه الإلحاد؟

وتساءل العموش الذي يدرّس في الجامعة الأردنية: "ما الذي يقدمه الإلحاد من راحة نفسية؟ لا يقدم سوى الضياع، ولا يليق بمثلك وأنت صاحب العقل الراجح أن تكون في خانة الضياع، بل لا يليق بك وأنت العالم العقلي إلا أن تكون مع ابن رشد والغزالي وابن تيمية الذين أعلنوها مدوية:  لا تعارض بين العقل والنقل".

وختم العموش رسالته "أدعوك يا دكتور لهذا الإعلان الشجاع، وستكون صرختك مدوية في الآفاق والأنفس والزملاء والتلاميذ وعالم الفكر والسياسة، والأهم عن من خلقني وخلقك والذي يحب أن ترجع إليه، حيث يرحب بك فبابه مفتوح وينتظر رجوعك".

اقرأ أيضاً: الإخوان وصناعة وهم الأيديولوجيا المقدّسة

وفي رده، شكر أستاذ الفلسفة الدكتور أحمد ماضي، العموش، قائلاً: "أود، بادئ ذي بدء، أن أتوجه بأجزل الشكر للصديق العزيز العالم الجليل في الدين الإسلامي، صاحب المعالي أ. د. بسام العموش، على هذا الاهتمام بمصيري في آخر الزمان، ربما لاعتقاده أنّ ساعة الرحيل تقترب من النهاية، في ضوء بلوغ الشيخوخة، ويريد لي نهاية سعيدة".

ماضي للعموش: أدعوك إلى النأي بنفسك عن دور الداعية والواعظ، فما أكثر الدعاة

"آمل أن تخاطبني بفكر لا بدعوة"

وأضاف "إنك تعلم يا عالمنا المستنير أنّ الفكر لا يواجه، إلا بالفكر نفسه، لذلك كنت آمل أن تخاطبني بفكر لا بدعوة، ولا سيما بأنّ كلاً من المُخاطِب والمخاطَب من المشتغلين بالفكر على الرغم من اختلافه عند كل واحد منا".

ماضي للعموش: اعلمْ أنني سأظل كما عهدني الجميع مدافعاً عن سلطة العقل وحرية الإنسان وحقوقه وعن مكارم الأخلاق

وأعرب ماضي عن اعتقاده بأنّ دعوة العموش له تمثل "تصريحاً مباشراً تطالبني فيه بأن أتوقف عن الضياع لأعود لخانة (تليق) بي، وإن كنت لا أعلم عن أي ضياع تتحدث يا دكتور!".

وتساءل ماضي هل "وجدتني صيداً ثميناً، وعثرت على كنز مفقود من الثواب، فكنت أنا عن دون الخلق، هذا الكنز الذي يضمن لك ثَواباً وافراً وأجراً مباركاً، فتجاوزت أساليب الحوار المتعارف عليها، وبلغت في وصفك وتوصيفك لي ما لا يقوم به أشد الدعاة تعصباً، ولا أعرف حقيقةً من أين لك بهذه الأوصاف، وكيف (توفقت)! في تحليل شخصيتي وأفكاري، ولربما اعتمدت على مختبرات تحليل نفسيّ، أوصلتك إلى استنتاجات مطلقة غير قابلة للنقاش، ثم وصفت لي العلاج المناسب!"؟

دعوات باطلة للابتعاد عن التفكير العلمي

وذكّر ماضي العموش واصفاً إياه بـ "الصديق الصدوق"، بأنّ التاريخ شهد الكثير "من الحالات والدعوات المشابهة، وكم من القائلين والمنحازين لدور العقل والمنطق والحريّة، قد وجهت لهم أشد الاتهامات، وتعامل معهم الكثيرون، بفوقية واستعلاء، وبادعاءات لا موجب لها. وكل ذلك كان بمثابة حق يراد به باطل، ولَم تكن دعوات ذات تعليل مقبول، بل أقرب إلى الأوامر الفوقية بالابتعاد عن التفكير العلمي والقياس العقلي، والعودة إلى التواكل والكسل في مواجهة مشاكل العصر ومتطلبات التطور الإنساني الطبيعي".

اقرأ أيضاً: إخوان الأردن.. هل استقال زكي بني ارشيد أم أُقيل؟

وطلب أستاذ الفلسفة من أستاذ الشريعة بأن يهتم بشؤونه الخاصة، قائلاً "أدعوك إلى النأي بنفسك عن دور الداعية والواعظ، فما أكثر الدعاة والوعّاظ في هذه الأيام، وأن لا تزج بنفسك في سجال لا جدوى منه، واهتم بشؤونك الخاصة، واحفظ صداقتك معي بعيداً عن الشروط، واحتفظ بما تراه مناسباً من أفكارك لنفسك، واعلم أننا قد تجاوزنا، منذ زمن طويل، أساليب احتكار الحقائق، وفرض الأيديولوجيات".

وشدّد ماضي في ختام رسالته: "اعلمْ أنني سأظل، كما عهدني الجميع، مدافعاً عن سلطة العقل، وحرية الإنسان وحقوقه وعن مكارم الأخلاق والمبادئ والقيم الإنسانية، وعن المفاهيم العقلية والنقدية التي تخدم المجتمع والوطن، وخير الناس وكرامتهم".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية