الأردوغانية تُغرق الجميع..

الأردوغانية تُغرق الجميع..


21/07/2020

حميد المنصوري

أصبحت الزعامة الأردوغانية لا تقبل المشاركة في السلطة، مسببةً تصدع في صفوف حزب «العدالة والتنمية» بانشقاق قادة مهمين بعد استغلال أفكارهم وجهودهم وأعمالهم.
فوصول حزب «العدالة والتنمية» ذي النزعة «الإخوانية» إلى السلطة في بداية الأمر لم يعكس إلى حد ما مخاوف إقليمية ودولية، لأن الحزب كان، وقتها، أقرب إلى السياسات الليبرالية الاقتصادية لـحزب «الوطن الأم» بقيادة «أوزال» مع وجود سياسات وتوجهات محافظة ويسارية ليبرالية، إلا أن الحزب المحسوب أصلاً على الإسلام السياسي الذي لا يؤمن جانبه، بدأ يتشوه أكثر وأكثر عبر شخصية أردوغان، والتي وصفتهُ السفارة الأميركية في أنقرة «بأنهُ يتبنى مواقف تتسم بالزهو المتعجرف ويمتلك طموحاً لا حدود له ينبع من الاعتقاد بأن الله قد اصطفاه لقيادة تركيا، كما يملك نزعة متسلطة».

من يبحر مع أردوغان يغرق، والبداية كانت مع حركة «فتح الله جولن»، فقبل تحولها لعدو، ساعدت الحركة في وصول حزب «العدالة والتنمية» إلى السلطة 2002، حيث كان الفوز نابعاً من شبكتين دينيتين، الصوفية النقشبندية، وشبكة أتباع فتح الله جولن. ولم يحافظ أردوغان على مهندس السياسة الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو، والذي صاغ سياسة «صفر مشاكل»، حيث شهدت تركيا معها توسعاً في العلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والثقافية في مناطق عدة من الشرق الأوسط، البلقان، أفريقيا، وأميركا اللاتينية. جدير بالذكر بأن هذه السياسة «الصفرية المشاكل» استفادت من مدارس فتح الله جولن المنتشرة في الكثير من البلدان. ومن أدوار أستاذ العلاقات الدولية «أوغلو» المهمة محاولتهُ تكوين إطار لمنظور جيوبوليتيكي تركي كقوة إقليمية متحكمة  في الشرق الأوسط من منطلقات كونها تمتلك قدرات اقتصادية وعسكرية، ولكن هذا المنظور أصبح عبئاً على تركيا لخضوعهِ لشخصية أردوغان وطموحاتهِ الإقليمية، والتي خلقت علاقات صراعية مع العديد من الأقطار. رغم كل ذلك، تخلص «أردوغان» من «أوغلو» في قضية «أكاديميو السلام»، وهي مجموعة من الأكاديميين الأكراد والأتراك الذين حملوا عريضة تطالب الحكومة التركية باستئناف مفاوضات السلام مع حزب «العمال الكردستاني» لتسوية القضية الكردية، حيث ألصق أردوغان تهمة دعم الإرهاب لمن يطالب بعودة المفاوضات، وعلى أثر ذلك خرج «أوغلو» من عضوية الحزب بعد الإهانة عبر تحويلهُ إلى لجنة تأديبية. 

وقد أدرك كلاً من عبد الله غول رفيق أردوغان المؤتمن، وعلي باباجان الذي يعزى إليه تطور الاقتصاد، بأن لا موانئ لسفينة «الحزب» الخاضعة لأردوغان وطموحاتهِ بأن يصبح زعيماً ومؤسساً لتركيا جديدة، خاصةً، بعد تغيير الحياة البرلمانية الأكثر ديمقراطية إلى نظام رئاسي. بالفعل، أغرق أردوغان أقرب وأقوى وأفضل من خدم وطنهُ وحزب «العدالة والتنمية» في بحر الزعامة، وإلى المستقبل القريب نتساءل، إلى أي مدى يستطيع أردوغان الإمساك بدفة السفينة أمام أمواج الصراعات الإقليمية والدولية، ومع الرياح العاتية في الانتخابات القادمة؟!..

عن "الاتحاد"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية