الأزمات السياسية تحاصر الغنوشي.. هل خسر كل أوراقه؟

الأزمات السياسية تحاصر الغنوشي.. هل خسر كل أوراقه؟


23/05/2020

يواجه زعيم حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي، موجة معارضة عاتية من داخل حزبه ومن خارجه، بسبب ممارساته وطموحاته الحزبية التي تعكس تفرّده في القرار داخلياً، وانسياقه خلف تحالفات دولية يمكن أن تسبب الضرر الكبير للدولة.  

ففي الداخل، خرج من رحم حزب الحركة الإخوانية التونسية، كيان سياسي جديد يقوده عدد من القيادات تحت اسم مجموعة "الوحدة والتجديد"، وفق ما ذكرت شبكة "روسيا اليوم".

مجموعة "الوحدة والتجديد" تطالب الغنوشي بالتنحي عن رئاسة حركة النهضة قبل نهاية العام الجاري

وتضم المجموعة، حسب بيان منسوب إليها، وفق ما أوردت وسائل إعلامية محلية ودولية كثيرة، عدداً من القيادات البارزة في النهضة، وهم : رئيس مجلس شورى الحركة عبدالكريم الهاروني، ومسؤول مكتب العلاقات الخارجية بالحركة، رفيق عبدالسلام، ومسؤول المكتب السياسي نور الدين العرباوى، ومسؤول مكتب الانتخابات محسن النويشى.

ودعا الموقّعون إلى ضرورة عقد المؤتمر في آجاله القانونية، على ألّا يتجاوز ذلك نهاية العام 2020، والحرص على ضمان التداول القيادي في حركة النهضة بما يسمح بتجديد نخبها وذلك وفق مقتضيات نظامها الأساسي والأعراف الديمقراطية وسلطة المؤسسات في إطار تجديد عميق للحركة استجابة لمتطلّبات الواقع واحتياجات البلاد، في وقت يدفع فيه رئيس الحركة راشد الغنوشي باتجاه تأجيل المؤتمر الذي سينظر في خلافته على رأس الحزب، بدعوى أنّ الظرف الحسّاس الذي تمر به البلاد لا يسمح بانتقاله، وتداول أنباء عن وجود نية لدى الغنوشي للبقاء على رأس حزب النهضة لولاية أخرى، رغم معارضة القوانين الداخلية للحزب، التي تنهي عهدته في شهر أيار (مايو) الجاري.

اقرأ أيضاً: صندوق الزكاة واجهة دينية للتغطية على حيل "النهضة" لبناء دولة موازية

وجاء في البيان، أنّ الفكرة انطلقت بسبب تراكم بعض السلبيات والأخطاء خلال الأعوام الأخيرة، وتحديداً منذ المؤتمر العاشر للحزب في عام 2016، كما طرحت المجموعة خريطة طريق تدعو إلى عقد المؤتمر العام قبل نهاية العام الجاري.

ونص البيان على أنّه لم يعد خافياً أنّ حركة النهضة تعيش على واقع خلاف داخلي ذي طبيعة تنظيمية، أنتجت مناخاً سلبياً ساهم في إرباك الحزب وإهدار الطاقات والجهود، وممّا زاد في تعقيد الوضع أنّ تفاقم الخلافات الداخلية تجاوز الإضرار بصورة الحركة وتماسكها إلى التأثير أحياناً في خياراتها السياسية الكبرى.

وشددت المجموعة على أهمية تداول المناصب وتواصل الأجيال، ودعت الغنوشى إلى تأمين تداول قيادي ناجح.

وأكدت "الوحدة والتجديد" أنّ قضايا حركة النهضة أعمق من مجرد اختزالها في الانتقال القيادي، مشددة على ضرورة استبعاد زعيمها من أي دور مستقبلي داخل الحركة.

أما من خارج الحزب، فقد أعلن مكتب البرلمان التونسي، أمس، أنّه سيعقد جلسة عامة في الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، بهدف "مساءلة" رئيسه راشد الغنوشي، حول مواقفه السياسية "المشبوهة" في الملف الليبي، حسبما أورد موقع "ميديل ايست أون لاين".

ويأتي قرار البرلمان على خلفية تعالي الأصوات المطالبة بمحاسبة الغنوشي بشأن تحركاته السياسية واتصالاته الخارجية فيما يتعلق بليبيا، بما لا يتماشى مع الدبلوماسية التونسية التي ترفض التدخلات الخارجية بما فيها الصراع في ليبيا.

وفي هذا الإطار، قالت عضو مكتب البرلمان النائبة عن الحزب الحر الدستوري سميرة السايحي في تصريحات إعلامية، إنّ "قرار عقد الجلسة جاء على خلفية تقديم كتلة الحزب الدستوري الحر (16 مقعداً من 217)، لائحة تهدف إلى رفض البرلمان للتدخل الخارجي في ليبيا".

وأضافت السايحي أنّ اللائحة "تأتي على ضوء اعتصام نفذته كتلة الدستوري الحر داخل البرلمان، إثر رفضه لطلب تقدمت به الأسبوع الماضي، ويهدف إلى مساءلة الغنوشي حول اتصالاته الخارجية والتدخل في شؤون دول أخرى".

اقرأ أيضاً: حساسية المرحلة ترجئ المواجهة بين سعيد والنهضة

وأوضحت أنّ "الكتلة أعادت تقديم طلبها للبرلمان، وتم قبول لائحتها".

ولفتت إلى أنّ أربع كتل نيابية ساندت اللائحة وهي كتل؛ "تحيا تونس" (14 مقعداً) و"قلب تونس" (29 مقعداً) و "الإصلاح" (16 مقعداً) و "المستقبل" (8 مقاعد).

وفي ظل هذه المستجدات يكون البرلمان التونسي قد استجاب لكل مطالب الحزب الدستوري الحر، والذي رفض الأربعاء الماضي تعليق الاعتصام رغم استجابة المكتب لـ6 من مطالبه؛ أي كلها باستثناء مساءلة الغنوشي .

مكتب البرلمان التونسي يعلن أنه سيعقد جلسة عامة لمساءلة الغنوشي حول مواقفه الدولية

وكان الغنوشي أقدم، مؤخراً، خلال اتصال هاتفي بما وصفته المعارضة بـ "تصرف صادم"، بتهنئته رئيس حكومة الوفاق الليبي فايز السراج باستعادة قاعدة الوطية، من الجيش الليبي الذي أكد أن انسحابه من القاعدة جاء "تكتيكياً ومدروساً".

وتصاعدت الانتقادات في تونس عقب تهنئة الغنوشي، واستنكرت ذلك أحزاب المعارضة في تونس في بيان مشترك صدر الأربعاء الماضي.

وقالت الأحزاب السبعة (التيار الشعبي وحزب العمال وحركة تونس إلى الأمام والحزب الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي وحزب القطب وحركة البعث) في البيان الذي نقلته "العربية"، إنّ التهنئة "تجاوز لمؤسّسات الدولة وتوريط لها في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها".

ودعا البيان الرئيس التونسي قيس سعيد إلى التدخل والرد على التهم التي تتهم تونس بـ"تقديم دعم لوجستي لتركيا في عدوانها على ليبيا"، كما طالبت المنظمات الوطنية لاتخاذ موقف حازم من الغنوشي وجماعته الذين "يحاولون الزج بتونس في النزاع الليبي وتوريطها مع التدخل التركي في ليبيا وهو ما يشكل خطراً كبيراً على تونس والمنطقة".

كما انتقدت الأحزاب الاتصالات "المشبوهة" للغنوشي في الخارج، مشيرة إلى أنّه يقدم مصلحة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين على مصالح الشعب ما يعتبر تهديداً للأمن القومي التونسي.

هذا وطالبت عريضة إلكترونية أطلقها، مؤخراً، ناشط تونسي تطالب بالتدقيق في ثروة الغنوشي وتشكيل ﻟﺠﻨﺔ مستقلة للكشف عن مصدر أمواله الطائلة.

كما طالبت العريضة التي لاقت رواجاً كبيراً، بالتدقيق القانوني في ثروة الغنوشي، وغيرها من الثروات "المشبوهة"، وبتشكيل لجنة مستقلة تضم أكبر نقابة عمالية في البلاد (الاتحاد العام التونسي للشغل)، ونقابة أرباب العمل، ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، والهيئة التونسية لمكافحة الفساد، والبنك المركزي وغيرها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية