الأسير الفلسطيني مازن القاضي يكابد ويلات السجن وإهمال الاحتلال

الأسير الفلسطيني مازن القاضي يكابد ويلات السجن وإهمال الاحتلال


13/03/2022

في ظلّ تجاهل مصلحة السجون الإسرائيلية لوضعه الصحي الصعب، والذي يتفاقم يوماً بعد يوم، يدخل الأسير الفلسطيني مازن القاضي عامه الـ 21 داخل سجن ريمون الصهيوني، بعد أن حكمت عليه المحكمة العسكرية الإسرائيلية، عام 2002، بالسجن المؤبد ثلاث مرات، إضافة إلى الحبس لمدة 25 عاماً، متجاهلة وضعه الصحي الصعب، ليكابد الأسير ورفاقه الأسرى، تحديداً المرضى منهم، مرارة القهر والإذلال والتعذيب الممنهج من قبل مصلحة السجون الصهيونية.

وكان محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين قد أفاد، عام 2017، بتدهور الوضع الصحي للأسير مازن القاضي (42 عاماً) من مدينة البيرة، والذي كان يقبع في سجن عسقلان، جراء ما يتعرض له من إهمال طبي متعمَّد واستهتار بحالته الصحية.

وأوضحت الهيئة؛ أنّ القاضي يعاني من تمزق في الغضروف، وازداد وضعه الصحي سوءاً بعد خوضه الإضراب الأخير عن الطعام الذي استمر 41 يوماً على التوالي.

وبينّت أنّه فقد من وزنه 26 كيلو غراماً، وأصبح غير قادر على المشي، وأجريت له حديثاً عملية جراحية في منطقة أسفل الركبة، لكنّه في حاجة ماسة لإجراء جلسات علاج طبيعي، بسبب وجود انتفاخات مكانها.

وحذّرت الهيئة من أنّ أيّ تأخير أو مماطلة في تقديم العلاج المناسب للأسير وإخضاعه لجلسات العلاج الطبيعي، من شأنها أن تؤدي إلى مضاعفات صعبة.

حملات التنكيل والاعتقال

وأكّد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أنّ سلطات الاحتلال صعّدت، منذ بداية العام الجاري، من حملات التنكيل والاعتقال بحقّ الفلسطينيين، حيث رصد المركز ما يزيد عن (1000) حالة اعتقال، بينهم 130 طفلاً و22 سيدة.

دخول الأسير القاضي وغيره من الأسرى أعواماً جديدة بين أقبية المعتقلات، يحمل دلالات واضحة على الإرادة القوية والقدرة على الصمود والثبات التي يتمتع بها الأسرى الفلسطينيون

 وأوضح "مركز فلسطين" في بيان له، في 6 آذار (مارس) الحالي؛ أنّ الاحتلال صعد بشكل واضح منذ بداية العام 2022 من عمليات الاقتحام والاعتقال في مدن وقرى الضفة الغربية والقدس، في محاولة لوقف تصاعد المقاومة والتصدي لاقتحامات المدن التي تنامت خلال الشهرين الماضيين؛ حيث وصلت حالات الاعتقال في بعض الأيام إلى 50 حالة.

اقرأ أيضاً: البرد والتعذيب يتناوبان في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين

ووفق المركز احتلت القدس النسبة الأعلى في عمليات الاعتقال حيث وصلت إلى أكثر من 380 حالة اعتقال، وهي تمثّل ثلث حالات الاعتقال التي جرت في الأراضي الفلسطينية منذ بداية العام، ومن قطاع غزة اعتقلت قوات الاحتلال 11 مواطناً منهم 4 بعد اجتيازهم السلك الفاصل جنوب قطاع غزة خلال حادثين منفصلين، و7 من الصيادين أُفرِج عنهم بعد ساعات من التحقيق.

حملة الحياة حقّ

وأطلقت المؤسّسات التي تُعنى بشؤون الأسرى الفلسطينيين ووزارة الصحة الفلسطينية، في 13 شباط (فبراير) الماضي، حملة للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تحت شعار "الحياة حقّ" لفضح جرائم الاحتلال بحق الأسرى المرضى، وتسليط الضوء على سياسة الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون.

وتشمل الحملة فعاليات على الأرض ومؤتمرات وندوات في الداخل والخارج، وحملات إعلامية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

وحمّلت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، في كلمة لها خلال المؤتمر، إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استمرار مسلسل الإهمال الطبي بحقّ الأسرى الفلسطينيين، مطالبة سائر المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر صاحبة الولاية على أسرى الحرب، بالقيام بدورها اللازم نحو قضية الأسرى.

وقالت الكيلة: "يحرم الأسرى من أخذ العلاج بقصد متعمد لإنهاء حياتهم"، معتبرة أنّ ذلك قتل بطيء يجب أن يتوقف وللأبد.

 

اقرأ أيضاً: أبو هواش ينتصر رغم تغيير قواعد التعامل مع إضرابات الأسرى الفلسطينيين

ونصّت اتفاقية جنيف، في موادها 29 و30 و31، على ضرورة تَوَافر مَرافِق مُسْتَوفَية الشروط ‏الصحية لأسرى الحرب، وتوفُّر عيادةٍ طبيةٍ مناسبةٍ في كلّ سجن يحصل فيها الأسرى على ما يحتاجونه من ‏رعاية، يضاف إلى ذلك عدم جواز منْعُ الأسرى من عرض أنفسهم على السلطات الطبّية لفحْصِهم، وحقّ ‏كلّ أسيرٍ إجراء فحصٍ طبّيٍّ شاملٍ شهرياً، وهو ما تتعمّد "مصلحة السجون" عدم إتاحته للأسرى داخل ‏‏"السجون الإسرائيلية".‏

وبحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية؛ يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية 4 آلاف 600 أسير، من بينهم 34 أسيرة فلسطينية، و500 أسير يواجهون الاعتقال الإداري، فيما يعاني 600 أسير أمراضاً مختلفة، كما يقضي 547 أسيراً أحكاماً بالسجن المؤبد.

أزمات نفسية وصحية وجسدية

وأكد مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى، الباحث رياض الأشقر، لـ "حفريات"؛ أنّ "الأسير مازن القاضي ينضمّ إلى قائمة طويلة من الأسرى، الذين أمضوا ما يزيد عن عقدين من الزمن داخل السجون الصهيونية، حتى وصلت أعداد الذين يقضون أكثر من عشرين عاماً منهم داخل المعتقلات إلى ما يقارب 145 أسيراً، حيث تترك هذه السنوات الطوال من الاعتقال أزمات نفسية وصحية وجسدية على الأسرى، وتؤدّي إلى إصابتهم بالأمراض المتنوعة في ظلّ سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها مصلحة السجون الصهيونية بحقّهم".

مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى، الباحث رياض الأشقر: غالبية الأسرى الفلسطينيين يعانون أوضاعاً صحية خطيرة

وتابع الأشقر؛ أنّ "الأسرى داخل المعتقلات يعانون من ظروف احتجازهم القاسية، كما أنّهم يتلقون الطعام والشراب الملوث، لتصبح أجسادهم عرضة لتراكم الأمراض المزمنة والمستعصية، دون أن يتم تقديم الفحوصات الدورية، وكذلك العلاجات والأدوية الملائمة لمعاناتهم الصحية، لمحاولة السيطرة عليها قبل تفاقمها وتغلغلها داخل أجسادهم المنهكة".

 

اقرأ أيضاً: إسرائيل تحصّن سجونها.. ومحللون لـ "حفريات": الأسرى سينالون الحرية

وأكّد أنّ "غالبية الأسرى الفلسطينيين يعانون أوضاعاً صحية خطيرة، حيث يوضع عدد كبير منهم داخل زنازين ضيقة تنعدم فيها مصادر التهوية، وهي عوامل تفاقم أوضاعهم الصحية، رويداً رويداً، ليتم تركهم فريسة للإصابة بمختلف الأمراض الفتاكة، بعد أن فشل الاحتلال من إفراغ الأسرى الفلسطينيين من محتواهم الوطني والثوري".

رفض زيارة الوفود الدولية والمحلية

الأشقر أوضح أنّ "السجون الإسرائيلية تفتقر للأطباء المتخصصين في المجالات الطبية الحساسة والنوعية، كما لا تتوفر الخدمات والعيادات الطبية في عدد من المعتقلات، وينتظر الأسرى المرضى المصابون بالفشل الكلوي والسرطان والقلب والسكري فترات طويلة، ليتم عرضهم على طبيب مختص، بعد أن تتدهور أوضاعهم الصحية بشكل خطير".

المحلل السياسي عصمت منصور لـ "حفريات": قضية الأسرى في حاجة إلى التحشيد الإعلامي الدولي المستمر، لفضح ممارسات الاحتلال بحق الأسرى، وتحديداً من ذوي الأحكام المرتفعة

وأوضح الأشقر أنّ "الاحتلال لا يوفر المعلومات الحقيقية عن حالة الأسرى المرضى داخل السجون، وهو يستخدم سياسة التعتيم على أوضاعهم الصحية، حتى يخفي جرائمه المتصاعدة بحقهم، وبالتالي فإنّ مصلحة السجون ترفض قيام أي مؤسسات فلسطينية أو دولية بزيارتهم والاطمئنان عليهم، لأن ذلك سيكشف عن حجم الجرائم المرتكبة بحقهم، لذلك يرفض الاحتلال منذ سنوات طويلة السماح لأي وفود خارجية بالوصول الى السجون أو إلى مستشفى سجن الرملة الذي تحتجز فيه مصلحة السجون أصعب الحالات المرضية".

الإرادة والصمود للأسرى

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور لـ "حفريات" أنّ "دخول الأسير القاضي وغيره من الأسرى داخل السجون الصهيونية أعواماً جديدة بين أقبية المعتقلات، يحمل دلالات واضحة على الإرادة القوية والقدرة على الصمود والثبات التي يتمتع بها الأسرى الفلسطينيون، كجزء من النضال الذي تخوضه الحركة الأسيرة، في حين تظهر هذه الفترات من الاعتقال حالة الضعف والوهن التي تشهدها بعض المؤسسات والفصائل الفلسطينية، والتي فشلت في إيجاد الآليات والأدوات المناسبة لإنهاء فترات اعتقالهم أو تقليصها".

الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور: الفلسطينيون يفخرون بنضالات الأسرى وصمودهم

وتابع منصور، الذي قضى في سجون الاحتلال 20 عاماً بأنّ "سياسة الإهمال الطبي التي تتبعها السلطات الإسرائيلية بشكل مدروس وممنهج تهدف إلى إبقاء الأسرى ضمن دائرة المعاناة المستمرة، حيث بات المئات منهم يحملون في أجسادهم أنواعاً وأشكالاً متعددة من الأمراض الخطرة، التي تحتاج إلى متابعة صحية وعلاجية تتناسب مع أوضاعهم، وهو ما لا تتيحه مصلحة السجون، لتنهك بذلك أجسادهم وتفاقم خطورة حالاتهم الصحية، إلا أنّ ذلك لم يمنع انتزاع بعض الأسرى شروط الحياة، ومن ضمنها الحقّ في العلاج، بفعل نضالاتهم المستمرة، والتي تعبّر عن إرادتهم الصلبة".

 

اقرأ أيضاً: محللون يكشفون لـ "حفريات" سياسة الابتزاز الإسرائيلية ضد الأسرى

وبيًن أنّ "الفلسطينيين يفخرون بنضالات الأسرى وصمودهم رغم شتى الإجراءات العنصرية والتعسفية التي ترتكب بحقهم من قبل مصلحة السجون الاسرائيلية، إلا أنّ ذلك يتطلب المزيد من التحركات على المستوى المحلي والدولي، لنصرتهم ودعم قضاياهم العادلة والمشروعة، التي كفلتها لهم المواثيق والأعراف الدولية كافة".

تحشيد إعلامي مستمر  

منصور أوضح أيضاً أنّ "الأوضاع داخل المعتقلات الصهيونية متصاعدة وتزداد خطورة، في ظلّ خوض الأسرى خطوات نضالية وحالة من المواجهة المستمرة مع الاحتلال، من خلال التكاثف الجماعي والبيانات والتصعيد الكلامي، التي تمّ اتخاذها من قبلهم"، مشيراً إلى أنّ "الظروف الدولية الحالية بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قد تدفع بالأسرى إلى إعادة النظر في بعض القرارات، لتجنّب الاستفراد بهم في ظلّ الانشغال الدولي بالأوضاع الراهنة الحالية، بالتالي؛ فإنّ إعادة استقرار الأمور العالمية مجدداً، سيؤدّي إلى أنّ تشهد المعتقلات حالة من الاضطراب، أو شكل من أشكال التصعيد التدريجي".

ولفت منصور إلى أنّ "قضية الأسرى في حاجة إلى التحشيد الإعلامي الدولي المستمر، لفضح ممارسات الاحتلال بحق الأسرى، وتحديداً من ذوي الأحكام المرتفعة، كما حصل مؤخراً مع قضية أسرى نفق الحرية والذين فرّوا من معتقل (جلبوع)، إلا أنّ ذلك لا يخفي حجم التقصير، وغياب الرؤية الواضحة، والإستراتيجيات الصحيحة، لحشد التأييد والدعم الدولي لقضية الأسرى دولياً، وهو الأمر الذي يدفعون ثمنه بمواصلة سلطات الاحتلال في مسلسل العقوبات المرتكب بحقهم".

وأشار الكاتب والمحلل السياسي إلى أنّ "تلويح الأسرى بالإضراب المفتوح عن الطعام، لن يأتي دون حوارات مطولة داخل الحركة الأسيرة، وبعد استنفاد مختلف المحاولات مع مصلحة السجون لتحسين أوضاعهم، كونه معركة مفتوحة وصعبة، وتخضع لعوامل داخلية وخارجية، وهو يتوقف على مدى استجابة السلطات الصهيونية لمطالبهم".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية