الإخوان المسلمون: أوهام ومناورات وعنصرية ضد المرأة.. هذه آخر أزماتهم

الإخوان المسلمون

الإخوان المسلمون: أوهام ومناورات وعنصرية ضد المرأة.. هذه آخر أزماتهم


27/05/2020

لم تتعرض القضية الفلسطينية لهذا القدر من الاستغلال والمتاجرة كالذي تعرضت له من قبل جماعة الإخوان المسلمين؛ ففي ذكرى النكبة من كل عام، تمنح الجماعة نفسها دور البطولة المطلقة في الدفاع عن فلسطين، وتختلق سيلاً من الأوهام، حاولت دوماً إلباسها ثوب الحقيقة التاريخية.

كانت أسلحة الإخوان التي جمعت لصالح قضية فلسطين، تصوّب إلى صدور المعارضين في القاهرة

هذا العام، وتحت عنوان "يوميات جهاد الإخوان ضد الصهيونية"، نشرت جماعة الإخوان ما زعمت أنّه موجز للعمليات العسكرية التي قامت بها في مواجهة الصهيونية، إبان حرب فلسطين في العام 1948، لتواصل نهج الادعاءات التي بدأها المرشد الأول حسن البنا بالكذبة الكبرى، حينما زعم أنّه أرسل نحو 10.000 مقاتل لتحرير فلسطين، بينما أثبتت الوثائق التاريخية أنّ جملة ما أرسله من مقاتلين يتجاوز المئتين بقليل، بعدما فضّل الإخوان المسلمون الاحتفاظ بالجهاز الخاص في مصر، لإدارة الصراع مع حزب الوفد على السلطة؛ حيث كانت أسلحة الإخوان التي جُمعت لصالح قضية فلسطين، تصوّب إلى صدور المعارضين في القاهرة.

 

 

ويبدأ منشور الإخوان بتمجيد موقعة "كفار ديروم"، والتي تعتبرها أدبياتهم أولى المعارك المقدسة، في نيسان (أبريل) من العام 1948، وكفار ديروم هي مستعمرة هامشية، صغيرة وضعيفة التحصين، حاول الإخوان اقتحامها، لكنهم فشلوا بسبب أبراج المراقبة التي نصبتها الهاغاناة، وسقط منهم قرابة العشرين قتيلاً، قبل أن يقرروا الهرب، وتغيير إستراتيجتهم، بالاكتفاء بالإغارة على القوافل وقطع الطريق، وحتى هذا فشلوا فيه تماماً.

في تركيا حذر الإخواني حمزة زوبع المصريين من إرسال أموالهم لأي مؤسسات خيرية في مصر

ويسرد المنشور عدداً كبيراً من معارك التحرير الوهمية التي خاضها الإخوان المسلمون، ويحكي عن بطولات أسطورية لم تحدث؛ فها هو المجاهد علي صديق، على حد زعم الجماعة، يقوم بتدمير مصفحات يهودية، وبداخلها 70 من جنود الصهاينة! وها هي القوات الإخوانية المظفرة تدخل بيت لحم، وتتقدّم داخل القدس الجديدة! كما ادعى الإخوان أنّهم في 26 أيار (مايو) 1948 قاموا بنسف مستعمرة رامات راحيل واحتلالها وطرد اليهود منها، الأمر الذي لم يحدث ولم تتناوله وثيقة تاريخية واحدة؛ ففي تلك الآونة واصلت الهاغاناة تنفيذ الخطة دالت، بإجلاء المناطق العربية باستخدام الحد الأقصى من القوة الغاشمة، بالتعاون مع عصابتي الأرغون وشتيرن، وقد أظهرت قدراً هائلاً من العتاد والتسليح، فشلت الجيوش العربية نفسها في مواجهته. كما نسب الإخوان إلى أنفسهم كل العمليات العسكرية التي قام بها جيش الإنقاذ العربي، بقيادة فوزي القاوقجي، وقوات المتطوعين الذين تزعمهم الشهيد أحمد عبد العزيز، الذي ادعى منشور الجماعة المليء بالافتراءات أنّ جمال عبد الناصر هو الذي أمر بقتله؛ لأنّه كان يمثل عقبة أمامه في قيامه بالثورة؛ إذ كان يتمتع بشخصية قوية وشعبية جارفة في الجيش! وهو ادعاء كاذب جملة وتفصيلاً؛ لأنّ البطل الشهيد طلب طواعية إحالته للاستيداع، وتخلى بإرادته عن امتيازاته ورتبته كعقيد، بعد أن خيّرته الدولة بين الاستمرار في الجيش أو مواصلة العمل التطوعي، وبالتالي لم تكن له أيّ علاقة بالجيش النظامي آنذاك.

 

 

أموال الزكاة تُشعل حرباً من نوع آخر

ألمح خالد حنفي، الأمين العام المساعد للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وعضو التنظيم الدولي، في أكثر من موضع، إلى عدم جواز نقل الزكاة إلى خارج بلد المزكي، وذلك رداً على تصريح دار الإفتاء بأنّ على المصريين في الخارج إخراج الزكاة في مصر، حيث يرى حنفي أنّ الوضع في أوروبا يقتضي إخراج الزكاة بها، لافتاً إلى المأزق المالي الذي تواجهه المراكز الإسلامية هناك، متجاهلاً إجازة المذهب الحنفي لنقل الزكاة، إذا كان النقل إلى قرابة محتاجين، أو في نقلها صلة رحم، أو إلى جماعة هم أشد حاجة من فقراء البلد الذي يقيم فيه المزكي، وكذلك إجازة المالكية النقل إذا كانت هناك حاجة مُلحّة لذلك، لكنها الأيديولوجيا حين تعمى بصائر الناس عن قول الحق.

اقرأ أيضاً: هكذا استثمر "الإخوان" بالتدين الشعبي لدى فلاحي مصر

وفي تركيا، ردّت منابر الإخوان على تصريح دار الإفتاء بحملة من التشكيك قادها حمزة زوبع، مؤكداً أنّ أموال الزكاة ستذهب الى الدولة، وحذّر المصريين من إرسال أموالهم لأي مؤسسات خيرية في مصر، بل تجاوز ذلك ليطلب من المقيمين في الخارج عدم تحويل أموالهم، للضغط على مصر اقتصادياً؛ فالأولوية عند الإخوان أن يبقى الجوعى والمرضى والمحرومون، أدوات للصراع الذي يمارسونه بهدف الوصول إلى السلطة.

 

 

مناورات النهضة في تونس وبوادر التصدّع

في قرار مفاجئ، أعلن رئيس حركة النهضة الإخوانية، راشد الغنوشي، حل المكتب التنفيذي للحركة واعتزامه إدخال تعديلات، استجابة لمتطلبات واستحقاقات المرحلة، كما أعلن عن تحويل المكتب الحالي إلى مكتب تصريف أعمال، وهو ما يعكس ارتباكاً في البنية الداخلية للحركة، عكسته تصريحات عبد الكريم الهاروني، رئيس شورى النهضة، الذي أكد أنّه ليس هناك حل للمكتب التنفيذي، بل هو تغيير في تركيبته من حيث الحجم والهيكلة، ثم عاد وقال إنّه من حق رئيس الحركة أن ينظر في التغيير، نظراً للاستحقاقات القادمة، وإضفاء بعض الإصلاحات، وهو ما يُعدُّ مؤشراً على وجود حالة من التوتر داخل النهضة، بعد تقارير أشارت إلى اعتراض عدد من أعضاء المكتب التنفيذي، على انفراد الغنوشي بالقرار.

يجيد الإخوان اللعب على وتر التناقضات الطبقية واستغلال الفقر لحشد الجماهير نحو صناديق الانتخاب

وتعكس تصريحات خليل البرعومي، عضو المكتب التنفيذي المقرب من الغنوشي، حالة الجدل داخل الحركة، حيث دافع البرعومي أكثر من مرة عن قرار الغنوشي الفردي، بحجة أنّ القانون الأساسي يعطي الصلاحية لرئيس الحركة بحلّ وتغيير المكتب التنفيذي، بينما ادعى القيادي بالنهضة عماد الخميري أنّ حلّ المكتب التنفيذي للحركة أثير منذ مدة، لكن المهام الوطنية هي التي عطلت هذا الخيار.

من جهة أخرى، واصلت حركة النهضة محاولاتها توريط تونس في مخططات المحور القطري/ التركي، حيث دافع عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى النهضة، يوم 10 أيار (مايو) الجاري عن الاتفاقيات مع قطر وتركيا، زاعماً أنّه لا لبس فيها ولا تتعارض مع سيادة تونس وقوانينها، وأنّ من عارضها مصطف مع أجندات إقليمية معارضة لـ "الربيع العربي"، ومعارضة للبلدين اللذين قدما مساعدات لتونس، في الثورة وفي أزمة كورونا.

اقرأ أيضاً: لماذا قدّم الإخوان 3 تفسيرات مختلفة لرسالة التعاليم لحسن البنا؟

وعلى صعيد الصراع السياسي، أعلنت حركة النهضة في بلاغ إعلامي يوم 15 أيار (مايو) الجاري، رفضها ما أُثير حول تشكيل كتلة نيابية جديدة، بزعم أنّ ذلك يُغذّي الانشقاقات في بعض الكتل النيابية ويؤدي إلى المزيد من الاحتقان السياسي والتمزق والشتات، وهو ما يعكس مرة أخرى طبيعة فهم النهضة للعمل السياسي، وسعيها نحو تجميد المشهد، ووأد الممارسات الديمقراطية، بدعوى الاصطفاف الوطني.

 

 

المال السياسي سيد المشهد في موريتانيا

في مشهد سياسي مؤسف، تمادى حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذراع السياسي للإخوان المسلمين في موريتانيا، في توزيع الرشاوى الانتخابية. وبدلاً من المساعدات العينية، وزّع عمدة بلدية باركيول، المنتمي لـ"تواصل"، يوم 12 أيار (مايو) الجاري مبلغ 1.410.000 أوقية على أنصار الحزب في البلدية، بدعوى مساعدتهم على تحمل الظروف التي تمر بها الفئات الأقل دخلاً، بحسب بيان "تواصل"، وهي المرة الأولى التي تقوم بها بلدية باركيول بتوزيع مبالغ مالية على سكان البلدية، دون الكشف عن مصدر هذه الأموال والمراد الحقيقي من ورائها، حيث يجيد الإخوان اللعب على وتر التناقضات الطبقية، واستغلال الفقر لحشد الجماهير نحو صناديق الانتخاب.

في موريتانيا واصل حزب تواصل الضغط من أجل تفريغ قانون مكافحة العنف ضد النساء من مضمونه بدعوى مخالفته للشريعة الإسلامية

وفي سياق آخر، واصل حزب "تواصل" الضغط من أجل تفريغ قانون مكافحة العنف ضد النساء من مضمونه، بدعوى مخالفته للشريعة الإسلامية، خاصة الفقرات المتعلقة بالختان ومنع الزوجة من السفر وتقنين التعدد وغير ذلك؛ ففي تصريح صحفي موقّع باسم السالك سيدي محمود، نائب الرئيس والمتحدث الإعلامي باسم الحزب، يوم 8 أيار (مايو) الجاري، حذّر الحكومة من مغبة تقديم أيّ قانون يخالف الشريعة الإسلامية، قبل أن يجتمع المكتب التنفيذي لـ"تواصل"، في دورة استثنائية يوم الخميس 14 أيار (مايو) الجاري، ليؤكد تمسّك الحزب بثوابته الأساسية، وعلى رأسها المرجعية الإسلامية، وأنّه في هذا الصدد يرفض أيّ فعلٍ أو قولٍ يمكن أن يُفسّر بما يخالف تلك الثوابت، وعليه يحتكر تواصل التفسير الوحيد لأي قانون، ويملك وحده المعيار الديني، بوصفه حزباً ربانيّاً يمارس الحسبة.

 

 

استغاثة في ليبيا ومناورات في السودان

تحت وطأة الضغط العسكري وفشل الحليف التركي في تقديم مساعدة ناجزة، أصدر حزب العدالة والبناء الليبي، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، بيانه رقم (3) لعام 2020 يوم 9 أيار (مايو) الجاري، زعم فيه قيام الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، بقصف المدنيين والتجمعات السكنية والخدمية، كما ادعى البيان انضمام مرتزقة من الجنجاويد والتشاديين والفاغنر، إلى قوات الجيش الليبي، ربما للتغطية على حشود المرتزقة التي دفع بها أردوغان، إلى صفوف ميليشيات الوفاق. وحمّل البيان بعض الدول المسؤولية، مستغيثاً بالبعثة الأممية والمجتمع الدولي وكل المؤسسات والمنظمات الدولية، للقيام بدورها لإيقاف هذه الأعمال، وهو ما يعكس تدهور الوضع العسكري لميليشيات الوفاق المدعومة من أنقرة.

اقرأ أيضاً: حزب تونسي: مشروع "الإخوان" لن يطبق في المغرب العربي

وفي السودان، واصل الإخوان المسلمون محاولاتهم اليائسة للبحث عن حلفاء جدد؛ حيث قام وفد من الجماعة، يوم 14 أيار (مايو) الجاري، ضم المراقب العام عوض الله حسن، بزيارة للإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي في منزله، وأعلن الإخوان من طرف واحد، اتفاقهم مع حزب الأمة على ضرورة التأسيس لانتقال صحيح للسلطة، عن طريق الانتخابات، كما رحّب الإخوان المسلمون بمبادرة الإمام الصادق المهدي، التي أعلن أنّه سيدفع بها للقوى السياسية للعبور بالبلاد إلى انتخابات صحيحة، وهو ما يعكس الرغبة الجامحة لدى الإخوان في إجراء الانتخابات بأسرع وقت، من أجل ممارسة ألاعيبهم السياسية، قبل أن تأخذهم الموجة الثورية إلى بئر النسيان.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية