الإخوان المسلمون: انتهازيّة في تونس ومراجعات في المغرب وانقسام في ليبيا

الإخوان المسلمون: انتهازيّة في تونس ومراجعات في المغرب وانقسام في ليبيا


17/05/2022


استغلت حركة النهضة التونسيّة، الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين، استشهاد مراسلة الجزيرة في الأراضي الفلسطينيّة، شيرين أبو عاقلة، لتطالب في بيان نعي الفقيدة، بإعادة فتح مكتب الجزيرة في تونس. وفي المغرب، حاول الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، الإيعاز بإجراء مراجعات سياسيّة، يمكن من خلالها العودة لتصدر المشهد السياسي من جديد في البلاد. وفي ليبيا، تتواصل فصول التضارب في مواقف الأذرع الإخوانيّة، وهو ما يعود إلى تداخل خيوط اللعبة السياسيّة، وتخلي أطراف إقليميّة بعينها عن دعم الجماعة، وكذلك فقدان السيطرة على الميليشيات المسلحة.

حركة النهضة بين الانتهازية والارتباك السياسي

في خطوة وُصفت بالانتهازيّة، استغلت حركة النهضة التونسيّة، الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين، استشهاد مراسلة الجزيرة في الأراضي الفلسطينيّة، شيرين أبو عاقلة، لتطالب في بيان نعي الفقيدة، بإعادة فتح مكتب الجزيرة في تونس، والذي أغلقته السلطات التونسيّة، منذ تمّوز (يوليو) الماضي، كما طالبت، بـ "الكف عن التضييق على الصحفيين، وانتهاك حقوقهم المشروعة التي كرستها الثورة التونسية". بحسب مزاعم البيان، الذي تجاهل أنّ مراسلي قناة الجزيرة مازالوا يواصلون أعمالهم، وتغطياتهم للأحداث بحرية في تونس.

من جهة أخرى، أعلنت حركة النهضة، يوم الجمعة الماضي، رفضها ما أسمته "الحوار الصوري والانتقائي والإقصائي". وذلك فق بيان رسمي، زعمت فيه أنّ "هذا الحوار إمعان في تعميق الأزمة السياسيّة، في سياق وضع اقتصادي ومالي يُشارف على الانهيار، واحتقان اجتماعي متزايد، وانحراف كبير عن الأولويات المعيشية للمواطنين". وحمّلت الحركة الرئيس التونسي، قيس سعيّد "مسؤولية فشل الحكومة، في إعداد خطة إصلاح هيكلية ناجزة".

 ادعت حركة النهضة الإخوانيّة أنّ الحكومة التونسيّة فاقدة للمشروعية

كما ادعت الحركة الإخوانيّة، التي لم توجه لها الدعوة؛ للمشاركة في الحوار، أنّ "الحكومة التونسيّة فاقدة للمشروعية، خصوصاً في ظلّ العجز عن توفير الشروط الضرورية؛ لإنجاح المفاوضات مع الأطراف الاجتماعية المتداخلة، وصندوق النقد الدولي". داعية إلى "التعاون؛ من أجل إنجاح حوار جدي وشامل؛ يؤدي إلى استقرار سياسي صلب، ويخلق مناخاً ملائماً؛ لتنفيذ خطة إنقاذ اقتصادي، لم تعد تحتمل التأجيل"، بحسب البيان نفسه.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد صرّح يوم الخميس الماضي، أنّ "النص المتعلق بالحوار سيصدر قريباً".

إخوان المغرب يواصلون نهج المزايدة

في كلمة له في مهرجان خطابي، نظمته نقابة الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية (المصباح) الإخواني، قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب إنّ "التوقيع على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل كان خطأ، مثلما كان قانون اللغة العربية، وتقنين القنب الهندي خطأ". مضيفاً: "الشعوب لا تقبل التطبيع، ولولا أنّ الحدود مغلقة؛ لذهبنا إلى أرض الجهاد".

استخدام بنكيران لتلك اللهجة، وصفه البعض بالمكيافيللية السياسيّة، فهو يحاول توظيف القضية الفلسطينيّة من جديد، واستعادة الأرض التي فقدها حزبه بعد الاتفاق الثلاثي، كما أنّه يعرّض بشكل غير مباشر، بمنافسه سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب، ورئيس الوزراء السابق.

 

في خطوة وُصفت بالانتهازيّة، استغلت حركة النهضة الإخوانية استشهاد مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، لتطالب في بيان نعيها، بإعادة فتح مكتب الجزيرة في تونس، والذي أغلقته السلطات منذ تمّوز الماضي

 

من جهة أخرى، حديث بنكيران عن النقد الذاتي، أمام جمهور من أنصار حزبه في جهة درعة تافيلالت جنوب البلاد، محاولة ربما لتبرير السقوط المدوي للحزب في الانتخابات الأخيرة، والإيعاز بإجراء مراجعات، وهي محاولات للعودة لتصدر المشهد السياسي في البلاد.

بنكيران قال إنّه "ليس من أهداف ومهام الحركة الإسلاميّة، أن تأخذ وتستأثر بالحكم، وتتصور أنّ هذا هو دورها الديني". مشدّداً على أنّ "الدور الأول لأبناء الحركة الإسلاميّة، هو الاستقامة وتمثل قناعات ومبادئ ومواقف المرجعية الإسلاميّة".

 

التضارب الحالي بين مواقف الأذرع الإخوانيّة في ليبيا، يعود إلى تداخل خيوط اللعبة السياسيّة، وتخلي أطراف إقليميّة بعينها عن دعم الجماعة، وكذلك فقدان السيطرة على الميليشيات المسلحة

 

واعترف بنكيران أنّ رؤية الإخوان السياسيّة في بلاده كانت ضبابية، ذلك أنّهم كانوا يعتبرون سياسة الدولة مخالفة للدين، "فكان الطريق؛ إمّا ممارسة السياسة، أو القيام بانقلاب". مستشهداً بتجربة الإخوان في السودان، حيث قال إنّ "بعضهم أخيار وأذكياء، ولما وصلوا إلى الحكم لم يحققوا التنمية المنشودة في البلاد، بل حصل أن افتضح سعي بعضهم إلى السلطة والجاه والثروة والطائفية؛ فلفظهم الشعب بعد ذلك".

ويبدو أنّ الأمين العام لـ"المصباح"، بصدد تقديم مقاربات جديدة، رغبة في الخروج من نفق العزلة المظلم، وأملاً في استعادة الحكم بأيّ طريقة.

إخوان ليبيا على أعتاب الانقسام

فشل ما يسمى المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، في جلسته المنعقدة الأحد الماضي، في استكمال النصاب القانوني لعقدها، فقرر رئيس المجلس، القيادي الإخواني، خالد المشري، في مناورة سياسيّة تجاوز الموقف، فأطلق عليها جلسة تشاورية، قبل أن يتكرر الفشل للمرة الرابعة على التوالي، إثر مقاطعة أغلب أعضاء المجلس لاجتماعاته، إثر خلاف عميق حول سياسات المجلس ومواقفه، وأصدر هؤلاء بياناً، طالبوا فيه رئاسة المجلس الأعلى بــ "تحمل المسؤولية الوطنية؛ بالالتفات لمطالبات الأغلبية، التي تقاطع الجلسات". كما طالب البيان بــ "الحفاظ على ما تم إنجازه، من توافقات مع مجلس النواب، والمتمثل في تعديل الإعلان الدستوري، وتشكيل الحكومة الليبية".

من جهة أخرى، خرج محمد صوان، الرئيس السابق لحزب العدالة والبناء، الذراع السياسيّة للإخوان، ليعلن في بيان رسمي مباركته حكومة الاستقرار بليبيا، على عكس المجلس الأعلى الرافض إلى الآن الاعتراف بحكومة باشاغا.

رئيس المجلس، القيادي الإخواني، خالد المشري

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات صحفية: إنّ ما يحدث داخل المجلس الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان، بات واضحاً للعيان، مبيّناً أنّ "الانقسامات" بدأت تدب في المجلس، منذ اتفاق الأخير مع البرلمان، والذي تراجع عنه فيما بعد، إثر ظهور عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق للأعلى للدولة، وكتلته التي تسعى لإفساد كافة التوافقات". كما علّق على الصراع الذي تدور تفاصيله داخل المجلس، المعروف بتركيبته التي يهيمن عليها الإخوان، مؤكداً أنّ "هذا البيان؛ ينبئ ببداية صراع حقيقية داخل أروقة المجلس، الذي يعاني من ضغوط بعض الميليشيات، فضلاً عن تمسك بعض أعضائه بخيار إفساد العملية السياسية، والاستمرار في دوامة الانقسام، ودعم الحكومة المنتهية ولايتها".

ويبدو أنّ التضارب الحالي بين مواقف الأذرع الإخوانيّة في ليبيا، يعود إلى تداخل خيوط اللعبة السياسيّة، وتخلي أطراف إقليميّة بعينها عن دعم الجماعة، وكذلك فقدان السيطرة على الميليشيات المسلحة، وعدم القدرة على إنجاز مشروع سياسي، يخرج البلاد من الأزمة الحالية.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون: اتجاه للحل في تونس وإساءة للجيش في ليبيا وإفلاس في المغرب

الإخوان المسلمون: اتهامات بالتمويل الخارجي وغضب شعبي وتغريد خارج السرب

الإخوان المسلمون: دعوات تحذير وأعمال عنف وتمدّد اجتماعي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية