الإخوان المسلمون.. تسعون عاماً في النفق المظلم

الإخوان المسلمون

الإخوان المسلمون.. تسعون عاماً في النفق المظلم


20/12/2017

بعد 89 عاماً على تأسيسها، ما تزال جماعة الإخوانِ المسلمين تخوضُ صراعاتٍ مع معظم الدول والأيديولوجيات المحيطة بها، إضافة إلى الحركاتِ والجماعات الجهادية المسلحة التي كانت الجماعة رافعة لظهورها منذ ستينيات القرن الماضي، إلى أن جاء عام 2017 واضعاً الجماعة على حافة العام التسعين لوجودها، وفي عنقها تركةٌ ثقيلة من الانتقادات بشأنها، وبشأن ما قدمته إلى هذا العالم.

يتواجد التنظيم الدولي للإخوان في 18 بلداً حول العالم ويتشارك ذات الأهداف والمبادئ والأيديولوجيا أينما وجد

تتواجدُ الجماعةُ اليوم من خلال تنظيمها العالمي في دولٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ وغربيةٍ عديدة، مما جعلها ظاهرةً جديرةً بالدراسة، خصوصاً بشأنِ تاريخها، وعلاقتها بصعودِ حركاتٍ مسلحة ومتطرفة في العالم، ويأتي هذا التقرير ضمن مشروع مكافحة التطرف "counter extremism project" ونُشرَ على الموقع الرسمي للمشروع بتاريخ 26 آذار (مارس) 2017 ضمن دراسات وتقارير عديدة تطرقت إلى تاريخ الجماعة.
توظيف الدين
ويبدأ التقرير بكلمات تصف الحركة، فهي ليست مؤسسة رسميةً أو حكومية، ومنذ تأسيسها عام 1928 في مصر على يد حسن البنا، بدأت دعوية، تتسلحُ بالصحوةِ الإسلامية لتنشر أفكارها التي تستندُ إلى الدين الإسلامي، لكنها "تقوم بتوظيف الدين لتحقق مكاسب اجتماعية وسياسية"، أما برامجها السياسية والاجتماعية، فتعتمدُ على رؤيتها لما يشرعه لها الدين بصرف النظر عن صلاحية ما قدمته وتقدمه من فتاوى ربما يبطلها تغير الزمان والمكان.

تجمع الجماعة الأموال من أعضائها البالغين في مصر وحدها قرابة 600 ألف عضو منهم قياديون يديرون شركات

الفتاوى التي ربما تخلق تناقضاتٍ وصراعاتٍ في المجتمع، تمنح الجماعة وحدها الشرعية بنظرها، وتنزعها عن أي جماعاتٍ أخرى، سياسية كانت أم اجتماعية، وهو ما جعل الجماعة بعد ما يقرب التسعين عاماً من تأسيسها، تُوصفُ أيديولوجياً بـ"الجهادية والقطبية أحياناً، وبالتكفيريةِ في أحيانٍ أخرى بسبب تأثرِ حركات إرهابية مثل داعش والقاعدة بها" كما يذكر التقرير.

محاولة تجيير "الريبع العربي"
أما بخصوصِ عودة الجماعة وتنظيمها الدولي إلى الساحة من جديد، فقد ترافق كما يورد التقرير بصعود "الربيع العربي" العام 2011، حيث وظفت الجماعة بُناها ومكاتبها وأفرادها لمحاولة تجيير نتائج "الربيع" السياسية لمصلحتها، وهو ما بدا واضحاً بتسلم الرئيس المصري الأسبق والمنتمي للإخوان محمد مرسي سدة الحكم بعد انتخابات عامة في مصر، إلا أنّ حكمه لم يدم سوى عام واحد، وانتهى في العام 2013، بعد ما وصفه التقرير بـ"مقاومة شعبية رافقتها مبالغة من حكومة الإخوان بالتحكم في الدستور" مما أدخل مصر في حالةِ فوضى خلال تلك الفترة.

يقدم التنظيم الدولي من أعضائه في أوروبا ودولٍ أخرى أموالاً يجمعها باسم الأعمال الخيرية

وفي إشارة إلى الهيكل التنظيمي للجماعة، وهو ما يركز عليه التقرير في محاولة لرسم صورة للتنظيم الدولي للإخوان، يُظهر وجوداً أساسياً لمكاتب وأعضاء من الجماعة في 18 بلداً حول العالم؛ حيث يتشارك التنظيم ذات الأهداف والمبادئ والأيديولوجيا في أي دولةٍ يتواجد فيها. ويذكر التقرير أنّ الفترة التي تلت سقوط حكم مرسي العام 2013، شهدت "هروب عددٍ من قيادات الجماعة في الدولة الأم مصر، إلى كل من دولتي قطر وتركيا".

مصادر التمويل
وبخصوص التمويل الذي تتلقاه الجماعة وتنظيمها الدولي، يكشف التقرير عن تلقيها أثناء حكم مرسي "أموالاً من الحكومة القطرية تقدر بـ 2.5 مليار دولار، كما إن الشيخ حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، دعم الجماعة بشكل سري من خلال تقديمه مبلغ 850 ألف دولار".
كما تقوم الجماعة "بجمع الأموال من أعضائها الذي يبلغ عددهم في مصر وحدها قرابة 600 ألف شخص، ومنهم قياديون يديرون شركات تدر أرباحاً مالية"، أيضاً، يقدم التنظيم الدولي من أعضائه في أوروبا ودولٍ أخرى أموالاً يجمعها "باسم الأعمال الخيرية، يذهب جزء منها إلى قيادة الجماعة وأعضائها في قواعدهم الأوسع بمصر وسورية".

تجنيد الأعضاء
وعن تجنيد الأعضاء، قال التقرير إنّ الجماعة تمتاز بالتركيز على الشباب، خصوصاً في الجامعات، كما في مصر ودول أخرى؛ حيث تقوم "بالتشديد على السرية وعدم مراقبة العناصر الأمنية لعملها وأعضائها". وبحسب التقرير، فإنّ الجماعة "استفادت للغاية من الحرب في سورية، وجندت كثيرين من المناطق التي يسيطر عليها "الثوار" خصوصاً في حلب". ويبقى الأهم، هو آلية اختيار العناصر التي تقوم على "إيمان متشدد، يهتم بعزل الفرد عن محيطه الاجتماعي ومتابعته من خلال أنشطة غير سياسية، واستغلال ظروفه الخاصة لو أمكن"، خصوصاً أنّ أيديولوجيا الإخوان تعتمد على أفكار متطرفة كأفكار سيد قطب"، تركز على فكرة أنّ المجتمع جاهلي، وبالتالي فإنّ الفرد بحاجة دائمة للإصلاح من هذا "الجهل".

أيديولوجيا الإخوان تعتمد على أفكار سيد قطب المتطرفة التي تركز على فكرة أنّ المجتمع جاهلي

ولا تكتفي جماعة الإخوان بالتجنيد، إنما تتجه لتدريب أفرادها الذي تنظمهم، "تدريباً عسكرياً شكلياً "دون سلاح"، وآخر أيديولوجياً". فتقيم المخيمات، وتركز على الشباب والصغار".
وتستمر الفترات التدريبية من عامين إلى ثلاثة، ويتنقل المتدرب من درجة إلى أخرى، ويقوم بالتدريس في المساجد، والتعامل مع خلايا وجماعات الإخوان الأقل مرتبة، وتمتد العلاقات بين الجماعة والفرد إلى حدود تكوين الأسرة "زواج تنظيمي" ومراقبة نهج حياته بشكل عام ، حتى إنه "يخضع لاختبارات عديدة تحت الضغط لاختبار قدرته على الاحتمال والولاء المطلق للجماعة ولا شيء غيرها".
وبشكل عام، تتعامل جماعة الإخوان مع الفرد والمجتمع على أنهما ملكية تنظيمية للجماعة، يجب التغلغل فيهما بكل ما هو ممكن، مستخدمة الخطاب الديني المقدس لخدمة مصالحها، وهي تنفي على الدوام، النتائج التي تتسبب بها، كالتطرف وصعود الحركات الإسلامية المتشددة، ولا تعترف بأي حق غير ذلك الذي تدعي أنها تملكه وحدها.
يذكر أنّ مشروع مكافحة التطرف (CEP) هو منظمة غير ربحية وغير حزبية تم إنشاؤها لمكافحة التهديد المتزايد للأيديولوجية المتطرفة. بقيادة مجموعة مشهورة من زعماء عالميين ودبلوماسيين سابقين، وتسعى لمكافحة التطرف من خلال الضغط على شبكات تمويل التطرف، ومجابهة سرد المتطرفين وتجنيدهم عبر الإنترنت والدعوة لقوانين وسياسات وضوابط صارمة بهذا الشأن.

عن "counterextremism.com"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية