الإخوان المسلمون.. فراغ سياسي وتناقض في المواقف

الإخوان المسلمون.. فراغ سياسي وتناقض في المواقف


16/12/2020

تواصل سقوط المنابر الإعلامية الإخوانية في تركيا في مأزق التناقض والانتهازية السياسية، وكذلك منح الغطاء الديني للنظام التركي في مقابل الإيواء والدعم، بينما تحاول حركة النهضة في تونس احتواء المعارضة، في ظل تصاعد المطالبة بحل البرلمان، بينما وقع خلاف حاد في المواقف بين فرعي التنظيم في الجزائر والمغرب، على إثر مسألة التطبيع، واعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء، بينما واصل الإخوان في السودان تشنجاتهم السياسية.

إخوان مصر بين المزايدة والأكاذيب

في تناقض غير مستغرب عن الجماعة، سخرت منابر الإعلام الإخواني في تركيا، من لقاح كورونا الصيني، سينوفارم، بعد وصول أول شحنة منه إلى مصر، محذرة من "الخطر الذي بات يهدد حياة المصريين" في حال تعاطيهم هذا اللقاح، الذي وصفته بـ"الضعيف"، وبأنّ له "أعراضاً جانبية خطيرة"، وطالب الإعلامي الإخواني، حمزة زوبع، بتجربته على القيادات العسكرية أولاً، في الوقت ذاته تجاهلت قنوات الإخوان عن عمد، قيام تركيا بالإعلان عن التعاقد على شراء 50 ألف جرعة من نفس اللقاح!

من جهة أخرى، وفي سياق دعائي معتاد، شبهت زوجة القيادي الإخواني، خيرت الشاطر، تركيا بـ"دار الهجرة"، ففي تصريحات لها، نعت فيها زوج ابنتها، أيمن عبد الغني، الذي توفي في تركيا، إثر إصابته بفيروس كورونا، حيث قالت: "خرج مهاجراً إلى الله ورسوله وأدركه الموت، فاستحق الأجر".

اقرأ أيضاً: تنظيم "الإخوان" يتحرك لاستهداف استقرار الخليج العربي

كما بثت قناة "مكملين"، الذراع الإعلامي للإخوان المسلمين في تركيا، تقريراً حول استقبال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في أذربيجان تحت عنوان: "استقبال الفاتحين"، ما يكشف عمق الانتهازية التى تتميز بها الجماعة دوماً، والتي تجلّت في هذا الغطاء الديني الذي تمنحه للرئيس التركي، مقابل الدعم والإيواء.

حركة النهضة ومحاولات الخروج من المأزق السياسي

مع تصاعد المعارضة تجاه حركة النهضة التونسية، والمطالبات بحل البرلمان، وصف راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، الدعوة إلى حل البرلمان بأنّها "نوع من الفوضوية، وهروب من المشاكل الحقيقية"، مضيفاً: "الدعوات إلى حل البرلمان، وتطبيق الفصل 80، هي شعبوية ونوع من الوهم"، مؤكداً أنّ "رئيس الجمهورية رجل قانون، ولا يستمع إلى هذا اللغو الذي سيعمّق أزمة تونس"، في محاولة مكشوفة لإثناء الرئيس واستمالة مؤسسة الرئاسة، حيث قال في موضع آخر: "العلاقة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان جيدة، وعلاقة تعاون واحترام وتشاور، البعض يفتعل مشكلات كأنّهم تجار حروب لا يعيشون إلاّ من الحروب".

من جهته، قال عماد الخميري، رئيس كتلة النهضة: "نرفض كل دعوات المغامرة، التي تطالب بحلّ البرلمان، البلاد تحتاج إلى الحوار والتهدئة".

ويبدو أنّ الحركة قررت العودة من جديد إلى سياسة امتصاص المعارضة، والتهدئة عبر الدعوة إلى الحوار، وهو ما طرحه راشد الغنوشي، وصدّقت عليه النائبة عن النهضة، سناء المرسني، التي أكّدت أنّ "الحوار هو الآلية الضرورية للخروج من هذه الأزمة".

 

مع تزايد الضغط السياسي لجأ فرع التنظيم بالسودان إلى أسلوب المزايدة الدينية

من جانبه، ادعى عماد الخميري، رئيس كتلة النهضة، أنّ الحركة نددت وحذرت مراراً وتكراراً من تصاعد العنف اللفظي داخل البرلمان، زاعماً رفض الحركة ما وصفه بالممارسات التي تساهم في ترذيل وتعطيل عمل المجلس، وذلك بعد أيام قليلة من وصف الخميري نفسه لزميله النائب، فيصل التبيني، بـ"قلة الاحترام وقلة الذوق"، كما وصف القيادي بالنهضة، نور الدين البحيري، في الجلسة ذاتها، زميله النائب، المنجي الرحوي، بلفظ معيب!

تناقضات سياسية بين فرعي الإخوان في الجزائر والمغرب

عقب الاتفاق الأخير بين المملكة المغربية وإسرائيل، شنّ عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية (حمس)، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، هجوماً على المملكة المغربية، وأكّد بيان صادر عن الحركة أنّ "انخراط النظام المغربي في مسار التطبيع، هو كذلك تهديد لدول المغرب العربي، بإدخالها في دائرة الاضطرابات التي كانت بعيدة عنها"، كما سخر مما أسماه "الخطابات المخادعة، المعبرة عن التمسك بالحق الفلسطيني"، مطالباً الجزائر بــ"اعتبار ذلك تهديداً من الدرجة القصوى".

 

الانقسام الحاد بين فرعي التنظيم في شمال أفريقيا يضع مسألة تماسك التنظيم الدولي على المحك

في المقابل، حاول حزب العدالة والتنمية (المصباح) الحاكم، الذراع السياسي للإخوان في المغرب، في بيان له الترويج لفكرة الانتصار المغربي في قضية الصحراء، ودعم القصر بشكل مطلق في توجهاته السياسية، مع التأكيد على دعم القضية الفلسطينية من خلال لجنة القدس، وهو البيان الذي وصفه القيادي الإخواني الأردني، ياسر الزعاترة، بـ"التافه والسخيف"، مؤكداً أنّ الحزب ذاهب إلى طريق السقوط السريع، على حد وصفه.

هذا الانقسام الحاد بين فرعي التنظيم في شمال أفريقيا، يضع مسألة تماسك التنظيم الدولي على المحك، مع تباين المواقف الوطنية في الدولتين حول مسألة الصحراء، ومحاولة كل طرف تأكيد أهميتها لأسباب انتخابية معروفة، في ظل الضعف السياسي الذي تعانيه حركة مجتمع السلم في الجزائر، وعدم قدرتها على التأثير على الشارع، وهو الأمر الذي كشف عنه بوضوح الاستفتاء الأخير حول الدستور.

 

حركة النهضة قررت العودة من جديد إلى سياسة امتصاص المعارضة والتهدئة عبر الدعوة إلى الحوار

من جهته، يعاني حزب العدالة والتنمية، على صعيد قدرته التي ظهرت محدوديتها على إدارة البلاد، في ظل المشكلات التي باتت تهدد مسيرته، وكان آخرها اعتراف، عزيز رياح، القيادي الجهوي للحزب بجهة كلميم وادنون، بوجود عدد من الاختلالات البنيوية بالجهة، رغم ما تتوفر عليه من مؤهلات وثروات مهمة، بسبب توغل الفساد الذي يستفيد من مقدرات البلاد.

استمرار المزايدات الدينية لإخوان السودان

مع تزايد الضغط السياسي، وانصراف الشارع السوداني عن الجماعة، لجأ فرع التنظيم الذي يتزعمه المراقب العام، عوض الله حسن سيد أحمد، إلى أسلوب المزايدة الدينية، بالهجوم على النظام المصري، في أعقاب زيارة الرئيس، عبد الفتاح السيسي، إلى فرنسا، داعياً إلى التظاهر ضد الزيارة، التي تتناقض في ظن التنظيم مع المقاطعة التي دشنها النظام التركي، وادعى الموقع الرسمي لإخوان السودان أنّ نحو 20 جمعية ومنظمة دعت في فرنسا إلى التظاهر ضد السيسي؛ ما يعكس نوعاً من الفراغ السياسي لفلول التنظيم، ونزوعاً نحو ممارسة الاستقطاب الديني، من خلال خطاب سياسي بات مستهلكاً.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية