الإخوان المسلمون.. مداراة الفشل السياسي بالرهان على إدارة بايدن

مع فشلها في تحقيق أي نجاح في كل تجاربها السياسية، سواء في موقع السلطة أو المعارضة، أحالت الجماعة أمنياتها في العودة إلى صدارة المشهد السياسي على إدارة جو بايدن، وراهنت على ذلك رهاناً وُصف بالسذاجة، وفي تونس واصلت حركة النهضة صراعاتها السياسية مع المعارضة، كما انشغلت بمحاولات تمرير ترشيح رئيسها راشد الغنوشي لفترة ثالثة، وفي الجزائر خرجت حركة مجتمع السلم، الذراع السياسي للإخوان، من سبق الاستفتاء على الدستور خاسرة، بينما واصل حزب العدالة والتنمية في المغرب عثراته السياسية، في حين يحاول حزب العدالة والبناء الإخواني في ليبيا إيهام الآخرين بقدرته على تصدر المشهد.

رهانات خاسرة على أردوغان وبايدن

واصلت جماعة الإخوان دعم مواقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فنشطت على صعيد الحشد والتعبئة خلف التدخل التركي في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، وأفادت تقارير أنّ عناصر التنظيم نشطت في الآونة الأخيرة في عدد من البلدان، لحشد وتدريب المرتزقة، ونقلهم إلى مناطق الصراع على جبهة ناغورنو كاراباخ، وأنّ عناصر من الجماعة تحركت بالفعل في محاور القتال، وسط خلافات حادة بينهم وبين بعض المرتزقة القادمين من سوريا.

على الصعيد التنظيمي، ترقبت الجماعة على المستوى القيادي نتائج الانتخابات الأمريكية، وسط دعم للمرشح الديمقراطي، جو بايدن، وعقب فوز الأخير، دشنت الجماعة "هاشتاغ" مسيئاً للرئيس المصري، بما يوحي أنّ بايدن قادم للانتقام للجماعة، وإعادتها للمشهد السياسي، زاعمة أنّه تصدر موقع التواصل الاجتماعي تويتر في مصر.

اقرأ أيضاً: "الإخوان" من المتاجرة إلى التحريض

من جهتها زعمت قناة مكملين، الذراع الإعلامي للإخوان المسلمين، أنّ "الانتخابات الأمريكية يخشى نتائجها من يسكنون قصور الحكم في الشرق الأوسط"، وبالطبع فإنّ التنظيم المتأهب لتقديم خدماته للإدارة الديموقراطية، يظن قدرتها على إعادته مرة أخرى للحكم، كونّه على أتم استعداد لدفع أيّ ثمن، حتى لو كان الاستقواء بالآخر بالخارج.

عناصر التنظيم نشطت في الآونة الأخيرة في عدد من البلدان لحشد وتدريب المرتزقة

وسارع الإخوان المسلمون عبر موقعهم الرسمي، إلى نشر تقرير يتضمن معلومات حول معتقلي الجماعة في السجون، وزعمت أنّهم مختفون قسرياً، رغم وجودهم على قوائم الاتهام في عدة قضايا، تتعلق بالأمن الوطني وترويج خطاب الكراهية، وممارسة العنف.

إخوان تونس وكشف مغالطات النهضة

شهد مجلس النواب التونسي تراشقاً لفظيّاً حاداً بين النائبين مبروك كرشيد، وعامر العريض، بعدما كشف الأول المغالطات الانتخابية لمرشح النهضة، بسبب كلية الطب بمدنين، ففي رده على تهجمات النائب عن حركة النهضة، عامر العريض، تدخل النائب مبروك كرشيد خلال الجلسة العامة مساء السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، مؤكداً أنّ العريض وحركة النهضة باعوا الوهم للبسطاء، من سكان مدنيين، من خلال الأكاذيب التي كانوا يرددونها في كل حملة انتخابية بالجهة، وخاصّة الأكذوبة الكبرى الشهيرة المتعلقة بإنشاء كلية الطب، مؤكداً أنّها نسج خيال النهضة، وتوجه بالقول لعامر العريض: "إذا سقطت المرأة أصبحت مومس، وإذا سقط الرجل أصبح عامر العريض".

في سياق آخر، هدّد عبد الكريم الهاروني، رئيس شورى النهضة، فصيل المعارضة داخل الحركة، مؤكداً أنّ "مجلس شورى القادم سيجتمع للتوقف لدى التصريحات الخاطئة، ولن يتردّد في اتخاذ إجراءات عقابية ضد كل من يضعف صورة الحركة وقياداتها"، ما يعكس طبيعة فهم حركة النهضة للممارسة السياسية، ورفضها كل أشكال النقد، في ظل رغبة الصقور في تمرير ترشح الغنوشي لفترة ثالثة، وهو ما أكّده نور الدين البحيري، القيادي بالنهضة، والرئيس السابق لكتلة النهضة، حيث زعم أنّ "البلاد والنهضة مازالت في حاجة لراشد الغنوشي".

ارتباك في الجزائر بعد الفشل في تعبئة الشارع

في الجزائر، عبّرت حركة مجتمع السلم، الجناح السياسي للإخوان، عن رفضها القاطع لنتائج الاستفتاء حول المواد الدستورية، وزعمت أنّ نسبة المشاركة المتدنية، وحجم الرفض للدستور بمختلف أنواع التعبير، أمر يعبّر عن سقوط مصداقيته وفقدانه شرعيته السياسية والشعبية، واعتبرت حركة مجتمع السلم أنّ جبهة الرفض جبهة واحدة، وهي مدعوة بمختلف تنوع تعبيرها ومواقفها إلى العمل من أجل التغيير السياسي السلمي الفاعل.

وتعكس التصريحات الرافضة لقبول نتائج الاستفتاء، هروباً حقيقياً من تراجع شعبية الحركة في الجزائر، وفقدانها لأيّ ظهير شعبي يمكنها من تطبيق أجندتها على أرض الواقع، ومحاولة لتجاوز فشلها الذريع في حشد الشارع لرفض الدستور.

تواصل الانهيار الاقتصادي في المغرب

في المغرب يتواصل فشل حزب العدالة والتنمية (المصباح) الحاكم، الذراع السياسي للإخوان، في التعامل مع الأزمة الاقتصادية، حيث أعلن بنك المغرب، أنّ احتياجات البنوك من السيولة تراجعت لتبلغ 95,1 مليار درهم، في المتوسط الأسبوعي خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مقابل 97,4 مليار درهم في الشهر الذي قبله، وأوضح بنك المغرب، في نشرته الشهرية الاقتصادية والنقدية والمالية لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، أنّ هذا التراجع يعكس، بشكل خاص، الانخفاض في الكتلة النقدية.

من جهة أخرى، اعترفت الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بجهة الشرق، بضعف الاستعداد المحلي لمواجهة الحالة الوبائية، نظراً لقلة الأسِرَّة المخصصة للتكفل بمرضى كوفيد-19، خاصّة على مستوى الإنعاش، مع تسجيل ملء تام للأسرة القليلة المتوافرة، ونقص في تزويد أقسام كوفيد-19 بالأوكسجين، ما يحول دون التكفل بباقي المرضى الذين أصبحوا في وضعية خطيرة، الشيء الذي يستدعي مراراً الإحالة على وحدات خارج بعض الأقاليم، التي لم تعد هي الأخرى قادرة على استقبال مصابين إضافيين، خاصة من كبار السن، الشيء الذي أدى إلى ارتفاع حالات الوفاة.

مصير الإخوان في ليبيا

تداولت عدة تقارير الحديث عن مستقبل الإخوان في ليبيا، في أعقاب الخلافات الحادة داخل الجماعة، وتنحي فصيل مصراتة عن المشاركة، في ظل الانقسام الكبير، والخلاف الذي دب بين حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي للجماعة، وحكومة الوفاق.

 أوحت الجماعة أنّ بايدن قادم للانتقام لها وإعادتها للمشهد السياسي العربي

 في هذا  السياق، زعم نائب رئيس الحزب، نزار كعوان، أنّ الحزب ليس قلقاً على نتائج الانتخابات القادمة، مستخدماً لغة متعالية في الحديث عن المنافسين، قائلاً: "بعد الثورة تشكل أكثر من 100 حزب سياسي، وأكثر من ألفين مؤسسة وجمعية مدنية، وبعد عشر سنوات تبخرت كل هذه الأحزاب، ولم نعد نتحدث إلا عن حزب وحيد وهو العدالة والبناء".

ويبدو أنّ كعوان الذي تجاهل الدعم الكبير الذي تلقاه حزبه من قطر وتركيا، ووجود ميليشيات عسكرية دعمت وجوده على الأرض، يحاول التغطية على الهجوم الحاد الذي يتعرض له حزبه، الذي انفرد بلجنة الحوار في مجلس الدولة، بالإضافة إلى عديد الممارسات التي اتسمت بالدكتاتورية والفساد السياسي وإهدار المال العام.