الإخوان غير حريصين على عودة ليبيا الموحدة

الإخوان غير حريصين على عودة ليبيا الموحدة


23/04/2020

تعزز التصريحات المتتالية لوزير الداخلية في حكومة الوفاق المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين فتحي باشاغا بشأن عدم اهتمامهم باستعادة المنطقة الشرقية (إقليم برقة) الواقعة تحت سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، الاتهامات التي توجه للإسلاميين منذ 2011 بالدفع نحو تقسيم البلاد أو إرساء نظام فيدرالي.

وقال باشاغا الأربعاء إن استراتيجية حكومة الوفاق بوجه عام هي استعادة السيطرة على غرب ليبيا. وأضاف أنه لا يوجد حل عسكري ممكن للصراع، لكن لا يمكن أيضا التفاوض مع حفتر.

وتأتي هذه التصريحات بعد نحو أسبوع من تصريحات مشابهة أطلقها باشاغا ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج.

ويخوض الجيش الليبي منذ أكثر من سنة معركة للسيطرة على طرابلس، وهو ما ينظر إليه على أنه حل وحيد لاستعادة ليبيا القوية الموحدة. واضطر الجيش إلى إطلاق هذه المعركة لإحباط مخطط كان يجهزه الإخوان بالتواطؤ مع داعميهم الدوليين لتمريره خلال مؤتمر غدامس الذي ألغي بسبب نشوب المعركة.

ويتضارب المخطط مع اتفاق أبوظبي الذي جرى بين السراج وحفتر في فبراير 2019 وينص على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية السنة، إضافة لدخول الجيش إلى طرابلس.

وعكس رفض الإخوان حينئذ دخول الجيش إلى طرابلس سعيا لفرض تقسيم غير مرئي، أي إبقاء الوضع على ما هو عليه فعليا مع تشكيل حكومة وحدة وطنية واستمرار هيمنة الإخوان على المؤسسات الحيوية في البلاد كالمصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

ويشكل حفتر مصدر إزعاج للإخوان حيث يرفض فكرة التقسيم أو الفيدرالية وهو ما يتضارب مع مطالب عدد كبير من سكان برقة الذين يطالبون بالفيدرالية ويشتكون من التهميش والتوزيع غير العادل للثروة منذ عهد العقيد الراحل معمر القذافي.

وقال باشاغا إن طرد الجيش من ترهونة قد ينهي الحرب الأهلية الدائرة في البلاد وهو ما يستبعده مراقبون باعتبار أن التوتر كان سائدا في المنطقة من قبل هجوم حفتر على طرابلس.

وعمل الإخوان منذ سيطرتهم على ليبيا في نهاية 2011 على إذكاء الصراعات القبلية والجهوية الدفينة حيث حرّضوا في البداية، من خلال سيطرتهم على المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، مدينة مصراتة على مهاجمة مدينة بني وليد وإن بدا الهجوم في الظاهر مرتبطا بوجود مؤيدين للقذافي في المدينة.

وقبل ذلك قسّم المجلس الانتقالي الذي كان يهيمن عليه الإسلاميون وبعض المعارضين المدنيين للقذافي المدن إلى مدن منتصرة وأخرى مهزومة استنادا إلى حرب 2011، إضافة إلى تثبيت ما يشبه النظام الفيدرالي من خلال منح كل مدينة سلطة محلية متمثلة في البلدية وسلطة عسكرية متمثلة في المجلس العسكري.

وساهمت هذه الأسباب بشكل أو بآخر في إحداث اضطراب في الهوية الليبية حيث انكفأت كل مدينة على ذاتها وتحولت ليبيا في عمقها الاجتماعي إلى مناطق منعزلة عن بعضها البعض.

ومنذ بدء التدخل العسكري التركي المباشر في ليبيا تزايدت المخاوف من أن يكون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدفع نحو تأسيس ليبيا التركية في محاولة لتكرار السيناريو القبرصي في ليبيا.

وتعمقت حدة تلك المخاوف مع شن الإعلام الموالي للإخوان حملةً استهدفت القبائل العربية الموالية للجيش، وهي الحملة التي انضمت إليها مؤخرا وكالة الأناضول التركية بعدما وصفت كراغلة مصراتة بـ”الأتراك الذين يدافعون عن طرابس”.

ويرى مراقبون للشأن السياسي الليبي أن أردوغان رسم أولوياته في ليبيا منذ 2011 عندما هب لمساعدة “الثوار” في مدينة مصراتة، إضافة إلى زيارته للمدينة مباشرة بعد سقوط القذافي.

وتعد تركيا من أولى الدول الداعمة للمجلس الوطني الانتقالي الليبي. وقدمت تركيا التي ارتبطت بعلاقات اقتصادية قوية مع نظام القذافي مساعدة بقيمة 200 مليون دولار لـ”الثوار”.

وشرعت تركيا، بالتعاون مع الإخوان منذ 2011، في ضرب النسيج الاجتماعي الليبي من خلال إثارة النعرات العرقية في مدينة مصراتة التي ظهرت فيها جمعيات تستحضر الموروث العثماني، من بينها جمعية الكراغلة التي يرأسها زكريا زوبي الذي تربطه علاقات وثيقة بأنقرة.

ولا يعني تفريط الإخوان في المنطقة الشرقية التي نجح حفتر في السيطرة عليها، بعد إيقافهم إرسالَ الجرافات من مصراتة التي كانت تصل إلى المتطرفين في بنغازي محملة بالسلاح والمقاتلين، أنهم غير مهتمين بالجنوب الغني بالثروات.

ويحذر سياسيون من محاولات الإخوان لشن عملية خاطفة من أجل استعادة السيطرة على الجنوب، وهو ما بدأوا في التمهيد له من خلال التواصل مع شيوخ القبائل.

ووصف النائب في البرلمان الليبي علي السعيدي محاولات حكومة الوفاق لتقويض أمن الجنوب بـ”العبثية وغير المسؤولة بعد أن أفلست عسكريًّا وسياسيّا”.

وأضاف أن تجنيد المرتزقة والدواعش ليس جديدًا على حكومة الوفاق، موضحا أن الجنوب هو امتداد للقوات المسلحة الليبية وأن قواعده مؤَمّنة ومحمية بشكل جيد وأن سماءه تحت سيطرة سلاح الجو الذي ينفذ عمليات قتالية ضد أي هدف مشبوه.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية