الإخوان والباليه الإسلامي

الإخوان والباليه الإسلامي


03/07/2021

طارق الشناوي

حرص الإخوان قبل ثورة 30 يونيو على استقطاب عدد من الفنانين والإعلاميين، والبعض أيضًا كان يغازلهم، أتذكر أحد مذيعى محطة الأغانى، قبل أن يعلن عن أغنية (كل ده كان ليه) للموسيقار محمد عبدالوهاب، وكنا قد اقتربنا من موعد صلاة الفجر، قال للمستمعين (أنا رايح أتوضأ وياريت تعملوا زيى)، ونصحهم بتغيير الموجة إلى إذاعة القرآن الكريم، هدفه أن تصل إليهم الرسالة (سوف أنفذ المطلوب وزيادة لو أمسكت الإذاعة).

تابعنا العديد من الزيارات التى قام بها فصيل من الإخوان للفنانين، مؤكدين أنهم لا يعادون حرية التعبير، أرادوه فنًّا إسلاميًّا، والبداية رقص الباليه، الذى يعتبره الإخوان مجرد (عرى فى عرى)، فقالوا لماذا لا يرتدى راقص وراقصة الباليه زيًّا فضفاضًا؟ كما أنهم تحفظوا على التلامس، ساعتها سيصبح الباليه إسلاميًّا، بينما عدد من الإخوان يردون عليهم بأن الباليه حرام شرعًا، حتى بعد منع التلامس واتساع الملابس.

لم نصدق أى شىء من تلك المعارك الوهمية، هم يحرمون الفن بكل أطيافه وينتظرون التوقيت المناسب، لسحقه تمامًا، على الجانب الآخر تشكلت جبهة موازية للدفاع عن حرية الإبداع، والتى تم تدشينها داخل نقابة الصحفيين.

هناك من وجدها فرصة، معلنًا أنه كان ولا يزال مع الفن الملتزم، وهو كما ترى توصيف بلا دلالة محددة، عدد من الفنانين الذين سايروا الإخوان تشدقوا بتعبير الالتزام.

ازداد نشاط الإخوان، بعد أن أمسكوا بحكم البلاد فى تلك السنة المشؤومة، وسارعوا بإطلاق البمب والشماريخ على هيئة تصريحات وفتاوى عنترية طالت حتى نجيب محفوظ، وبدأ بعضهم فى تنصيب الكاتب محمد عبد المنعم الصاوى، رائدًا للقصة، على أساس أن ما يكتبه الصاوى، من وجهة نظرهم، تنطبق عليه المعايير الدينية، بينما نجيب محفوظ اعتبروه خارجًا عن الدين، ونال أم كلثوم العديد من طعناتهم العشوائية، وبعضهم وضع حجابًا على تمثال لوجهها.

تم تبسيط القضية على هذا النحو الحلال والحرام، بينما الفن ليس به حلال وحرام، ولكن جمال أو قبح.

الحلال والحرام معايير مطلقة، (ترمومتر) الفن هو الجمال والقبح، الذى يخضع لقانون النسبية، تتغير من مجتمع إلى آخر، بل من إنسان إلى آخر.

لو سألت عن الفن عددًا من الشيوخ الذين نطلق عليهم مستنيرين، سوف تجدهم يتبعون منهج الشيخ متولى الشعراوى، فى ضرب المثل بالوعاء، عندما تصب فيه ماء يصبح حلالًا، تصب فيه خمرًا يصبح حرامًا، حاولوا فرض رؤيتهم على الفن، حتى إنهم عقدوا جلسة مشاهدة فى عام 2012 داخل مقر مفتى الديار المصرية الأسبق الشيخ د. على جمعة، من أجل أن يتم التصريح بعرض فيلم (عبده موتة)، بسبب خلاف على أغنية ورقصة لسعد الصغير ودينا (يا طاهرة يا أخت الحسن والحسين) وكان من بين الحضور نقيب المهن التمثيلية أشرف عبد الغفور، والمهن السينمائية مسعد فودة، وكاتب هذه السطور وغيرهم.

ويومها أعلنت هذا الرأى أمام المفتى وكتبته أيضًا فى جريدة (التحرير) رافضًا تدخل المؤسسة الدينية فى الفن، لأن هذا الباب لو فتح فلن يستطيع أحد إغلاقه.

من المهم أن تبدأ الدولة فى توثيق هذه الأحداث وغيرها، إنها تفاصيل صغيرة ولكنها تمنح الصورة عمقها ودلالاتها، قبل أن يقتلها تراكم السنين، ويجب أن ندرك دائمًا أنه تحت الرماد لا تزال بقايا النيران!!.

عن "المصري اليوم"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية