الإسلام السياسي والاستبداد والديمقراطية

الإسلام السياسي والاستبداد والديمقراطية


02/09/2021

كتب الباحث التركي طه آكيول في مقال له في صحيفة قرار التركية عما وصفها بمشكلة الاستبداد والحاجة إلى الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية والحركات الإسلامية. وقال إنّه بعد أن استولت طالبان على السلطة بقوة السلاح، عادت هذه القضية الخطيرة إلى جدول الأعمال.

تطرق الكاتب إلى مسألة القانون، وإلى آراء سابقة للمفكر التركي خير الدين كرمان الذي يعدّ أحد المراجع الفقهية في تركيا، والذي قال عنه إنّه على الرغم من أن موقفه الحزبي الأخير قد أنهكه، إلا أن أعماله لها قيمة أكاديمية.

لفت آكيول إلى أنّه بادئ ذي بدء، هناك مشاكل قانونية خطيرة في جميع المجتمعات الإسلامية، وبحسب كرمان، فإنّه على الرغم من تطور فروع القانون الخاص في الفقه، لم يتم تطوير القانون الدستوري والقانون العام، وتراه يقول: "أهم سبب لذلك هو السيد. إن حقيقة أن السلطنة والاستبداد اللذين بدأا بعد ثلاثين عاما من الرسول لم يسمحا بحرية الفكر اللازمة للتعامل مع هذه الرهانات بحرية والتحدث وكتابة الحقيقة دون تردد ".

وقال الكاتب إنّه في الثقافة السياسية لهذه المجتمعات، لم تتطور فكرة الحد من السلطة وحماية الحقوق والحريات الأساسية. الجميع، سواء أكانوا حديثين أم إسلاميين، يؤيدون طغيانهم!

ونوّه آكيول إلى أنّ خيري الدين كرمان الذي اشتكى من عدم تطوير القانون الدستوري بالفقه، كتب في الاستفتاء أنه "إلزامي" التصويت بـ "نعم" للنظام الرئاسي! لكن في النظام الرئاسي، لم يخطر بباله أن ينظر إلى حالة التحديد والسيطرة والتوازن بين السلطات والفصل بين السلطات وحماية الحقوق والحريات الأساسية!

وتطرق الكاتب إلى مسألة الطاعة ووضعها في الاعتبار، ثمّ تساءل: هل هو قانون عادل؟ هل قوة طالبان تأتي فقط من الفوضى؟ ثم علّق قائلاً إنّ الاستبداد الذي انتقده كرمان في التاريخ حال دون تطور القانون، بل وأيضًا الفكر الحر. لقد غزت ثقافة "الطاعة" العقول على مر القرون، جمّدت الفكر الديني، وأطفأت الفكر الفلسفي.

وبحسب الكاتب آكيول فإنّه بدءًا من الأمويين، تم ضرب مشرط حول مسألة ما إذا كان تصور الدين وتفسيره يتم استغلالهما بما يتماشى مع مصالح السلطة. وقال: نعم، هذه المشكلة تكمن في جذور تصور المسلمين للدين وانعكاس طاعتهم اليوم. وأضاف بأنّ الحكام منذ معاوية، لم يترددوا في استخدام الحجج الدينية لتبرير سلطتهم.. لإسكات الأفكار المعارضة والقتل عند الضرورة ...

ولفت كذلك إلى أنّ هذه هي الطريقة التي تم بها وضع "فهم المصير المرتكز على الجبر" في مجال الكلام، أي علم اللاهوت. تم قمع المدارس الإسلامية التي دافعت عن حرية إرادة الإنسان.

أما عن طريق المسلمين، فكتب آكيول في مقاله إن تاريخ جميع الأديان والأمم حافل بمثل هذه الأحداث أو حتى أسوأ منها. المشكلة أننا نعتقد أن بيانات التاريخ هذه هي الدين.. المشكلة أنه بالرغم من أن الأوروبيين بدؤوا في التشكيك في محاكم التفتيش والمجازر وأنظمة الحكم المطلق التي كانت تقول "أنا الدولة" منذ القرن الثامن عشر، فإن العالم الإسلامي لا يزال يقدس السلطة ويعتبر الولاء واجبًا دينيًا.

استشهد آكيول بما كتب مونتسكيو في عمله الرائع "روح القوانين" الذي نُشر عام 1748 وتأكيده أن الطريقة لمنع الاستبداد كانت "فصل السلطات".. وقال إنّه لا ينبغي أبدًا إغفال العلاقة بين ثورة الفكر القانوني هذه والثورة العلمية. والأمر يعتمد على عوامل اجتماعية مثل التجارة والصناعة والتحضر.

تساءل الكاتب آكيول كذلك في مقاله: كم منا يعرف أن نامق كمال كان رائد فكرة فصل السلطات؟ كم منا سيفهم إذا قرأنا نامق كمال؟ ما هي أهمية القانون في أذهاننا؟

ووصل إلى خلاصة أكّد فيها أنّ المسلمين بحاجة إلى حكم القانون وليس الإسلام السياسي، وأنّ عليهم أن يدركوا أن الدين والتاريخ شيئان منفصلان، وأنّهم يحتاجون إلى تفكير تحليلي علمي وليس حفظ فتاوى قديمة مثل طالبان وسابقاتها، ويحتاجون إلى النقد وليس الطاعة العمياء، يحتاجون لمبادئ دستورية لا مراسيم، وإنّ الطريقة الوحيدة لذلك هي الحريات التي لا يمكن أن يوفرها إلا نظام ديمقراطي.

عن "أحوال" تركية

الصفحة الرئيسية