الإمارات تتخطى حواجز الدين والعرق في معركتها العالمية ضد كورونا

الإمارات تتخطى حواجز الدين والعرق في معركتها العالمية ضد كورونا


25/03/2020

اعتمدت دولة الإمارات العربية المتحدة في التصدّي لفيروس كورونا محلّيا، مقاربة ذكية سخّرت لتنفيذها ما تمتلكه من مقدّرات بشرية ومادّية وازنة، ووظفت فيها خبرتها في استباق الأخطار والتوقي منها.

لكنّ الدولة ذات الصيت العالمي في إغاثة الشعوب المنكوبة، وصاحبة الرصيد الكبير في تقديم المساعدات الخارجية، لم تكتف بالعمل على مواجهة الوباء المستجدّ داخل حدودها، بل بادرت بتقديم العون للعديد من الدول داخل الإقليم وخارجه بهدف مساعدتها على محاصرة الفايروس والحد من انتشاره داخل مجتمعاتها.

واعتمدت الإمارات في مساعدتها البلدان على مواجهة كورونا معيارا إنسانيا شاملا يقفز على حواجز الانتماءات العرقية والدينية، بل يتجاوز الاعتبارات السياسية، حتّى أنّ الدولة لم تستثن من مساعداتها إيران التي تجمعها بأغلب دول الإقليم خلافات حادّة أدت إلى قطيعة شبه كاملة معها.

وكان لمبادرة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالتكفّل بنقل رعايا العديد من البلدان الذين علقوا في ووهان الصينية عندما تحوّلت إلى مدينة موبوءة بكورونا، أثر مباشر في إنقاذ حياة المئات، بل إنقاذ مجتمعات بأكملها من عدوى الفايروس، حيث شملت المبادرة أيضا إيواء هؤلاء المرحّلين في الإمارات وعلى نفقتها وتقديم الرعاية الطبية والاجتماعية الكاملة لهم، حتّى يتمّ التأكّد من سلامتهم قبل إعادتهم إلى بلدانهم.

واستفاد من مبادرة الشيخ محمّد بن زايد طلبة من عدّة جنسيات، من بينهم يمنيون وسودانيون وكويتيون. ولم تستثن المبادرة الإماراتية رعايا كوريا الجنوبية، الدولة المتقدّمة وذات المقدّرات الكبيرة، التي احتاجت إلى مساعدة الإمارات في إجلاء ثمانين من رعاياها بعد أن تقطّعت بهم السبل في إيران التي تحوّلت بدورها إلى بؤرة لانتشار كورونا.

ولم تستثن الإمارات إيران من المساعدة على مواجهة جائحة كورونا، وقامت بشكل مبكّر بإسناد جهود منظمة الصحّة العالمية لإيصال الإمدادات الطبيّة إلى الدولة الجارة.

وأتاحت المساعدة الإماراتية للمنظمة نقل إمدادات ومعدات طبية لإيران عن طريق طائرة تابعة للقوات الجوية الإماراتية نقلت 7.5 طن من الإمدادات من المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي إلى الأراضي الإيرانية. وتكفّلت المدينة التي تعتبر أكبر مركز لوجستي للخدمات الإنسانية ومواد الإغاثة في العالم، بتغليف وشحن الإمدادات التي شملت مئات الآلاف من القفازات والأقنعة الجراحية والمواد ذات الصلة كافية لمساعدة نحو 15 ألف شخص وعامل في مجال الرعاية الصحية في إيران. وتضمنت الشحنة أيضا أدوات تشخيص مختبري للاستخدام في فحص الآلاف من الأشخاص.

كما امتدت المساعدات الإماراتية في مواجهة كورونا إلى أوروبا، حيث تلقّت كل من صربيا وكرواتيا من الإمارات أطنانا من الأدوية والمعدّات الطبية، وذلك في وقت توجّهت فيه انتقادات حادّة للاتحاد الأوروبي بسبب تأخره في تقديم المساعدات الضرورية للبلدان الأوروبية الأقل قدرة على مواجهة الجائحة.

وتقدّم مسؤولون سياسيون وشخصيات اجتماعية ورياضية من صربيا وكرواتيا بالشكر للإمارات والشيخ محمّد بن زايد على مساعدتهما البلدين على مواجهة هذا الظرف الصعب.

ونشر زلاتكو داليتش المدير الفني للمنتخب الكرواتي في كرة القدم، تغريدة على حسابه الرسمي عبر موقع تويتر، قال فيها “أشكر دولة الإمارات على إرسالها 11.5 طن من المعدات والأجهزة الطبية لمحاربة كورونا في كرواتيا”.

وفي الداخل الإماراتي أضْفَتْ الإجراءات السريعة والصارمة التي اتّخذتها السلطات للحدّ من انتشار فيروس كورونا، أجواء من الطمأنينة في صفوف المواطنين والمقيمين غذّتها الثقة في إمكانات الدولة وكفاءتها في مواجهة الظروف الاستثنائية، ورسّخها خطاب سياسي إيجابي وعملي شخّص الظاهرة بواقعية وحفّز على مجابهتها بما يلزم من حزم ومرونة.

وكان الشيخ محمّد بن زايد قد شدّد على أولوية حماية الناس والحفاظ على سلامتهم، معبّرا عن ثقته في الإجراءات التي اتّخذتها الدولة في الوقت المناسب، ومطمئنا المجتمع بشأن وفرة جميع الإمكانات والوسائل الضرورية لتخطّي الظرف الصعب من معدّات طبية وصحية ومن أدوية وأغذية وغيرها.

وقال في كلمة له بمجلس، انعقد في وقت سابق بقصر البحر، بحضور عدد من الشيوخ والوزراء والمسؤولين “نحن بدأنا استعداداتنا قبل كورونا.. وبفضل الله تعالى الإمارات آمنة ومستقرة ومتطورة طبيا ونحن في خير وأمان.. وجاهزيتنا مستدامة لمواجهة التحديات كافة”.

ولفت إلى كونية التحدّي الذي يطرحه فيروس كورونا، قائلا “العالم كله يمر بظروف صعبة، ودولة الإمارات ولله الحمد محظوظة، فظروفنا أهون بسبب عدة عوامل”.

وفي أوضح رسالة طمأنة للمواطنين والمقيمين في الإمارات قال الشيخ محمد بن زايد “أريد أن أطمئن كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة أن دولة الإمارات قادرة على تأمين الدواء والغذاء إلى ما لا نهاية”، معتبرا أنّ “الدواء والغذاء خط أحمر في دولة الإمارات يجب تأمينه لأهلنا إلى ما لا نهاية بغض النظر عن أي تحديات سواء كورونا أو غيرها”.

كما شدّد الشيخ محمد بن زايد على أن دولة الإمارات “مستمرة في اتخاذ المزيد من التدابير بشكل متزايد وسريع لمواجهة تطورات هذا الوباء من خلال الاستفادة من تجارب دول العالم المتقدمة مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية والصين”.

وكان الشيخ محمد زايد قد أجرى خلال الفترة الماضية سلسلة مكالمات هاتفية مع العديد من القادة وكبار المسؤولين في الإقليم والعالم، تمّ التطرق خلالها إلى وباء كورونا وسبل مواجهته.

وشملت تلك المكالمات كلاّ من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، والرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي، وتيدروس أدهانوم مدير عام منظمة الصحة العالمية، وبيل غيتس الرئيس المشارك لـ”مؤسسة بيل وميليندا غيتس”.

وبدت دولة الإمارات من خلال تكثيف تواصلها مع كبار الشركاء الدوليين بصدد تأسيس نهج تشاركي في مواجهة ظاهرة كورونا التي أخذت مخاطرها بعدا عالميا شاملا يتجاوز الجوانب الصحية إلى مختلف مظاهر النشاط البشري وعلى رأسها النشاط الاقتصادي. وتشتثمر الدولة في ذلك رصيدا سابقا من ثقة كبار شركائها الدوليين بناء على نجاحات تحقّقت بالفعل بفضل تعاون الإمارات مع هؤلاء الشركاء في مواجهة العديد من الكوارث وحلحلة الكثير من الملفات والقضايا المعقّدة.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية