الإمارات تدعو لنظام إقليمي جديد... فكيف تساعد أوروبا في إطلاقه؟

الإمارات تدعو لنظام إقليمي جديد... فكيف تساعد أوروبا في إطلاقه؟


01/10/2019

قال مسؤول إماراتي كبير إنّ هناك حاجة لإقامة نظام إقليمي جديد في المنطقة العربية، داعياً الدول الأوروبية الكبرى إلى إظهار العزيمة والثبات لمساعدة إيران على "فهم أنّ دول الخليج لديها توقعات قابلة للتحقيق- نحن نريد فقط إيران كجار عادي"، على حدّ قوله. وأشار إلى أنّ الخيارات للخروج من الأزمة مع إيران ليست منحصرة فقط في خيارين وحيدين هما: إما الحرب وإما العودة إلى الاتفاق النووي بين دول (5+1)، على ما فيه من النواقص. وأكّد المسؤول أنّ بريطانيا وفرنسا وألمانيا (E3) قادرة على فتح قناة اتصال جديدة وبناء مزيد من الثقة بين دول الخليج العربية وإيران.

اقرأ أيضاً: رسائل إيرانية بـ "تنازلات" بعد عملية "أرامكو" السعودية
جاء ذلك في مقال نشره أول من أمس في صحيفة "فايننشال تايمز" وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش.
وعبّر المسؤول الإماراتي عن اعتقاده بأنّ هناك فرصة لإيران للوصول إلى تفاهم جديد مع جيرانها والعالم. وأضاف "يجب أن ترى طهران أنّ الاتفاق الجديد يمكن أن يوفر لها المجال والثقة والموارد لإعادة تركيز انتباهها على شعبها بدلاً من وكلائها في الخارج". وأردف يقول "ستكون الصفقة بمنزلة تذكرة لإعادة دخول إيران إلى نظام التجارة العالمي، وبناء الرخاء وتوسيع الفرص".

متطلبات النظام الإقليمي الجديد
ويرى قرقاش، في مقاله في "فايننشال تايمز"، أنّ ما يدعو إليه هو في الحقيقة "مخطط لنظام إقليمي جديد ومشترك وأكثر استقراراً".

قرقاش: الاتفاق الجديد يوفر لإيران المجال والثقة والموارد لإعادة تركيز انتباهها على شعبها بدلاً من وكلائها في الخارج

وقال الوزير "إنّ التحرك نحو علاقة مثمرة مع إيران سوف يتطلب منا معالجة سلوكها المقلق والمزعزع للاستقرار". وشرح كلامه بإيراد أربعة متطلبات أساسية لإطلاق نظام إقليمي جديد هي: "يجب على إيران أن تنهي بشكل دائم سعيها للحصول على الأسلحة النووية، وأن تكفّ عن تطوير وانتشار الصواريخ الباليستية وغيرها، وأن توقف دعمها للمجموعات العنيفة بالوكالة، وأن تحترم سيادة الدول الأخرى"، على حدّ قوله.
وأكّد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية "بالنسبة لنا، هذه هي العناصر الأساسية لأي مناقشات نحو اتفاق جديد ومعزز"، لافتاً النظر إلى أنّ مثل هذه المناقشات ستتجاوز ما تمّ التوصل إليه بين مجموعة (5+1) باتجاه أن تشمل المحادثات الجديدة دول الخليج، التي لديها الكثير من القضايا المهمة للتعبير عنها، برأيه.
قلق أوروبا والعمل الجماعي
وقال قرقاش، إنّ عمليات الاستيلاء على السفن الأوروبية وتخريبها، والهجمات على إمدادات الطاقة العالمية، واحتمال التصعيد السريع، أثارت قلقاً أوروبياً حيال إيران، ودفعت الدول الأوروبية الكبرى إلى العمل الجماعي.
وقد رحّب الوزير الإماراتي بإصدار زعماء كل من المملكة المتحدة، بوريس جونسون، وفرنسا، إيمانويل ماكرون، وألمانيا، أنجيلا ميركل، بياناً مشتركاً، عقب لقاء ثلاثي عقدوه على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر الشهر الماضي، حمّلوا فيه إيران مسؤولية الهجمات الصاروخية على منشآت أرامكو السعودية في بقيق وخريص. واعتبر قرقاش أنّ ذلك الموقف الأوروبي من شأنه أن يساعد في تقليل التوترات في منطقة الخليج  ويفتح طريقاً جديداً للدبلوماسية.

من المتطلبات الأساسية لإطلاق نظام إقليمي جديد إنهاء إيران سعيها للحصول على الأسلحة النووية والكف عن تطوير وانتشار الصواريخ الباليستية

وجاء في البيان الأوروبي: "حان الوقت لإيران كي تقبل بإطار مفاوضات طويل الأمد على برنامجها النووي وكذلك على القضايا الأمنية الإقليمية، والتي تشمل برامجها الصاروخية".وطالبت الدول الثلاث إيران بـ"الامتناع عن القيام بأي استفزاز جديد" في منطقة الخليج، مشيرة إلى أنّ الهجوم على منشأتي أرامكو يظهر الحاجة للدبلوماسية لتهدئة التوتر بمشاركة كل الأطراف.
واعتبرت دولة الإمارات أنّه من خلال هذه المبادرة يمكن محاسبة إيران، كما يمكن لدول "E3" أن تعمل على الحيلولة دون حدوث مثل هذه الهجمات مجدداً في المستقبل. وأضاف المسؤول الإماراتي أنّه "بإظهار التصميم المشترك، يمكن لدول الخليج والولايات المتحدة وغيرها أن تثبت أنّ هناك مجالاً للعمل الدبلوماسي".
اعتبرت دولة الإمارات أنّه من خلال هذه المبادرة يمكن محاسبة إيران

ماذا بوسع الدبلوماسية الأوروبية أن تفعل؟
لكن يبقى السؤال: ماذا يمكن أن تقدم هذه الدبلوماسية الأوروبية؟ وفي إجابته عن ذلك يقول قرقاش: "على الفور، يمكن لقادة E3 أن يقللوا من احتمالات سوء التقدير، والخطوات الخاطئة، والانتقام من جميع الأطراف. كما يمكن أن يساعد ذلك في إقناع إيران بأنّ المزيد من العداوة سيكون له نتائج عكسية، ويطيل عزلة إيران". وتابع "يمكن للدبلوماسية التي تقودها دول E3 أن تساعد في تجاهل الانطباع الخاطئ بأنّ الخيار الوحيد منحصر بين خيارين وحيدين فقط، إما الحرب أو الصفقة النووية حسنة النية غير الكاملة" التي وقعتها دول (5+1) في تموز (يوليو) 2015.
جهود الإمارات لتشجيع "إيران الطبيعية"
وأشار قرقاش إلى أنّ ترسيخ الاستقرار كان هدفاً رئيسياً للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة. مضيفاً بأنّه من أجل تشجيع إيران "الطبيعية"، انخرطت دولة الإمارات تاريخياً مع إيران - في التجارة والأعمال، وفي التبادلات والزيارات، وفي إدارة قضايا الطاقة والمسائل البحرية وحقوق الطيران في المنطقة. وتابع "لقد رأينا دائماً إمكانات هائلة في هذه العلاقة، ونعتقد أنّه لن يستفيد من ذلك أي بلد أكثر من إيران نفسها"، وفقاً لقوله.
وفي ختام مقاله لفت الوزير قرقاش إلى أنّه "في كل منعطف، تجنبت دولة الإمارات الصراع مع إيران. وسوف نستمر في اتخاذ جميع التدابير لتخفيف حدة التوترات وتقليل احتمالات الصدام العسكري". واستدرك بالقول "عند الضرورة، نحن على استعداد للعمل دفاعاً عن أنفسنا، لكننا نسعى إلى طريق براغماتي ودبلوماسي لتخفيف التوترات، وخلق فرصة لمحادثات هادفة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية