الإمارات في ذاكرة المريخ

الإمارات في ذاكرة المريخ


17/02/2021

شما بنت محمد بن خالد آل نهيان

كل اللحظات التي نمر بها تعيش ثلاث لحظات، اثنتان تفنيان وثالثة تبقى عالقة بها. إنها متتالية الزمن بصورة معكوسة. فالحدث يبدأ في صورة أمل واستشراف ليكون مستقبلاً، ثم يتحول إلى فعل ليصبح حاضراً. وبعدها يدخل مرحلة الماضوية ليصير ذاكرة، وتلك هي اللحظة الباقية من عمر الحدث.
يخطئ البعض حين يرى الماضي أنه انتهاءٌ، والذكرى أنها تجمدٌ. لكن لا ندرك أن حركة الحدث لا تكمن في حالته فقط بل تكمن النسبة الأكبر منه في أثرها وحركته المستمرة المنتقلة من زمن لآخر.. أفلاطون ونيقولا تسلا وابن سينا وغيرهم من الفلاسفة والمفكرين والعلماء السابقين هم أصبحوا ماضياً فنى، لكن آثار أفكارهم وأعمالهم وعلومهم التي هي زمنياً ماضية، لكنها باقية مؤثرة ومحركة وحاضر متواصل بعلاقة متجددة مع العقول الباحثة عن المعرفة.
هذا تقديم مستهل لرؤية ملحة لعقل أجهده البحث وراء المعرفة.. والآن أنقل حديثي معكم إلى منصة حاضــرٍ، هو نتاج ماضي وسيبقى مستقبلاً ماضياً، لكن ستبقى آثاره عالقة بتاريخنا.
أقف أمام حدث وصول «مسبار الأمل» إلى مداره بكوكب المريخ لأراه من زوايا أخرى. أحاول أن أرفع العتمة عن تلك الزوايا، التي غابت أعيننا عنها، حين أبهرنا بريق الإنجاز العلمي والحضاري الكبير الذي حققته الإمارات بهذا الحدث الاستثنائي. 
إن مشهد إعلان وصول المسبار إلى مداره وإعلان نجاح مهمة وصوله والبدء في مهمته العلمية ومشهد وقوف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهما يهنئان الإمارات عامة، وفريق العمل خاصة بهذا النجاح صار هذا المشهد بمقياس الزمن ماضياً، لكنه بمقياس الحقيقة هو خط أبدي سيظل راسخاً في جدران ذاكرة الوطن.. كم سيؤثر هذا المشهد في مسيرة البناء التي بدأت عام 1971 وستبقى مسيرة تحمل مستقبلها وتمضي في رحلة نحو الحضارة والعلم والمعرفة.. إنه مشهد سيبقى أثره يتجدد كل يوم في نفوس أطفالنا الذين هم قادة الرحلة غدا نحو ترسيخ الحضارة الإماراتية الحديثة. هذا المشهد يلخص كيف يمكن أن تمتلك الوفرة، وتكون بارعاً في إدارتها من أجل بناء مستقبل وحضارة.
وهذه زاوية أخرى نرى منها هذا الحدث زاوية الثقة في دقة وصحة الأسس التي وضعها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، حين وضعوا الحجر الأول لهذا الوطن، ثم أكمل عليه البناء قيادتنا بحكمة.
ما يفرق ما بين دول العالم المتقدم والعالم الثالث هو إدارة الموارد وأولويات الإدارة.. ونحن لدينا قيادة امتلكت براعة إدارة مواردنا، ووضعت العلم في مقدمة أولوياتنا، فنجحنا في خطوات تلو خطوات حتى استقر «مسبار الأمل» في مداره حول المريخ لتستقر معه دولة الإمارات العربية المتحدة في مدار الحضارة البشرية الحديثة، وتبدأ خطوات نحو المزيد من التطور، ويصبح مدارها متقاطعاً مع مدارات العالم المتقدم علميا وإنسانياً وثقافياً.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية