الإمارات.. قيادة التسامح والتصالح

الإمارات.. قيادة التسامح والتصالح


28/09/2019

إميل أمين

لعل‎ الذين اطلعوا على تقرير مجلة «لوبوان» الفرنسية الأيام القليلة الماضية عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يدركون كيف بات العالم ينظر للإمارات العربية المتحدة وقياداتها الرشيدة كرمانة ميزان في منطقة مضطربة، وإلى شخص سموه كقائد عصري يرقى ببلاده إلى مراتب الرفعة والعزة بين الأمم.
‎ لا تعرف الصحافة الأجنبية أدب الإنشاء، وإنما هي تتعاطى مع الحقائق المؤكدة الناجزة والفاعلة، ولهذا فهي تقطع بأن أبوظبي اليوم أصبحت قطب استقرار وتنمية في منطقة الخليج العربي، الأمر الذي جعل منها حلماً ومقصداً للشباب العربي، وبأكثر كثيراً جداً من العديد من دول المهجر الأوروبي أو الأميركي.
يعن‎ لنا أن نتساءل ماهو سر نجاح الإمارات في ظل قيادتها الرشيدة؟ الشاهد‎ أن الدول الحديثة الناجحة تقوم في ظل قادة يدركون معنى القيادة العصرية الحديثة، ويسلكون طرق منهجية، عبر آليات تفكير منظمة، ورؤى استراتيجية مُحكمة، فلا مجال للعشوائية أو التخبط، يفكرون بعزم ويعملون بحزم، وهذا هو ديدن القيادة الإماراتية.
ثلاث‎ زوايا رئيسية يقوم عليها نجاح الإمارات، تلك التي أظهرتها «لوبوان» المجلة الفرنسية العريقة: النفط، المعرفة، التسامح.
ما تنتهجه دولة الإمارات العربية المتحدة من سياسات قائمة على التسامح وجهت لطمة أدبية أخلاقية للمفكر الأميركي الراحل برنارد لويس الذي اعتبر أن نفط الخليج «لطمة للحضارة»، ذلك أنه على حد قوله «جاء من غير علم أو عمل، وذهب من دون بناء وتنمية».
‎ الناظر إلى تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة القريب نسبياً كاتحاد، وليس كتاريخ أو حضارة إنسانية في الصحراء العربية، يدرك كيف أن القيادة الإماراتية سخّرت عوائد النفط لتجعله في خدمة الإنسان الإماراتي، ويدفع به إلى مصاف الشعوب الراقية والمتقدمة، وليجعل من بلاده عند الكثيرين المكافئ الموضوعي لوادي السيلكون في الولايات المتحدة الأميركية.
الإمارات تسعى إلى خدمة التنوير، ولهذا فان نسبة الأمية الأبجدية تقترب من الانقراض مرة وإلى الأبد، ونسب التعليم في مختلف المراحل العمرية تبقى متقدمة إلى أكبر حد ومد في المنطقة العربية والخليجية.
وحظيت المرأة الإماراتية بمكانة مرموقة، وما تعيشه من ازدهار، تجاوز مفهوم الجندر والنوع الإنساني منذ زمن بعيد، ولهذا أضحت معرفياً وعملياً شريكاً للرجل في قيادة الدولة الإماراتية، فثمة تسع إماراتيات وزيرات.
الركيزة‎ الثانية التي جعلت الإمارات دولة في مصاف الدول المتقدمة، هي التعليم ، وهو ليس بتعليم تقليدي بل معرفة عصرية تجمع بين كافة مسارب ومساقات الفكر والثقافة والدراسة والاجتهاد، في تحصيل كل ما من شأنه أن يرتقي بالوطن والمواطن دفعة واحدة ، ومن غير تضاد أو تضارب، وهو ما يتبدى في استقطاب أفضل الجامعات العالمية، وإقامة حياة ونهج تعليميين يضارعان ما تقدمه مدن المعرفة الكبرى حول العالم.
‎ ويبقى المنطلق الثالث هو حجر الزاوية في نجاحات الإمارات، ونحن هنا نتكلم عن قيادة إماراتية تعزز التسامح والتصالح، جعلت وطنها وكما قال «أندريه مالرو» المثقف الفرنسي الكبير «مودات وشراكة أحلام»، والذين تابعوا فعاليات عام 2019 يدركون معنى أن تخصص الإمارات عاماً بأكمله لشعبها والعالم للتسامح ، وهو ما لم يحدث من قبل، حتى على صعيد الدول الغربية المؤمنة يقيناً بالتنوير في الماضي والحاضر.
لم‎ يكن التسامح مجرد شعارات رنانة أو طنانة، وقد استبق تسامح الإمارات في واقع الأمر العام الحالي بكثير، فالذين قدر لهم العيش على تراب هذا الوطن الشقيق، أدركوا إلى أي حد تحول الرايات الإنسانية الكبرى إلى واقع حي ومعاش، من دون رياء أو كبرياء .
‎ على أرض الإمارات تعيش جنسيات من العالم برمته في احترام وتواد، تنصهر دفعة واحدة في حياة عملية هدفها رفعة شان البلاد، وهذا لم يكن ليتم لولا الدور الفاعل للقيادة الإماراتية الرشيدة في توجيه دفة البلاد إلى الأمام.
‎ ترصد «لوبوان» بعين ثاقبة التسامح الديني على أرض الإمارات، هذا التسامح الذي ظهر بوضوح عندما قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بتغيير اسم «مسجد محمد بن زايد» أحد أكبر مساجد المدينة إلى «مسجد مريم أم عيسى».
‎ ولعل الذين تابعوا الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى الإمارات في فبراير الماضي، تأكدت قناعتهم بأن القيادة الإماراتية تترجم أقوالها إلى أفعال، وما وثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت عن أبوظبي سوى خطوة في طريق بلورة إنسانية متسامحة متصالحة، من دون تفرقة أو تمييز.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية