الاتفاقية الإماراتية البحرينية الإسرائيلية في الميزان التركي ـ الإيراني

الاتفاقية الإماراتية البحرينية الإسرائيلية في الميزان التركي ـ الإيراني


04/10/2020

بقاموس لم تخرج مفرداته عن مفاهيم الاتهامات بخيانة العروبة والإسلام وخيانة القضية الفلسطينية، والتهديد والوعيد لدول الخليج "الإمارات والبحرين" فيما إذا ذهبتا بعلاقاتهما مع إسرائيل بعيداً بإنشاء قواعد عسكرية إسرائيلية في دول الخليج، وبما يهدّد الأمن القومي الإيراني، كانت المقاربتان التركية والإيرانية، وهو ما يطرح تساؤلات حول حقيقة مواقفهما وعلاقاتهما مع إسرائيل، وفيما إذا كانت القضية الفلسطينية مجرّد ورقة تستخدمها أنقرة وطهران بطريقتهما، وبما يخدم سياساتهما ومشروعي الإمبراطورية الفارسية الإيرانية والخلافة العثمانية الجديدة بالنسبة إلى تركيا، هذان المشروعان، بما يتضمنانه من كونهما مهدّداً للأمن القومي الخليجي، كانا أحد أبرز دوافع الخليج لإقامة علاقات مع إسرائيل.

انتقادات القيادة التركية وهجومها على دولتي الإمارات والبحرين تقترب من النكتة السياسية التي تقابل بالسخرية، فعلم إسرائيل يرفرف في سماء أنقرة

 فالنسبة إلى تركيا، فإنّ انتقادات القيادة التركية وهجومها على دولتي الإمارات والبحرين على خلفية التطبيع مع إسرائيل تقترب من النكتة السياسية التي تقابل بالسخرية أكثر ممّا تقابل بالضحك، فعلم إسرائيل يرفرف في سماء أنقرة، ورغم محاولات الدفاع المستميتة التي تصدّى لها كتّاب الإسلام السياسي العربي للدفاع عن القيادة التركية بدعوى أنّ تلك الاتفاقات كانت قبل مجيء حزب العدالة إلى الحكم، إلّا أنّ الأرقام التركية الرسمية المعلنة حول حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل ونموها، منذ تولي العدالة السلطة، والتي تقترب من 10 مليارات دولار سنوياً، إضافة إلى قوائم من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية، تجعلنا نتوقف ملياً عند الموقف التركي وأسبابه، وعلى قاعدة أنه ليس موقفاً من إسرائيل، فهل أراد خليفة المسلمين أن يمرّ تطبيع العرب والمسلمين من خلاله، وبما يحوّله إلى ورقة، ضمن أوراقه التفاوضية، يفاوض بها أمريكا والغرب وإسرائيل؟

اقرأ أيضاً: هل تستأنف سوريا مفاوضات السلام مع إسرائيل؟

 أمّا إيران، فقد شهد موقفها من التطبيع الخليجي تبايناً بين مؤسستي المرشد "خامنئي" والحرس الثوري، ومؤسسة رئاسة الجمهورية، ففي الوقت الذي اتهم فيه خامنئي الإمارات بأنها "خانت العالم الإسلامي والفلسطينيين"، وأطلق قادة من الحرس الثوري تهديدات مباشرة للإمارات ومملكة البحرين بـ"الانتقام"، حذّر رئيس الجمهورية "روحاني" من فتح المجال لإسرائيل في الخليج، كما ركّزت تصريحات وزير الخارجية الإيراني على "أنّ إسرائيل ليس باستطاعتها ضمان أمن الإمارات ولا البحرين"، وأنّ التطبيع الإماراتي لن يكون له تأثير ولكنه مؤسف".

اقرأ أيضاً: السلام بين السودان وإسرائيل: براغماتية داخلية أم إملاءات خارجية؟

مرجعيات المواقف الإيرانية، بعيداً عن مفردات قاموس التهديد والوعيد، تستند لبراغماتية إيرانية، جوهرها اتخاذ مواقف تتضمّن تحقيق هدفين: الأول خطاب ثوري للاستهلاك المحلي ولوكلاء إيران، يصدر عن المرجعيات الدينية والحرس الثوري، والثاني خطاب معتدل يندرج في إطار التفاوض والصفقة القادمة مع أمريكا، يصدر عن رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية.

اقرأ أيضاً: ماذا قال قرقاش عن فلسطين قبيل توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل؟

وتدرك القيادة الإيرانية أنّ استهدافها لدول الخليج العربي أحد أبرز الأسباب التي دفعت هذه الدول للتطبيع مع إسرائيل، لذا فإنّ القاسم المشترك بين دول الخليج اليوم هو التأكيد على دعم حلّ الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 67، وبما ينسجم مع مبادرة السلام العربية. كما تدرك القيادة الإيرانية أهمية الإمارات بالنسبة إليها، بوصفها أحد أبرز ساحات الدعم للاقتصاد الإيراني، ومن أهمّ البوابات لإيران، فيما لا مشكلة عملياً لإيران مع إقامة سفارة إسرائيلية في أبو ظبي، فالعلم الإيراني يرفرف إلى جانب العلم الإسرائيلي في كثير من العواصم الأوروبية وفي أمريكا اللاتينية.

لا مشكلة عملياً لإيران مع إقامة سفارة إسرائيلية في أبو ظبي، فالعلم الإيراني يرفرف إلى جانب العلم الإسرائيلي في كثير من العواصم الأوروبية وفي أمريكا اللاتينية

تقديرنا أنّ قطار التطبيع مع إسرائيل سيمضي بدول عربية جديدة في شمال أفريقيا وفي الخليج، ضمن حسابات استراتيجية لكلّ دولة، وهذا التطبيع سيسهم في إكساب الخليج قوة جديدة ضدّ الأطماع الإيرانية، وليس بفتح قواعد إسرائيلية في الخليج، بل في موافقة دوائر صنع القرار الأمريكية والغربية على بيع الخليج أسلحة تخدم متطلبات الأمن القومي الخليجي.

اتفاقات السلام العربية الجديدة مع إسرائيل ربما تفتح آفاقاً جديدة بالضغط على إسرائيل في عملية السلام على المسار الفلسطيني، وبصورة مماثلة للدعم الأردني المصري للضفة الغربية وقطاع غزة، ويبدو أنّ ردود الفعل الإيرانية والتركية على هذا التطبيع جاءت في ظلّ إدراك قادة المشروعين العثماني والفارسي بأنه تمّ سحب ورقة مهمّة من المشروعين كان فيهما العرب مجرّد أرقام، في الوقت الذي تقيم فيه أنقرة علاقات وثيقة مع إسرائيل، فيما تفاوض طهران على شروط وحدود تلك العلاقة. وربما كانت أحدث رسالة أرسلتها طهران هي توجيه الثنائي الشيعي اللبناني "حزب الله وأمل" لإعلان الموافقة على مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، ومن المؤكد أنّ تلك الرسائل ستكون أكثر عمقاً في ساحات أخرى، في "سوريا، واليمن، وقطاع غزة"، بعد الانتخابات الأمريكية القادمة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية