"الاختيار٣".. الإخوان يهربون من الحقائق والتغطية على فشلهم ودسائسهم بالسخرية

"الاختيار٣".. الإخوان يهربون من الحقائق والتغطية على فشلهم ودسائسهم بالسخرية


14/04/2022

مرة جديدة، تقبض دراما "الاختيار3" على عقل المنصات الإخوانية، وتعجزهم حقائق الفشل الذي أصابهم خلال العام 2012 – 2013، ما يدفعهم إلى الهرولة في المكان، والاستناد إلى الهجوم الفارغ من أيّ مضمون حقيقي، أو وقائع موازية تدركهم من الأزمة التي يعانون منها على أكثر من مستوى؛ في ظل الانشقاق الذي ضرب التنظيم، جراء صراع القيادات على المال والسلطة، بينما تفتقد القواعد أيّ رعاية واهتمام، وانقطعت بينهم وبين القيادات كافة الصلات والروابط.

كل ذلك دفع منصات الإخوان نحو حشد طاقاتهم ضدّ مسلسل "الاختيار3"، وما يقدمه من وثائق مرئية وصوتية، لما وقع خلال تجربة حكم الإخوان في العام 2012، عبر الحديث عن أخلاقيات الخصومة، وحق الرد المكفول لشخصيات تقبع قيد الاحتجاز القانوني، ويغفلون أنّ الخصم الحقيقي يكمن في وطن كاد أن يضيع، وهم في سدة الحكم.

ويأتي الجزء الثالث من "الاختيار" ليسرد فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن يطيح به الشعب المصري، عقب تظاهرات حاشدة في الثلاثين من حزيران (يونيو) 2013.

انتقادات بلا منهجية

يأتي الجزء الثالث تحت عنوان: "القرار"، ويشارك في بطولته عدد كبير من نجوم الفن في مصر، وهو من تأليف هاني سرحان، وإخراج بيتر ميمي، وإنتاج شركة "سينرجي".

سعت قناة الجزيرة عبر تقارير مصورة وحلقات من برامجها إلى تكثيف الانتقادات حول دراما الاختيار 3

سعت بعض منصات الإخوان، وكذا قناة الجزيرة، عبر تقارير مصورة، وحلقات من برامجها، تكثيف الانتقادات حول "الاختيار 3"، بزعم أنّ المسلسل يقدم رواية المنتصر، وأنّها المرة الأولى التي تطرح فيها سلطة قائمة، سرديّة خاصّة بها، فضلاً عن بعض المقولات النقدية الفنية، التي جاءت من خلال صفحة الكاتب بلال فضل، الذي قال إنّ الشخصيات أحادية الجانب، وخيرة على الإطلاق، وأنّ شخصية المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، شخصية "نورانية".

 

شريف عارف: إنّ ما طرحه العمل، حتى اللحظة، لم تستطع منصات الإخوان مواجهته، أو التعقيب على الحقائق الواردة؛ نظراً لفقدان الحجة والمصداقية، وما أصاب التنظيم من ضربات متتالية، نالت من وحدته التنظيمية

 

بيد أنّ ذلك النقد غفل عن عدة حقائق، أبرزها أنّ "الاختيار 3"، لا ينبغي أن يُفصل عن جزئيه السابقين، وبالتالي كيف تنظر إلى بعض ضباط الشرطة والجيش، الذين انضموا إلى صفوف من خانوا، وساعدوا على قتل زملائهم، في عمليات دموية ضد المواطنين وقوات الجيش والشرطة، أمّا عن كون المسلسل يقدم سرديّة السلطة، منفردة دون مزاحمة من الرؤى والشهادات الأخرى؛ فينبغي الالتفات إلى أنّ الوقائع محل الدراما، جاءت مدعمة ببعض المقاطع التوثيقية، صوتاً وصورة؛ لتبرز ما قدمه مؤلف العمل من أحداث، فضلاً عن الفيديو التوثيقي، الذي يختتم به مخرج العمل كل حلقة.

ربما النقطة الأخرى التي تحدثت عن "نورانية" السيسي، الذي أدّى دوره الفنان ياسر جلال، إذ يأتي وكأنّه يحمل الخلاص لمصر، فهي نقطة على الجماعة أن تقف عندها وتراجع نفسها، وتعاود قراءة الأحداث مرة أخرى، حتى تدرك من سار إلى النهاية بقدميه، ومن غاص في الوحل دون إدراك مستقره.

الفشل رفيق الإخوان

الكاتب الصحفي شريف عارف، يرى في تصريحاته لـ"حفريات"، أنّ جماعة الإخوان، لم تعرف سوى الفشل في كافة تجاربها، طيلة العقود الماضية، لافتاً إلى أنّ  مسلسل "الاختيار" هذا العام، قدّم جملة من الوقائع المدعمة بتسجيلات مرئيّة، تشي بنوايا الإخوان الحقيقية، وعليه فإنّ ما طرحه العمل، حتى اللحظة، لم تستطع منصات الإخوان مواجهته، أو التعقيب على الحقائق الواردة؛ نظراً لفقدان الحجة والمصداقية، وما أصاب التنظيم من ضربات متتالية، نالت من وحدته التنظيمية.

شريف عارف: جماعة الإخوان، لم تعرف سوى الفشل في كافة تجاربها

يتابع شريف عارف تصريحاته، بقوله إنّ ثمة أزمة أخرى، دفعت المنصات الإخوانية إلى أن تبدو على تلك الحالة، وهي تواجه دراما الاختيار، وتتمثل في تحسن علاقات الدول الحاضنة للجماعة مع مصر، الأمر الذي تجلى في ظهور الردود الهزلية، عبر المنصات الإخوانية، دونما القدرة على تقديم أيّ سرديّة موازية، رغم أنّ المسلسل، حتى اللحظة، يشير إلى أحداث مفصلية في تاريخ الوطن، الأمر الذي يكشف زيف المظلومية الإخوانيّة.

ويختتم عارف تصريحاته، بالإشارة الى أنّ "حالة السعار اللفظي، التي أصابت منصات الإخوان، ومنابرهم الإعلامية، وصفحات الوسائط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعود إلى حالة العزلة التي يعاني منها التنظيم، وموجات الانشقاق المتتالية، ما دفعهم إلى الاعتماد على الهجوم الفارغ من أيّ مضمون؛ بهدف أن يظل واقع المظلومية ماثلاً في خيالهم".

شهادة للتاريخ

كان كاتب هذه السطور شاهداً على مخطط أخونة أجهزة الدولة، وتمكين قيادات الجماعة من المناصب القياديّة، عبر شراء الذمم والضمائر.

استدعى رئيس الوزراء آنذاك، هشام قنديل، بصحبة القيادي الإخواني، وزير الإعلام السابق صلاح عبدالمقصود، بعض البرامجيين في اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري، لجلسات في مقر مجلس الوزراء بالقاهرة، حيث طُلب منهم أن يقدموا صورة ملطفة ومحسنة، عن أداء الحكومة، رغم غياب كافة الخدمات في ذلك الوقت، من كهرباء ووقود، بحجة الأزمة الاقتصادية، وتعنت صندوق النقد الدولي في إجراءاته مع القاهرة.

وعندما تدخل -كاتب هذه الكلمات -مع رئيس الوزراء قائلاً: "لا ينبغي لرئيس الحكومة المصرية، أن يتوقع من صندوق النقد الدولي، بما له من ظل سياسي في مهامه، أن يتعاون معنا، وهو يرى الدولة المصرية بوجه إخواني محض، ولا ترى الحكومة غير الجماعة في كل خطوة، بينما تغرب بوجهها عن كافة القوى السياسية في البلاد" الأمر الذي غضب منه رئيس الوزراء آنذاك، ليوجه حديثه إلى وزير الإعلام قائلاً: "شوف الناس اللي أنت جايبها يا عبدالمقصود"!.

الدعم بالوثائق المصورة

تعد الدراما الوطنية، مرجعاً سياسياً وتاريخياً لكل مواطن، وهي بمثابة وثيقة تمّت مراجعتها تاريخياً؛ لكي يستفيد منها الجمهور بكافة شرائحه، فهي تخاطب جميع الفئات بأسلوب سلس وشيق، حتى تحدث الأثر المطلوب، وذلك بحسب الدكتورة نسرين عبدالعزيز، الأستاذ المساعد بقسم الإذاعة والتليفزيون، بكليّة الإعلام، والتي خصّت "حفريات" بتصريحات، قالت فيها إنّ ثمّة نموذجاً عملياً نشهده حالياً، وهو مسلسل الاختيار؛ إذ إنّ كلّ جزء يوثق وقائع معينة، خلال فترات زمنية محددة؛ الجزء الأول جاء عن الشهيد أحمد المنسي، القائد بكتيبة 103 صاعقة، وموقعة البرث، أمّا الجزء الثاني، فيتناول بطولات رجال الجيش والقوات المسلحة، وفض اعتصام رابعة، وأحداث كرداسة، بينما يوثق الجزء الثالث للفترة فيما بين العام 2012، وحتى ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، حيث تولى الإخوان الحكم في مصر، والتحديات التي واجهت أجهزة الدولة، للوصول إلى بر الأمان.

نسرين عبد العزيز: هذه الوثائق والتسجيلات، لا يمكن التشكيك فيها، فهي مسجلة صوتاً وصورة

تتابع نسرين عبدالعزيز حديثها، بقولها "في الجزء الثالث، تم الكشف للجمهور عن الكثير من الوقائع والأحداث، التي لم يكن يعرف عنها كل التفاصيل، حيث إنّ هناك تسريبات وتسجيلات موثقة؛ توضح التخطيط الموجه لهدم مصر وتجزئتها، وجعلها هشة ومن ثم تقسيمها".

هذه الوثائق والتسجيلات، لا يمكن التشكيك فيها، فهي مسجلة صوتاً وصورة، وتم توظيفها بشكل ناجح داخل أحداث المسلسل، فالمزج بين التسجيلات والمشاهد الحية الواقعية، مع المشاهد الدرامية؛ يجعل المشاهد يثق فيما يقدم له، فهو بمثابة عمل تسجيلي درامي، يوثق تاريخ أمة بأكملها، والمحن التي تمر بها.

ومن المتعارف عليه أنّ الأفلام الوثائقية والتسجيلية، تستهدف شريحة محددة من الجمهور، وبالتالي فالدراما أو الديكودراما أفضل في التوثيق، ولكن لابد من مزجها بالتسجيلات الحية والواقعية؛ حتى يضحى العمل متكاملاً.

تستطرد أستاذ الإذاعة والتليفزيون المساعد، لتؤكد أنّ ثمّة اتجاهاً إيجابياً كبيراً من جانب الجمهور، الذي حرص على مشاهدة العمل حلقة بحلقة، ومشاركة الكثير من المشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي، وكل يوم يزداد التفاعل عن الذي سبقه، فلدى الجمهور عطش كبير لمعرفة كل ما كان مخفياً عنه، والمصير الذي كان مرسوماً لتدمير وطنه، غير أنّ هناك محاولات فاشلة؛ لتكذيب ما يقدم في العمل، سواء من خلال المنصات الإعلامية، أو مواقع التواصل، لأشخاص "ينتمون لفصائل وتنظيمات معينة، لديها أجندات خاصّة، ومتورطة فيما يقدم في المسلسل الذي يكشف حقيقتها" وفق قولها.

 

نسرين عبد العزيز: تكثيف الحضور الإخواني عبر المنصات الإلكترونية، يتم بواسطة عناصر مدربة بشكل احترافي على النهج النفسي، القائم على تشكيك الأشخاص، ونزع ثقتهم فيما يشاهدونه

 

 وتشير نسرين عبدالعزيز إلى أنّ تكثيف الحضور الإخواني عبر المنصات، يتم بواسطة عناصر مدربة بشكل احترافي على النهج النفسي، القائم على تشكيك الأشخاص، ونزع ثقتهم فيما يشاهدونه، وبلبلتهم، ومحاولات ربط بعض المشاهد والأحداث بتعليقات كوميدية ساخرة؛ حتى يصرف الجمهور عن قوة المَشاهد، وما تحتويه من معلومات هامة، وأداء متميز للممثلين، والتركيز على التعليقات الساخرة، ومن الممكن أن يتشتت الجمهور بالفعل، ويفقد تركيزه مع تكرار هذه الأساليب، والتقليل من شأن العمل، وهذا نوع من الألاعيب النفسيّة، التي هي في الظاهر نوع من السخرية والدعابة، بينما في باطنها هدف سياسي بحت، هو السلاح الوحيد لديهم، ولكن مع زيادة وعي الجمهور وارتباطه بالعمل، لن يصل هذا الأسلوب لغايته.

 تختتم نسرين عبدالعزيز، تصريحاتها بقولها إنّ "دراما الاختيار، عمل متميز، اكتملت مقوماته؛ من تمويل ضخم، ونص محترم، مكتوب بحرفية، واختيار مميز لأبطاله، وأداء فني وحسن توظيف للإمكانيات، مع الاستعانة بالوثائق والتسجيلات الموثوق منها، ما جعل للعمل خلطة سحرية، ميزته عن غيره من الأعمال الدرامية الوطنية.

 مواضيع ذات صلة:

كيف ربطت جماعة الإخوان استمرارها في السلطة بحرق الوطن؟

ورد اسمه في تسريبات "الاختيار3"... من هو عبد المجيد الشاذلي؟

"الاختيار3" يكشف محاولة الجماعة "أخونة" السيسي... ماذا كان رده؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية