"الاختيار 2" و"رابعة" وهرطقات المضللين

"الاختيار 2" و"رابعة" وهرطقات المضللين


25/04/2021

محمود حسونة

سيذكر التاريخ عام ٢٠١٣ في مصر بعام الفصل حيث تم إنقاذ المحروسة من حكم عصابة أرادت العودة بها إلى عصور التخلف والفوضى والجهالة، وسيذكر يوم 14 أغسطس من ذات العام باعتباره يوم الحسم، الذي قامت الدولة فيه بمواجهة الجماعة الإرهابية لمنع تحويل شوارع وميادين مصر إلى مراكز تجمع الإرهابيين المسلحين بكل أشكال أسلحة القتل والتصفية والتفجير والتخريب، وتحويل ذات الأماكن إلى معامل لتفريخ إرهابيين جدد يستحلون قتل إخوانهم في الوطن وتفخيخ وتفجير أنفسهم في الأبرياء على امتداد مساحة الأرض المصرية. 

 هم يصفون يوم فض اعتصامي رابعة ونهضة مصر باليوم الأسود، ونحن نطلق عليه نفس الوصف، ولعلها نقطة الاتفاق الوحيدة بين المصريين وعصابة «الإخوان» الإرهابية، الذين يعيشون على أرض مصر وهم كارهون لترابها وحاقدون على مناخها ومنزعجون من سمائها وملوثون لهوائها ومتاجرون بخيراتها ومتآمرون على حاضرها وماضيها ومستقبلها، كائنات شيطانية تجري في عروقها دماء مسمومة. 

 كان يوماً أسود، فيه تحطمت آمالهم وقضت الدولة المصرية بشكل قاطع على حلمهم في استعادة الحكم، بعد أن تصدت بحسم غير مسبوق لجشعهم السلطوي، وفضحت خبث نواياهم أمام الشعب وكشفت أكاذيبهم أمام العالم، كما كان يوماً أسود للمصريين ، حيث شاهدوا أمام أعينهم وطنهم يحترق ومدنه تبكي من اعتداءات الأيادي الغادرة على مؤسساتها وكنائسها وأقسام شرطتها وشوارعها، وشاهدوا دماء حُماته وأبرياءه والمغرر بهم من أبنائه تروي شوارعه، بعد أن نشر الإرهابيون قناصتهم فوق المباني يقنصون رجال الشرطة وبعض المنسحبين من ميدان رابعة، ميدان الموت والبارود والتفجير والعنف الغريب على شعب مصر عبر تاريخه الممتد لآلاف السنين. 

 مسلسل «الاختيار ٢» أحيا ذكرى هذا اليوم الأسود عبر أحداثه، وقدم وثيقة ستظل خالدة للأجيال القادمة، لتكون الرد القاطع والكلمة الحاسمة لكل من يستذكر هذه الفئة الباغية أو يستهدفه أهل التضليل والتشويش. مشاهد أوجعت القلوب ولكنها أعادت تذكير من نسي أو تناسى أن هذا الوطن كان على حافة الانهيار والضياع، ولكن أطل من بين أبنائه رجل مخلص استعان بأهل الحكمة وأصحاب الرؤية من رموز الوطن، هو الفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع حينئذ، ليتصدى للعابثين بالدولة والمستهدفين هدمها والقابضين على مصيرها، فيعلن تحريرها منهم يوم 3 يوليو 2013، ولأن قرار التحرير كان مفاجئاً وصادماً لهم ولغيرهم، تمترسوا بميادين وشوارع ومساجد ومباني تحت الإنشاء للانتقام من الدولة، وكأن العام الأسود الذي اعتلوا فيه عرش مصر أنساهم أن لهذه الدولة جيشاً لم يسمح بالعبث بها على مر التاريخ، وشرطة قدمت أرواح أبنائها للحفاظ على استقرارها دائماً. 

حالة الصحوة التي أحدثها «الاختيار ٢» والتي تعتبر امتدادا لحالة الصحوة التي أحدثها «الاختيار» العام الماضي تؤكد أن الدراما الصادقة الهادفة هي السلاح الأمثل للتصدي لهرطقات المضللين، والوسيلة الأنسب للتصدي لأكاذيب هذه الفئة الباغية ولفضح إدعاءاتهم؛ فمعظمنا عاش يوم 14 أغسطس 2014، وتابعنا ما حدث خلاله، وبيننا من شاهدوا ما حدث بأم أعينهم ممن تصادف وجودهم بمواقع المواجهة، إنما تأثير المسلسل جاء مضاعفاً، وهو ما يؤكد أن للدراما والفن عموماً تأثيراً لا محدوداً عندما يتم توظيفه بشكل صحيح، ولعل استيعاب الباغين أن الفن يمكن أن يسهم بدور كبير في القضاء عليهم هو سبب إثارتهم الجدل حوله وتحريمه، رغم أنه   من أدواتهم المعتمدة للتضليل وغسل العقول. 

 اعتماد المخرج العبقري بيتر ميمي على المزج بين الكثير من المشاهد الحقيقية لأحداث يوم الفض والقليل من المشاهد التمثيلية، جعل المشهد أمامنا حقيقة ملموسة ومرئية، كما قضى على أي فرص للتشكيك في الوقائع، سواء من حيث السلاح الكثيف الذي كان بحوزة الإرهابيين أو بشأن إصرارهم على إحراق البلد أو هروب قياداتهم وتركهم للأبرياء المغرر بهم ليكونوا وقوداً لمعركتهم. 

الحدث لم يكن نهضة مصر ورابعة فقط ، بل مصر بمدنها ومحافظاتها، وهو ما عبر عنه المسلسل بشكل متميز، ولعل ما حدث في مركز شرطة كرداسة وحده كفيل بإدانة هذه الجماعة أمام الدنيا كلها اليوم وغداً وبعد بعد غد، ونتمنى أن نشاهد مستقبلاً مسلسلاً متكاملاً عن أبطال مركز شرطة كرداسة وما تعرضوا له من جرائم لا يرتكبها سوى القساة قلوبهم والمتمكنة منهم الأمراض النفسية.

عن "الخليج" الإماراتية

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية