الجنوب الليبي.. مرحلة جديدة

الجنوب الليبي.. مرحلة جديدة


22/02/2022

أيمن سمير

تواجه ليبيا تحديات متسارعة، لا تتعلق فقط بتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتشكيل الحكومة الجديدة، بل ظهر تحد جديد، يتعلق بأمن وسلامة الحدود الجنوبية للبلاد مع إعلان فرنسا والدول الأوروبية سحب قواتها، التي كانت تكافح الإرهاب في مالي.

وهو ما يفرض التزامات إضافية على المؤسسات الأمنية الليبية حتى لا تتحول الحدود الجنوبية إلى «ملاذ آمن» و«حديقة خلفية» للجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية، لأن تقليص الوجود الفرنسي والأوروبي في مالي يزيد من «حرية الحركة» أمام هذه التنظيمات في منطقة تعاني من الفقر والتطرف والانفلات الأمني منذ عام 2011، فما هي حدود التداعيات السلبية لانسحاب فرنسا من مالي على الحدود الجنوبية الليبية؟ وكيف يمكن التغلب على هذا التحدي الأمني الجديد؟

الأقل بين الأقاليم

يتشكل الجنوب الليبي من «إقليم فزان» وهو الأقل في التنمية والخدمات، وعدد السكان من إقليمي برقة «بنغازي» و«طرابلس»، وزاد من معاناة الجنوب الليبي انتهاء عهد السلام والاستقرار، الذي استمر أكثر من 100 عام بين عنصري الجنوب، وهما قبائل العرب والتبو.

كما قاد انفراط عقد الدولة الليبية في فبراير 2011، والانقسام والتشظي السياسي والاجتماعي بين الغرب والشرق حول نتائج انتخابات عام 2014، إلى خلافات لم تنتهِ بعد بين أبناء الجنوب، الذي عانى من غياب الاستثمارات والخدمات بالرغم من وجود 3 حقول نفطية كبيرة هي «حقل الفيل»، الذي ينتج نحو 75 ألف برميل في اليوم، وحقل الشرارة، الذي ينتج 315 ألف برميل يومياً، وحقل «رون» الواعد.

وهو ما يجعل «مساحة الفوضى» في الجنوب الليبي تتسع أكثر وأكثر مع حدود لم تكن منضبطة بشكل كامل في الماضي، فالانسحاب الفرنسي من مالي يعني في الأساس الانسحاب من «المدن الشمالية» القريبة من الحدود الليبية، والتي شكلت على الدوام «بؤرة التمرد» على الحكومات في مالي منذ عام 2012.

ويفاقم من هذا الأمر تقارير مؤسسة ثقافة الاستخبارات والتحليل الاستراتيجي الإيطالية، ودورية «ليدرشب» النيجيرية، والتي قالت هي وغيرها: إن تنظيم داعش يسعى لتحويل ليبيا وبخاصة مناطق الجنوب إلى قاعدة لإطلاق عملياته ضد دول شمال ووسط القارة الأفريقية.

مقاربة جديدة

في ظل التجاذبات السياسية الداخلية في ليبيا، ومع إعلان الانسحاب الفرنسي من مالي يتوجب على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وكل الأطراف الليبية، وفي دول الجوار دعم خيارات الشعب الليبي في ضبط الحدود الجنوبية، من خلال تدريب العناصر الأمنية الليبية على مكافحة الإرهاب والتطرف، فرغم إعلان الانسحاب من مالي فإن الوجود الفرنسي سوف يستمر بطرق مختلفة في تشاد والنيجر.

وهو ما يمكن استثماره في مراقبة حركة التنظيمات الإرهابية على جانبي الحدود الليبية حتى لا تتحول هذه الحدود إلى «خزان بشري» لـ«القاعدة» و«داعش»، في ظل المعلومات التي أكدتها أكثر من مرة هيئة الأركان الفرنسية من وجود تواصل وتناغم في الأهداف والأدوات بين المجموعات والميليشيات المسلحة في غرب ليبيا مع التنظيمات الإرهابية في الجنوب، وتواصل كل هؤلاء مع التنظيمات الإرهابية في مالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو والساحل الأفريقي الغربي في خليج غينيا.

كما يمكن تقديم وسائل مراقبة حدودية وطائرات عمودية وأجهزة رؤية ليلية لحرس الحدود الليبيين، فعلى مدار 11 عاماً شكلت هذه المنطقة ساحة لعبور المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء صعوداً نحو الشمال حتى السواحل الليبية الطويلة على البحر الأبيض المتوسط قبل الانطلاق في مراكب الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وهو ما يعني أن دعم الجهود في ضبط الحدود الجنوبية له عائد سياسي كبير على الجميع، ليبيا ودول الجوار، والاتحاد الأوروبي.

عن "البيان" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية