الجيش التونسي يستعيد ملفاً أخفته وزيرة العدل يفضح جرائم "النهضة"

الجيش التونسي يستعيد ملفاً أخفته وزيرة العدل يفضح جرائم "النهضة"


27/07/2021

استعاد الجيش التونسي، اليوم الثلاثاء، ملفاً خطيراً أخفته، في منزلها، وزيرة العدل بالنيابة، والناطقة الرسمية باسم الحكومة (المُقالة) حسناء بن سليمان، ويتعلق بالقاضي البشير العكرمي، حسب إذاعة "ديوان اف ام "التونسية.

وجاءت خطوة الجيش في سياق الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الأحد الماضي، وقضت بإقالة الحكومة وتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، وسواها من إجراءات قال سعيّد إنه اتخذها للحيلولة دون انهيار الدولة التونسية.

وزيرة العدل التونسية بالنيابة حسناء بن سليمان‎

ومن جملة القرارات الأولى التي اتخذها سعيّد إقالة حسناء بن سليمان من موقعها بسبب ما يقال عن "تواطؤها" مع حركة "النهضة" الإسلامية" التي تمثل جماعة الإخوان، والتستر على الجرائم الإرهابية المتورطة فيها في تونس، ومن أبرزها تورط القاضي العكرمي في التستر على ملفات متصلة بالإرهاب.

وكان مجلس القضاء العدلي في تونس، أوقف منتصف الشهر الجاري، القاضي بشير العكرمي عن العمل وأحال ملفه على النيابة العامة، بعد اتهامه من قبل رئيس محكمة التعقيب "بالتستر على ملفات متعلقة بالإرهاب".

اقرأ أيضاً: الإخوان يحرضون على العنف في تونس.. كيف ردت الجماعة على قرارات سعيد؟

وبدفع من هيئة الدفاع عن المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي التي استندت لتقرير صدر عن تفقدية وزارة العدل في شهر شباط (فبراير) الماضي، أصدر المجلس الأعلى للقضاء قراره.

ويضم تقرير الهيئة شبهات ضد العكرمي الذي تعتبره بعض الأطراف محسوباً على حركة النهضة "بالتورط" في التستر على قضايا لها علاقة بالإرهاب، وإهمال العديد من الأدلة في ملفات اغتيال بلعيد والبراهمي.

القضاء في قفص الاتهام

وقال الباحث في القانون، الخبير التونسي كريم المرزوقي لموقع "فرانس24" إنّ ملف القاضي بشير العكرمي، يشمل أيضاً عدداً مهماً من القضاة في مقدمتهم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد. ويكشف التقرير عدداً من الشبهات التي تحوم حول القضاة في سابقة في تاريخ القضاء التونسي، وهذا يكشف أننا بصدد صفحة جديدة تجاه ملف (محاسبة القضاة) طالما ظل حبيس الغرف المغلقة.

وأضاف المرزوقي: يوجد اليوم حراك قضائي يتعلق بإثارة ملفات تأديبية تهم قضاة، البعض منها تتناول شبهات حول الأداء المهني في ملفات قضائية تهم الإرهاب، وأخرى تتعلق بشبهات الفساد المالي وتطويع القضاء لخدمة مراكز نفوذ سياسي ومالي. هذا حراك قضائي غير مسبوق من المهم دفعه باتجاه ضمان المحاسبة داخل الجسم القضائي، والتوقف عن الإفلات من العقاب، وضمان سلطة قضائية مستقلة حقيقة، لا شعارات.

التنظيم السري لحركة النهضة في تونس هو "دولة داخل الدولة"، وهذا ما سيؤكده التقرير الذي أخفته وزيرة العدل، وأصبح الآن في عهدة الجيش التونسي

ومع استلام الجيش ملف القاضي العكرمي الذي أخفته وزيرة العدل في منزلها، فإنّ فضائح عديدة سيجري الكشف عنها، أبرزها الاغتيالات السياسية.

وتعمل هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي على جملة من الخطوات من أجل حماية مسار كشف الحقيقة، أهمها الشكاية التي ستتقدم بها الى مجلس المفوضية السامية والتي ستتضمن الخروقات التي تم ارتكابها في قضية الاغتيالات.

شكوى جزائية ضد وزيرة العدل

وكان من المنتظر أن ترفع هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي شكاية جزائية ضد وزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان، بسبب التستر عن الجرائم.

وأكد عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، رضا الرداوي، أنه تم كشف خفايا الجهاز السري والغرفة السوداء، وأن حزب النهضة وراء الجهاز السري، واتهم بشير العكرمي بالتستر عن ملفات تدين حركة النهضة.

وتوالت التقارير التي كشفت عن معطيات خطيرة تتعلق بكيفية عمل الجهاز السري لحركة النهضة في البلاد ومدى تغلغله داخل أجهزة الدولة، وذلك استناداً إلى وثائق تم الإفراج عنها مؤخراً.

هيئة الدفاع عن المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قدمت شكاية جزائية ضد وزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان، بسبب التستر عن الجرائم الإرهابية

وأفادت المجلة الأسبوعية "الأنوار" مطلع العام الجاري، بأنّ الوثائق التي اعتمدتها في تقريرها خرجت إلى الضوء عندما أفرجت وزارة الداخلية التونسية منذ نحو عامين عن فحوى تحقيقها ما يسمى بـ"الغرفة السوداء" التي تمثل خلاصة أعمال أمنية وتحتوي على مئات القرائن المادية التي تظهر مدى تغلغل التنظيم السري للنهضة في الميدان، وفي دفة الحكم معاً بتونس، إلى جانب الترابط العضوي بين هذا الجهاز والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

ويستفيد الجهاز السري، وفق المصدر ذاته، من جهاز استخباراتي داخل الدولة يتألف من 21 ألف عنصر أدمجوا في الإدارة التونسية بمقتضى قانون العفو التشريعي العام، وأخذوا موقعاً في مصالح حساسة على غرار "مصلحة إدماج المعطيات للمركز الوطني للإعلامية" التي تُعد في قلب منظومة الانتخابات في تونس، إلى جانب مكاتب الضبط المركزي لسائر الوزارات والمؤسسات العمومية.

اقرأ أيضاً: حركة النهضة تضع تونس عند مفترق الطريق.. قراءة في قرارات قيس سعيّد

وقال المصدر ذاته إنّ وزارة التجارة اضطرت في صيف 2018 إلى تغيير طاقم مكتب الضبط المركزي عندما اكتشفت أنّ بريد الوزارة يوجه آلياً إلى مقر النهضة بـ"مونبليزير" بالعاصمة، قبل أن يطلع عليه الوزير وكاتب الدولة.

كما أوردت أنه تم حجز مراسلات مكثفة بين حركة النهضة في تونس وتنظيم الإخوان المسلمين في مصر تؤكد ضرورة إبعاد كل ما من شأنه أن يعيق انتشار هذه الحركة في تونس.

النهضة تمتلك أجهزة تنصت تفوق قدرات الجيش والأمن

وفي السياق ذاته، قال التقرير إنّ لطفي بن جدو وزير الداخلية الأسبق قد اعترف أنّ النهضة تمتلك أجهزة تنصت تفوق قدرات الجيش والأمن في تونس، وهي تجهيزات في شكل حقائب قادرة على التقاط 4000 مكالمة في نفس الوقت، وعادةً ما تنتقل على متن سيارات مغلقة.

وأضاف التقرير أنّ المدعو مصطفى خذر، الذي يعتبر "القرص الصلب" للتنظيم السري، قد ضُبطت لديه وثائق تتضمن "قوائم تفصيلية لآلاف المنحرفين" في إقليم تونس الكبرى تتضمن هوياتهم وأرقام هواتفهم "وهو ما يبين حصول عمليات تجنيد واسعة للمنحرفين لفائدة التنظيم"، حسب مجلة "الأنوار".

اقرأ أيضاً: رهانات ومآلات الثورة البيضاء في تونس بقيادة قيس سعيد

وتثبت الوثائق المحجوزة في السياق ذاته، أنّ مصطفى خذر، الذي وجه له القضاء رسمياً تهمة القتل العمد لمحمد البراهمي، كان المسؤول عن البريد الخاص لوزير الداخلية الأسبق علي العريض الذي قام بالتغطية على هروب زعيم "أنصار الشريعة" أبو عياض، كما طمس مراسلة وجهتها وكالة الاستخبارات الأمريكية يوم 13 تموز (يوليو) 2013 إلى وزارة الداخلية وتكشف عن مخطط اغتيال البراهمي (12 يوماً قبل واقعة الاغتيال).

كما أفاد التقرير، استناداً إلى الوثائق المضبوطة، بضلوع نحو 17 من قيادات النهضة في عملية اغتيال البراهمي، وبتورطهم في التنظيم السري الذي يعتمد على قاعدة مالية ضخمة تتغذى أساساً من "الجباية" المفروضة على الأنشطة الاقتصادية الموازية، استناداً إلى قاعدة "الحماية السياسية مقابل الدفع" وكذلك التبرعات الخارجية وعائدات الاستثمارات الضخمة التي يديرها التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في عدة أنحاء من العالم.

أما بخصوص نفقات التنظيم، فأكد التقرير الإعلامي أنها لا تختلف كثيراً عن إدارة ميزانية الدولة، حيث إنّ أغلب العائدات توجّه للإعلام والاستعلام والمنظومة الأمنية التي كانت موضوع عدة تسريبات، منها تلويح القيادي في النهضة عبد الكريم الهاروني مؤخراً بإخراج الأمن الموازي تحت شعار "مساعدة وزارة الداخلية على كبح أعمال العنف والنهب" التي رافقت الحركات الاحتجاجية الشعبية.

أما على الأرض، فيكتسب التنظيم السري هيكلة عنقودية لا تختلف عن تنظيم المافيا من خلال فرض أتاوات شهرية على التجارة الصغرى تبلغ 2000 دينار. ويدير "جيوش من المخبرين تتألف من المنحرفين وصغار التجار الذين تلقوا مساعدات مالية"، وفق المصدر ذاته.

وخلص التقرير إلى أنّ التنظيم السري لحركة النهضة في تونس هو "دولة داخل الدولة"، وهذا ما سيؤكده التقرير الذي أخفته وزيرة العدل، وأصبح الآن في عهدة الجيش التونسي.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية